أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - عندما تقدم النخب الحاكمة مصالحها الشخصية على الحقوق الوطنية















المزيد.....

عندما تقدم النخب الحاكمة مصالحها الشخصية على الحقوق الوطنية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 09:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة أنّ العجز العربي الذي بدا واضحاً في السنوات الأخيرة يعود إلى أسباب عديدة تغور في أعماق الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية العربية، ويبدو أنّ من أهم هذه الأسباب القطيعة بين أصحاب الرأي وأصحاب القرار.
ويعكس هذا الوضع أزمة خطيرة في الحياة العامة، فهو لا يشير إلى انعدام التواصل بين النخب العربية المختلفة التي يتوقف على تفاهمها تحقيق الأهداف الرئيسية للمجتمعات وصوغ الرأي العام فحسب، ولكنه يطرح أسئلة كثيرة حول أسلوب بناء السياسات العربية ذاتها. فهو يعكس إلى أيِّ حدٍّ يؤدي عدم التواصل بين النخب الثقافية والنخب السياسية إلى تفريغ السياسة ذاتها من محتواها، مما يعني أنها سياسات تقتصر على التلمس الذاتي الإرادوي للأوضاع والمشاكل والحلول ولا تقوم على أسس سليمة من التأمل النظري والتفكير الموضوعي, وتفتقر بالتالي للرؤية البعيدة والشاملة.
إنّ السياسة التي ندعو إلى ممارستها ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار الاختلالات المتولدة عن المرحلة الانتقالية التي نعيشها، والناجمة عن تأخرنا الثقافي في المجال السياسي خاصة، والمتمثلة في ترويج فكرة خاطئة حولها بتقديمها كمجال للصراعات الذاتية واللاعقلانية وغير المجدية، وكمجال للأحقاد والكراهية والاتهامات بين من يتحملون مسؤولية تدبير الشأن العام ومعارضيهم من أصحاب الرأي الآخر الناشطين في الشأن العام.
إنّ فلسفة الأنوار هي التي وفرت الأساس النظري للدولة الديمقراطية الحديثة التي عرفها الغرب منذ القرن الثامن عشر، بحيث يمكننا القول: إنّ الأفكار والمقولات النظرية عندما تتحول إلى أدوات للتعبئة والتغيير تغدو فاعلة في صياغة الوقائع وتوجيه الرهان السياسي، وبذلك يكون رجال الفكر فاعلين مؤثرين في الشأن السياسي.
فعلى الرغم من القطيعة التي أرساها المفكر الإيطالي ماكيافيلي مع " الميتافيزيقا السياسية " بالاستناد إلى التجربة السياسية من حيث منطقها الداخلي وقواعدها الذاتية، إلا أنّ الفعل السياسي، على رغم ذلك، لا يمكن أن يتجرد من المضامين النظرية والخلفيات القيمية والتوجهات الفكرية، وهي كلها من مكوناته الأساسية. وتبرز هذه الحقيقة البديهية في عدة مستويات، من بينها:
- مستوى المشروعية، فالرهان السياسي من حيث هو رهان قوة وصراع مصالح يقتضي بالضرورة قاعدة قيمية تُعقد عليها شرعية الموقف السياسي، ومصدر هذه القاعدة هو بطبيعة الأمر فكري - نظري.
- مستوى الخطاب، لا شك أنّ الخطاب هو الأداة الرئيسية للفعل السياسي، ولا بد أن يتشكل، من حيث مقوماته النظرية، من أشكال التعبير الثقافي الأساسية.
فالأطر النظرية إذن تؤدي - في آن واحد - عدة وظائف منها التأسيس والتعبئة والتبرير والاتصال، وهي وظائف من صلب الممارسة السياسية الناجحة، حتى ولو كانت المنظومات النظرية غير قابلة – أحياناً - للترجمة في برامج ومشاريع سياسية آنية.
وفي العالم العربي، عندما يقف البعض عند عجز السياسات العربية وانحدارها وإخفاقها وانحطاطها إلى مستويات ما دون وطنية، لا نملك إلا التأكيد على أولوية وأسبقية السياسة التي تعني الديمقراطية والمواطنة والإرادة العامة. فالسياسة التي ندعو إليها كتلة من الأعمال والأفعال، تتعامل مع الحقل السياسي كمجال للمبادرة والخلق وكفضاء لصياغة تمفصلات جديدة مع الواقع، فلا يمكن اختزالها في قبول الموجود كأمر واقع، إنها سياسة إرادة عامة تطمح للمزيد من العدالة والإنصاف والجدوى لصالح المجتمع. ويقتضي ذلك ضرورة إعادة صياغة عقد جديد بين السلطات العربية وبنى مجتمعاتها المدنية بكل تمفصلاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وخاصة إعادة تحديد طبيعة الحقل الاجتماعي واستقلاليته وحركيته وقواعده.
ويأخذ المثقفون، الحاملون لقضايا الشأن العربي العام، على النخب الحاكمة ترهلها وفسادها وضعف إنجازاتها في جميع الميادين وتجاهلها للمصالح والحقوق الوطنية وتعلقها المتزايد بمصالحها الخاصة الفئوية وعجزها عن بناء استراتيجيات وطنية وقومية قادرة على التعاطي المجدي مع التحديات العاتية التي لا تكف المجتمعات العربية عن مواجهتها. وهم يعتقدون أنّ استمرار الأوضاع كما هي ورفض التغيير وقبول مشاركة الشعب ونخبه المختلفة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية سوف يقود حتماً إلى مضاعفة آثار الكارثة القومية، وأنّ شيئاً لا يبرر أن تُترك أمور اتخاذ القرار وبلورة السياسات العامة لنخب لم تحقق نجاحاً ملحوظاً في قيادة المسيرة الوطنية والقومية وفي إدارة الموارد البشرية والمادية. وهم يعتقدون أنّ ضمان الاستقرار لا يتحقق بكبت الحريات وبالبطش وتأبيد القوانين الاستثنائية وإنما بالإصلاح السريع والجدي الذي يعطي للشعوب فرصة تحسين أوضاعها ومشاركتها في حمل المسؤولية ويطمئنها على نفسها وعلى مستقبلها ويعزز ثقتها بقيادتها, أما الاستمرار على النهج القديم الذي أنتج الأوضاع الكارثية الحالية التي جعلت من العالم العربي آخر منطقة من حيث النمو في العالم أجمع فلن يقود إلا إلى انفجارات قريبة ستدفع الشعوب ثمناً غالياً لها، وربما أدت إلى القضاء على جميع المنجزات الجزئية التي تحققت خلال عقود ما بعد الاستقلال الوطني.
إنّ مخاوف الكثير من المسؤولين في العالم العربي من الثقافة والمثقفين تنمُّ عن عدم فهمهم لدور الثقافة، وعدم استيعابهم لدورها في الدفاع عن حاضرنا وموقعنا العالمي، كما ودورها في تقدم مجتمعاتنا، وفي الوقت نفسه فإنّ عدم الفهم هذا مقرون بسوء فهم لمعنى استقلالية المثقف. فمما لاشك فيه أنّ منع مثقفي دول عربية كثيرة من أداء دورهم الحقيقي والصادق والحر قد حرم العرب من سلاح هام في مشاريعهم القومية، مما يستوجب إعادة النظر في العلاقة بين الثقافي والسياسي في واقعنا العربي. إذ ثمة ضرورة في أن يقوم المسؤول الحكومي بدوره، على أن لا يحد من دور الثقافة والمثقفين، لأنه بذلك سوف يفقد أحد أهم أدوات الوجود الحضاري، وبالتالي سوف يجد نفسه وحيداً وبلا أدوات في التعاطي مع معركة يستخدم فيها الخصوم كل الأدوات بكفاءة عالية.
إنّ السياسة حين تجتمع مع الثقافة يكون للقيادة معنى، وإذا حدث التباعد بينهما تجدنا نقترب من الكارثة. فالسياسة بدون ثقافة لا تنتج أثراً فاعلاً، ولا تحلُّ الأمور الصعبة، وحين يضخُّ المجتمع إلى الساحة السياسية أفراداً غير مثقفين، جاؤوا بالصدفة، أو بالواسطة، أو كأهل ولاء، يحدث التضاد. والحل يكون في الضوابط التي يضعها المجتمع لفضائه العام: الاعتراف بالتعددية والحريات العامة ودولة الحق والقانون، التي تفسح في المجال للمساءلة والمحاسبة والشفافية في الشأن الوطني العام، طبقاً لقانون ديمقراطي يحكم المواطنين جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم الفرعية ( الطائفة أو الدين أو الجنس أو القومية .. ).
وما لم نخرج من المعادلة التناقضية بين الثقافي والسياسي ونصل إلى أرضية تسمح بالتفاهم بين أهل الرأي وأهل السلطة للتعاون على بناء المجتمعات من الداخل, أي في الوعي والإرادة والضمير والوجدان, فلن نستطيع أن نخرج بشيء وسنجد أنفسنا ننحدر أكثر فأكثر في سلم الحضارة والمدنية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمات في مسألة الدولة
- نهاية نظام وصاية العسكريتاريا على الحياة السياسية التركية
- في نقد الماركسية السائدة .. عبد الحسين شعبان يحطم مراياه
- حوار الثقافات أم صراع الحضارات ؟
- واقع العرب الراهن .. مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجت ...
- الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير
- الأمن القومي العربي يبدأ من علاقة الدولة بمواطنيها
- كلفة تعثر التنمية في العالم العربي
- فقر الثقافة السياسية العربية
- الدول العربية الفاشلة وشرعية الأمر الواقع
- حين تصبح المؤامرة مشجباً تعلق عليه الأزمات
- ضعف شرعية الحكومات العربية
- دور التعليم في تنمية الموارد البشرية العربية
- حالة المواطنة في العالم العربي .. سيادة الاستبداد وغياب القا ...
- تفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في العالم العربي
- الحكومات العربية والرأي العام
- تضخم دور سلطة الدولة العربية وضعف دور المجتمع المدني
- تركيا والمشهد الإقليمي في الشرق الأوسط
- تدهور الحياة الثقافية العربية
- أهم معوّقات التقدم العربي


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - عندما تقدم النخب الحاكمة مصالحها الشخصية على الحقوق الوطنية