أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المدلاوي المنبهي - حينما تَخلُف تهمةُ -التطبيع مع إسرائيل- فزّاعة -الظهير البربري- وشتيمة -حفدة اليوطي- في النقاش حول الثقافة بالمغرب















المزيد.....



حينما تَخلُف تهمةُ -التطبيع مع إسرائيل- فزّاعة -الظهير البربري- وشتيمة -حفدة اليوطي- في النقاش حول الثقافة بالمغرب


محمد المدلاوي المنبهي

الحوار المتمدن-العدد: 3167 - 2010 / 10 / 27 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكــرّ بعد الفـــرّ في مسألة الثقافة الأمازيغية بالمغرب
أو
حينما تـَخـلـُـف تهمةُ "التطبيع مع إسرائيل" فزّاعة "الظهير البربري" وشتيمة "حفدة اليوطي"

Retour à la charge :
Lorsque "la normalisation avec Israël" remplace "les suppôts du colonialisme" et "les descendants de Lyautey" comme alibi dans le débat culturel au Maroc
محمد المدلاوي المنبهي

تلخيـــص
يعالج هذا المقال تهمة "التطبيع مع إسرائيل" كما أصبحت مؤخرا من أدوات بعض أوجه التعاطي السياسي-الأعلامي مع مسألة التجديد الثقافي والسياسي المغربي بصفة عامة، وتجليات ذلك التجديد من خلال الوجه الحداثي للحركة الثقافية الأمازيغية بصفة خاصة. وخلاصته، كما يشير إلى ذلك العنوان، هو أنه، وإن كانت لإسرائيل سياسة اختراق تتناسب مع مطامحها وقدراتها وعلمها وعقلانية سياستها، ممّا لا يمكن أن ينكره إلا مُغفـّـل أو مُماحِـك، وإن كان هناك مغلفون أو منحطـّو معنويات، كما هي السنة في كل زمان ومكان وفي ثنايا كل قضية، فإن تهمة "التطبيع مع إسرائيل" باعتبار سياقها الذي ظهرت فيه وبالشكل الذي اتخذته، عبارة عن تحييــن في الشكل - اقتضته ظروف ما بعد الخطاب الملكي بأجدير حول الثقافة الأمازيغية – مع استمرارية في الروح لجوهر تهمةِ التخوين التقليدية التي استعملها دائما كل من لم يقتنع قطُّ مبدئيا بما يمثله جوهرُ تلك المسألة الثقافية، رغم كل تشعباتها وأوجهها وتناقضات شوائبها الطفولية والشعبوية، من سعيٍ إلى إرساء قيم التعددية على مختلف المستويات في المجتمع المغربي الحديث. ذلك ما ستحاول الأقسام الخمسة الآتية من هذا المقال بيانـَه. القسم الأول يستعرض الحيثيات المباشرة التي جعلت تحييـن تهمة التخوين يتبلور على شكل تهمة بـ"التطبيع مع إسرايل"؛ والقسم الثاني يستعرض نموذجا لمضامين بعض عناوين الصحافة حول الموضوع؛ والقسم الثالث يبين كيف تحولت تهمة التخوين من ربط الأمازيغية بالاستعمار الفرنسي ("الظهير البربري"، "أذناب الاستعمار"، "حفدة اليوطي") إلى تهمة "التطبيع مع إسرايل"؛ والقسم الرابع يعود إلى تفصيل دلالات نموذج ملموس من صياغة هذه التهمة الأخيرة كما يرِد ذلك في الصحافة؛ والقسم الخامس والأخير خلاصة ختامية ترى أن تهمة "التطبيع مع إسرائيل" بصفة خاصة، وتهم التخوين بصفة عامة أمور جدية، وتهم ثقيلة مغلـّظة، هي من اختصاص القضاء، ويتعين أن يضبط القانون مفاهيمها ومساطر من له صلاحيةُ الاتهام بها، وجزاءِ من ثبتت في حقه، وجزاءِ من يقذف بها الغير.


1. من عناوين الصفحة الأولي بالصحافة المغربية مؤخرا (خريف 2010):

"مخطط إسرائيلي لاختراق الحركة الأمازيغية في المغرب العربي" (يومية ا"لتجديد": 3-5 سبتمر 2010) "ما هي أطماع إسرائيل في اختراق سوس؟" (أسبوعية "الوطن الآن": 14 أكتوبر 2010)؛ "نعت الحركة الأمازيغية بالصهيونية أسلوب ترهيبي ضد مناضليها" (شهرية "العالم الأمازيغي" (أكتوبر 2010).

تلك نماذج عناوين صفحات الغلاف بالصحافة المغربية. وهي نماذج أخيرة لصنف من العناوين التي أخذت تستأثر، منذ ما يربو عن سنة، بفضاء الصفحات الأولى لبعض اليوميات والأسبوعيات المغربية، في صياغة جديدة وترجمة لخطاب تعاطي بعض الأطراف مع مسألة ملف التعدد الثقافي المغربي عامة والثقافة الأمازيغية خاصة. وقد تمثلت الحيثيات الظرفية المباشرة التي مكنت هذه الصياغة الجديدة من التبلور بشكل نهائي في وقائع ثلاث:
(أ‌) واقعة ما كان قد تردد في منتصف سنة 2007 من تحضير لتأسيس ما سمي حينئذ بـ"جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية"، وهي جمعية ليست لدي معلومات مضبوطة عن طبيعتها، إلا كونَ العنصر اليهودي (بصفة أو بأخرى من صفات ارتباطاته في الأذهان) طرفا في تسميتها. ولكني أعرف أن كثيرا من الأشخاص المغاربة ممن لم تـُعرَف لهم أي علاقة بالعمل من أجل الثقافة الأمازيغية، من أمثال السيد أبوبكر أوتعـدّيت (Boubaker Outaaddit) الذي كان من بين المشاركين في زيارة إسرائيل التي سيأتي ذكرها،(1) قد حاولوا قبل ذلك بعدة سنوات الركوب الجمعوي على هذه القضية، كما فعل غيرهم من المبادرين بمشاريع "جمعيات" و"وكالات" و"مقاولات" و"دكاكين" و"حوانيت" "السلام" و"التعايش" و"حوار الثقافات"، وغير ذلك من عناوين الدكاكين منذ توقيع اتفاقية أوسلو كما سنرى؛ لكني لا أرى كيف يمكن أن يُحمَل تحضيرُ تأسيس تلك الجمعية بعينها بالضبط، دون غيرها، مَحْملا إثنيا يُعمَّم، عبر ذلك الربط الإثني، على طيف كامل من أطياف الأطراف المنخرطة في تدافع التجديد الثقافي المغربي. ولمزيد من التوضيح أقول بأن حركة التحديث الثقافي والفكري والهوياتي المغربية على العموم، وأوجه تجلياتها من خلال خطاب رد الاعتبار لمكون الثقافة الأمازيغية على الخصوص، لا تسلم ثناياها، كما هو شأن كل حركة مهما كان نبلُ جوهرها، من مظاهر تهافت ضعاف العقول، ومنحطـّي المعنويات، ممن يبحرون مع المبحرين دون معرفة هوية السفينة ولا مقصدها، أو من يركبون الموجة بعد قيامها فيدّعون بأنهم ربابنتها كما يفعل "محاربو" ربع الساعة الأخيرة حنيما يُخيل إليهم بأن الأمر في طريق الحسم في اتجاه معين. كما أن لإسرائيل، كما لغيرها ممن في مستواها، كما أشيرَ إلى ذلك في التلخيص، سياسةَ حضور واختراق تتناسب مع مطامحها وقدراتها وعلمها وعقلانية سياستها، وأن هناك أناسا يجوبون المغرب وغيرَ المغرب من البلدان "المنفتحة" أو "المنغلقة"، بجوازات سفر، وجنسيات ثنائية أو ثلاثية، وبروفيلات لغوية وثقافية ومهنية مختلفة، ليسوا كلهم مجردَ مولعين بالمغرب وبتاريخه وثقافته وتراثه المادي وغير المادي وطبيعته إنجازاته السياسية والتنموية والفكرية الحديثة، التي لا يُنكـَر أن كثيرا منهم ينخرط فيها مستثمرا أو منعشا أو منشطا بأشكال مختلفة. فهناك أيضا من أصحاب مبادرات مختلف تظاهرات جمعيات "التنمية"، و"الصداقة"، و"المحافظة على التراث" و"حوار الحضارات"، و"حوار الأديان" وغير ذلك من الشعارات المحمودة في حد ذاتها والتي لا ينبغي التشكيك في جواهرها من حيث المبدإ، مَن لا يهمه من خلال ذلك إلا تصيـّد تلك الفصيلة مما أسميناه بضعاف العقول ومنحطي المعنويات المتهافتين على الركوب على هذه القضية أو تلك من القضايا النبيلة ليـُتخـَـذوهم كمـطايـا وعناصرِ خِدمــة وسُخــرة (Musulman de service, Arabe de service, Berbère de service, etc.) ينفعلون وينقادون في اتجاه الرياح، بدل أن يكونوا فاعلين وفعالين في تدافع معطيات الواقع، الذي لا يرتفع، انطلاقا من مواقع وفي آفاق يحددونها على ضوء المبادئ في علاقتها بمعطيات الواقع الملموس. ذلك الصنف من الأفـّاقين الجوّابين الذين يستغلون، من جهة أخرى، حنين وعواطف المهاجرين من اليهود المغاربة باسم "الحفاظ" على ذاكرة وتراث لهما مؤسسات و أصوات وأقلام أكاديمية تتعهدهما داخل المغرب نفسه، وعلى رأسها "مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي"، و"متحف الثقافة اليهودية المغربية" بالدار البيضاء، والذين يتخذون من شعار ذلك "الحفاظ" تجارة جمعوية على المستوى المباشر، وعملا للسخرة الخارجية على المستوى غير المباشر، يقوم بتحيـين نفس الدور الذي كانت قد قامت به "الرابطة اليهودية العالمية" (Alliance Israélite Universelle) في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 ثم الحركةُ الصهيونية بعد ذلك، في فصل وعي اليهود المغاربة عن جذوره، وتوجيه ولائهم شطر قِبلات أخرى؛ وهو عمل يلتقي من حيث مفعوله، وستفيد من حيث غايته من أصوات داخلية كانت وما يزال بعضها إلى يومنا هذا لم يبلور بعدُ مفهوما حداثيا للمواطنة، من حيث إن تلك الأصوات تعتبر بعض المواطنين مدانين أصلا في ولائهم إلى أن يثبتوا براءتهم في كل مناسبة من مناسبات السياسة العالمية.

(ب) واقعة ما تردد من حديث مشوَّش ومشوِّش عما سُمي في الصحافة المغربية جزافا بـ"تقرير استراتيجي" أو "توصية" لـ"معهد موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" حول عزم مزعوم لإسرائيل على "لعب ورقة الأمازيغ" قصد "اختراق العالم العربي" انطلاقا من "المغرب العربي"؛ في حين أن الأمر لا يتعلق، في الواقع، إلا بدراسة أكاديمية بعنوان The Limits and potentials of Israel-Maghreb Relations ("حدود وإمكانيات العلاقات المغاربية-الإسرائيلية") للباحث السياسولوجي، مادي فايسمان (Maddy Weitzman)، السياسولوجي البارز المتخصص بالمعهد المذكور في الشؤون المغاربية؛ وهي دراسة تشخيصية نـُـشرت في شهر يوليوز 2010 بالعدد الرابع من دورية "المجلة المغاربية" للدراسات السياسولوجية (IPRIS Maghreb Review) التي يُصدرها المعهد البرتغالي IPRIS ("المعهد البرتغالي للعلاقات الدولية والأمن")؛ وهي دراسة ترصد، بحكم تخصص المجلة البرتغالية، مختلفَ التيارات الفكرية والسياسية الجارية حاليا بالمغرب وشمال إفريقية؛ وهو عدد نجد فيه دراسات أخرى لباحثين آخرين عالية المستوى عن مختلف القضايا السياسية والثقافية الراهنة بهذه المنطقة؛ ويحق للمرء - بالمناسبة - أن يتساءل، بشأن هذه الدورية العلمية، إلى أي حد يوجد لها حضور في أذهان الأكاديميين والسياسيين المعنيين في المغرب. ذلك أن معهد موشي دايان المذكور وباحثيه لا يـموّهون الأمور قصد الـتنصل من مهامهم المهنية الأكاديمية بإصدار "التوصيات" السياسية التي تكون في كل لحظة صدى للشعارات الظرفية الطنانة لقادة بلدهم وسياسييها، وإنما يعملون في اعتكاف على توفير رصيد الخبرة والمعرفة المتخصصة الموضوعية لفائدة كل "من يهمه الأمر" ممن يؤمن بدور التشخيص العلمي للواقع في اتخاذ القرار، كما هو شأن كل مؤسسات البحث العلمي في العالم، التي تستحق حمل تسميتها.(2)
أما مقال فايسمان الذي بني عليه كل ذلك التشويش، إضافة إلى أبحاث أخرى سياسولوجية حول شمال إفريقيا، فهو رهن الإشارة على الشبكة: ( http://www.ipris.org/?menu=6&page=59 )

(ج) واقعة قيام مجموعة من الأشخاص المغارية في نوفمبر 2010 بزيارة لإسرائيل وعلى رأسهم السيد بوبكر أوتعـدّيـت، وذلك بدعوة من مؤسسة متحف "ياد فاشيم"، متحف المحرقة النازية بمدينة القدس، هذه المحرقة التي لا يمكن مبدئيا لأي فكر معاصر أن يتأهل أخلاقيا وسياسيا وفلسفيا كطرف فاعل من أطراف الفكر الكوني إلا إذا كوّن بشأنها تصورا عقلانيا وموقفا أخلاقيا متجردا عن كل أشكال الإنكار أو التحريف أو الاستغلال التي طالتها.

وقد سبق لي شخصيا أن عبرت عن رأيي في آنه، فيما يتعلق بالواقعة الأخيرة، منددا بالاستعمال السياسوي للطرفين معا، من داعٍ مستضيفٍ ومدعوّ زائر، واستغلال الطرف الأول من الخارج لذكرى فظاعات المحرقة النازية على الخصوص، قصد التدخل في مسائل تدبير المغرب لملف تعدده الثقافي، والركوب الانتهازي للطرف الثاني من الداخل على موجة تدافعات تدبير ذلك الملف، وكذا على أخلاقيات استحضار ذاكرة المحرقة، وذلك لـغايات تبيـَّن أنها خاسرة بالنسبة لكلا الجانبين كما عكس ذلك تشويهُ تعاطي وسائل الإعلام الإسرائيلية والمغربية على حد سواء مع مبادرة هذا الطرف الثاني كما سنرى في الفقرة-1 من القسم الرابع من المقال الحالي. لقد عبرت عن ذلك بلغة فصحى يفهمها أغلب الطرفين، هي اللغة الفرنسية، بدل توظيف حواجز اللغة للتحدث بلسانين حسب أوجه المخاطـَبين، وذاك في مقال بعنوان:
Lorsque la tragédie de la Shoah devient l’instrument de la petite politique (A propos de la visite d’un groupe d’Amazighs en Israël) (انظر مدونة OrBinah على الشبكة).

2. نموذج من خطاب العناوين المشار إليها

ذلك بالنسبة لموقفي من الوقائع المعنية المباشرة في حد ذاتها. أما بالنسبة لدلالات توظيفها في غمار التدافع في تدبير ملف التعدد الثقافي المغربي، فمن المفيد الشروع أولا، في بيانها، بتكوين فكرة عن مضامين الصياغة الجديدة لخطاب بعض أطراف التدافع في التعاطي مع ملف تدبير ذلك الملف، وذلك بإيراد عناصر من كلمة افتتاحية الملف الخاص الذي خصصته أسبوعية "الوطن الآن" لذلك، والتي زينت عنوان صفحتها الأولى المذكور آنفا بأرضية تركيب غرافي ملوّن يتداخل فيه العلمُ الإسرائيلي بما تم ترويجه في الصحافة كـ"علم أمازيغي"، والذي ليس في الحقيقة إلا وجها من الأوجه المتعددة لشعار "الحركة القبائلية من أجل الحكم الذاتي" بالجزائر.
إنها افتتاحية من توقيع الصحفي عبد الله الفرياضي، صيغت بأسلوب سلسلة من التساؤلات الإيحائية، والتقريرية على شكل "هل كذا؟ وهل كذا؟ لماذا كذا؟ ولماذا كذا؟"، وذلك جوابا عن سؤال عنوان الافتتاحية: ("ماذا يعني قيام مجموعة من الأمازيغ بزيارة دولة إسرائيل؟") التي تقدم ملف الأسبوعية المعنون في الصفحة الأولي بــ("ما هي أطماع إسرائيل في اختراق سوس؟").
ولكي نبرز الإيحاءات التوجهية التي يرسِّخها هذا الأسلوب في ذهن القارئ، قصدا أو بغير قصد، والتي يوجِّه بها مسبقا تأويلَ ذلك القارئ لتصريحات مختلف الأشخاص الذين تم استجوابهم في شأن الواقعتين اللتين أصبحتا تدرجان في إطار "العلاقات الأمازيغية الإسرائيلة"، نورد مقتطفات دالة من أسئلة تلك الافتتاحية، مع التنبيه إلى الدور الإيحائي شكلا، والتقريري في العمق، لأداة الاستفهام "هل" في ذلك السياق، وذلك بوضعها بين مزدوجتين، شأنها شأن بقية الأدوات التي لها نفس الدور في ذلك الخطاب. أما أداة الاستفهام "لماذا" فهي تفيد تقريرَ ما بعدها كـحقيقة محسوم في واقعيتها، وتصرف ذهنَ القارئ إلى مجرد البحث عن العلل والغايات لما قررته كواقع؛ وهاهي الأسئلة:
((ماذا يعني قيام مجموعة من الأمازيغ بزيارة دولة إسرائيل؟ "هل" تحوّل الموقف من دولة الاحتلال الصهيوني إلى موضوع خلاف بين المغاربة؟ لماذا يطمح "بعض" الأمازيغ إلى إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل؟ ... ما هي الأبعاد المعلنة وغير المعلنة لربط مثل هذه العلاقة؟ "هل" هناك خطة عدوانية ترمي إلى زرع لغم إثني وأيديولوجي في أرض المغاربة؟ لماذا يدفع الزائرون في اتجاه شيطنة العرب وملكنة (من الملائكة) إسرائيل؟ لماذا تتقاطر وفود الأمازيغ تباعا نحو إسرائيل؟ ... "هل" هناك صراع أمازيغي عروبي إسلامي في المغرب أصلا، أم أن "البعض" يحاول إضافة الزيت على النار؟ ... لماذا تمت الزيارات إلى إسرائيل بسرية تامة؟ ... لماذا حصرَ متحفُ /ياد فاشيم/ الإسرائيلي تعاونه [في التعريف محرقة الهولوكوست] فقط مع الناشطين الأمازيغيين المختصين في مجال التربية والتعليم؟ لماذا تعامل الإعلام الإسرائيلي مع زيارات الأمازيغ كعنصر عسكري؟ ... لماذا ما زال التكتم سائدا على بقية الأسماء الأمازيغية التي زارت إسرائيل؟ ما هو حجم الدعم المادي الذي أعلنت إسرائيل أنها مستعدة لتقديمه للأمازيغ؟ ما حقيقة خطة استعمال الأمازيغ كحصان طروادة لتطبيع العلاقات مع دول شمال إفريقيا؟ ... "هل" هناك فعلا مخطط دولي لاستعمال الأقليات الإثنو-ثقافية والإثنو-عرقية الموجودة في البلدان العربية لتجسير طريق .إسرائيل نحو هذه البلدان؟.. "هل" تحس الحركة الأمازيغية بفشل برنامجها كحركة حقوق ثقافية-اجتماعية، وبأنها فقدت الرهان الذي رفعته منذ عقود، فاختارت أن ترتمي في أحضان الشيطان؟ ... "هل" يمكن القفز على التاريخ، أو الاحتيال عليه بالتحالف مع دولة احتلال لا خلاف حول همجيتها؟ ما هو دور مثلث باريس-واشنطن-تل أبيب في تفعيل الملف الثقافي-الاجتماعي الأمازيغي لهذه الطريقة؟ ... لماذا بدأ بعض الناشطين الأمازيغ ببناء مذهبية أمازيغية على غرار نموذج المذهبية اليهودية؟ ... لماذا هذه المطالبة المسعورة باسترجاع أراضي أجدادهم في المغرب كما فعل اليهود في فلسطين؟ ...
هذه الأسئلة الحارقة، طرحتها "الوطن الآن" على مجموعة من الفعاليات الأمازيغية الداعمة للزيارات نحو إسرائيل وكذا الفعاليات الرافضة لها على هامش حلول وايسمان رئيس مركز موشي دايان للدراسات المتوسطية لبلادنا حاليا وزيارته لجماعة إيفران (جهة سوس)، وهي الزيارة التي علمت "الوطن الآن" أنها تندرج في سياق تحضير وتأليف كتاب حول الحركة الأمازيغية ستموله جامعة فيلاديلفيا الأمريكية، وهو التحضير الذي يتزامن مع وضع آخر الترتيبات لإرسال فرقة أحواش من سوس ينتظر أن تصل إلى إسرائيل في شهر ماي المقبل))

3. من مشجب "الظهير البربري" وشتيمة "حفَـدَة اليوطي" إلى تهمة "التطبيع مع إسرائيل"

قبل تفصيل القول فيما يستفاد من عنوان هذه الفقرة، من المفيد التمهيد لذلك بالإشارة التالية الواردة في مساهمة أخرى لي (المدلاوي 2008) منشورة ضمن وقائع "حلقة المواطنة" التي كان قد نظمها المعهد "الجامعي للبحث العلمي" بتعاون مع "مؤسسة فريديريك إيبير" الألمانية (30 أبريل 2007)، والتي كانت تتوقع هذا التطور في الخطاب، كما سبق لي أن توقعتـُه فيما يحيل عليه نص هذه الإشارة من كتابات سابقة ينتمي أقدمها إلى سنة 2001. يتعلق الأمر بالإشارة الآتي نصها:
((سبق لي في مقال مطول منذ عشر سنوات (المدلاوي 2001) أن أثرت بقوة مسألة استقالة النخبة الثقافية والسياسية؛ وذلك بناء على ما كنت قد لاحظته منذئذ من بوادر استقالة مريبة لألسنة وأقلام الفاعلين في ميادين الفكر والثقافة على إثر صدور الظهير الملكي أجدير (17 أكتوبر 2001) حول الثقافة الأمازيغية، كما لو أن صدور ذلك الظهير كان حينئذ نوعا من "اللا-حدث"،(3) أو أن تلك الاستقالة كانت بمثابة مؤامرة صمتٍ، في نوع من الفــرّ في انتظار فرص الكــرّ. ثم إني قد أعدت إلى طرح نفس السؤال (المدلاوي 2003-أ) رابطا إياه بمسألة استقلال شخصية الثقافة الوطنية إزاء مختلف الوصايات، وذلك على إثر مواقف بعض الأطراف الخارجية التي كانت قد زايدت على المغرب ساعية إلى تحجيم أنشطة مثقفيه وتطويق إشعاعهم (مسألة تخوين الكاتب محمد برادة واتهامه بالوساطة الثقافية مع إسرائيل)، وإلى حصر دور الديبلوماسية المغربية في مجرد سُـخرة للغير، وحضورٍ بروتوكولي كراكيزي في جلسات المحافل الأممية والإقليمية، وذلك لما دعت تلك الأطراف إلى مقاطعة ملتقى "الرباط عاصمة للثقافة العربية")، تلك المدينة التي أطلق عليها تورية "الرباط الغربي للعالم العربي" ("أخبار اليوم" 23 أكتوبر 2010، ص3).
لقد فعلت تلك الأطراف ذلك متذرعة، في ظل العلم الإسرائيلي الذي يرفرف في بعض عواصم بلدانها، بما ألصقته بالمثقفين المغاربة من تهمة الوساطة الثقافية مع إسرائيل.
ثم إني قد فصلت القول مؤخرا فكرة "الفـرّ والكـرّ" المشار إليها، والتي توقعتها في مقالي المشار إليه (المدلاوي 2001)، وذلك في حوار أجراه معي الزميل عبد العزيز جهابلي من جريدة "العلم" (25 يونيو 2010، ص:7) حيث كان السؤال والجواب كما يلي:

سؤال: (تمت الإشارة أخيرا إلى إصدار تقرير حول وضعية اللغات في مجال التعليم بالمغرب من طرف المجلس الأعلى للتعليم؛ وبعض الجهات أكدت أن هناك شيئا ما تحت السطور من قبيل التلميح إلى التراجع عما تحقق بالنسبة للأمازيغية. ما رأيك؟)
جواب: (لم أطلع بعد، في هذا الباب، لا على السطور ولا على ما قد يكون تحت السطور. غير أن مثل هذه الاحتمالات قد يكون واردا ولو على مستوى النيات إذا ما استحضرنا الراجح والمرجوح على ساحة الواقع، من بين الاستراتيجيات المتعددة التي حاولت التعامل مع الظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (2001)، ما بين استراتيجية الأخذ بنص الظهير وروحه، وما بين استراتيجية محاولة الالتفاف عليه واستخدام تناقضات تطبيقه لاستنزاف القضية عن طريق العمل على مراكمة مشاكلها التدبيرية، وإذكاء تناقضاتها الاجتماعية، أي ما يعرف بسياسة "تحييــد المشكل". لقد برز هذا الاتجاه الأخير أول ما ظهر من خلال دلالات المواقف خلال ما عرف بـ"معركة الحرف" (2003)، بنتائجها السياسوية التي ارتاح البعض إلى صفقة قراراتها، باعتبار تلك القرارات في نظره خطوة أولى نحو تحييد اللغة الأمازيغية في فضاء التداول الكتابي الحي. كما برز ذلك الاتجاه بعد ذلك من خلال تعامل بعض الأطراف مع تخبط المعهد في ورطة إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية. فقد يـقدّر البعض إذن، ممن لم يقتنع قط لا بموضوعية القضية باعتبارها من صميم القضايا الوطنية الحديثة، ولا بفحوى الظهير الملكي المتعلق بها والذي يبدو أنه كان قد فاجأ الكثيرين، بأن ما راكمه ملف الأمازيغية من صعوبات يسمح الآن بالانتقال من خطة الفرّ إلى خطة الكرّ بعد ذلك الفـرّ التاريخي الذي ميّز المواقف إثر الصدور المفاجئ للظهير. وليس هناك من صياغة ممكنة لخطة الكر هذه أكثر وضوحا وصراحة من دعوة "الدولة والفاعلين السياسيين إلى إعادة تقييم الموقف من الأمازيغية بناء على المعطيات الجديدة، وتحصين المغرب من الفتنة" (التجديد، المشار إليها).
إن ما ينبغي التنبيه إليه هنا بخصوص هذه الخطة المبنية على أساس تقدير كون "فشل" ملف الثقافة الأمازيغية قد بلغ درجة تسمح بها، هو أن كل سلوك سياسوي انتهازي في هذا الصدد، لا يمكن أن يكون إلا من باب استهتار سياسي كارثي يتلاعب بحظوظ المغرب الحديث وبأسس كيانه في عمقها. فلقد اعترف عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فعلا اليوم بأن ما كنتُ أصفه شخصيا قبل خمس سنوات بــ"الصعوبات" (وهو عنوان إحدى مقالاتي التي لم تكن ترضي أحدا) وأنا حيىئذ في تلك المؤسسة، أصبح إفلاسا و"وضعية مزرية". فقد قال العميد في حواره المشار إليه: "ما ينبغي التأكيد عليه بهذا الصدد هو أن المعهد غير مسئول عن الوضعية المزرية لتدريس الأمازيغية".). فهل هذا هو الفشل الذي تعنيه افتتاحية ملف "الوطن الآن" بتساؤلها الإيحائي المفيد للتقرير: ("هل تحس الحركة الأمازيغية بفشل برنامجها كحركة حقوق ثقافية-اجتماعية، وبأنها فقدت الرهان الذي رفعته منذ عقود، فاختارت أن ترتمي في أحضان الشيطان؟")؟ ما هو أكيد، بناء على منطق تطور المواقف، هو أن تقدير مدى حجم ذلك "الفشل" هو ما قدّر البعض، بناءً عليه، بأنه قد آن الأوان للخروج من خطة الفر التي أعقبت خطاب أجدير بما شكله من إحراج سياسي مفاجئ لكثير من الأطراف التي لم تكن مؤهلة وربما ما تزال، وللانتقال إلى خطة إعادة الكــر بأسلحة متطورة ("التصهين"، "التطبيع مع إسرائيل") بعد تآكل الأسلحة العتيقة ("الظهير البربري"، "أذيال الاستعمار"، "حفدة اليوطي") التي كان آخر استعمال لها هو ما كان قد سمي بـ"معركة الحرف"، التي شكلت، لسنتين فقط بعد الظهير الملكي بأجدير، تجريبا أوليا للكـرّ بعد الفر كما بينتُ ذلك في حينه من خلال مقالي المطول: "فصيلة الأسئلة المغيبة في النقاش حول كتابة الأمازيغية" (المدلاوي 2003-ب).
إذا كان الأمر كذاك، وأعتقد شخصيا بأن أصحاب هذه الصيغة الجديدة من تجريم النقاش في مجمله ومبدئه يعتبرونه كذلك، فإن استخلاص نتائج الأحكام على جميع المستويات، وبالنسبة لكل طرف، أمرٌ متروك لفطنة ولذكاء القارئ، بعيدا عن لغو أي تعليق أو وصاية في منطق الاستنتاج لديه.

4. دلالات بعض ما جاء في افتتاحية ملف أسبوعية "الوطن الآن"

أما فيما يتعلق بجزئيات التهم المعمَّمة من خلال افتتاحية ملف "الوطن الآن" على حركة التجديد الثقافي المغربي التي مأسسها الخطابُ الملكي بأجدير وفاجأ بها الكثير وأحرجه (ولا أقول "الحركة الأمازيغية" ولا حتى "الثقافة الأمازيغية" رفعا لكل الالتباسات التي تكتنف الألفاظ مع توالي التدافع)، فإني أقتصر على مجرد عينة منها لبيان دلالاتها؛ وهي الآتية:

1) " لماذا تـتـقاطر وفود الأمازيغ تباعا نحو إسرائيل؟"، "لماذا تمت الزيارات إلى إسرائيل بسرية تامة؟ "لماذا ما زال التكتم سائدا على بقية الأسماء الأمازيغية التي زارت إسرائيل؟".

هذه أسئلة تقريرية موجِّهة للأذهان قصد ترسيخ أمور غير مطابقة للواقع كما سبق أن قلت، إذ هي تقرّر كل ما يأتي بعد كلمة "لماذا" كحقائق مسلمة محسوم في واقعيتها باعتبارها كذلك في مقارنة لها مع ما يدخل في بابها، وتَصرِفُ بذلك الذهن تمويهاً إلى الانشغال بمجرد البحث عن علل ما رسخته كحقائق، بدل التساؤل عن حقيقة واقعيتها المزعومة، تسليما بما جاء في "تحليل" يومية التجديد المشار إليه من قبيل "الأمازيغية والرهان الإسرائيلي"، و"مخطط إسرائيلي لاختراق الحركة الأمازيغية في المغرب العربي"، و"التوظيف الدولي والصهيوني للورقة الأمازيغية"، الخ.. ولقد سبق للأستاذ أحمد عصيد أن رد في مكان آخر ("العالم الأمازيغي"، أكتوبر 2010) على ذلك القبيل الفرضيات والأسئلة التقريرية المبنية عليها، بوضعه الأمور في نصابها الذي به تكتسب دلالتها بالقياس إلى ما هو في بابها؛ وذلك حين قال ما نورده هنا لمضمونه العام، دون تبنّ لأسلوبه الصدامي في شخصنة الوقائع وأثـنـأتِـها، حيث قال:
(وقد بلغت بعض الصحف من الصفاقة وقلة الذوق أن نشرت عناوين في صدر صفحتها الأولى من مثل "إسرائيل تحاول اختراق المغرب عبر الحركة الأمازيغية"؛ وكأن إسرائيل لم تخترق المغرب عبر نظامه السياسي الذي خصص لها مكتبا بالرباط وأقام علاقات اقتصادية ومبادلات منذ عقود؛ وكأن آل الفهري الفاسي الحاكمين لم يستقبلوا وزيرة إسرائيلية بطنجة [تسيبي ليفني]؛ وكأن بعض الأعضاء من مجلس النواب والمستشارين المنتمين لأحزاب "الحركة الوطنية" لم يقيموا المآدب في بيوتهم بالرباط لجنرالات وضباط في الجيش الإسرائيلي ولموظفين سامين في دولة إسرائيل؛ وكأن فنانين من أجواق الطرب الأندلسي والملحون لا يزورون إسرائيل عدة مرات في السنة؛ وكأن عدد المغاربة ممن زاروا إسرائيل لا يناهز سنويا 24 ألف مغربي).
ونضيف إلى ذلك ما استجد في نفس الأسبوع الذي أعلِـنت فيه مثل عناوين "الوطن الآن". من ذلك قول يومية "التجدبد" (18 أكتوبر 2010): "في غفلة من المنظمات والهيئات المناهضة للتطبيع الصهيوني، شارك كل من عامير بيريتز وشتريت مايير وزير الدفاع ووزير الخارجية السابقين في حكومة الكيان المحتل في مؤتمر المنتدى الدولي الثالث للحكامة" [المنعقد بمراكش]؛ ثم تضيف اليومية: "لم يصدر بعد أي تكذيب رسمي لادعاءات يومية معاريف الإسرائيلية احتمال تنظيم زيارة رسمية لرئيس الدولة العبرية إلى المغرب في نهاية الشهر".(4)

وهنا أقول بأنه من الطبيعي في اليقظة المفرطة لمثل تلك "المنظمات والهيئات" ومنابر الإثارة الإعلامية في تصيّـد الجدران القصيرة للقفز نحو الحُـفـر للتواري والتستـّر فيها، أن تؤدي إلى الغفلة عن النظر إلى الجبال الشاهقة تهيّـبا لصعودها (ومن يتهيب صعود الجبال * يعش أبد الدهر بين الحُـفَـر). ثم أضيف فأقول بأني أعرف جيدا الوقائع التي أشار إليها السيد عصيد تلميحا حين تحدث عن "المآدب" - وهو على بينة من معرفتي هذه. أضيف فقط بأن ذلك غيض من فيض، ولا تحتاج دلالةُ الأمور في عمومها بشأنه لدى ذوي الفطنة والألباب إلى التشهير العيني بالوقائع وبأصحابها كما تم ذلك بالضبط وعلى الخصوص بالنسبة للجماعة التي اتُـخذت كحائط قصير للـتـشهير من خلالها بعموم المكون الأمازيغي للهوية المغربية عن طريق إلصاق الوجه الجديد لتهمة التخوين العتيقة به.
ثم أوضح، أخيرا، بأن المقال الحالي، المركـّز هنا أساسا على مجرد التذكير بخطة "الكـر بعد الفـر" فيما يتعلق بتعاطي شرائح فاعلة من صانعي الرأي العام مع النقاش حول تجديد الوعي والثقافة المغربيين، لا يتسع، وليس مكانا مناسبا، للتأريخ لخطوات التطبيع مع إسرائيل، وبيان أدوار الأطراف المختلفة فيها، الرسمية والمعارضة، مما لمّح إليه السيد عصيد. وذلك ليس فقط ما بين مؤتمر مدريد، ثم اتفاقية أوسلو، وما تخلل ذلك وتلاه من سيل زيارات إسرائيل من طرف سياسيين وبرلمانيين ومسئولين جماعيين مغاربة من مختلف الاتجاهات والأطياف، وصحفيين بارزين من جيلين، وفنانين مرموقين في المسرح والغناء، وأكاديميين في مختلف حقول المعرفة، وتجار التصدير والاستيراد، ومنعشي السياحة، وغيرهم ممن يعطون معنى بشريا من لحم ودم لما يروج في الصحافة من أرقام المبادلات بين المغرب وإسرائيل (الرتبة الرابعة بعد دول الجوار: الأردن، مصر، ثم لبنان)؛ تلك الزيارات المتعددة الغايات والتبريرات حينما تكون معروفة في العلن، بما في ذلك تبرير الحج إلى "ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال" كما هو تبرير عمدة إحدى الحواضر المغربية الكبرى التي ليست لا أكادير ولا تيزنيت ولا تارودانت، أو "التضامن مع الشعب الفلسطيني" كما هو تبرير آخرين. أقول: ليس هذا مكان التأريخ لكل ذلك، ليس منذ ذلك الحين فقط، ولكن منذ زمن صفقات تهجير اليهود المغاربة، ودور مختلف الأطراف الفاعلة في السياسة المغربية فيها، ومرورا بالخطوات التي مهدت للقاء "كامب دفيد" حينما كان سياسيون إسرائيليون من أمثال "ناتان أندري شوراقي"، العضو البارز في حياته بالحزب العمالي الإسرائيلي ومستشار دافيد بن كَـوريون مؤسس دولة إسرائيل، يحلون ضيوفا على سياسيين مغاربة من الصف الأول ممن كان لهم دور بعد ذلك مع كل من حسن التهامي رئيس المؤتمر الأسلامي، والرئيس السينغالي السابق ليوبولد سيدار وسانغور، والرئيس الروماني نيكولاي تشاوسيسكو، في ترتيب لقاء كامب دافيد والمسلسل البطيء الذي تلاه، والذي انتهى باتفاقية أوسلو. ثم إن دور بعض السياسيين المغاربة في إطار هذه السياسة كان يتم كذلك عبر مختلف أُمميات الأحزاب الليبرالية والاشتراكية، فكان ممثلو بعض الأحزاب المغربية مثلا في هذا الباب أول من خاطب وجها لوجه ممثلا إسرائيليا هو "شيمون بيريز" في مؤتمر إحدى الأمميات "رادا عليه بقوة" في الوقت الذي كانت قد دأبت فيه وفود الدول العربية على صمود "اللاءات الثلاث" بـ"الانسحاب" كلما تناول الوفد الإسرائيلي الكلمة في محفل أممي. لا أورد هذا الكلام، الذي تتوفر وثائقه،(5) من باب إصدار للأحكام في هذا الاتجاه أو ذلك، وإنما أوردته لوضع عبارة "تقاطر الأمازيغ تباعا نحو إسرائيل" في إطاره الذي منه تُستمد دلالتُه ويتضح طابعه الانتقائي بالقياس إلى وقائع بابه. فإما أن صاحب وأصحاب دعوى "تقاطر الأمازيغ تباعا نحو إسرائيل" كذابون أفاكون يستغبون القراء والمستمعين ويحتقرون ذاكرتهم ويستهينون باطلاعهم، وإما أنهم مغفـّلون متخلفون عن جُماع ركب الأحداث والوقائع؛ وعلى كل حال، فإن جمهور الشعب المغربي يستحق أحسن من كلا الفصيلتين بكثير، كصناع للرأي العام في الاتجاه الذي اختاره المغرب الحديث.

2) "لماذا بدأ بعض الناشطين الأمازيغ بالاهتمام ببناء مذهبية على غرار نموذج المذهبية اليهودية؟ لماذا بدأوا يعقدون مقارنة الوحدة والتكامل مع اليهود؟ لماذا هذه المطالبة المسعورة باسترجاع أراضي أجدادهم في المغرب، كما فعل اليهود في فلسطين؟".
هذه السلسلة من الأسئلة التقريرية المتكاملة، التي ختم بها صاحب الافتتاحية كلامه، أكبر من أن يُحيط بمراميها تعليق؛ فأكتفي إذن في ما يتعلق بالمقارنة التي يعقدها السؤال الثالث، بأن أشير فقط إلى أنه يترتب منطقيا عن تلك المقارنة المُساوية بين الحدين ( ... "كما فعل اليهود في فلسطين") أنه، إذا كان ما قرره صاحب المقارنة صحيحا، وإذا كان طيفٌ واسع من الفكر الحديث للمغاربة الذين لا شك أنهم في بلدهم ديموغرافيا وجغرافيا، إنما يعمل على استرجاع تلك المرجعية الترابية ليس في الجغرافيا، ولكن في الوعي والأذهان، لتكون مؤسسة قطبية لمركز جاذبية المغرب، فإن الإسرائيليين سيعتبرون ضرورة - بمقتضى قياس تلك المقارنة - موجودين في أرض أجدادهم بنفس درجة الحق والواقعية التي يوجد بمقتضاهما المغاربة حقوقيا وواقعيا في أرض أجدادهم ويطمحون إلى تثبيت ذلك الوجود الديموغرافي والجغرافي بتأكيد هويتهم وتقوية شخصيتهم وسيادتهم على تلك الأرض وولائهم لها دون غيرها من الأرضين، أي ما عبر عنه ادريس ولد القابلة ("الصحراء الأسبوعية" 4 أكتوبر 2010) بـقوله "الولاء للوطن، والانتماء الروحي والحضاري إليه عقليا ووجدانيا، لا مجرد انتماء بالوثائق الإدارية وبرقم البطاقة الوطنية"؛ وذلك بدل أن تصبح أرض المغرب عبارة عن وطن-مَـبـَات (Pays-dortoir) لأجيال من الفرقاء ممن يوَلـّون وجوههم وقلوبهم بالولاء شطر المشارق والمغارب. هذا القبيل من الولاء الذي كان الملك محمد السادس قد أنكر سياسيا وديبلوماسيا حتى على القوى الخارجية الكبرى، وعلى رأسها أمريكا، مجرد الإيحاء به تضمينا من خلال تقطيعها للعالم من منطلقاتِ تصوُّرِ مصالحها الخاصة؛ وذلك لما بيّـن يوما بصراحة وقوة للمبعوث الأمريكي - في تطوان حسب ما أذكر - الذي كان قد قدِم ليشرح أبعاد "مشروع الشرق الأوسط الكبير" ويبـشر به، بأن للمغرب خصوصياته، ومركزَ جاذبيته الخاص به، وأنه لا يمكن أن يقبل بتذويبه على هامش كيانات مركزياتٍ أخرى غير مركزيته الذاتية التي تـُعتبـَرُ مصالحـُها - بشكل مشروع وطبيعي كما هو شأن كل أمة ودولة عريقة - منطلقَ ومقياسَ ومرجعيةَ كل انتماء آخر تاريخي أو إقليمي مهما كانت نوعيته ودرجته. هذا التصور للمركزية الذاتية المغربية ولجوهرية مصالحها في تحديد بقية الانتماءات الجغرافية والتاريخية والثقافية والقيمية القريبة والبعيدة، تصوُّرٌ يتكامل، بالرغم من بُعد الأمد واختلاف السياق والأطراف، مع موقف المرحوم الملك الحسن الثاني، المعروفةِ متانةُ علاقاته مع المرحوم الرئيس ياسر عرفات، وذلك لمّا تم "اصطياد" هذا الأخير بالجزائر ذات مرة، رغم دهائه المعروف، لحضور محفل من محافل البوليزاريو لم أعد أتذكر طبيعته، فخرج إذ ذاك العاهل المغربي عن أطواره البروتوكولية بأن أقسم أن من يتصل، من الرسميين وغير الرسميين، بعرفات بعد ما أقدم عليه، سيتم وصمُ باب منزله بـ"المادة الطبيعية" التي لا تذكر باللفظ، كما كان يتم ذلك في الماضي. فهذه المركزية الذاتية تعلو ولا يعلى عليها حسب هذين التصورين المتكاملين.
فما القول إذن في من يجذب من داخل المغرب نحو مركزيات خارجية، من أمميات وإقليميات، كمقوم أول من مقومات الوطنية والمواطنة (القضية الفلانية "قضية وطنية") في الوقت الذي ما يزال فيه المغرب يكافح من أجل إتباب استكمال وحدته الترابية التي لم يعتبرها أي طرف آخر من تلك المركزيات قضية وطنية ولا حتى قضية المغرب العادلة؛ بل إن أطرافا متعددة من تلك المركزيات ناهضته بشأن تلك الوحدة؟ تلك المركزياتٍ ينحصر فيها حتى الآن "حصادُ" المغرب الوظيفي في تشكيل مجرد عمق استراتيجي، واحتياطي بشري عارم لسُخـرة الهُتاف والمناصَرة للفاعلين المفاوضين "في الاتجاه المعاكس"، وذلك برفع رموزهم السيادية وراياتهم الخضر والسود والتلويح بها تحديا أمام مؤسساته السيادية، ويقتصر فيها دورُه العضوي على مجرد دفع المساهمة السنوية والتصويت برفع الأيدي على رئيس هذه المنظمة السياسة أو الثقافية الإقليمية أو تلك، الذي ينتمي عُرفيا دائما وبالضرورة إلى نفس العشيرة المركزية، والاكتفاء من حين لآخر بشرف منصبِ "عضوٍ بدون حقيبة" في مكتب المنظمة، أو "منصب نائب" في أحسن الأحوال، مكلف ضِمن جوقة "نواب الرئيس" من المؤلـّـفة قلوبُهم بـ"مهمة لا شيء"؟

3) "لماذا حصَر متحف ياد فاشيم الإسرائيلي تعاونه فقط مع الناشطين السياسيين الأمازيغيين المختصين في مجال التربية والتعليم؟ لماذا لم يهتم بكل المغاربة بمختلف أطيافهم الإثنية والسياسية؟"

هذا سؤال سبق أن طرحت مثـله في حينه منذ سنة، أي مباشرة بعد واقعة تلك الزيارة، وذلك في النص الفرنسي الذي أشرت إليه في الفقرة الأولى من هذا المقال، فـبيـنـت دلالات ما يتساءل عنه السائل، شاجبا عمل الطرفين، على قدم المساواة، لكن دون أن أتمحل بأن أستخلص من الواقعة ما يفيد تخوين قضية الثقافة الأمازيغية برمتها من خلال التعميمات الإثنية من قبيل "الأمازيغ" أو "بعض الأمازيغ":
- فالطرف المستـضيف في إسرائيل، الذي أقدم من خلال ذلك، باسم ذكرى فظاعة إنسانية لا يمكن لأي منظومة فكرية أخلاقية أن تتأهل لمسؤولية الاستخلاف وهي تـتجاهل وضعها في إطارها المناسب ضمن حماقات أخلاقيات البشرية، ناهيك عمن ينكرها بكل بساطة؛ وذلك مهما كانت أوجه استغلال تلك الكارثة أيديولوجيا وسياسيا هنا وهناك، أقول بأن هذا الطرَف طرَفٌ معتدٍ سياسيا على المغرب من حيث ركوبه التدخلي على التدافعات المغربية الداخلية، الصحية والطبيعية في حد ذاتها، مستغلا تناقضاتها الظرفية لإنجاز اختراق سياسوي إقليمي،
- أما الطرف الزائر، الذي سلك سلوكا انتهازيا في تعامله مع المسألتين معا (مسألة الثقافة الأمازيغية ومسألة المحرقة)، فهو معاتَـبٌ أخلاقيا بشدة من حيث انتهازيته تلك، إن لم نقل بأنه محاسَب سياسيا باعتبار تقديمه نفسـَه كـ"مجموعة من الأمازيغ"؛ حيث لم يقدم نفسه، على الأقل، بعد ما أقدم على ما فعل على غرار ما يقوم به غيره، كأفراد مغاربة يعني كلَّ واحد منهم شأنُ المحرقة أخلاقيا وإنسانيا؛ وإنما قدّم نفسَه، كما أوردت ذلك الصحافة الإسرائيلية قائلا: "نحن أمازيغ؛ ولنا تاريخ مشترك مع اليهود، نريد أن نعرف عنه المزيد"، بينما قدمته نفس الصحافة، للغايات السياسوية الإقليمية المشار إليها على التو، متحدثة عنه وعن الملتقى الذي شارك فيه بالقول: "إنها المرة الأولى التي يشارك فيها في هذا الملتقى وفدٌ من هذا الحجم من بلد عربي. (...). وأضافت دوريت نواك ، مديرة مدرسة ياد فاشيم قائلة: أن زيارة وفد من بلد عربي منعطف حاسم"

إن هذه المفارقة الإثنوية الطريفة ما بين طرفي اللعبة، والتي تُـقدّم، في تهافتٍ سياسوي، "وفدا" من "الأمازيغ" كممثل لـ"بلد عربي" لـهي مفارقة تسير، بالمناسبة، في وفاق سوريالي مع سامفونية الأسطورة الإثنوية الأخرى لمدرسة "النسّابين الجدد" من أمثال الدكتور خشيم وجوقته، التي تقول بأن الأمازيغ "عرب قدماء" (أي عربُ ما قبل "العرب العاربة")، والتي لم يخطر قط على بال وعيها الإثنوي أن تسير بالمنطق إلى نهايته، بأن تستخلصَ مفهومَ الكلام من منطوقه، فتـُـقـرّ بمقتضى منطق أطروحتها بأن "العرب الحاليين إنما هم أمازيغُ مُحدَثون وموّلـَّـدون"، وأنّ ما عليهم، إن هم أرادوا أن يترسخوا في شأفة جِذمِر هُوية إثنيتهم الصافية، إلا أن يُعلـنـو "أمازيغيتهم العريقة"، وينصهروا لغةً وثقافةً في الأمازيغ الحاليين، الذين هم بذلك الاعتبار "عربٌ" أعربُ منهم بما أن هؤلاء الأمازيغ يمثلون الانحدار السلالي المباشر والمستمر لسلف ما قبل "العرب المستعرِبة" و"العرب العاربة" من عادٍ، وثمود، وطـَسم، وجدِس (هذا لمجرد فُسحة "الإحماض في الكلام"، لا تخلو مع ذلك من فائدة في تعرية تهافت الأوهام).


4) "ما هي أطماع إسرائيل في اختراق سوس؟" (عنوان الملف في صدر الصفحة الأولي)؛ "وهو التحضير الذي يتزامن مع وضع آخر الترتيبات لإرسال فرقة أحواش من سوس ".

يستفاد من هذا السؤال، الذي يقرر بأن "اختراق إسرائيل لسوس" حقيقة وواقع، ويتساءل فقط عما هي الأهداف البعيدة، بأن سوس العالمة هي بوابة الاختراق الإسرائيلي للمغرب، بعد أن ثـُـبِّـت في الأذهان بأن المغرب هو بوابة إسرائيل نحو شمال إفريقيا، التي هي بوابتها نحو العالم العربي ("ما حقيقة خطة استعمال الأمازيغ كحصان طروادة لتطبيع العلاقات مع دول شمال إفريقيا؟"، "هل هناك فعلا مخطط دولي لاستعمال الأقليات الإثنو-ثقافية والإثنو-عرقية الموجودة في البلدان العربية لتجسير طريق .إسرائيل نحو هذه البلدان؟").
لكن، ما القول في مختلف تظاهرات اليهود المغاربة الأصل، من إسرائيل على الخصوص، مما يـتم على طول السنة بالمغرب في فاس، وتافيلالت، ووزان، وآسفي، والصويرة، وغيرها من المدن والجهات، سواء ما هو مقصور منها على الجماعات اليهودية أو ما هو مشترك فيه من طرف كل المغاربة وغير المغاربة، على غرار ما يتم في مهرجان فاس للموسيقى الروحية، ومهرجان الصويرة للأندلسيات الأطلسية؟ فما الذي يمنع تظاهرات تلك الربوع، التي يخصص لها الأعلام المكتوب والسمعي البصري فضاءات واسعة، من أن يُـنظر إليها كبوابات أوسع للاختراق بالمعنى المذكور؟ وإذ يتعين أن لا ينسينا هذا التساؤلُ الطابعَ المتهافـتَ لمن زاروا إسرائيل كـ"وفد أمازيغي يمثل بلدا عربيا"، على غرار تهافت الكثير من قبلهم من مختلف الأطياف والمناطق، خصوصا بُعيدَ سراب "اتفاقية أوسلو"، حيث تناسلت في كل مكان مشاريعُ جمعيات ووكالات التبشير بآفاق الصداقة والسلام، والمحبة والوئام، فإننا نتساءل عن ماذا اقتـرفت سوس العالمة، التي لم يحتـفِـل بالذكرى الخمسين لزلزال عاصمتها أكادير احتفالا متوجا بإصدار كتاب بالعبـرية ("حكاية أكادير؛ المدينة ودمارها" لمؤلفته "أورنا بازيز") إلا جالياتُ اليهود المغاربة في إسرائيل على الخصوص لكن كذلك في غيرها، حتى تستحق سوسُ هذا النعت الـمحصور عليها دون غيرها، بأنها أصبحت بوابة الاختراق الإسرائيلي للمغرب وللعالم العربي من خلاله؟ أفـذلك لـكون فضاءاتها تمثل عمق المغرب وبوابة صحرائه التي "منها يأتي كل خير وكل شر" كما قال الملك الحسن الثاني يوما، من حيث هي منبتُ أمثال سيدي وكَـّاك بن زلـّو، وعبد الله بين ياسين، ويوسف بن تاشفين، والمهدي بن تومرت، والطاهر الإفراني، والمختار السوسي، ولكون تقاليدها في التدين الفطري تمثل اليوم حصنا في وجه بدع التطرف الحضري بالجهات المعرضة لرياح أيديولوجيات "الشركَي"، ولكونها من حيث ذلك التاريخ، وحتى من حيث رمزية تسميتها (بلاد سوس)، تمثل العمقَ الاستراتيجي لمجموع المغرب، الذي كانت تسميتها "بلاد سوس" تنسحب عليه كليةً حيث لا تتميز إلا بصفة "سوس الأقصى" كما لا تزال تشهد بذلك كتب التاريخ، هذا المغرب الذي يستعصي اليومَ على البعض أن يقتنع ويعترف بأن له خصوصية عمقِه التاريخي الذي يجعله في غنى عن الدوران في فلك أي تبعية؟ إن المسألة هنا رمزية؛ وفي باب الرمزيات لا مكان لاعتباطية الصُدف. فإذ لا ينكِـر أحد بأن لإسرائيل سياستها العالمية والإقليمية، الذكية لقيامها على العقلانية وعلوم الإنسان ومجتمع المعرفة، فإنه إذا كان هناك من يستهدِف سوس، كما وصفنا رمزيتها، ومن خلالها المغرب في صميم كيان شخصيته، وذلك بحظوظ من النجاح، فإنما هي تلك الأصوات التي تـتـنـكر من داخل المغرب لتلك الشخصية من خلال رفض كل ما من طبيعته تقوية مقومات المغرب الذاتية.
أما بخصوص "التحضير الذي يتزامن مع وضع آخر الترتيبات لإرسال فرقة أحواش من سوس"، فقد سبقت الإشارة إلى قول الأستاذ عصيد ما يلي: ("وكأن فنانين من أجواق الطرب الأندلسي والملحون لا يزورون إسرائيل عدة مرات في السنة "). الحقيقة أن الأمر لا يتعلق بمجرد زيارات؛ فهناك عدة فنانين مغاربة منخرطين عضويا في عدة أجواق أندلسية برئاسة أشخاص من إسرائيل، أجواق تجوب العالم ما بين إسرائيل وفرنسا والأمريكيتين معطيةً – وهذا صحيح ويتعين فصله عن الملف - بعداً عالميا لهذا اللون من ألوان الموسيقى المغربية، أني موسيقى الآلة، التي سماها الفرنسيون "أندلسية"، والتي أصبحت تسميةُ مختلف أجواقها ذات الصيت العالمي المشار إليها تحمل مختلف تركيبات عناصر "الجوق الأندلسي الإسرائيلي" (התזמרת האנדלסית האשראלית). ولقد عملت شخصيا على بيان الطابع المغربي لهذا اللون من الموسيقى من خلال عدة أعمال أكاديمية منشورة أو قيد النشر، كان آخرها مساهمة لي بعنوان "The Maghribi-andalousian Exchange in the Fields of Music and Linguistics" في الملتقى العلمي (The History and Culture of North African Jewry) المنعقد يوم 25 أبريل 2010 بجامعة يال الأمريكية (Yale University).

فلماذا إذن تم اختيار أحواش سوس، على وجه الخصوص دون بقية أوجه الثقافة المغربية، لنعته كجسر ثقافي لـ"التطبيع مع إسرائيل"؟، هذا الأحواش الذي يشكل بإيقاعاته المتميزة، خصوصا منها ميزانه الخماسي (Mesure quinaire)، وبطبوع ألحانه على السلم الخماسي (Echelle pentatonique) عمقَ تمـُّيز ألوانِ المواسيق المغربية، الغنية بإيقاعاتها المتعددة، الشفعية منها والوترية المسماة بـ"العرجاء" على الخصوص، وبطبوعه على كل من السلمين، الخماسي المذكور والسباعي (Heptatonique)؟ هذا لأحواش الذي هو من قوة الرسوخ الثقافي والهوياتي بدرجة أنه، لا مفعولُ شتاتية الهجرة، ولا مفعول إكراهات الحداثة الغربية لمجتمع مثل المجتمع الإسرائيلي، قد استطاع أن يمحوه كمقوم من مقومات الهوية لدى يهود الأطلس من المهاجرين إلى إسرائيل منذ خمسينات ستينات القرن العشرين، والذين ما يزالون إلى اليوم يحيون أفراح مناسباتهم الاجتماعية وأعيادهم على أنغام أهازيجه المحفوظة لديهم من الأشعار الأمازيغية، راقصين وراقصات بشكل طقوسي رجالا ونساء على إيقاع نقر الدفوف المسخنة على شعلة نار الحطب (Feu de joie) وأصداء زغاريد النساء، وبأزيائهم المغربية المحفوظة خصوصا لدى النساء، كما بينت ذلك توثيقات بالصوت والصورة ودراسات إثنو-موسيقة من إنجاز أمثال يوسف شيطريت وسيكال عازارياهو وغيرهما.(6)

5. خلاصة الختـام: تهم التخوين مسائل جدية، يتعين أن يضبطها القانون

إن أي نقاش اجتماعي ينحصر دورانه حول قطبية الإثنية (ما هي إثنيتي؟ ما هي تجلياتها؟ من يناهضها؟ من يناصرها؟) لا يرقى فكريا حتى إلى مستوى الأيديولوجية، التي تتعلق بتصور الأخلاق والمدينة تصورا معينا (مفاهيم: الدولة، الفرد المدني، الحرية، الحق، الواجب، تدبير المصالح، تصريف الاختلاف، الخ.)؛ إنه يبقى في مستوى مجرد عاطفية وأهواء الذهنية العشائرية. واعتمادا على هذه التمييز، يمكن التقدير مثلا بأن مستوى النقاش الأيديولوجي/الديني الذي دار في العقود الأولى من القرن العشرين بالمغرب حول "خطـَر" آخر كان يوظـّـَف أيديولوجيا وسياسيا قبل ارتسام وتبلور خطر "الشيوعية" وخطر "الإلحاد الوجودي" اللذين تبخرا، وخطر الصهيونية الذي ما يزال قابلا للتوظيف، ألا وهو "خطر االماسونية العالمية" مثلا، كان نقاشا أرقى من النقاش الحالي حول المسألة الثقافية. فقد كان نقاشُ توظيف "خطر الماسونية العالمية" أرقى بكثير من مستوى توظيف "الفرانكوفونية" و"الصهيونية والتطبيع" في النقاش الذي يدور اليوم حول تجديد الوعي المغربي سياسيا وثقافيا. فحينما انتشرت موضة انخراط أكابر العلماء والسياسيين بحواضر تطوان وفاس والرباط على الخصوص في مختلف السُـدد الماسونية (Loges maçonniques) لغايات مختلفة أندرُها غايات القناعات الروحية، لم تخلـّـف لنا الوثائقُ ما يفيد أن أي طرف قد ربط تلك الشريحة من المجتمع بإثنية معينة، وأنه قد سحب تلك الشريحة بالتعميم على عموم تلك الإثنية باعتبار التركيبة الإثنية حينئذ لتلك الحواضر، وذلك بالرغم من معاصرة تلك الانخراطات لمرحلتي صياغة ما سمته بعض الأطراف ورسخته في الأدبيات الصحفية والتاريخية بـ"الظهير البربري"، الذي حُـمّـل، على النقيض من ذلك، حمولة إثنية، وحُمِل حملا على البربر من خلال تسميته، كما لو أن "البربر" في جبالهم حينئذ هُم من أصدر ظهيرا ملكيا في حاضرة الحواضر، ذلك الظهير الذي صدر في الحقيقة تحت حكم حماية فرنسا التي كان أهل البادية في الجبال والسهول - من كل الإثنيات وفي مقدمتهم أولئك البربر – يحاربونها في تلك الجبال إلى حدود منتصف الثلاثينات من قرن عهد الحماية. لقد تم التصدي حينئذ لموضة الانخراطات الماسونية في تلك الحواضر من منطلقات فكرية مهما كانت طبيعتها، دون أن يخطر على بال أحد، مهما كانت إثنيته، أن يربطها لا بـ"العرب" ولا بـ"البربر"، ولا بأحد تفريعات هذه التصنيفات العشائرية الما-قبل-أيديولوجية. وتصدق نفس المعاينة والملاحظة فيما يتعلق بالنقاش السياسي حول موجة الاحتماء بالقنصليات الأجنبية التي انتشرت في نفس القترة والجهات في أوساط الأعيان وعائلات الحواضر المغربية الكبرى دون أن يُحمل ذلك مرة أخرى على أي إثنية بعينها باعتبار الانتماءات الحضرية التي كانت تكاد حينئذ تطابق التمايزات الأثنية.
الحقيقة أن نظرية المؤامرة، وتخوين الخصم الفكري، قالب من قوالب التفكير غير العقلاني في كل المنظومات الثقافية، اخترقت سابقا الشيوعيين والمحافظين في الداخل والخارج، وتخترق اليوم الحركات الإسلامية والأمازيغية؛ وليست مقصورة في تدافع الفكر المغربي على مسألة الثقافة الأمازيغية. فلما طرحت مدونة الأسرة للنقاش تبلور بشأنها معسكران، ما بين مؤيد ومناهض، وكان من بين أدوات الإسكات في معسكر المناهضة الذي التقى فيه إسلاميون وأمازيغيون محافظون (مسيرة الدار البيضاء مثلا) القول بأن الأمر يتعلق بانسياق المؤيدين وراء مخططات عالمية (مؤتمر بيكين) تهدف إلى سلخ المغرب عن قيمه ومرجعيات أصالته؛ فلنتذكر إذن هذا جيدا. لكن الخطير في الأمر على مستوى التماسك الوطني يحصل حينما يتم ربط نظرية المؤامرة وتهمة التخوين، في قضية من القضايا، بأبعاد إثـنـية أو جهوية، كما حصل ذلك ويحصل مع أثـنـأة حركة التجديد الثقافي المغربي بصفة عامة من خلال ربطها في الأذهان بالإثنية أو الإثنيات الأمازيغية ومع صياغة الاختلاف بشأنها على شكل تهمة تخوين إثينة أو جهة وطنية بعينها. فما السر في أمثال هذه المفارقات؟
هنا، بالضبط، يرتسم الجواب عن السؤال المرهِب لافتتاحية ملف "الوطن الآن" ("هل هناك صراع أمازيغي عروبي إسلامي في المغرب أصلا، أم أن البعض يحاول إضافة الزيت على النار؟"). إن "النار" الفتنة الاجتماعية بصفة عامة، ونار الإثنية على الخصوص، في أي نقاش اجتماعي، لا توجد في الحقيقة والواقع إلا في أذهان من يرددونها في كل مناسبةٍ وحينٍ - في تبــنٍّ ذاتي لها على شكل تهديد، أو استنكاراَ لبوادرها عند الآخر – ويجعلونها موضوعا جوهريا لأي تدافع ونقاش، وذلك باتخاذ التهديد بإشعالها وسيلتهم الأساسية لإسكات الآخر لا لإقناعه. ومن بؤر تلك الأذهان، لا من غيرها، تنذر شرارة تلك النار الذهنية بالانطلاق فعلا من الأذهان نحو حطب ساحة الواقع.
وأخير، وبقطع النظر عن وجود أو عدم وجود أي ارتباط خاص بين حركية إعادة الاعتبار للبعد الأمازيغي للهوية المغربية وبين ما يعتبره البعضُ بوادرَ أو خطواتِ "التطبيع مع إسرائيل"، فإن استعمال هذه التهمة الأخيرة في سياق تخوين الأشخاص أو الجماعات هو من باب الاتهام بالخيانة بصفة عامة. والخيانة جناية ثقيلة كالتآمر على الأمن والقتل والتحريض عليه. وبما أن الفتنة أشد من القتل، فإن مفهوم الخيانة، كمفاهيم بقية الجنايات الكبرى، مفهوم أكبر في جديته من أن يُسمح بابتذاله في خطابيات السجالات السياسية التهيـيـجية وفي إلـهابيات صحافة الإثارة، ويتعين أن يتم تفعيل حصر صلاحيات الاتهام به في مؤسسة القضاء وعَبْـر هيئاتها ومساطرها. ويـنسحب هذا على مسألة "التطبيع مع إسرائيل" إذا ما أقرها القانون كـتهمة موصوفة، وحدد جزاءَ من تـثـبُـت في حقه، وجزاءَ من يقذِف بها الغيرَ. ويمكن القول في هذا الباب بأن أبسط طريقة وأعقلها للتعامل مع مفهوم "التطبيع مع إسرائيل" الذي أصبح صلب هذا المقال من حيث هو تهمة فضفاضة، هو المعاملة بالمقابل، إذا ما قدّر المغرب ذلك مطابقا لدستوره ولمصالحه. أقول هذا في استحضار للقانون الذي كانت إسرائيل نفسها قد ضبطت به ما كانت تراه، في فترة معينة، مطابقا لـظرفية سياستها، ولا يتنافى مع دستورها المستبطـَن عُرفيا على الطريقة الإنجليزية؛ وذلك عندما سنت قانونا يجرّم بسجنٍ يصل إلى ثلاث سنوات كل مواطن إسرائيلي يتصل، بشكل من الأشكال، بعضو من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية. وقد سُجن بمقتضى ذلك القانون كثير من الإسرائيليين، وعلى رأسهم أحد أصدقاء المرحوم ياسر عرفات من اليهود الإسرائيليين البارزين المؤيدين للحق الفلسطيني بشكل أو بآخر، لم أعد أذكر اسمه. فحينئذ سيسري ذلك القانون، بالصيغة التي يصاغ بها، على جميع المغاربة من رسميين، وسياسيين، وتجار، وصحفيين، وفنانين، وأكاديميين، بدل أن تبقى تهمة "التطبيع مع إسرائيل"، في غياب أي قانون، تغليفا عشائريا وأيديولوجيا للإقصاء في أيدى كل "من يهمّه أمرٌ" من الأمور، وتهمةً فضفاضة من قبيل "كل ما من شأنه"، يتولد عنها من الكوارث السياسية، وعلى مستوى حقوق المواطنة، مثلُ ما يترجمه الخطاب المدمر سياسيا ولا-دستوريا لأسس التماسك الوطني مما قدمتْ افتتاحيةُ ملف "الوطن الآن" نموذجا عنه. إذ ذاك، وإذا ما قَـدّر المغرب بأن له من الاكتفاء الذاتي ما يستغني به عن العالم في جميع المجالات (الديبلوماسية، تنظيم المبادلات العالمية، البحث العلمي)، سيتعيّـن قانونيا على الباحثين المغاربة ،على سبيل المثال، في كل حقول البحث الأساسي والتطبيقي في علوم الطبيعة والذهن والإنسان، أن يقاطعوا كل المؤتمرات التي يثبُت مسبقا أو بعد حين (من خلال مؤسسات الانتساب المعلنة أوغير المعلنة، أو من خلال جوازات السفر المدلى بها أو المحتفظ بها)، بأن أكاديميين إسرائيليين يشاركون فيها، أو أن ينسحبوا على الأقل حينما يقـدِّم أولئك المشاركون مساهماتهم العلمية في الحقل المعرفي المعنين. ولقد دشنت الجزائر الشقيقة في هذا الباب خطوةً أصيلة يمكن أن يُـقتـدى بها؛ ويتمثل ذلك في ما قام به وزيرها في التعليم، السيد أحمد أويحيا، في 27 يونيو 2010، على إثر مشاركة باحثين وباحثات جزائريين وجزائريات لا علاقة لهم البتة بالأمازيغية في ندوة بمدينة الصويرة المغربية حول "الهجرة المغاربية". فقد أصدر ذلك الوزير دورية إلى مسئولي الجامعات ومراكز البحث ببلاده ترهن مشاركةَ الباحثين الجزائريين في المؤتمرات الدولية بالحصول على إذن خاص، وذلك "حفاظا على المصالح العليا للأمة" (Les hauts intérêts de la nation) كما ورد في الدورية الوزارية.
وعلى كل حال، فإن ما يتوفر الآن من قوانين بالمغرب، ربما لا يسمح حتى بمساءلة منتجي مثل ذلك الخطاب السابق الذي أوردنا عنه نموذجا يدمر عمليا أسس التماسك الوطني بمفعوله الملموس في الوقت الذي يدعي فيه على مستوى النيات المصرح بها أنه إنما يتساءل عما "إذا كان البعض يحاول صب الزيت على النار"، وهي نارٍ يعترف التساؤل نفسه ضمنيا بأنها تخبو في قرارة أذهان أصحابه.
------------------------------------------------
هوامش
(1) كنت قد عممت صيغة أولى لهذا المقال على مجموعة ممن قدرت أن موضوعه يهمهم، فتلقيت رسالة إليكترونية (23 سبتمر 2010) ينبهني فيها السيد بوبكر أوتعديت المذكور إلى أنه من صميم الحركة الأمازيغية كعضو سابق لعدة سنوات بجمعية "تاماينوت" قبل أن يلتحق بشبكة "ازطا"؛ فله الشكر على هذا التنبيه.
(2) كعينة للأبحاث الحديثة المتعلقة بالمغرب والصادرة عن مركز موشي دايان المذكور:
- كتاب Women in Morocco: Participation in the Workforce as an Avenue of Social Mobility ("النشاط الاجتماعي النسوي بالمغرب: اقتحام سوق العمل كطريق نحو الحركية الاجتماعية ") 1999 الباحثة Rachel Alpert
- كتاب The Middle East: the impact of Generational Change ("الشرق الأوسط، ودور تغير الأجيال") 2006؛ ويتضمن مقالا لـ"مادي فايسمان" المذكور بعنوان Political Elites amid a Changing Reality in Morocco ("النخب السياسية في خضمّ واقع متغيـر بالمغرب")؛ وهذا نص تلخصيه (النص الكامل عبر الرابط http://meria.idc.ac.il/journal/2006/issue3/jv10no3a8.html):
“This article reviews three possible regime scenarios for the three principle Maghreb countries of Morocco, Algeria, and Tunisia. The three scenarios include: the Islamization of the political sphere, the continuation of the authoritarian status quo, and accelerated evolution towards democracy.”

(3) من الأوجه الأكثر ترسيما لهذا الموقف اللا-أدري تجاه حدث الظهير الملكي بأجدير هو أن حدثي خطاب العرش (30/7/2001) والظهير الملكي بأجدير (17/10/2001) لم يكن من حظهما دخول بانثـيون (Pantheon) أحداث المغرب كما سطرها "التقرير الاستراتيجي للمغرب (2000/2001)"، هذا التقرير الذي لم تفـته، مع ذلك، أحداث جليلة من عيار إشارته إلى أن حزبِ العدالة والتنمية قد "طرح بحدة قضية الترخيص لــكازينو طنجة (...)، كما وجه رسالة إلى الوزير الأول في 26 يوليوز 2001 يطالبه بالتدخل لإيقاف المشروع ... إلخ"؛ كما لم يفته حدث "مشكلة لباس صحافية من القناة الثانية بمجلس النواب ... بتاريخ 11/07/2001"، ولا حدثُ تقديم نفس الحزب لمذكرة سياسية حول نزاهة الانتخابات بتاريخ 10/09/2001 (التقرير: ص178-179). ولقد أكد التقرير ذلك الموقف، من خلال دلالاتٍ رمزيةٍ في بنيةٍ للخطاب كانت تقليدية، وتتمثل في إرجاء أي إشارة إلى موضوع "الشلحة" - إذا كان لابد من تلك الإشارة من باب إراحة الضمير- إلى آخر فقرة من فقرات ذيل الكلام؛ فمن بين ثلاثة وأربعين بابا من أبواب "التقرير الاستراتيجي" المذكور، تفوز "الشلحة" بالرتبة الثالثة والأربعين بالضبط، وذلك ليس للإشارة إلى الظهير الملكي، ولكن إلى التلويح بفزاعة تـنّيـن"الحزب السياسي الأمازيغي" الذي كان "يظهر ويختفي" حتى قبل ميلاده ثم موته.
(4) "الغفلة" غير مقصورة على هذا المستوى. فهناك "غفلة" على مستوى آخر لم تسلم منها حتى يومية التجديد. ففي نفس الفترة التي شغلت فيه الصحافة المغربية بما فيها يومية "التجديد" جمهور قرائها بـ"دور ورقة الأمازيغية في التطبيع مع إسرائيل"، وهي فترة الترتيب للمفاوضات التي يتهافت عليها الفلسطينيون وتعثرها إسرائيل إلى اليوم، نقرأ ما يلي في منابر أخرى:
أ- موقع "عكس السير"؛ شباط 2010: أكد رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في ندوة حول مستقبل العلاقات بين اميركا والعالم الإسلامي ضمن فعاليات أعمال منتدى أميركا والعالم: "لا يمكن أن نبدأ بعملية السلام دون الجلوس على طاولة واحدة مع إسرائيل؛ يجب الجلوس على طاولة والتفاوض مع الجانب الآخر (...) قد نتفق أو لا نتفق ولكن نعتقد أن هذا هو المجال الوحيد للوصول إلى نتيجة مرضية في عملية السلام"..
ب- موقع "اليوم السابع" 31 ماي 2010: ذكرت صحيفة يديعوت أحرانوت الإسرائيلية أن وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلى، بنيامين بن اليعازر، وصل للعاصمة القطرية "الدوحة" ليترأس الوفد الإسرائيلى المشارك فى منتدى الدوحة الاقتصادي العالمي. وتأتى زيارة بن اليعازر للدوحة فى الوقت الذى فتحت فيه القوات الإسرائيلية نيرانها على قافلة أسطول الحرية صباح اليوم، مما أدى إلى قتل العشرات.
ج- موقع "دنيا الوطن": أكد مصدر إسرائيلي رسمي ما نشر في 12 أغسطس 2010 حول زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وهو في طريقه إلى مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في بيروت. وذكر المصدر أن الوزير القطري أمضى أربع ساعات في تل أبيب، واجتمع خلالها مع عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، وجرت مباحثات تطرقت إلى موضوع اجتماع وزراء الخارجية العرب والعلاقات القطرية ـ الإسرائيلية وبعض ما تبثه قناة «الجزيرة» القطرية.
فأين كل هذه الاتجاهات المعاكسة لـ"الاتجاه المعاكس" في "حصاد الممانعة" لمن يرصدون خفايا "التطبيع مع إسرائيل"، فلا يجدونها إلا نوايا "بعض الأمازيغ المتطرفين"؟
(5) من أهم الأبحاث التي تناولت هذه الوقائع مذكرات مائير عاميت (Meir Amit) رئيس الموساد الإسرائيلي سابقا؛ وأعمال الصحفي الإسرائيلي البارز سامويل سيـكيـف (Samuel Segev) الذي أصدر سنة 2008 كتابا بالعبرية بعنوان הקשר המרוקני: המנעים החשאיים בין ישראל למורוקו ("الارتباط المغربي: الاتصالات السرية بين إسرائيل والمغرب")؛ وأعمال المؤرخين، يارون تسور (Yaron Tsur) وإيكال بن نون (Yigal Bin Nun)؛ وغيرهم كثير. أنظر على سبيل المثال مقال إيكال بن نون بعنوان "دور المنظمات اليهودية العالمية في إحقاق حقوق اليهود بالمغرب (1956-1961)" عبر الرابط التالي (http://yigbin.canalblog.com/)

(6) من هذه الدراسات على وجه الخصوص:
Azaryahu, sigal (1999):
עזריהו , סיגל 1999 תהליכי שימור ושינוי במוסיקה של יהודי האטלס בישראל – טקס האחוואש. אוניברסיטת תל-אביב . הפקולטה לאמנויות ע"ש יולנדה ודוד כץ . החוג למוסיקולוגיה (ترجمة عنوان الأطروحة: "الثابت والمتحول في موسيقى يهود الأطلس في إسرائيل – طقوس أحواش")
Elmedlaoui, Mohamed (2005):
المدلاوي، محمد (2005) "عـَـروض، وطبوع، وإيقاعات أغنية الروايس الأمازيغية (مشروع إنقاذ الطبوع الخماسية للموسيقى المغربية)" . الأسس الأمازيغية للثقافة المغربية. أشغال النـدوة الوطنية التي نظمت بفاس (10-11 مارس 2005)، تكريما للأستاذ محمدد شفيق. منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله؛ سلسلة مؤتمرات وندوات، رقم 2.
Chetrit, Joseph (2007) Diglossie, hybridation et diversité intralinguistique. Études socio-pragmatiques sur les langues juives, le judéo-arabe et le judéo-berbère. Peeters. Paris–Louvain. Collection Études chamito-sémitiques, n°6.
Elmedlaoui, Mohamed and Sigal Azaryahu (2009, ms) "The Ahwash Ceremony shift from Morocco to Israel (A survey of a research program)". A text translated into Hebrew by the Dahan Center for Culture, Society & Education in Sephardic Heritage: העתקת טקס האחוואש ממרוקו לישראל (סקר של תכנית מחקר), distributed at Casablanca conference (July, 07 2009): The Heritage of Spanish Jewry in Morocco , from the Expulsion to the Present Day.


بقية المراجع المحال عليها:
المدلاوي، محمد (2001) "لعبة الحدث واللاحدث في غمرة ما حدث" الأحداث المغربيـــة : 05/ 12 / 2001؛ المستــــقـــل الأسبوعي: 03 ديسمبر 2001).
المدلاوي، محمد (2003)-أ "الرباط عاصمة للثقافة المغربية". الأحداث المغربية (28/ 11/ 2003).
المدلاوي، محمد (2003)-ب "فصيلة الأسئلة المغيبة في النقاش حول حرف كتابة الأمازيغية" الأحداث المغربية؛ نشر هذا المقال على حلقتين في يومية الأحداث المغربية؛ (12 /10/ 2003)، (17 /10/ 2003).
المدلاوي، محمد (2008) "تدبير التعدد الثقافي ومسألة المواطنة والمشاركة" أشغال حلقة المواطنة. منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي. الرباط.
التقرير الاستراتيجي للمغرب (2000/2001). أبــحــاث ع: 53/54، السنة 18، مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية- الرباط.



#محمد_المدلاوي_المنبهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامات في اللغات والعقليات؛ الهوية والتحديث ما بين التذكير و ...
- حذاء الكرامة (قصيدة عمودية من البحر الوافر)
- أين يوجد كنز المغاربة وأين تميل قلوبهم -2 (الغرباء والمغتربو ...
- هل في المغرب نظام امتيازات؟ (على هامش أطلاق أحد الأعيان النا ...
- أين يوجد كنز المغاربة وأين تميل قلوبهم؟ (سؤال بمناسبة واقعة ...
- الكرامة الوطنية والمواطنة في ثقافة الشخصية المغربية
- إصدار نوعي جديد حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين (فرانسوا ديل ...
- هل سيُقْدم عميدُ معهد الإركام للأمازيغية على تسريحات جديدة ؟
- الحكومة المغربية الجديدة وخطة التعامل مع الاختلالات الجهوية
- -المنهجية الديموقراطية- في المغرب، ما بين الجد واللعب
- تطور مفهوم المواطنة عند المغاربة (مقياس الملة والمعتقَد)
- الشادية، زبيدة الإدريسي، صوتٌ فنّي من المغرب بلسان التعدد
- نزاع بين مملكتي بريطانيا والمغرب ... حول الشُقرة
- المغرب واليونيسكو ... ومصر
- الذيل والتكملة في صفات وزير أول مغربي تقديري مقبل
- على هامش حديث البرلماني الاستثنائي، فؤاد عالي الهمة، بالقناة ...
- من تجربة -التناوب التوافقي- إلى فرصة التناوب الديموقراطي بال ...
- ثلاثة أعمال فنية ومدرستان لتدبير الخلاف (تذكير بمناسبة عودة ...
- عن تقاليد الموسيقى الأمازيغية لدى اليهود المغاربة
- انتخاباتٌ تشريعية بالمغرب بدل -قومة- 2006 التي لم تقع


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المدلاوي المنبهي - حينما تَخلُف تهمةُ -التطبيع مع إسرائيل- فزّاعة -الظهير البربري- وشتيمة -حفدة اليوطي- في النقاش حول الثقافة بالمغرب