أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالقادر حميدة - مذكرات شاهد القرن لمالك بن نبي / أنامل تتحسس الجراح














المزيد.....

مذكرات شاهد القرن لمالك بن نبي / أنامل تتحسس الجراح


عبدالقادر حميدة

الحوار المتمدن-العدد: 954 - 2004 / 9 / 12 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


أنامل تتحسس الجراح
كتاب أراد صاحبه أن يخاطبنا من وراء حجاب ، اكتشفته صدفة ذات صيف ، و أنا يافع ، جذع ، يقلبني الظمأ للحرف في رمضاء الكلمات ، أتذكر أنه شدني من أول سطر و أنه أرغمني على صحبته إلى اليوم ، قد يبدو عنوانه غريبا لدى البعض ، و قد يبدو سطحيا و عاديا لدى البعض الآخر ، و قد تقود الأدلجة الكثيرين إلى خندقته ضمن نوع معين من الكتابات ، لكنني أجزم أن هؤلاء جميعا حرموا لذة اكتشافه .. إنه " مذكرات شاهد القرن " بجزأيه الطفل و الطالب ، للمفكر الكبير مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ .. رحلة عمر ، و زهرة زرعها هذا الفذ حتى تملأ بأريجها جوانح كل مثقف ، تقرؤه ، فتقرأ فيه تاريخ أجيال بكاملها ، تنظر فيه فتبصر الخيبات ماثلة ، و الانكسارات التي عاشها الشعب الجزائري خاصة و الشعوب العربية عامة قائمة أمامك .. و إنه لشاهد اجتماعي ، حين تتعرف من خلاله على الأوضاع الاجتماعية حينذاك ، في مدن جزائرية عرفها الكاتب فكانت عينة تدل على الباقي ، قسنطينة ، تبسة ، أفلو ، شلغوم العيد ، غليزان ، مدن رسمت خارطة الوقت و المجتمع و الوطن ، و هو شاهد اقتصادي حين يتحدث عن أفكاره بخصوص ما اقترحه على سكان أفلو من ضرورة حرث الأرض و الارتباط بها ، لأن الرعي يعني أللاستقرار ، و الفلاحة هي الخلود إلى الأرض ، و هي الفكرة التي اجتهد في شرحها و هو شاب بزي أوروبي لشيخ معمم هو عبد الحميد بن باديس ، الذي لم يفقهه حينها و اكتفى بهز رأسه ، و هو شاهد سياسي فعباس بن حمانة وضع اللبنة الأولى للتعريب في الجزائر ببنائه لأول مدرسة عربية ، و صراع الانتخابات هو صراع ديكة يضعهم الإمام في الساحة في مدينة تبسة ، ويصرخ انتصارا لديكه المقرب ، و مذكرات شاهد القرن هي فوق كل هذا و ذاك شاهد ثقافي ، بما حفظت في ثناياها من عناوين رسمت تاريخ الإنسانية و كانت حكما على مسارها ، فنجد المرحوم أحمد رضا بك بكتابه الفذ " الفشل الأخلاقي للسياسة الغربية في الشرق " شاهد على علو الحس الإنساني
في الحضارة الإسلامية ، وكتاب " رجال الأسفار " ، فروسيات ميشال زيفاكو ، الخيال العلمي لدى جول فيرن في رحلته حول العالم في ثمانين يوما ، ما كان يلقنه السماتي من نحو و صرف عبر الكتاب التعليمي العتيق " قطر الندى و بل الصدى " لابن هشام ، و هاهو الراوي يتابع مجلتي الزهراء و النجاح و هو يساعد جاره صاحب دكان البقالة ، و ها نحن نعثر على شهرزاد تواصل حكيها في لياليها ، و حكايات أبي زيد ، و غراميات الجزائريين حينذاك مع اليهوديات ، والمعلمة الفرنسية تنثر فقاعات الصابون في الهواء لأن ألمانيا أعلنت الهدنة ، و نجد أيضا الصوت العربي الطالع من مصر حينذاك فنعثر على أسطوانات صاحبة أغنية الرباعيات كوكب الشرق أم كلثوم ، و هاهي قدر الصديق تشارك في أفراح التبسيين ، و هاهم الأطفال يلعبون لعبا مختلفة أهمها لعبة الإغارة على البساتين ، و هاهي العيساوية تقرع طبولها في سكون الليالي الطوال ، و هاهو البطل و الراوي ممزق يملأ فهمه علامات استفهام و تبحلق عيناه في الصحراء الشاسعة ‘ فيحلم بآفاق بعيدة ، ربما صحراء تومبوكتو وربما رمال شواطئ الشمال ،
ما يشدك لهذا الكتاب هو لغته الروائية ، و أجواؤه الراقية ، ربما هو اعترافات ، أو مذكرات ، أو هو سيرة حياة ، لا تهم كل هذه التسميات ، المهم أنه رواية بكل عناصرها ، و أخص بالذكر الجزء الأول لأنه الأقرب إلي ، يشبه صدقه صدق " الخبز الحافي " للكاتب المغربي محمد شكري ، و يفوقه فيما يبثه فيك من أجواء ربما ستظل معك طول الحياة ، و يشبه أيضا " أيام " طه حسين إلى حد بعيد ..
و صدقا ما آسف له ، هو أن تظل السينما الجزائرية بعيدة عن اقتباس مثل هذه الأعمال ، و تظل هذه الأعمال مركونة في الظل كتابو لا يجوز الحديث عنه ..

عبدالقادر حميدة



#عبدالقادر_حميدة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و غدا يوم جديد
- كوليرا مغربية
- أصداء في جو ذلك المكان
- يد ترتعش
- سيرة الطفولة المقهورة
- إضافة ثرية .. و تحد جديد
- في مكتبة الوقت
- حالات من الغيم المستتر
- صبية بدون إثم
- أن تعيش لتحكي .. و تحكي لتعيش
- المرايا و المتاهات لبورخيس
- متعة القراءة .. و لذة الإكتشاف
- حديث عن المجموعة الأولى للشاعرة السورية فرات إسبر / مثل الما ...
- الربيع يؤجل السفر


المزيد.....




- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟
- ترامب يواصل حرب الرسوم.. صناعة السينما تحت الضغط
- من فاغنر إلى سلاف فواخرجي: ثقافة -الإلغاء- وحقّ الجمهور بال ...
- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية
- الغاوون:قصيدة (وداعا صديقى)الشاعر أيمن خميس بطيخ.مصر.
- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالقادر حميدة - مذكرات شاهد القرن لمالك بن نبي / أنامل تتحسس الجراح