أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالقادر حميدة - المرايا و المتاهات لبورخيس














المزيد.....

المرايا و المتاهات لبورخيس


عبدالقادر حميدة

الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


( المرايا و المتاهات ) لخورخي لويس بورخيس :

هذا الأدب يبررني ..



هي ( المرايا و المتاهات ) لخورخي لويس بورخيس ، الصادرة ضمن سلسلة ( نصوص أدبية ) عن دار توبقال للنشر بالمغرب عام 1987 في طبعتها الأولى ، ترجم قصصها إبراهيم الخطيب ، و صمم غلافها عبد الله الحريري ..
في البداية و في الصفحة المقابلة لصفحة العنوان الداخلية إشارة إلى مصادر النصوص المترجمة نعرف من خلالها أن ه>ه النصوص هي من مظان مختلفة و قد قمشت هنا .. و عددها 13 نصا و ملحقان ، الأول ( بورخيس و أنا ) و الثاني ( نبذة بيوغرافية ) .. و قد استهلت المجموعة بمقدمة كتبها المترجم ، حاول من خلالها وضعنا في عالم بورخيس .. " الذي خلق آثارا لا نظير لها " .. " .. و ربما كانت أكثر خصائص كتاباته إدهاشا هو رد فعلها المتطرف على كل فوضى الواقع المباشر و عرضيته ، و إلحاحها الجذري على تمزيق الصلة بالعالم المعطى ، و اقتراح عالم بديل .." حيث أن بورخيس حسب المترجم صاغ نظاما خاصا عن طريق ما سماه ييتس ب ( آثار العقل التي لا تشيخ ) ..
و في قصته الأولى ( ملكان و متاهتان ) .. يروي حكاية طريفة و ذات معان عميقة عن ملك من جزر بابيلونيا بنا متاهة محيرة و أدخل فيها ملك العرب الذي نزل عليه ضيفا ، و احتار ملك العرب يوما كاملا تائها ، و عند حلول المساء استمد العون من الله و عثر على مخرج ، لكنه أسرها في نفسه و لم يبد شيئا من غيظه بل قضى ليلته عند الملك و كأن شيئا لم يكن ، و حينما عاد لبلاده جهز جيشا و غزا تلك الجزيرة ، و أسر ملكها و عاد به مهانا ، و لما أشرف على الصحراء قال له الآن سترى متاهتي التي لا سلالم فيها و لا جدران .. و أرسله في الصحراء ، أين مات جوعا و عطشا .. و لم يعثر عن مخرج من متاهة الملك العربي ..
و هكذا ، و على ذات المنوال و بنفس اللغة و بتفاوت في الغموض و الإيحاء ، تتوالى قصص بورخيس المختارة في مجموعة ( المرايا و المتاهات ) .. فنقرأ ( حكاية الحالمين ) بلغة القدماء ، لغة تفضح التأثر الجلي بألف ليلة و ليلة و بالتراث العربي ، و المفردة العربية و بجو المقامات و الحكي السلفي فنجده يبتدئها ب ( يروي المؤرخ العربي الإسحاقي هذه الواقعة ..) و ينهيها بعبارة ( من كتاب ألف ليلة و ليلة .. الليلة 351 ) ..و بالعودة إلى ذات الليلة في الكتاب الأصل نجدها تشترك مع قصة بورخيس في أن كلتيهما تتحدثان عن كنز ، و لكل أحداثها و تفاصيلها ، مع تشابه في اللغة و الأجواء ..و في قصته ( كتاب الرمل ) يسمي بورخيس الحكاية خرافة فيقول على لسان بطل قصته ( لقد غدا من الشائع اليوم التأكيد على أن كل خرافة خارقة هي خرافة حقيقية ، و مع ذلك فخرافتي حقيقية ) ص 16 .. و تتماهى الحكمة مع الأسطورة في أوج دورة القص ( لقد قال لي بأن كتابه يسمى كتاب الرمل نظرا لأن الكتاب و الرمل ، كلاهما لا مبتدأ لهما و لا نهاية ) ص 18 ..و تحضر الليالي الألف مرة أخرى ( كنت أنوي وضع كتاب الرمال في الثغرة التي تركها كتاب ويكليف المقدس بيد أنني قررت في النهاية إخفاءه وراء أسفار " ألف ليلة و ليلة " غير المتجانسة .. ) ص 19
و في القصة الرابعة ( بحث ابن رشد ) ، يوقف بورخيس بوصلة مخياله الإبداعي عند لحظة انهماك ابن رشد في كتابة الفصل الحادي عشر من كتابه ( تهافت التهافت ) ردا على الغزالي في ( تهافت الفلاسفة ) .. و تتجلى العبقرية هنا في استحظار اللحظات الإبداعية السالفة و إعادة بثها بروح أخرى .. ربما هي الأولى ، وربما تزيد و تنقص عن الأولى لكنها صور تظل تأسر القارئ كلما مر من هنا ..و في ختام الحكاية يقول بورخيس ( شعرت أن الأثر يسخر مني ، و أن ابن رشد ، حينما أراد أن يتخيل ما هي المسرحية دون أن يرتاب فيما هو المسرح ، لم يكن أكثر عبثا مني و أنا الذي أريد تخيل ابن رشد دون أن تكون لدي مادة عنه عدا ذلك النزر اليسير الموجود لدى " رينان " و " لين " و " آسين بلاثيوس " .. ) و يختم ( .. في اللحظة التي أتوقف فيها عن الإيمان به ، يختفي " ابن رشد " .. ) ، و تستمر هذه النصوص المختارة على نفس النسق من الروعة و الغرائبية أيضا ، عوالم يتداخل فيها الموروث و المتخيل و السارد و موضوع الحكاية ، لتخلق عالما جديدا .. أصدق ما يقال عنه أنه عالم بورخيس و كفى .. و هكذا نقرأ القصص الأخرى ( الخرائب الدائرية ) ، ( الآخر ) وفيها يلتقي بورخيس الشيخ مع بورخيس الشاب ، في لقاء بين حلم اليقظة و حلم المنام ، بين القلق المتنامي حول جوهر الأشياء و حالة نقلها كما هي ، دون عمليات قيصرية أو جراحة أخرى .. صراع يستمر فينا ..و لا تنهيه إلا قصة ناضجة .. نستريح بعدها مطمئنين هانئين ، إلى أن تعاودنا دورة القلق من جديد ..ثم نقرأ ( موضوعة الخائن و البطل ) ، و ( بيير مينار مؤلف " الكيخوطي " ) ، و ( مكتبة بابل ) و كذا قصة مهداة إلى فيكتوريا أوكامبو ( حديقة السبل المتشعبة ) و أخرى مهداة إلى أنخليكا أوكامبو ( الصباغ المقنع ، حكيم مرو ) .. و نقرا أيضا قصتين أخريين هما ( الانتظار ) و ( الظاهر ) .. بيد أن مجموعة النصوص المختارة هذه لا تنتهي هنا بل نعثر في ختامها على ملحقين – سبقت الإشارة إليهما – و هما ( بورخيس و أنا ) و ( نبذة بيوغرافية ) .. ففي الملحق الأول يتحدث بورخيس عن آخر يسميه " .. إنه للآخر ن لبورخيس " ثم يقول " ..فأنا أحيا و أترك نفسي تحيا كي يستطيع بورخيس حبك أدبه .. و هذا الأدب يبررني .. " في الأخير و بروعة أخاذة يختم " .. لست أعلم أي الاثنين يكتب هذه الصفحة .. " أما الملحق الثاني و الأخير يكتب بورخيس عن نفسه – خشية ارتكاب مفارقة تاريخية – متخيلا أن سيرته هذه ستنشر في صحيفة متخيلة العام 2074 م .. و قد كتب بورخيس هذه البيوغرافيا سنة 1974 م ..
أن نصوص ( المرايا و المتاهات ) شيقة و جذابة ، و تحمل أجواء و بهارات متباينة ، تغري على البحث ، و تشد القارئ إليها شدا .. و من لم يصدقني فليجرب ..



#عبدالقادر_حميدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متعة القراءة .. و لذة الإكتشاف
- حديث عن المجموعة الأولى للشاعرة السورية فرات إسبر / مثل الما ...
- الربيع يؤجل السفر


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالقادر حميدة - المرايا و المتاهات لبورخيس