ويكيلكس ينشر وثائق البنتاغون السرية ….. انها الحرب

مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حرص موقع ويكيلكس على نشر الوثائق السرية قبل التصويت الذي سيجري في امريكا يوم 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2010 ، ويتم كل عامين لاختيار ثلث اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي (مجموع اعضائه 100 عضو ) يحتل فيه الحزب الديمقراطي (ادارة اوباما 56 مقعدا ) و الحزب الجمهوري 41 مقعدا ، واثنان للمستقلين ، و مقعد واحد لنائب الرئيس . اضافة الى انتخابات فرعية ومحلية اخرى ستجري في اليوم نفسه ايضا. ان هذه الانتخابات سيكون لها دور حاسم في صمود ادارة اوباما للدورة الانتخابية القادمة في البيت الابيض .
ومنذ اعلان موقع ويكيلكس عزمه على نشر الاف الوثائق، ترقبت وسائل الاعلام موعد نشرها بغية الاطلاع على اكثر الوثائق سرية والتي تخص العمليات العسكرية الامريكية التي جرت في العراق الذي اصبح مسرحا لشتى الاعمال العسكرية والارهابية التي قامت بها اطراف اقليمية ومنظمات ودوائر استخبارية مرتبطة بمختلف الدول والاحزاب والجماعات المتطرفة اثر دخول القوات المتحالفة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية العراق واسقطت النظام الصدامي في التاسع من نيسان عام 2003 .
اغتنمت بعض وسائل الاعلام العربية الاعلان عن موعد نشر الوثائق ، فاختارت مهاجمة المسؤولين العراقيين وادانة الحكومة العراقية وكيل الاتهامات دون تمحيص من اجل توظيف ما ورد في الوثائق من ذكر للتعذيب وموت وقتل المدنيين والعسكريين ، والهجمات التي قامت بها شركات حماية شبه عسكرية مثل شركة بلاك ووتر ، والاخطاء العسكرية التي لم تنشرها الاستخبارات العسكرية سابقا ، في حملة لتشويه سمعة الحكومة العراقية ، واتهام قوات الامن والشرطة والجيش بممارسة التعذيب في السجون، واستغلال ماذكرته الوثائق من اعداد الضحايا المدنيين الذين قتلوا دون ذنب في معارك مختلفة . بالاضافة الى وضع ايران في قفص الاتهام من خلال ماورد في الوثائق من ذكر لتسرب اسلحتها لمجموعات مسلحة وميليشيات ومنظمات غير رسمية ومواقف ايران من الوضع في العراق ودعمها للوضع الجديد واعترافها به والتعامل معه من زاوية المصالح غير المتكافئة .
ليس من شك ان الوثائق تشمل الاف المواضيع والقضايا التي تعالج مختلف الجوانب السلبية التي حدثت في العراق ، ومن اولى واجبات اية سلطة عسكرية استخباراتية ان تجمع ما تستطيع من وثائق وبيانات ومذكرات ومطالعات من مختلف المصادر كي تستفيد منها قيادتها السياسية ما امكن من اجل السيطرة على الموقف خلال تلك العمليات وبعدها والتي امتدت لاكثر من سبع سنوات حتى اليوم .
ورغم ان الدفاع عن الحكومة العراقية ليس مهمة هذا المقال لان للحكومة وزراء واعلاميين وموظفين يستطيعون الدفاع عنها و كشف الحقائق ، الا ان من الانصاف ان نذكر ان اي رئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة في زمن الحرب والمعارك الطاحنة مثل تلك التي تدور في العراق ، لابد ان يحكم قبضته على الاجهزة الامنية من اجل ان يوطد السلم المدني في البلاد ، وهو ما فعله السيد نوري المالكي حين ضرب بشدة العديد من المنظمات التي حاولت تهديد الامن في بغداد او البصرة او الموصل .... الخ ، وهو ان نجح نجاحا جزئيا في مسعاه فان الاماكن التي لم يستطع النجاح فيها تقع على كاهل شركائه في الحكومة من الكتل السياسية الاخرى والقوائم المشاركة في الحكم مثل التوافق والعراقية والمجلس الاعلى والتحالف الكوردستاني ، وفي الوقت الذي نلاحظ فيه ان التحالف الكوردستاني – رغم الخلافات الثانوية التي حدثت مع حكومة المالكي حول المادة 140 والمناطق المتنازع عليها ، ومسألة تصدير النفط – استطاع الحفاظ على امن مختلف المناطق التي تقع تحت سلطته، وحتى المناطق القريبة منه والتي لديه نفوذ معنوي فيها من خلال شيوخ العشائر العربية مثلا في بعض المناطق المتنازع عليها ، الا ان الكتل السياسية الاخرى لم تقم بما يتحتم عليها من حفظ للامن واستقلال وسيادة العراق في المناطق التي تسيطر عليها ، وافضل مثال على ذلك ما جرى ويجري في الموصل ، فبالرغم من سيطرة القائمة العراقية على مجلس محافظة الموصل الا ان الاعمال الارهابية التي قامت بها المنظمات الارهابية في محافظة الموصل ضد ابناء مدينة تلعفر وضد المسيحيين وضد الكورد كشفت بشكل لايقبل الشك تقاعس مجلس محافظة الموصل عن حماية المواطنين الذين يعيشون داخل حدودها . وفي الوقت الذي يستطيع فيه ابناء الموصل التجوال في محافظات اقليم كوردستان دون وجل ، وكذلك في محافظة الوسط والجنوب ، الا ان المواطن العراقي من المحافظات الاخرى لا يضمن سلامته في محافظة الموصل ، فهل هذا التقصير من الحكومة العراقية ام من الحكومة المحلية !
واذا نظرنا الى التعذيب الذي تحدثت عنه الوثائق التي نشرتها ويكيلكس ، فنحن اول من يدين التعذيب الذي خبرناه تحت حكم الطاغية صدام على احسن وجه ، ونتمنى ان تزول هذه الممارسة الرذيلة من كافة السجون والمعتقلات العراقية ، كما عانى اغلب العراقيين من التعذيب على ايدي اجهزة النظام الصدامي الذي لم يكن يوفر اية وسيلة ، حتى اغتصاب الفتيات والرجال كان يجري على قدم وساق في معتقلات البعث الصدامي ، وهو الذي سن هذه السنة في العراق منذ عام 1963 حين احتلت ميليشيات الحرس اللا قومي القصر الجمهوري ومارست ارذل انواع التعذيب والاغتصاب في مقراتها السرية والعلنية ، ومراجعة بسيطة لكتاب ( المنحرفون ) الذي نشر في وقت مبكر من حكم عبد السلام عارف عام 1964 والذي يكشف افعال الحرس اللاقومي المخزية من تعذيب واغتصاب والذي يعد جريمة شرف كبرى في المجتمع العراقي نستطيع معرفة من اشاع ممارسة التعذيب في العراق ، انهم انفسهم الذين يتباكون من التعذيب الذي استمروا يمارسونه لعقود وطوروا ادواته التي تراوحت بين المقابر الجماعية والاغتصاب والقتل وقلع الاضافر ورمي الضحايا للكلاب لتنهشهم وهم احياء ... الخ .
ان ماحدث من تعذيب في معسكر ابو غريب او غيره من المعتقلات لم يكن للعراقيين يد فيه ، ولم يكن لهم رغبة في ممارسته ، اما ما يحصل في السجون العراقية او ان حصل ، فلم نسمع شي ء عن التعذيب من المتهمين من رجال النظام الصدامي الذين ظهروا في المحاكم المختلفة اثناء محاكمتهم عن جرائمهم التي ارتكبوها طوال ثلاثة عقود او اكثر ، سواء في محكمة الانفال او محكمة الانتفاضة او محكمة مجرمي تغييب الكورد الفيليين وتسفيرهم الى ايران ، بل نشاهدهم وهم يرتدون الملابس الكرنفالية المطرزة بالذهب من عباءات سوداء وحمراء وبيضاء مشغولة بايدي امهر الحياك ، فاين هو التعذيب الذي يذكرونه !!
لا شك ان التعذيب يحدث هنا وهناك في المعتقلات العراقية ونتمنى من وزارة حقوق الانسان والسلطات القضائية العراقية ان تشدد الرقابة على السجون والمعتقلات وان تمنع التعذيب بكافة اشكاله سواء التعذيب الجسدي اوالنفسي ، فان اشاعة ثقافة حقوق الانسان بحاجة الى رجال حكم وسياسة يستطيعون تحقيق حلم العراقي في وطن يحفظ كرامة الجميع .
ومن خلال ما قامت به ويكيلكس من نشر للوثائق السرية ، نلمس غايات ليست نبيلة تقف خلفها ، كما نستطيع القول انها حرب تشنها جهات معروفة على اوباما وادارته من اجل اسقاطها في وحول الحرب الافغانية والعراقية ، ولكن ذلك سوف لن يتحقق ، لان العراق بدأ يتعافى من الماضي الصدامي الذي اغرقه في مختلف المعضلات وانه بدأ يقف في مواجهة مصيره الذي تأكد الجميع من ان لاحياة ولا مستقبل لهم دون معالجة جراحه النازفة منذ عقود . اما الحرب الافغانية فتلك مهمة اخرى تقع على عاتق الافغان ولهم كلمتهم فيها .

#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات