أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين القطبي - قصر المهراجا قرب مدينة الثورة














المزيد.....

قصر المهراجا قرب مدينة الثورة


حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 3161 - 2010 / 10 / 21 - 23:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ليس تاج محل وحده الشاهد على بذخ الهنود، وولع الاثرياء فيها بالعمارة، فمن اباطرة المال، الذي شيد قصرا زجاجيا يرتفع لمسافة 175 مترا على طريق "المونت" الموصل الى قلب مومباي، الثري موكيش امباني (مواليد 1957)، وداره هذا الذي فرغ من اكماله حديثا، يوازي ارتفاعه برجا من 60 طابقا يعيش فيه مع زوجته وابنائه الثلاثة، اكاش، انانت، وايشا!

بالقرب من الصرح "السكني" هذا، الذي سماه "انتيليا"، تنتشر احياء الصفيح، التي لا تتعدى مساحة البعض بيوتها الثلاثة امتار، طولا وعرضا، ينحشر فيها ملايين من الاجساد الهزيلة، والوجوه المصفرة، بينما القصور الشاهقة، على مرأي منها، والتي صارت تعد من معالم المدينة، لا يعيش في طوابقها الفخمة سوى بضعة مليارديرات متخمة بالماس وشهوة الاستحواذ، والنظرات الشريرة المروضة.

اذا فليست روائح البهارات والبخور وحدها هي ما تميز ازقة هذه المدينة، واحيائها المختنقة بانفاس 13 مليون انسان، وبخار بحر العرب المتعرق على خصرها، بل غدا ما يميزها بالفعل هو الفارق العجيب بين احياء الصفيح، والقصور الشاهقة.

من علامات البذخ في "انتيليا" المليادرير مانكيش، هي الطوابق الستة الاولى، فكلها عبارة عن مراب لسياراته، (يتسع لاكثر من 160 سيارة)، رغم انه يتنقل عبر 3 مدارج لمروحياته فوق الطابق العلوي!

هذا في الهند الذي يقبع 75% من سكانها تحت خط الفقر، منهم من يقدر دخلهم بعشرة ربيات في اليوم، (لا تكفي في مومباي لشراء وجبات الغذاء التقليدية) اي بمعدل سبعين دولارا فقط في العام!

دار مانكيش هذا، الذي يحتل مساحة تفوق 37 الف متر مربع، يضم فضلا عن حوض واسع للسباحة، ناد صحي، صالون ومسرح، ومرافق مدنية اخرى لا تتمتع بها الاحياء المحيطة، تلك التي تتسلى العائلة بالتفرج عليها من الطوابق العليا المخصصة فقط للفرجة، بينما تعاني اكثر احياء الصفيح من انعدام المياه الجارية والكهرباء، ويخرم استنشاق الهواء الملوث، الذي يعادل تدخين 20 سيجارة يوميا صدور ساكنيها.

والفارق الطبقي الشاسع والقاسي هذا لم يعد مجرد مسافة اقتصادية بين طبقة واخرى في المجتمع الهندي فحسب، بل بونا روحيا واجتماعيا، فماكيش يعتبر النبيل الشريف الذي لا غبار على تدينه الهندوسي، وتأدية فروض الصلاة للالهة، بينما تضطر مئات الالاف من العوائل الفقيرة على تأجير فتياتها ليليا في المواخير، ودور الدعارة المفتوحة للسواح، العرب والاوربيين، لتوصم بانها عوائل داعرة.

ولو القيت ضميري، مثل عقب سيجارة، ودست عليه بحذائي، وانا اعبر نحو فكرة اخرى، متناسيا معاناة هذه العوائل المعدمة، فان ما يهمني من هذا الاستعراض المؤلم هو شكل الديمقراطية في الهند، التي تحمي ماكيش، وتخدر تطلعات ابناء الصفيح، شكل الديمقراطية الهندية التي يرى الكتاب والمفكرون العراقيون اليوم فيها الحلم، كونها النموذج الانجح بين ديمقراطيات الشرق قاطبة.

العامل الديني:
لاشك ان الافراط في التعصب الديني، الهندوسي على وجه الخصوص، وهو موروث ثقافي عززه الاستعمار البريطاني في عموم شبه القارة ابان فترة احتلالها، ساعد على صهر الوعي الطبقي لدى المعدمين من ابناء الطبقات الفقيرة، ومهد لسلطة رجال المال، الذين يؤدون امام الصحافة المخصصة للفقراء مراسيم طقوسهم المقدسة، الاثراء دون مساءلة.

السياسة المالية:
والسياسة المالية في الهند ساهمت في اضعاف دور الدولة امام سلطة المال، كمحاباتها في المجال الضريبي.. الخ، بسبب الخوف على الرساميل من الهجرة الى الخارج، مما اضعف الاداء الحكومي في المجالات الخدمية والمشاريع الانتاجية ودعم البنى التحتية كانشاء السدود وغيرها، وهذه العوامل ادت الى تفاقم مشكلة الفقر باضطراد، عززت من قدرة رأس المال الهندي وفاقمت من مشكلة الفقر، وباعدت المستوى الاجتماعي بين الطبقات اكثر.

والتعصب الديني الطائفي المتنامي في العراق يكاد يفوق ما عليه في الهند، من جانب. ومن جانب اخر فان التغيير الذي حصل في العراق بعد عام 2003 فتح المجال للعوائل المخضرمة، للاستحواذ على الثروات بتغطية سياسية، خصوصا بعد استلام نوري المالكي للحكم، وتوزيع الوزارات الغنية على مجموعة من الذمم غير الموثوق من براءتها، مثل فلاح السوداني للتجارة، بيان جبر للمالية، حسين الشهرستاني للنفط.. الخ.

هذان العاملان، الدين، والسياسة المالية، اللذان لعبا الدور الابرز في استقرار الديمقراطية على النموذج الهندي، في الهند، متوفران بصورة متوازية في عراق اليوم، او المستقبل المنظور على الاقل. والمفكرون الذين يطالبون بنظام شبيه بديمقراطية الهند في العراق، يعطون الاولوية للتعايش الاثني والطائفي، والهند مثال للاستقرار النسبي فيها، دون مراعاة التبعات الاجتماعية الاقتصادية الخطيرة.

والعراق وفق هذان العاملان يعد بيئة خصبة لانجاحها، لذا، فان ما يبدو انها فترة سنوات قليلة، ليس الا، وتقرأ في الصحافة عن احد الاثرياء العراقيين، من وزرات المال التي ذكرناها مثلا، او احد ابنائه، يفتتح بعد صلاة الجمعة، قصرا على غرار "انتيليا" مانكيش قرب مدينة الثورة.



#حسين_القطبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زواج ابنة حجي چلوب
- لبوة تقتحم مجلس اللوياجيرغا
- العراق.. امية، تطرف ديني ومسلسلات هابطة
- هكذا تنكر الحزب الشيوعي لفاتحة الرفيق زهير ابراهيم
- مسلسل تركي جديد قبالة شواطئ غزة
- هل العراقي انسان أولا؟
- التزوير الحقيقي بدأ قبل الانتخابات
- ثلاثة انتهازيين لقيادة العراق الديمقراطي
- اجتثاث البعث ام اجتثاث البعثيين؟
- سمفونية جديدة للمالكي
- بئر الفكة النفطي ... من المستفيد ومن الخاسر من الازمة؟
- هل الاسلام يشجع على الجريمة ام الاسلامي السياسي متوحش?
- الحوثيون خونة ام ضحايا ام مجرد ظاهرة؟
- محارب لله ورسوله لانه كردي.. فاعدم
- المشكلة الكردية خنجر في خاصرة العراق
- كيف سيوظف المالكي التفجيرات الاخيرة في حملته الانتخابية
- كردستان لقمة اكبر من فم العراق
- التجربة الفاشلة لضم اليمن الجنوبي، هل ستنتهي قريبا؟
- مذابح التاميل مرت بصمت
- شعب التاميل هل يستحق الحياة؟


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين القطبي - قصر المهراجا قرب مدينة الثورة