|
أسباب انهيار النظام الصحي في العراق
فراس الغضبان الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 19:34
المحور:
الطب , والعلوم
كان العراق يتمتع بنظام صحي يتفوق على البعض من دول الجوار أو حتى التي توصف بأنها أنظمة متقدمة رغم إن العراق كان يعيش في ظل دكتاتورية مجنونة ومغامرات سياسية قادت البلاد للعديد من الحروب ووضعته تحت عقوبة الحصار ومع ذلك حافظ على نظامه الصحي وعلى مفردات البطاقة التموينية الغذائية وغيرها من الأنظمة .
ومنذ عام 2003 وبعد سقوط الدكتاتورية ومجيء القادة الديمقراطيين والوزراء الذين يسمون أنفسهم تكنوقراط ومع صعود أسعار النفط لذروتها التي سجلت أرقاما قياسية في عائدات العراق كان من المتوقع إن تشهد البلاد قفزة نوعية في مجالات الحياة كافة وفي المقدمة منها تطوير النظام الصحي للحفاظ على بعض المكتسبات التي تعد من منجزات الدولة العراقية وكوادرها الطبية وعقولها النيرة وخططها الإستراتيجية المنسجمة مع الأنظمة الرصينة التي أقرتها منظمة الصحة العالمية .
لكن الوقائع تشير إلى انهيار تام في البنية التحتية لوزارة الصحة التي تعد بحق عند الذين يعلمون ويفهمون أنها وزارة سيادية من الطراز الأول لكن أسلوب المحاصصة اللعينة أسهم في تدمير الوزارة من الداخل من خلال ممارسة الضغوط على خيرة الأطباء العراقيين ودفعهم الهرب إلى المستشفيات الأهلية أو إلى شمال العراق وحتى من البلاد .. وتولى صناعة القرار في هذه الوزارة قيادات لا علاقة لها بالطب ولا تفقه شيئا عن صحة المجتمع ولا تعرف كيفية إدارة المؤسسات الصحية والمستشفيات بل الذي تعرفه استقطاب الفاسدين والمريدين من أبناء الطائفة والعشيرة وشركاء مافيات للسيطرة على العقود بكل أشكالها المتعلقة بأعمار المؤسسات الصحية واستيراد الأجهزة و الدواء وحتى الأوراق التي تحمل شعارات المؤسسات الطبية التي جيرت لبعض المتنفذين الذين يملكون المطابع وسلمت مخازن الوزارة لأشخاص غير أمناء يتاجرون بالدواء والأجهزة الطبية ويهربونها ليلا ونهارا ولا يترددون في تزوير كل المستندات بل إن المتوقع وليس هذا بالغريب انهم يتاجرون بكل شيء خارج الضوابط والقوانين وهناك من الوقائع والحكايات ما لا يصدقه إنسان ولا يفعله حتى معشر الجان .
لعل الحصيلة من هذه الفوضى الصحية هو هدر المليارات على حساب المواطن العراقي البسيط الذي لا يحصل على الحد الأدنى من الدواء والعلاج .. وتشير الأرقام بان حصة الفرد من هذه الميزانية الضخمة لا تزيد على 12 $ دولار بينما تصل في بلدان أخرى تحسب فقيرة قياسا لعائدات العراق النفطية لأكثر من 500 $ دولار وحتى هذا المبلغ الضئيل لا يصل إلى المواطن الذي لا يجد الأدوية في الصيدليات الحكومية وربما يحصل على ربعها وتسرق الأرباع الثلاث الأخرى .
كما يعاني أصحاب الأمراض النادرة والسرطان والقلب والمزمنة الأمرين مرارة المرض ومرارة سوء المعاملة في المستشفيات الحكومية التي امتلأت بالأميين والطارئين الذين لا يحترمون سلمهم الوظيفي ولا يؤدون واجباتهم بصورة صحيحة ولا يقدرون الكفاءات الطبية وكلنا يعلم إن شفاء المريض يعتمد على الحلقات الوسطى من العاملين في المؤسسات من الممرضين والممرضات والمساعدين .. وأصبحوا هؤلاء يمثلون شلل من المفسدين اخترقوا المؤسسة الطبية بكاملها بشهادات مزورة وبشهادات خاصة بالولاء وليس لها علاقة بالعلم والدراسة .
ومن علامات انهيار النظام الصحي في البلاد بان اكبر المستشفيات التي كان يشار إليها بالبنان في الشرق الأوسط اختفت أو تخلفت مثال على ذلك مستشفى الرشيد العسكري اختفى بالكامل مع أجهزته الطبية ومستشفى ابن البيطار الذي كان ماركة عالمية في الجراحات الطبية الخاصة بالقلب والأوعية الدموية وقد أصبح الآن هو ومستشفى ابن النفيس مجرد أسماء لا تمت بصلة للعظماء من أطباء العرب ابن النفيس والبيطار ولو عادت إليهم الروح وشاهدوا هذا الفساد الذي ارتبط بأسمائهم لاحتجوا وطالبوا برفعها فورا لأنها شوهت تاريخهم .. وحتى الآخر الذي وضعوا اسمه على مستشفى العيون فا ابن الهيثم أصبح يبصر الحالات المأساوية لآلاف المرضى الذين عليهم الانتظار لمدة قد تصل إلى عام لإجراء عملية جراحية بينما الطبيب نفسه يمكن إن يجريها في مستشفى أهلي خلال ساعات والحكومة واقفة تتفرج وأكثر ما فعلته ولأغراض الدعاية وللحفاظ على هيبة المستشفيات الحكومية المنخورة أنها منعت إجراء العمليات الجراحية في المستشفيات الأهلية خلال الدوام الرسمي وبموجب الكتاب الرسمي الصادر من مكتب المفتش العام وبرقم 9306 ومؤرخ 2010 9 14 ويعد هذا القرار نكته وضحك على الذقون لان المفتش العام عادل محسن عبدالله تناسى لماذا هرب المرضى من مستشفياته التي أصبحت إطلالا ومطبقين شعار ( لا ارحمك ولا اخلي رحمة الله تنزل عليك ) متنازلين عن شعارهم القديم ( وزارة الصحة تاج على رؤوس الاصحاء ) .
وتمتد مظاهر الخراب من داخل المستشفيات إلى خارجها فالأدوية تباع في الساحات المجاورة للمستشفيات أو عند الصيدليات التي تدار من قبل أشخاصاقل ما يقال عنهم انهم جهلاء وليس لهم صلة بالعلمية لا من قريب أو بعيد سوى التجارة على حساب الفقراء والمساكين وبإمكان المفتش العام إن يدقق في هويات هؤلاء ومطابقتها مع اسم الصيدلية و سوف يجد إن الإجازة الممنوحة صحيحة ولكن الجالس فيها نصاب ومحتال .. وكان على مكتبه إن يصدر أمرا بان لا تدار الصيدلية إلا من قبل صاحب الإجازة .. وكذلك إن تزييف الماركات للأدوية أصبح أسهل من شرب الماء وبأمكان المحتالون يزوروا الماركات وذلك بشرائها بمبالغ بسيطة من أشخاص اختصوا بهذا العمل الخسيس ويلصقوها على أدوية وهمية تباع في الصيدليات في وضح النهار وفي النتيجة معانات مضاعفة للمرضى وتصاعد خطير في عدد الموتى .
وبهذا الفساد الذي لا يرصده وزير أو مفتش عام ولا وكلاء أو مدراء لان اغلبهم دخلوا في اللعبة وعرفوا إسرارها وهناك صفقات مريبة تمررها بعض الجهات الصحية بأختامها الرسمية ولجانها الحكومية وإبطالها من التجار لأدوية مغشوشة أو تم تغير ماركتها ومدة نفاذها متروكة في مزابل الدول المجاورة أو أنها صنعت لقتل العراقيين وبعلم من الأشخاص المستوردين الذين يجلسون في مكاتب الوزارة بدون وازع من ضمير أو خوف من رب عظيم .
والدليل على ما نقوله هو منتجات وزارة الصحة ومستشفياتها الكبرى فمدينة الطب التي كانت علامة بارزة وكبيرة ترمز للخدمات الطبية المميزة أصبح طابقها التاسع والثامن الخاصين بالعناية المركزة عبارة عن مقبرة تنتج كل ردهة عددا غير قليل من الموتى وهذا الأمر مسجل في سجلات رسمية فهي تؤشر إن الداخلين لا يخرجون منها إلا بالتوابيت لانعدام الخدمات وفقدان الضمير واستهتار الكادر الطبي وتحويل المرضى للاختبارات العلمية لأطباء مازالوا تحت التمرين وهذا الأمر لا تسمح به الدول المتقدمة و التجربة العلمية تحصل على عددا محدود من الحيوانات مثل الارانب والجرذان .
#فراس_الغضبان_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصر المزربخانة
-
15 مطلب على المالكي تحقيقها في ولايته الثانية
-
الرياسة والسياسة في سوق النخاسة
-
عجائب التعليم العالي في العراق
-
مكرمة غريبة من وزارة التعليم العالي
-
سيكولوجية الفرد العراقي بين الرمز والجلاد
-
خلي نبوكا وفلم هندي .. في عهدة هيئة الاعلام والاتصالات
-
وزارة الثقافة وتحديات نظرية المؤامرة
-
اعراس الواوية في شهر رمضان
-
مهزلة استراتيجية الرقي بالجامعات العراقية
-
إسرائيل تطالب بضم قرية عراقية ..!
-
اليونسكو والاربعين حرامي
-
خلي ن نبوكا .. المقالب الصفراء
-
روايات عن لقاء المالكي بعلاوي
-
سلاما لعصر تنتصر فيه الرذيلة
-
ظواهر خطيرة تجتاح المجتمع العراقي
-
مراكز وهمية للتدريب الاعلامي
-
الصحفيون بين قانون تنظيم الإعلام و الفوضى الخلاقة
-
عجائب الزمان في شبكة الاعلام
-
رحلة تاريخية مع ثورة الزعيم عبدالكريم قاسم ومصرع العائلة الم
...
المزيد.....
-
لماذا تسبب قلة النوم فى سن الأربعين خطورة على صحتك؟
-
مرضى السرطان يعانون في غزة
-
بأحدث اصدار لها.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على
...
-
“مين اللي سرق جزمة لولو”.. ثـبت الان تردد قناة وناسة Wanasah
...
-
“لولو ضاعت يا شرطة”.. تردد قناة وناسة بيبي كيدز الجديد 2024
...
-
الجزائر تقاطع جلسة تصويت في مجلس الأمن على قرار أمريكي بشأن
...
-
غوغل تطلق من دبي أكبر مبادراتها للذكاء الاصطناعي في المنطقة
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية توضح سبب تسرب المياه في أحد مف
...
-
التوقيت الشتوي.. 6 طرق لتعديل جدول نومك مع تأخير الساعة
-
فى الهالوين.. كيف تؤثر مشاهدة أفلام الرعب على نفسيتك؟
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|