أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - المعتقدات الإنسانية-6















المزيد.....

المعتقدات الإنسانية-6


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 3146 - 2010 / 10 / 6 - 15:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذه السلسلة من المقالات ساتناول بعض المعتقدات الانسانية بشكل ملّخص كالوثنية والالحاد واللادرية والربوبية والمعتزلة والرائيلية والعلمانية والزرداشتية والديانات في الهند ( كاسفار الفيدا و فلسفة أسفار يوبانشاد والبوذية ) وكذلك فلسفة الفيلسوف الصيني كونفشيوس واخيرا نظرتي الى الاديان الابراهيمية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.
في الحلقة السادسة هذه من سلسلة مقالات المعتقدات الإنسانية سنطّلع على فلسفة الفيلسوف الصيني كونفشيوس ... تاريخ ومكان نشوء هذه الفلسفة والمعتقدات الاساسية فيها واود ان ابيّن للقارئ الكريم بأنّ محتويات المقالة تلخيص لما ورد في الجزء الاوّل من كتاب قصّة الحضارة لمؤلفه وول ديورانت، ونظرا لاهمّية الاطلاع على المعتقدات الّتي شكّلت واثّرت غلى الحضارة الانسانية وتاريخها لذا ارتأيت اطّلاع القارئ على الفلسفة الكونفشيوسية لأهميتها.
• الكونفشيوسية ولا أدرية كونفشيوس:
لن نجد في لا أدرية كنفوشيوس نظاماً فلسفياً- أي بناء منسّقاً من علوم المنطق وما وراء الطبيعة والأخلاق والسياسة تسري فيه كله فكرة واحدة شاملة (فتحيله أشبه بقصور نبوخذ ناصر (بختنصّر) التي نقش اسمه على كل حجر من حجارتها).
لقد كان كنفوشيوس يعلّم أتباعه فن الاستدلال، ولكنّه لم يكن يعلّمهم إياه بطريق القواعد أو القياس المنطقي، بل بتسليط عقله القوي تسليطاً دائماً على آراء تلاميذه؛ ولهذا فإنّهم كانوا إذا غادروا مدرسته لا يعرفون شيئاً عن المنطق ولكن كان في وسعهم أنْ يفكّروا تفكيراً واضحاً دقيقاً.
وكان أّول الدروس، الّتي يلقيها عليهم المعلم، الوضوح والأمانة في التفكير والتعبير، وفي ذلك يقول: "كل ما يُقصد من الكلام أنْ يكون مفهوما"- وهو درس لا تذكره الفلسفة في جميع الأحوال. "فإذا عرفتَ شيئاً فتمسك بأنّك تعرفه؛ وإذا لم تعرفه؛ فأقرّ بأنك لا تعرفه- وذلك في حد ذاته معرفة". وكان يرى أنّ غموض الأفكار، وعدم الدقة في التعبير، وعدم الإخلاص فيه، من الكوارث الوطنية القومية. فإذا كان الأمير اّلذي ليس أميراً بحق والّذي لا يستمتع بسلطان الإمارة لا يسمّيه الناس أميراً، وإذا كان الأب الذي لا يتصف بصفات الأبوّة لا يسمّيه الناس أباً، وإذا كان الابن العاق لا يسمّيه الناس ابناً؛ إذا كان هذا كله فإنّ الناس قد يجدون في "تزه- لو" ما يُحفزّهم إلى إصلاح تلك العيوب التي طالما غطتها الألفاظ. ولهذا فإنّه لمّا قال تلميذه لكنفوشيوس: "إن أمير ويّه في انتظارك لكي تشترك معه في حكم البلاد فما هو في رأيك أوّل شيء ينبغي عمله؟ فأجابه كنفوشيوس جوابا دهش له الأمير والتلميذ: "إنّ الذي لا بدّ منه أنْ تُصحح الأسماء".
ولمّا كانت النزعة المسيطرة على كنفوشيوس هي تطبيق مبادئ الفلسفة على السلوك وعلى الحكم فقد كان يتجنب البحث فيما وراء الطبيعة، ويحاول أنْ يصرف عقول أتباعه عن كل الأمور الغامضة أو الأمور السماويّة. صحيح أن ذكر "السماء" والصلاة كان َيرِدْ على لسانه أحياناً، وأنّه كان ينصح أتباعه بألّا يغفلوا عن الطقوس والمراسم التقليدية في عبادة الأسلاف والقرابين القومية، ولكنّه كان إذا وجِّهَ إليه سؤال في أمور الدين أجاب إجابة سلبية جعلت شُرّاح آرائه المُحدِثين يجمعون على أنْ يضمّوه إلى طائفة اللا أدريين. فلما أنْ سأله تزه- كونج، مثلا: "هل لدى الأموات علم بشيء أو هل هم بغير علم؟" أبى أن يجيب جواباً صريحاً. ولما سأله كي -لو، عن "خدمة الأرواح" (أرواح الموتى) أجابه "إذا كنت عاجزاً عن خدمة الناس فكيف تستطيع أنْ تخدم أرواحهم؟". وسأله كي- لو: "هل أجرؤ على أنْ أسألك عن الموت؟" فأجابه: "إذا كنت لا تعرف الحياة، فكيف يتسنى لك أن تعرف شيئاً عن الموت". ولمّا سأله فارشي عن "ماهية الحكمة" قال له: "إذا حرصت على أداء واجبك نحو الناس، وبَعُدتَ كلَّ البعد عن الكائنات الروحية مع احترامك إياها أمكن أن تسمي هذه حكمة".
ويقول لنا تلاميذه إنّ "الموضوعات الّتي لم يكن المعلم يخوض فيها هي الأشياء الغريبة الغير المألوفة، وأعمال القوّة، والاضطراب، والكائنات الروحية". وكان هذا التواضع الفلسفي يُقلق بالهم، وما من شك في أنّهم كانوا يتمنّون أنْ يحلَّ لهم معلمهم مشاكل السموات ويُطلعهم على أسرارها. ويقصُّ علينا كتاب- لياتزه وهو مغتبط قصّة غلمان الشوارع الذين أخذوا يسخرون من كنفوشيوس حين أقرّ لهم بعجزه عن هذا السؤال السهل وهو: "هل الشمس أقرب إلى الأرض في الصباح حين تبدو أكبر ما تكون، أو في منتصف النهار حين تشتد حرارتها". وكل ما كان كنفوشيوس يرضى أن يقرّه من البحوث فيما وراء الطبيعة هو البحث عما بين الظواهر المختلفة جميعهاً من وحدة، وبذل الجهد لمعرفة ما يوجد من تناغم وانسجام بين قواعد السلوك الحسن واطراد النظم الطبيعية.
وقال مرّة لأحد المقربين إليه: "أظنك يا تزه تعتقد أنّي من أولئك الذين يحفظون أشياء كثيرة ويستبقونها في ذاكرتهم؟" فأجابه تزه- كونج بقوله: "نعم أظنُّ ذلك ولكنّي قد أكون مخطئاً في ظنّي؟" فرد عليه الفيلسوف قائلا "لا، إني أبحث عن الوحدة، الوحدة الشاملة" وذلك بلا ريب هو جوهر الفلسفة.
وكانت الأخلاق مطلبه وهمّه الأوّل، وكان يرى أنّ الفوضى الّتي تسود عصره فوضى خُلقية، لعلّها نشأت من ضعف الإيمان القديم وانتشار الشك السفسطائي في ماهية الصواب والخطأ. ولم يكن علاجها في رأيه هو العودة إلى العقائد القديمة، وإنّما علاجها هو البحث الجدّي عن معرفة أتم من المعرفة السابقة وتجديد أخلاقي قائم على تنظيم حياة الأسرة على أساس صالح قويم. والفقرتان الآتيتان المنقولتان عن كتاب التعليم الأكبر تعبران أصدق تعبير وأعمقه عن المنهج الفلسفي الكنفوشي.
"إنّ القدامى الّذين أرادوا أنْ ينشروا أرقى الفضائل في أنحاء الإمبراطورية قد بدءوا بتنظيم ولاياتهم أحسن تنظيم، ولما أرادوا أن يحسنوا تنظيم ولاياتهم بدءوا بتنظيم أسرهم، ولما أرادوا تنظيم أسرهم بدءوا بتهذيب نفوسهم؛ ولما أرادوا أنْ يهذبوا نفوسهم بدءوا بتطهير قلوبهم، ولما أرادوا أنْ يُطهّروا قلوبهم عملوا أولاً على أنْ يكونوا مخلصين في تفكيرهم؛ ولمّا أرادوا أنْ يكونوا مخلصين في تفكيرهم بدءوا بتوسيع دائرة معارفهم إلى أبعد حد مستطاع، وهذا التوسع في المعارف لا يكون إلا بالبحث عن حقائق الأشياء.
فلما أنْ بحثوا عن حقائق الأشياء أصبح علمهم كاملاً، ولما كَمُل علمهم خلُصت أفكارهم، فلما خلُصت أفكارهم تطهّرت قلوبهم، ولما تطهّرت قلوبهم، تهذّبت نفوسهم، ولمّا تهذّبت نفوسهم انتظمت شئون أسرهم، ولمّا انتظمت شئون أسرهم صلح حكم ولاياتهم؛ ولما صلح حكم ولاياتهم أضحت الإمبراطورية كلها هادئة سعيدة.
تلك هي مادة الفلسفة الكنفوشية، وهذا هو طابعها، وفي وسع الإنسان أنْ ينسى كلّ ما عدا هذه الألفاظ من أقوال المعلم وأتباعه، وأنْ يحتفظ بهذه المعاني اّلتي هي "جوهر الفلسفة وقوامها" وأكمل مرشد للحياة الإنسانية. ويقول كنفوشيوس "إنّ العالم في حرب لأنّ الدول الّتي يتألّف منها فاسدة الحكم؛ والسبب في فساد حكمها أنّ الشرائع الوضعية مهما كثرت لا تستطيع أنْ تحل محل النظام الاجتماعي الطبيعي الّذي تُهّيئه الأسرة. والأسرة مختلّة عاجزة عن تهيئة هذا النظام الاجتماعي الطبيعي، لأنّ الناس ينسون أنّهم لا يستطيعون تنظيم أسرهم من غير أنْ يُقوّموا نفوسهم وهم يعجزون عن أنْ يقوّموا أنفسهم لأنّهم لم يُطهّروا قلوبهم أي أنّهم لم يطهّروا نفوسهم من الشهوات الفاسدة الدنيئة؛ وقلوبهم غير طاهرة لأنّهم غير مخلصين في تفكيرهم، لا يقدّرون الحقائق قدرها ويُخفون طبائعهم بدل أنْ يكشفوا عنها؛ وهم لا يُخلصون في تفكيرهم لأنّ أهواءهم تشوّه الحقائق وتُحدد لهم النتائج بدل أنْ يعملوا على توسيع معارفهم إلى أقصى حد مستطاع ببحث طبائع الأشياء بحثاً منزّهاً عن الأهواء.عندما يسعى الناس إلى المعارف المنزّهة عن الهوى سيُخلِصون في تفكيرهم، وعندما يُخلِصون في تفكيرهم تتطهر قلوبهم من الشهوات الفاسدة؛ وعندما تتطهر قلوبهم على هذه الصورة تصلح نفوسهم؛ وعندما تصلح نفوسهم تصلح من نفسها أحوال أسرهم؛ وليس الّذي تصلح به هذه الأسر هو المواعظ الّتي تحثُّ على الفضيلة أو العقاب الشديد الرادع، بل الّذي يصلحها هو، ما للقدوة الحسنة من قوة صامتة؛ وعندما تنظَّم شئون الأسرة عن طريق المعرفة والإخلاص والقدوة الصالحة، يتهيأ للبلاد من تلقاء نفسه نظام اجتماعي يتيسر معه قيام حكم صالح. وعندما تحافظ الدولة على الهدوء في أرضها والعدالة في جميع أرجائها يسود السلام العالم بأجمعه ويسعد جميع من فيه- تلك نصيحة تدعو إلى الكمال المطلق وتنسى أنّ الإنسان حيوان مفترس؛ ولكنها كالمسيحية تحدد لنا هدفاً نسعى لندركه وسلّماً نرقاه لنصل به إلى هذا الهدف. وما من شك في أن في هذه النصوص قواعد فلسفية ذهبية.



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعتقدات الإنسانية-5
- المعتقدات الإنسانية-4
- المعتقدات الإنسانية-3
- المعتقدات الإنسانية-2
- المعتقدات الإنسانية-1
- الإنسان وألخالق
- الحج
- السحر والملكان هاروت وماروت
- لماذا لم يختر اللّه انبياء ورسلا من النساء؟
- الملائكة كتبة الاعمال
- عذاب القبر والملكان منكر ونكير
- هل هناك حاجة لتنقيح وتجديد الاديان الابراهيمية؟
- هل ألشيطان معضلة أم حل؟
- قصّة إيمان أبوبكر ألصدّيق
- لماذا نقد ألأديان ألإبراهيمية؟
- سبارتكوس
- مسنجر بين الجنّة وجهنم-2
- ابراهيم والاله الواحد
- عبارات ساخرة من العراق
- باراك حسين اوباما وعثمان بن عفّان


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - المعتقدات الإنسانية-6