أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أتْرُكُني خلفي














المزيد.....

أتْرُكُني خلفي


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3120 - 2010 / 9 / 9 - 20:20
المحور: الادب والفن
    


إلى غرناطة!!!

حين أحسستُ أن جيشاً ييسحب دمَ الحنينِ من عروقي المرتخيةِ كثعلبٍ قطبيٍّ في شمسٍ أفريقيةٍ لا تعنيها التفاصيلُ، رأيتُ فجأةً جلاّداً على كتفي يغنّي مثلَ البشرِ العاديينَ، يُشكِّلُ تربةَ الوادي الحمراءَ كي تتنفّسَ خيوطَ الفجرِ الباردِ وتعبرَ الوقتَ وهي تشقُّ المدينةَ من خصرِها إلى معناها، غرناطةُ توجعُ الوقتَ دائماً، كطفلٍ يسحبُ بكاؤهُ قلبَ أمِّهِ من غيومِهِ إلى سجّادةِ صلاتِها.

يعلو صمتي كرائحةِ عاصفةٍ لا تأتي، لا أعرّي المدينةَ من ثوبِها، بل أغمِضُ قلبي كي أرى ما لا يراه الآخرون إلا في حكاياتٍ عابرة، يفتحُ قلبي علبةَ الذهولِ لينثرَها على الأجراسِ المعفيّةِ من رنينها، يوجِعُني نومُ الروح وصحوُ الحجارةِ، فأرمي مناماً من طينٍ في دربِ الشجرِ وتهطلُ الأندلس مثلَ حلمٍ خفيفٍ على هواءٍ يتلو زهوَهُ على الحضورِ الذي سيكنسُهُ حضورٌ قريبٌ عما قريب.

تعرفني الشوارعُ من أسئلتي عن ناياتها، وأعرفها من ضيقِها من عابريها العابرين، تحدثُني شجرةٌ عن أسماءِ عشّاقِها، فأحتضنُ ظلّها في طقسٍ يغيبُ فيه العالمُ عن زرقتِهِ المسالمةِ، فيما أغيبُ عن فكرتي المحروسةِ بالكلمات.

بجدية باحث عن الآثار، وبإصرار متسلقي الجبال، وبعنفوان نمر يتمرن على الصيد، وبأحلام شاعر مبتدئ، بحثت عنك في سياق الكلام فوجدتك خارج اللغة، رحتُ أعلِّقُ لهاثَ الشمسِ في بحارٍ تحاولُ اختلاقَ ذريعةٍ للموجِ، ورحتِ تخرجينَ من ظلِّ النوارسِ التي جاءتْ حاملةً بحراً بسُفُنِهِ ورواياتِهِ وعواصِفِهِ، تجرحينَ القلبَ راسمةً خوفَكِ على كثافةِ الهواءِ، يطمئنُكِ انغلاقُ عينيَّ: لو كنتِ عاريةً في جيبِ قلبي، ستخرجينَ بيضاءَ من غيرِ سوءْ...

أعراقٌ من الجمالِ المنحازِ للحياةِ، يفرضُ صوتَهُ على بلاطِ الأرصِفة، كقططٍ تحملُ مواءَها في فرائها، جاهزاً للنموِّ وحاسراً كنهرٍ شعريٍّ يُكرِمُ الكرومَ وينشيءُ جيشاً للريحْ، وحينَ تخضُّ الذكرى صوتَ النايِ في صمتي الطويلِ على الرصيف، أكتشفُ أن مفردةَ الرصيفِ ليستْ كافيةً، الأرصفةُ مدنٌ والمدنُ لا تتشابهُ.

تخدشني الفكرةُ، يتحوّلُ جلدي شتلةَ أمنياتٍ، وغروبٌ حالمٌ في آخرِ المشهدِ يشربُ انتظاري لما لا أعرفُ، ألوِّنُ العمرَ ليلةً ليلةً في زخارفَ تأكلُ القلبَ على مائدةٍ من خشبٍ مجهولٍ، الوقتُ يسرقُ حقائبَ الكلام، وأمرُّ منكمشاً ومنتصباً وباكياً وساخطاً ومنتمياً ومنكراً ومحتلاًّ ومحتلاًّ وخائفاً ومرعِباً وسارقاً ومسروقاً ومعشوقاً ومكروهاً وطائراً وزاحفاً...

أَتْرُكُني خلفي، وأخرجُ ثقيلاً خفيفاً لا أعرفُ أيَّنا الباقي وأيَّنا تفرفطَ على فسيفساء الأرصفة...

9 أيلول 2010



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدن في غيها
- خمس أغنيات للخريف السادس
- كأنّكِ هنا
- كأنك هنا
- ومضى وحيداً
- قلتُ... أقولُ
- ما سيأتي لم يأت بعد
- أما كرمي فلم أنطره
- هل قلت إني لا أحب القدس؟
- حقل موسيقى
- فجر أزرق حزين
- كيف تحتمل روحك كل هذا الجمال
- الشق
- اعتذارات
- أو هكذا قالت الغيمات
- أعتقتها فمت مرتين
- بنتٌ في كتابِ الرّملْ
- هل تريدون معرفة ما حدث في غزة؟
- أبحث عن المدينة التي أعرفها
- وجوه أليفة


المزيد.....




- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أتْرُكُني خلفي