أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حسين يونس - فلنعترف أولا بتخلفنا 3/5















المزيد.....

فلنعترف أولا بتخلفنا 3/5


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8 - 16:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأسباب والجذور ( الكهنة )
الشعب المصرى كان منذ الأزل الشعب الأكثر تدينا والأكثر حرصا على أداء طقوس دينه .. فهو قد زاول منذ زمن أوزيريس وآمون الصلاة والصيام والحج والنسك وأدى مراسم للوفاة والدفن بأسلوب راق متحضر، لا يفترق كثيرا عما يزاوله انسان القرن الحادى والعشرين المؤمن الموحد الملتزم .
حصر التدين فى أداء الطقوس ، دون التعمق فى فلسفة الدين أدى الى جمود فكرى وعجز عن فهم مغزى المسموح والممنوع انسانيا ، فالعقيدة – أى عقيدة سماوية كانت او أرضية – تنقسم فى الغالب الى فرعين رئيسيين أحدهما يتصل بعلاقة البشر بما يحدث فوق إدراكهم من وجود الكون وتسييره ومصيره وهو ما يطلق عليه الميتافيزيقيا ، والآخر يتصل بعلاقة البشر بالبشر لتهذيب النفس والحد من الجور والبغى وهو ما يدرج تحت عنوان القيم ( الحق والخير والجمال ) .
فى مصر كانت الميتافيزيقيا ( دوما ) حكرا على الكهنة والمتعلمين من رجال السلطة ، أما الشعب فقد كان عليه الحرص على أداء الطقوس فى مواعيدها ليضمن رضا إلآهه .
في مصر عاشت الأديان المختلفة متجاورة فى سلام وأمن ( الايزوريسية الخاصة بعبادة التجدد ) بجوار ( الآمونية الخاصة بعبادة السماء ) ، حقا كانت الأولى دينا للشعب والثانية للحكام الا ان أى من هما لم ينتقص من حق الآخر .
فى زمن لاحق وبعد الغزو العربى تجدد المشهد ، فالشعب الذى كان يدين أغلبه بالقبطية ، تقبل الحكام الذين يدينون بالاسلام .. اما الحكام فقد كان هدفهم الحصول على الجزية والخراج أكثر من الدعوة لدين جديد فتركوا الشعب على دينه مادام يؤدى ما يقرره بيت المال .
الخلل فى التوازن بين الأديان جاء مع حكم المماليك ومن بعدهم العثمانيين الذين إضطهدوا الشعب فى دينه بقسوة ، جعلت العديد منهم يتسربون من المعسكر القبطى للمعسكر الاسلامى درءا للخطر ، وإن ظل المصرى مسلما أو قبطيا حريصا على أداء طقوس دينه وتعاليم العلاقة الحميدة بين البشر ، دون التعمق فى الفلسفة.. لذلك كان صيدا سهلا للوهابية فى الزمن التالى لتوقيع معاهدة كامب ديفيد .
كهنة الوهابية الذين تعلموا فى السعودية أثناء هروبهم من اشتراكية عبد الناصر ، عادوا ليعيدوا مناقشة جميع القضايا التى كانت قد حسمت فى زمن النهضة بواسطة الافغانى ومحمد عبده وشلتوت .. فتعود المرأة الى خدرها وتمنع عن العمل ، ويصبح لصلاة الجماعة الأولوية عن لقمة العيش ، وتصار الزوابع على فوائد البنوك لإتاحة الفرصة لشركات توظيف الأموال النصابة .
الهم الأكبر الذى أدى الى تدهور الوعى المصرى ، كان تفسير الوهابيون لمعنى الجهاد وتكفير المجتمع والدعوة للاسلام بالقوة.. إنعكس هذا على العلاقة مع غير المسلمين الذين طالب بعض من أصحاب الفتاوى أن يدفعوا الجزية للحكومة الاسلامية ، وبدأوا يجبونها بالقوة عن طريق مهاجمة محلات الصاغة التى يملكها غير المسلمين .
الحجاب والنقاب والاسدال وغيره من مخترعات التحريم ، انتشر بين سيدات وفتيات مصر اللائى كن المصدر الأساسى للموضة الحديثة ،بعد أن احتلت الوهابية مصر .. تجد رجالها بلحاهم غير المهذبة والجلباب الذى لا يصل الى القدم ، وأغطية الرأس المختلفة المستوردة من الخليج وإيران فى المدارس والجامعات والمحاكم ودور البحث ، فى المحلات ودور السينما .. فى كل مكان يحثون الطلاب وغير الطلاب على إتباع أفكار قادمة من مفتى السعودية تحض على استبدال الأدوية بحبة البركة والعسل وبول الابل ، واستثمار الأموال فى شركات اسلامية وتفسير كل الظواهر العلمية والتاريخية من خلال آيات القرآن أو الأحاديث النبوية ، ويتحول الكثيرون الى دراسة الفقه بدلا من الهندسة والطب والصيدلة لنجد الطب النبوى والصيدلة الاسلامية ، وليتدهور التعليم والخريج .
حتى كرة القدم اللعبة التى لا يمكن تجاهل شفافيتها ، أصابها ما أصاب المجتمع الوهابى فالاعب الذى يخطئ يرى أنها إرادة الله وما شاء فعل ، أما الذى يصيب فانه يسقط ساجدا شاكرا المولى على أنه قد وفق . فريق الكرة المصرى بدلا من التدريب والتثقيف وتعلم فن الكرة ، يمضى وقته فى قراءة القرآن وشرح التفاسير ، فيتدهور المستوى ونخسر اللاعبين لنكسب دعاة وشراح واعدين.
الرجل المصرى الذى كان يحترم أسرته ويقدس الحياة الزوجية يدعمها وتدعمه ، أصبح يتزوج مثنى وثلاث ورباع ، وكلما زاد دخله زاد عدد حريمه ، وتسقط قيم الحب الراقية والتعاطف والتوافق لتحل محلها قيم السوق ( بكم ) ( ماذا تدفع ) وتنحدر الأسرة مع كل زيجة جديدة ، المشكلة أن الفن يؤطر هذا ( الحاج متولى )نموذج لهذا الرجل الفحل الذى يشترى بماله جميع أصناف الحريم من تلك التى تفك الخط حتى الحاصلة على أعلى الشهادات الجامعية .
الكارثة الحقيقية فى مسألة الزواج هو ظاهرة الزواج من الأطفال ، الذى كان ممنوعا بالقانون وممجوجا بالعرف ، فأصبح له سماسرته ومسهليه وعاقدى الزواج من محامين وفقهاء .
الفن عموما لدى الوهابيين مرفوض ، فلا موسيقى ولا نحت ولا رسم ، وقد شهد الكونسيرفتوار شيخا مبجلا جاء ليعظ طلاب المعهد فأفتى بان الموسيقى التى يتعلمونها والبالية حرام ، على نفس النمط قد يتولى عامل مطبعة مصادرة كتب لفنانين عظماء لأنه شك فى نية الكاتب عندما كتب جملة او كلمة لم يفهمها السيد العامل.
قضايا الحسبة لتجريم الفكر والفن أصبحت وسيلة إرتزاق للعديد من المحامين وسبيل لشهرتهم فى مجتمع أصبح يحبذ كل ما هو رجعى حتى فى أحكامه القضائية .. مجتمع يسكن نصفه فى البيت ويطارد من تأبى فى الشارع والاتوبيس والسوق وأماكن العمل ، مجتمع لا يعمل طوال شهر رمضان ويعاقب من يعلن إفطاره حتى لو كان مرخصا له ، مجتمع يحول المدن والقرى الى سلخانات للخراف ويلوث البيئة ويسد المجارى مستهلكا لحوم لم تفحص بواسطة البيطريون ، مجتمع يصر على رفع الأذان بميكروفونات ذات ذبذبات عالية تزعج المؤمن وغير المؤمن ، مجتمع أصبح الدعاة فيه أكثر من الأطباء والمعلمين لما يدره هذا العمل من كسب سهل للرجل والمرأة مهما كانت ثقافتهم او تعليمهم متدهورا .
ورغم هذا الايمان المفرط فان المجتمع يغرق فى الخرافات ومعجزات الجن والعفاريت ومآثر الملائكة التى حاربت أثناء عبور القناة مع الجنود ، وينفق المليارات على الحج والعمرة كإطار للفضيلة ومداراة فظائع من الأفضل عدم ذكرها .
رغم أن الدستور ينص على أن الشريعة أحد مصادره إلا ان أنصار الوهابية يريدونه بكامله دستورا دينيا لحكما دينيا وسيطرة كهنوتية ، لتنزاح العلوم والفلسفة تاركة مكانها للفقه والتشريع وتنزاح المدارس والأندية ليبنى مكانها دور عبادة ، ويتوقف التطور الثقافى والحضارى عند ألف وأربعمائة سنة ماضية.
السؤال .. ما الذى جعل من مصر مستعمرة وهابية وتابع أمريكى إسرائيلى ، رغم انها كانت زعيمة حركة عدم الانحياز ومحركة الثورات والانفجارات بين دول المنطقة ، ورائدة الاشتراكية والوحدة العربية .
ما الذى أجهض الثورة التنويرية والليبرالية التى قادها الوفد منذ 1919 ... إنه حكم العسكر الفاشيست موضوع المقال التالى .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلنعترف أولا بتخلفنا 2/5
- فالنعترف أولا بتخلفنا 1/5
- يا حزن قلبى على مهندسينك يا مصر ( 4 )
- يا حزن قلبى على مهندسينك يا مصر ( 3 )
- يا حزن قلبى على مهندسينك يا مصر ( 2 )
- يا حزن قلبى على مهندسينك يا مصر
- اشنقوا - جدو- أمام البوابة الرئيسية لنادى الزمالك
- حوار إنتظر نصف قرن ليتم
- هز القحوف فى مرثية لأبى شادوف
- مليون جنية لكل لاعب !! إنها قسمة ضيظى
- لا تصدقوا هذه الجماهير
- يا أهل مصر اهربوا منها
- أبناء الديانة الرابعة ...هذا قدركم
- أحلام القرن الحادي والعشرين وإشكالية التنوير
- أنا مع الفرعون .. طبعا 3/3 ..الحلقة الأخيرة
- أنا مع الفرعون .. طبعا (3/2)
- أنا مع الفرعون .. طبعا (1/3)
- مصر مستعمرة وهابيه3 الجزء الأخير
- مصر مستعمرة وهابية 2
- مصر مستعمرة وهابية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حسين يونس - فلنعترف أولا بتخلفنا 3/5