أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - أحلام القرن الحادي والعشرين وإشكالية التنوير















المزيد.....

أحلام القرن الحادي والعشرين وإشكالية التنوير


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 2869 - 2009 / 12 / 26 - 18:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع مطلع العام الجديد يبدأ العد التنازلي لاستكمال مرور عقد كامل من القرن ومازلنا نعيش في مجتمعات أصابها التصلب في شرايين الاتصال بحيث فقدت قدرتها على المرونة والتناغم والتفاعل بين أفرادها ... فالبعض لا زال يعيش –بالفعل- مع نهاية القرن الثامن عشر عندما تشاهد منازلهم أو أسلوب حياتهم اليوميه أو أفكارهم أو توجهاتهم السياسية تشعر أنك إنتقلت إلى مصر ما قبل الحملة الفرنسية .. فئات أخرى تعرفت على التكنولوجيا الحديثة ولكنها تستخدمها في تعميق أفكار وتوجهات زمن التخلف الحضاري وتسعى جاهدة لجذب أكثر عدد ممكن لان يتبنوا أفكارا وعلاقات اجتماعية تجاوزتها شعوب المنطقة منذ بداية القرن الماضي.. والقليل الذي أعطى ظهره لمجتمعه واستقبل كل ما هو وافد من منطقة النور في أوروبا وأمريكا فى ملبسه وحياته الاجتماعية وفنه وثقافته بل ولغته .. أما أنظمة الحكم فما زالت ترفل في نعيم ستينات القرن الماضي عندما كان الزعيم ينطق ... فيكون.
المحزن حقا هم المتعلمون والمثقفون .. فالمتعلمين بهدف استخراج جواز مرور طبقي للوظيفة والزواج والمكانة الاجتماعية المتقدمة أصابتهم خيبة الأمل .. بحيث خلع كل منهم ثوبه وارتدى الثوب الذي يسمح له بالصراع الإيجابي لصالح كسب المال فمنهم من إتجه إلى الصحراء المقدسة حيث البترول والدولار .. وأساليب حياة ساحقة للرجل والمرأة إلا لمن إرتدى الدشداشة وما تحتها من عقل سقيم ... ومنهم من إتجه إلى الأحزاب الحاكمة .. يكيل بالمدائح ويخدم المصالح بإخلاص باد وقد ينال كرسيا أو منصبا أو عصا غليظة يستخدمها في تحقيق أهداف تتراوح بين الستر وبين المليارات .. هذا الطابور ضم أساتذة جامعات حاصلين على الدرجات التي قد تكون مزورة .. ورجال أمن .. ورجال تجارة (بيزنيس) .. وصحافة وإعلام .. ورياضة خاصة كرة القدم .. وتشهيلات الانتخابات والقضاء ... داخل الطابور هناك صراع في سبيل الاقتراب من بؤرة الضوء .. وكم سقط منهم وهو يناضل لتخطى حواجز مكانه.
الثوب الذي ضم شرائح عريضة من الشباب خصوصا القادمون من أسفل السلم. كان النصب والتدليس .. إعتبارا من إستخدام "النت" وشبكات الاتصال للنصب .. حتى إدعاء صفات ومؤهلات للتغرير بشابة أو عجوز لديها المال.
المتعلمون في بلادنا تم إتلافهم تماما .. سواء بعلوم أصبحت من قبيل التاريخ أو التراث ولا فائدة منها .. أو بالتسطيح عن طريق تغليب الحفظ على الفهم .. والصيغ المقولبة بدلا من الأفكار التي تم استنباطها وتطويرها من خلال التجربة والمعمل ... ثم قامت وسائل الإعلام .. والمؤسسات الدينية .. بتكريس ما تعلمه (أوما لم يتعلمه) والمجتمع في تغليب المادة على الفكر .. ليصبح لدينا أكواما من الحاصلين على الشهادات المتوسطة والعليا وما بعد العليا .. دون أن ينمو في مقابلها توجهاتهم الاجتماعية والفكرية والاستنباطية .. وكسر المألوف للتقدم خطوة تالية.
أما المثقفون الذين كانوا في يوم ما نورا ونارا .. فلقد همدت الشعلة تحت رماد كثيف اسمه لقمة العيش والنفوذ ومحطات الفضائيات .. توقفت الماكينة التي أنتجت الرواد .. والعلماء ... والفنانين .. وبدأت في إنتاج موظفين بدرجة مثقف .. أما من حاول أن يخرج عن الصف فكان مصيره مواجهة أسلوبين إحداهما التجاهل .. فان لم يصلح فالهجوم المستمر الذي يصل إلى الاغتيال الفعلي أو المعنوي .. ولقد أصبح للنظم الحاكمة .. رجال قادرون على هذا ...أو على تدمير كل من يتخيل أن الزمن القديم قد عاد (نصر حامد أبو زيد والدكتور البرادعى نموذجان) تبقى شريحة محدودة من المثقفين المستقلين الذين لا يتعاملون مع الثقافة على أساس أنها مصدرا للرزق وهؤلاء متناثرون بشكل عشوائي يجعل من الصعب توحيدهم أو تحويلهم إلى قوة ايجابية لتطوير المجتمع .. فضلا عن أن كل منهم كانت له مصادره الثقافية التي أثرت في تكوينه والتي تخضع للصدفة .. بحيث يصعب أن تجد بينهم – رغم شرف المقصد – توافقا نظريا أوفى توجهات التطبيق .. رواد الحوار المتمدن .. اغلبهم من هذه الشريحة .. اى مثقفون ذوو أصول ثقافية مختلفة المنابع .. بعضها قادم من تحت مظلة الدين .. بدرجات مختلفة ما بين الأصولية البحتة (مسلم أو مسيحي) أو الموضات الأمريكية التي تسوق للدين بنفس الآليات التي تطورها في هذه المجتمعات لترويج السلع .. والبعض الآخر قادم من مضادات الأديان .. سواء (نيتشة – كيركجورد – سارتر- البير كامى) أو القومية (البعث والناصرية) .. أو العلمية (دارون – فرويد) وما بين النقد البسيط والذي يهز أساسات وقواعد الدين .. والانفجارات العنيفة التي تطيح به شكلا وموضوعا .. تحت حوارات ذات وزن من المناقشات السلمية إلى الخناقات الشوارعية في بعض الأحيان ... البعض الآخر لا يهمه تقويض الأديان بالقدر الذي يهتم فيه .. العلاقات الناتجة عن الأديان خصوصا ما يتصل بوضع المرأة ومدى الظلم الواقع عليها من المجتمعات الذكورية شديدة التخلف وهكذا تعطى قضايا تحرير المرأة مساحة واسعة من المقالات والدراسات والمناقشات .. على اعتبار أنها حجر الزواية في تطوير هذه المجتمعات..
الضرب العشوائي – فيما عدا ما يقدمه الماركسيون من دراسات مخططة – يضر بقضية التنوير .. ويشتت الجهد في معارك فرعية وجزئية وفى بعض الأحيان سطحية تنتهي بسقوط المقالات اليومي ليحل محلها أخرى طازجة .. قضيه التنوير تحتاج لأسلوب مخالف .. قصدى .. يتجه نحو إضاءة الأجزاء ذات الظلال الكثيفة في العقل الجماعي للبشر .. ولها أولويات تبدأ بمعرفة الإنسان أن هذا الكون لم يوجد من أجله .. وانه جزء ضئيل منه حتى بتاريخه البشرى الطويل .. بل الحياة بكاملها إنما هي "فيمتو ثانية" في عمر الكون اللا متناهي ... معرفة الكون الدقيقة قد تقود إلى التعرف على المجرة التي نعيش عليها ... ثم مجموعة الكواكب التي تتجاور معنا وتدور حول الشمس ...الأرض بتنوع مناخها وتضاريسها وبحارها ومحيطاتها مساحة واسعة تحتاج للدراسة المتعمقة حتى يدرك الإنسان أنه ليس النموذج المفرد الوحيد .. وان هناك بشرا لا يحبون "الملوخية بالأرانب" التي يعشقها المصري .. فالملوخية عند البعض تسمى حق الحمير..وعند آخرون مالة البهائم.. والأرانب يطاردونها بالألغام في استراليا .. قبول الأخر واحترام تواجده وتجربته من أساسيات التنوير التي بدونها تستمر المعارك إلى مالا نهاية .. وتتغلب قوى الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية – التي قد تكون مختلفة - مكان التناغم البشرى القائم على التنوع.
أسلوب تعامل البشر مع الطبيعة .. يحتاج لتنوير آخر .. فالطاقة الشمسية والرياح والأمواج وما فوق الأرض وما تحتها من كائنات وموجودات عليها أن تعيش في تناغم يقوده الإنسان (العاقل) فإذا كان إنسانا أو عاقلا .. فهو لن يدمر المكان الذي يضمه بين إرجاءه .. التكنولوجيا الحديثة قد تتسبب في مخاطر أبرزها الانفجارات الذرية والاحتباس الحراري .. والحروب المدمرة وتلوث المياه بالعوادم وبقايا الإنتاج الصناعي.
والعجز عن ملاحقة التطورات الاجتماعية قد يتسبب أيضا في مخاطر أهمها تهميش النساء واضطهاد الأقليات والتعليم الموجه دينيا والفروق الطبقية الواسعة وكلها قضايا قد تستغرق عمر الإنسان ولا يحدث فيها تقدم.
وهكذا يقودنا التنوير إلى حظيرة العلم .. والعلم لا يوجد له تعريف دقيق ففي شرقنا العلماء هم رجال الدين .. في حين أن المخاطرة بارتياد المجهول وتقنينه وفحصه وترويضه في أوسع مجالاته الكونية أو في أدق عناصره النووية يحتاج إلى فكر مفتوح غير مقيد وغير مربوط بأوتاد تمنعه من التحليق بدعوى أنه مخالف للطبيعة أو الدين أو التقاليد أو المتعارف عليه .. كسر المألوف واستنباط طريق المستقبل من رحم الواقع هو هدف العلم .. الارتقاء بقدرة الإنسان على مواجهة الطبيعة والتحكم فيها والتقليل من عنفوانها وبطشها.
والعلم بهذه ألصورة سيكون الإنسان في بؤرة اهتمامه .. ماضيه وحاضره ومستقبله .. تاريخه ونظمه الاجتماعية والاقتصادية .. انجازاته ونكساته .. فلسفته وسفسطته .. من يحكمه وكيف يحكم .. كيف يكسب عيشه ويدير اقتصاديات مجتمعه .. علمه وغيبياته ... أساطيره ورواياته.. قوانينه وتمرده عليها .. قدرته وعجزه .. صحته ومرضه .. نجاحاته ومخاوفه..اختراعاته وتأثيرها المفيد أو الضار.. الإنسان كيف يأكل ويلبس وينمو ويمرض ويتطور ويندثر.. على العلم أن يكون هدفه تشريح هذا الكائن ومعرفة أدق تفاصيل تكوينه .. وان يزيد من وعيه وعمره حتى يصل إلى سن متوشالح فى سفر التكوين ... كائنا سامقا راقيا كما تخيله نيتشه وسماه.
التنوير عليه أن يزيل تراكمات البدائية على السلوك البشرى .. ويجلو عوامل النمو والبعث بعيدا عن تقاليد موروثة منذ زمن القبيلة جامعة الثمار او الراعية للإبل .. فإذا لم يقم بهذا .. فهو ليس تنويرا .. إنما هي خبطات عشوائية فاقدة للهدف.
التمرد جزء من التنوير..التغيير أساس التنوير ... والإبداع البشرى نتاج للتنوير..الفن والثقافة والتهذيب تنويرا ..من حق الإنسان أن يستمتع بإبداع متقدم عصري مركب .. بعيدا عن الإبداعات البدائية البسيطة التي تحيط مجاميع عريضة من البشر... التذوق للفنون علم .. يجب دراسته والتدريب عليه .. ورفع الذوق العام يحتاج لثورة لينقل الفن والإبداع من البسيط إلى المركب ومن المباشر إلى الحداثة والإبداع العصري.
القرن الحادي والعشرين على وشك استكمال عقده الاول .. ولازال مطروحا أمام الإنسان الكثير ليخطو خارج البدائية والسذاجة ويتجه بخطى ثابته نحو تحقيق حلمه بالقدرة على مغالبة مقاديره .. والتحكم فيها.
القبيلة البشرية تتحرك بسرعة مذهلة غير مهتمة بمن يقف متعثرا في تراث من العادات والتقاليد والأفكار البدائية غير الصالحة لزمن أنار فيه العلم معالم الطريق ليطل لأول مرة على ملامح حياة غير مطروقة.
جنود التنوير في هذا الجزء التعس من الكوكب .. إذا ما استوعبوا هذا سيصبحون قادرين على أن ينتجوا ميثاقا جديدا لعقد اجتماعي عصري يحتوى عل خطط اللحاق بالركب .. كم هو حمل ثقيل ... ولكن تصدى له من قبل رجال ونساء من الشام ومصر والعراق والمغرب والسودان .. حققوا انتصارا كان من الممكن أن يستمر .. لولا بترول الوهابية .. وحروب القوميين في مصر والعراق .. وانقلابات وحكم العسكريين التي لم ينج منها شعب من شعوب المنطقة ... إشكاليه التنوير هذه ... تحتاج إلى مناقشة وتعميق... للوصول إلى ما هو أفضل.
هل من مشارك!!



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا مع الفرعون .. طبعا 3/3 ..الحلقة الأخيرة
- أنا مع الفرعون .. طبعا (3/2)
- أنا مع الفرعون .. طبعا (1/3)
- مصر مستعمرة وهابيه3 الجزء الأخير
- مصر مستعمرة وهابية 2
- مصر مستعمرة وهابية
- القلعة الفولاذية السوداء تتحرك
- لوحات الجد حسن و غضب الله
- الكورال الحكومي و الدكتور البرادعي
- آسف..قضية التطور يمكن ان يلحقها ضرر
- صعود وسقوط القوميه العربيه
- اللي يعوزه البيت يحرم علي فريق الكره
- خسارة ... فريق السجَادين لن تفهموا أبدا
- مسلسل رمضانى
- بمرور الزمان هل يشعر قاضى ( الدولة الاسلامية ) بالأمان !
- حديث لصحفى مبتدئ مع خبير صرف صحى
- حفريات سلوكية من زمن البداية
- الى الصديق - سليمان ينى - الذى سألنى ببراءة - إنت لسة ما حجت ...
- الى حفيدتى التى لم توجد بعد- ماعت -
- الرسالة الثانية لحفيدتى التى لم توجد بعد - ماعت -


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - أحلام القرن الحادي والعشرين وإشكالية التنوير