أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كاظم حبيب - هل ستستعيد حركة اليسار دورها الفكري والسياسي على الصعيد العالمي؟ -الحلقة الثالثة- واقع الحركة اليسارية في الشرق الأوسط والدول العربية, مشكلات ومهمات المنطقة















المزيد.....

هل ستستعيد حركة اليسار دورها الفكري والسياسي على الصعيد العالمي؟ -الحلقة الثالثة- واقع الحركة اليسارية في الشرق الأوسط والدول العربية, مشكلات ومهمات المنطقة


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3114 - 2010 / 9 / 3 - 12:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تعرضت قوى حركة اليسار في منطقة الشرق الأوسط إلى ضربات قاسية من لدن النظم السياسية التي تسود في بلدانها. ففي هذه الدول سادت أو لا تزال تسود في غالبيتها نظم سياسية دكتاتورية وأخرى غير ديمقراطية رغم البرقع الشفاف الذي يلتحف فيه بعضها, ولكنه عاجز عن ستر عورتها الفاحشة بأي حال. فإلى جانب حملات الاعتقالات والسجون والتعذيب والقتل والاضطهاد والعقوبات الجماعية في البعض الكثير منها, فأن البعض الآخر يكافح اليسار بأساليب وأدوات أخرى يصل من خلالها إلى ذات العواقب على قوى حركة اليسار. وقد تسنى لبعض النظم السياسية المستبدة أن تروض قوى اليسار وتدخلها تحت خيمتها الخانقة فكرياً وسياسياً ولم يبق لها من مضمون اليسار سوى اسمها المفرغ من المضمون, كما لم يبق لها جمهور يساندها أو يلتف حول شعاراتها. وقد زاد في الطين بِِلة ذلك الانهيار الزلزالي لنظم "اشتراكية" الدولة البيروقراطية وما نشأ عنها من إحباط في أجواء قوى اليسار عموماً.
لم يكن صراع قوى اليسار في دول هذه المنطقة موجهاً ضد حكومات هذه الدول وسياساتها فحسب, بل كان الصراع موجهاً ضد سياسات الدول الرأسمالية المتقدمة وشركاتها الاحتكارية التي كانت تريد الهيمنة على المنطقة التي كانت تضع قوى حركة اليسار إلى جانب الدول الاشتراكية أو وكأنها تابعة لها كلية, وبالتالي كانت ترى ضرورة محاربتها لكي تحارب من خلال ذلك وجود الدول الاشتراكية أو الاتحاد السوفييتي فيها. وفي هذا ألحقت الحرب الباردة أضراراً فادحة بحركة اليسار وقواها السياسية ودورها الفكري والسياسي منذ العقد السابع من القرن العشرين بشكل خاص.
إن استمرار معاناة قوى اليسار ناشئ عن عوامل كامنة في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لدول هذه المنطقة, إذ إنها لم تشهد إلى الآن عملية تنوير دينية واجتماعية, لم تشهد مرحلة النهضة الفكرية الضرورية للخلاص من أسس الغيبيات المشوهة لفكر الإنسان ومنغصة عليه حياته. كم لم تتعرف على العلمانية في نظمها السياسية, بل كانت باستمرار تدعي بأن دين الدولة هو الإسلام في حين أن الدولة ليست سوى شخصية معنوية لا يمكن أن يكون لها دين أو مذهب, وكانت قوى معينة تسيطر على الدولة باسم الدين وتساهم في الإساءة للدين ذاته, ولأنها لم تستطع الخروج من التخلف الاقتصادي ومن علاقات إنتاجية متخلفة تعيق عملية التفكير والتطور الفكري للإنسان.
وفي هذه الدول لعب تشويه الدين والفكر والخطاب الديني دوره في الإساءة لقوى اليسار وتشويه مراميها ونضالها وبرامجهما السياسية والاجتماعية, مما عقد على حركة اليسار تعزيز العلاقات الضرورية مع فئات المجتمع. وإذ كانت هذه اللوحة قد برزت في فترات سابقة, إلا إنها قد تفاقمت في فترات لاحقة, وهي لا تزال تلعب دورها في عدد غير قليل من دول المنطقة وخاصة في أعقاب الثورة الإيرانية وهيمنة رجال الدين على الحكم في إيران, إضافة إلى السودان أو غيره. كما لعبت القوى القومية الشوفينية, ومن ثم قوى حزب البعث العربي الاشتراكي بسياساته الاستبدادية والشوفينية وممارساته باسم العلمانية واليسار المشوه وهي في الحكم أو خارجه دورها في الإساءة لقوى اليسار وإلحاق أكبر الأذى بها والعمل على تحجيمها. وهو نفس الدور الذي بدأ به ووضعه كمهمة مباشرة منذ العام 1947/1948 ميشيل عفلق وصحبه حين أسسوا حزب البعث ومنحوه مهمة مكافحة الشيوعية في الدول العربية وفق تصريحات عفلق بالذات.
إن النضال الطويل الذي خاضته الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار الأخرى خلال العقود التي تتراوح بين ثمانية عقود ولا أقل من خمسة عقود المنصرمة كان معقداً ومتشابكاً لأنه تداخل بين النضال ضد الهيمنة الاستعمارية وضد القوى الرجعية في البلاد أدى إلى ارتكاب جملة من الأخطاء السياسية والاجتماعية في مجال تحديد مهمات المرحلة والقوى التي يهمها تحقيق تلك المهمات وعلاقاتها العامة الداخلية والإقليمية والدولية, والتي استثمرت من جانب القوى المضادة لإجهاض حركة اليسار وتعريضها لأضرار كبيرة.
من المعروف للجميع بأن من يعمل يرتكب في مسيرته بعض الأخطاء, وليس هذا بغريب ولا يشكل عيباً, إلا إن العيب حين تدرك هذه القوى خطأها ولا تسعى إلى تصحيحه, ومع ذلك فأن قوى حركة اليسار لعبت دوراً مهماً وكبيراً في النضال من أجل انتزاع الاستقلال والسيادة الوطنية في مرحلة النضال ضد الاستعمار والهيمنة الأجنبية وفي عملية التنوير الفكري والاجتماعي والسياسي وفي انتزاع جملة من المكاسب للمنتجين والكادحين وللمرأة في مختلف الدول التي عملت فيها تلك القوى, بمن فيها الأحزاب الشيوعية.
إلا أن المرحلة الجديدة تضع على عاتق قوى حركة اليسار في المنطقة, بما فيها الدول العربية, مهمات كبيرة وأساسية تتلخص في تشخيص النهج الذي مارسته قبل ذاك والسياسات التي التزمت بها وسعت إلى تحقيقها والأخطاء التي رافقتها, سواء أكان في تحديد إستراتيجية النضال أم في تكتيكاته من جهة, ثم بلورة وتشخيص سمات المرحلة الراهنة ومهماتها من الناحية الإستراتيجية والتكتيكية والقوى الفاعلة فيها وأساليب وأدوات النضال ومضامين الخطاب السياسي الذي يراد له الوصول إلى فئات المجتمع من أجل تعبئتها للنضال في سبيل تحقيقها.
إن هذه الوجهة في العمل تتطلب عقد لقاءات واسعة بين قوى اليسار في منطقة الشرق الأوسط, ومنها الدول العربية, من أجل تحديد تلك المهمات على صعيد المنطقة والتنسيق في ما بينها في النضال المشترك لصالح الأمن والاستقرار والسلام فيها ولصالح تحقيق التقدم الاجتماعي في بلدانها ومواجهة مخاطر الهيمنة الأجنبية والتدخل الفظ في شؤونها الداخلية من جانب حكومات الدول الأجنبية ودول المنطقة, إضافة إلى مواجهة مخاطر الدور الذي تمارسه القوى السياسية المتطرفة, سواء أكانت دينية متعصبة وإرهابية, كما يلاحظ اليوم في العديد من الدول العربية ودول المنطقة, أو الذي مارسته ولا تزال تمارسه القوى القومية الشوفينية والمتطرفة أو العنصرية, سواء أكانت عربية أم فارسية أم تركية أم قومية صهيونية في إسرائيل.
تعاني دول المنطقة من إشكاليات كبيرة وفيها الكثير من البراميل المليئة بالبارود التي يمكن أن تنفجر في كل لحظة والتي يمكن أن تتسبب في المزيد من الحروب الإقليمية والموت والدمار وزيادة التخلف وتشديد البؤس والفاقة فيها. فأمامنا يبرز الوجود الأجنبي الواسع النطاق على شكل قواعد وقوات أجنبية وترسانات لمختلف أنواع الأسلحة الهجومية والدفاعية والتي يمكن أن تعتبر مناطق للصراع والنزاع العسكري بين الدول. كما أن سياسات دول غير الديمقراطية والعدوانية يمكنها أن تخلق بؤراً جديدة للتدخل العسكري الخارجي كما حصل في العراق حيث قدم النظام الفاشي البعثي ألصدامي كل المبررات لحرب الخليج الثالثة بعد أن خاض حربي غزو خارجي ضد إيران والكويت, وخاض حرباً داخلية ضد الشعب الكردي وتدمير وحرب أخرى ضد الوسط والجنوب وتجفيف الأهوار وسمح لأن يقع العراق تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني على وفق قرار مجلس الأمن غير السليم رغم عدم موافقة المجلس قبل ذاك على تلك الحرب ضد العراق. من هنا فأن واجب شعوب والقوى الوطنية في هذه المنطقة ان تمنع نظمها السياسية من ممارسة سياسات عدوانية ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان وتقود إلى عواقب مماثلة لما جرى ويجري في العراق. كم تبرز المشكلة الفلسطينية بشكل صارخ ويومي في حياة سكان المنطقة والعالم, وهي التي أصبح عمرها الأن نيف وستة عقود والتي تفاقمت عبر السنين بسبب الحروب والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في الضفة الغربية وغزة ومنها القدس, والجولان السوري ومزارع شبعا في لبنان, والمشكلة الكردية وحرمان الشعب الكردي في كل من تركيا وإيران وسوريا من حقوقه القومية المشروعة والعادلة, ومشكلة جنوب السودان التي لعب النظام الاستبدادي للقوى الإسلامية السياسية والدكتاتور الأهوج والمتهم بالإبادة الجماعية وضد الإنسانية عمر البشير, ومشكلات الحكومة اليمنية غير الديمقراطية مع الجماعات الحوثية وقوى القاعدة التي تجد الدعم من الخارج, إضافة إلى مشكلة السلاح النووي المحتمل إنتاجه في إيران خلال الأعوام القليلة القادمة, ثم النشاط المتفاقم لقوى القاعدة في غالبية الدول العربية, سواء أكانت خلايا فاعلة أم لا تزال نائمة تنتظر القرار والفرصة المناسبة للتحرك والبدء بالقتل والتدمير الإجراميين.
ونتيجة هذا الواقع تواجه المنطقة سباقاً متواصلاً للتسلح وإقامة ترسانات للسلاح الذي يتقادم باستمرار ويتجدد بأجيال جديدة تكلف خزينة هذه الدول المليارات من الدولارات الأمريكية التي من المفروض توجيهها لتغيير أوضاعها الاقتصادية المزرية. والرابح الوحيد من سباق التسلح في هذه المنطقة وفي العالم هي الشركات المنتجة للسلاح والموت والخراب.
كما تواجه بعض الدول العربية وبعض دول المنطقة تصاعداً في مسألتين خطرتين على النسيج الوطني والهوية الوطنية لشعوب هذه الدول, وأعني بها
1) التمييز الديني ضد أتباع الديانات الأخرى غير الإسلام, كما هو الحال في العراق وإيران ومصر والسودان على سبيل المثال لا الحصر,
2) التمييز الطائفي السياسي كما هو الحال في كل من إيران والعراق ولبنان والسعودية مثلاً.
وتغيب في مثل هذه الدول هوية الوطن والمواطنة وتبرز في مكانها الهوية الدينية والطائفية السياسية المقيتة التي يمكنها أن تمزق النسيج الوطني لكل دولة في كل لحظة, وتتسبب في موت الكثير من البشر, كما حصل في لبنان, أو كما حصل ولا يزال يحصل اليوم في العراق, وكما هو عليه الحال في إيران مثلاً.
وتواجه دول المنطقة العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة والخانقة, رغم الغنى الذي عليه بعض دولها بسبب توفر النفط الخام والغاز الطبيعي اللذين لا يستخدمان بصورة عقلانية واقتصادية لصالح شعوب هذه البلدان. ففي هذه المنطقة الغنية في أغلبها نلاحظ تفاقم الفجوة بين الفقراء الجياع إلى حد الموت, والأغنياء المتخمين حقاً إلى حد لاختناق, بسبب النظام السياسي القائم والتوزيع وإعادة التوزيع والاستخدام غير العادل وغير السليم للثروة الوطنية والدخل القومي, إضافة إلى تخلفها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي العام وتفاقم حجم البطالة فيها, وما ينجم عن هذه الظواهر من مواقد ساخنة قابلة للانفجار وأرضية صالحة لنمو التطرف والإرهاب والموت والدمار.
وتعاني دول المنطقة من مشكلتين أخريين تتسببان دوماً في تفريخ مشاكل أخرى, وأعني بهما مشاكل الحدود والمطالبات بالأرض في ما بين الدول المتجاورة, وخاصة وأن أراضي هذه البلدان مليئة بالثروات الخامية وخاصة النفط الخام والغاز, أولاً, ومشكلة توزيع مياه الأنهر وسوء توزيعها وشحة وصولها إلى عدد من الدول التي تمر بها مياه الأنهر ثانياً, كما في حالة العلاقة بين تركيا وسوريا والعراق أو إيران والعراق, أو مشكلات المياه بين الأردن وفلسطين ولبنان وإسرائيل. إن المرحلة القادمة يمكن أن تتسبب مشكلة المياه في نشوء صراعات حادة وإلى نزاعات يصعب تقدير عواقبها على شعوب هذه المنطقة.
إن واحدة من أكبر مشكلات المنطقة تبرز في غياب ثقافة الحوار السلمي والديمقراطي والتهديد المستمر باستخدام القوة والعنف والتهديد بالحرب لمعالجة المشكلات القائمة. إن أغلب بلدان المنطقة قد برهنت في الأعوام السبعين المنصرمة في سياساتها وعلاقاتها الإقليمية على مضمون ما جاء في بيت الشعر العربي القائل:
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
وقد تسببت ذهنية القوة والعنف هذه خلال العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية في موت ما يقرب من مليونين ونصف المليون إنسان, سواء عبر الحروب أم عواقبها على الإنسان في المنطقة, وإلى تشريد وتهجير ملايين أخرى في الشتات الدولي, وإلى خسائر مالية تقدر بآلاف المليارات من الدولارات الأمريكية. إذ علينا أن نتذكر الحروب الفلسطينية والعربية الإسرائيلية والحروب العراقية الداخلية والخارجية وحرب السودان والحرب اليمينية والحرب الأهلية في لبنان ... الخ.
والمشكلة الكبرى التي تعيش في ظلها جميع دول المنطقة تقريباً تبرز في التخلف الاقتصادي واستمرار تشوه البنية الاقتصادية واعتبار أغلبها اقتصاداً ريعياً واستهلاكياً, وهو بالتالي عاجز عن إشباع حاجات سكانه للسلع الاستهلاكية اليومية ومجبر على الاستيراد والانكشاف الشديد على الخارج استيراداً وتصديراً للمواد الأولية من جهة, وعاجز أيضاً عن توفير الأمن الغذائي للمرحلة الراهنة والمستقبل, إن استمر اقتصاد دوله على الحالة التي هي عليها الآن, إن التطور الهائل الجاري في الثورة العلمية والتقنية ومنجزاتها المتعاظمة من جهة واستمرار التخلف في أغلب هذه الدول يقود إلى خلق فجوة متسعة أكثر فأكثر وأعمق من الفترات السابقة بحكم سرعة التطور في الدول الرأسمالية المتقدمة والتقادم السريع في التقنيات المنتجة حديثاً وظهور أجيال جديدة لها أكثر تقدماً. إن التطور الهائل في العالم يسمح بتسريع عملية النمو والتطور في دول المنطقة شريطة أن تمتلك حكومات وطنية وسياسات عقلانية منسجمة مع حاجات وإمكانيات وضرورات التنمية الاقتصادية والبشرية, وهو الغائب حالياً عن واقع هذه الدول. إذ على عملية تغيير البنية الاقتصادية تعتمد عملية تغيير البنية الاجتماعية والبنية الثقافية والوعي الفردي والجمعي وبنية التفكير والتنوير الديني لفئات المجتمع. وهي واحدة من أثقل وأعقد وأكثر المهمات إلحاحاً لشعوب دول منطقة الشرق الأوسط. ويفترض أن نضع حداً للصراع حول دور كل من القطاعات الاقتصادية الحكومية والخاصة والمختلطة, إذ أنها جميعاً مطلوبة في دول المنطقة وضرورة التنسيق والتعاون والتكامل في ما بينها لصالح تعجيل التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي, ولا يجوز خلق صراع في ما بينها غير مناسب وغير ضروري. كما أن هذه الدول بحاجة إلى رؤوس الأموال الأجنبية التي يفترض أن توظف في المواقع أو الفروع والقطاعات الاقتصادية المناسبة التي تخدم التقدم الاقتصادي وتحقق الفائدة للاقتصاد الوطني ولكنها تحقق في ذات الوقت الربح المناسب لأصحاب رؤوس الأموال الأجنبية.
لم تكن قوى اليسار مسؤولة عن هذه الحالة التي عاشت فيها شعوب دول المنطقة أو التي لا تزال سائدة فيها. وبالتالي فهي وشعوب المنطقة غير مسؤولة عن ذلك من حيث المبدأ وغير محملة باردان وذنوب هذه السياسات, وإنها كانت مع شعوبها ضمن ضحايا تلك السياسات وعواقبها, وبالتالي فهي القادرة, ضمن قوى وطنية أخرى, على طرح برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وبيئي وعسكري متوازن وسليم يسمح بابتعاد شعوب هذه الدول عن الحروب في حل المعضلات وعن سباق التسلح وعن التجويع المتواصل للفقراء والمحرومين ...الخ ودعم بناء دولة ديمقراطية دستورية حديثة, دولة مدنية وعلمانية تلتزم بالتداول الديمقراطي السلمي للسلطة عبر البرلمان وتستند إلى الفصل بين السلطات واحترام القضاء والسلطة الرابعة, أي احترام والتزام مبدأ حرية الإعلام والتنظيم والنشر ...الخ من حقوق للإنسان وحقوق للقوميات وحقوق للمرأة ومساواتها اللازمة مع الرجل. كما إن برنامجاً علمياً وعملياً يسمح بتعبئة فئات الشعب حوله للنضال من أجل تحقيق المهمات الواردة فيه والتي يفترض أن تعبر عن مصالح مختلف فئات الشعب وتشكل القاسم المشترك لها.
إن صياغة شعارات هذه المرحلة على الصعيد الإقليمي التي تتفق من حيث المبدأ مع مصالح شعوب هذه المنطقة, تسمح بتحقيق التنسيق والتضامن والتفاعل والتلاقح الثقافي في ما بين شعوبها. وهي مهمة ليست سهلة, ولكن النضال من أجلها لازم ونبيل ومشرف للجميع.
والخلاصة فإن اجتماعاً عاماً يعقد لقوى اليسار في الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط دون قيود أو شروط مسبقة مع تكليف طرف أو أكثر منها لصياغة ورقة عمل تطرح للنقاش وتتضمن القضايا الخمس المشار إليها سابقاً, أي:
1. تقييم المرحلة المنصرمة واستخلاص دروس التجارب النضالية؛
2. تحديد طبيعة المرحلة الراهنة ومهماتها بشكل موضوعي وعلمي وعملي قابل للتحقيق؛
3. تحديد القوى الاجتماعية والسياسية ذات الاهتمام بتحقيق مهمات المرحلة الحالية, مع رؤية آفاقية؛
4. تحديد أساليب وأدوات النضال من أجل تحقيق تلك الأهداف والدفع بها إلى أمام؛
5. بلورة خطوات التنسيق والتضامن في ما بين قوى اليسار والقوى الوطنية الأخرى على صعيد المنطقة.
إن العولمة الجارية في العالم والشاملة لكل مجالات الحياة والتي تجد تعبيرها في التعاون والتنسيق في ما بين حكومات الدول السبع + 1 أولاً, والدول العشرين التي تشمل, إضافة إلى الثمانية الأوائل, تلك الدول التي يقدر أنها تقف على حالفة التحول صوب العلاقات الرأسمالية المتقدمة ثانياً, وكذلك عملها المشترك لتحقيق مصالحها في المؤسسات المالية والتجارية الدولية ..الخ, تفرض على قوى حركة اليسار في المنطقة أن تلتقي في ما بينها وتتحاور وتنسق وتعمل لصالح شعوبها وما تراه مناسباً في هذه المرحلة الجديدة من مهمات أساسية تمتد إلى العقدين القادمين من القرن الحادي والعشرين.

انتهت الحلقة الثالثة وتليها الحلقة الرابعة والأخيرة الخاصة بالعراق باعتباره نموذجاً لبلورة واقع ومهمات بقية دول المنطقة.
3/9/2010 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستستعيد حركة اليسار دورها الفكري والسياسي على الصعيد العا ...
- افتتاح معرض الفن التشكيلي للفنانين منصور البكري وفهمي بالاي ...
- افكار للمناقشة: هل ستستعيد حركة اليسار دورها الفكري والسياسي ...
- أليس الاختلاف في وجهات النظر والنقاش هو الطريق لتعميق المعرف ...
- إلى متى تبقى الأزمات الراهنة تطحن المجتمع العراقي؟
- سيبقى صوت كامل شياع يطاردهم ويؤرق حياتهم.. وستبقى قامته شامخ ...
- هل من نهاية للأزمة البنيوية الطاحنة في العراق؟
- هل من طريق غير التفاوض مع أوچلان لحل المشكلة الكُردية سلمياً ...
- هل عاد المجرمون من كل حدب وصوب ليغرقوا العراق بالدم والدموع؟
- مناقشة مع السيد مصطفى القره داغي حول ثورة تموز 1958 والعائلة ...
- د.كاظم حبيب في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول اليسار: آف ...
- مرة أخرى حول الواقع العراقي والسياسة الاقتصادية الراهنة في ا ...
- هل ينبغي للسيد السيستاني أن يخشى لومة لائم على قول الحق؟
- مناقشة مع الرأي الآخر حول اللبرالية الجديدة والاقتصاد العراق ...
- السياسة والاقتصاد في أزمة متفاعلة في العراق
- اتجاهات تطور الوضع السياسي والاقتصادي في العراق
- هل يواصل حارث الضاري نشر الكراهية والحقد الطائفي في العراق؟
- رسالة مفتوحة إلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني حول طقو ...
- من أجل أن تبقى رؤوسنا مرفوعة نحلم بغدٍ أفضل وحياة أسعد!
- الزيارات المليونية والموت في العراق!


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كاظم حبيب - هل ستستعيد حركة اليسار دورها الفكري والسياسي على الصعيد العالمي؟ -الحلقة الثالثة- واقع الحركة اليسارية في الشرق الأوسط والدول العربية, مشكلات ومهمات المنطقة