أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مشعل التمو - المقدس السكوني في مقولة رفض تغيير الدستور















المزيد.....

المقدس السكوني في مقولة رفض تغيير الدستور


مشعل التمو

الحوار المتمدن-العدد: 940 - 2004 / 8 / 29 - 02:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الأستاذ عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية السورية , يرفض تعديل الدستور السوري , والإجماع هنا مجازي , لان ليس الدستور بمجموعه مرفوضا تغييره , وإنما فقط المادة الثامنة , وبعض البنود الأخرى التي تعطي حق قيادة الدولة والمجتمع لحزب البعث , ويعتبر الأستاذ خدام أن أي تعديل للدستور يستهدف " تغيير النظام " ؟ ووفق تعبيره لا بد من التمييز بين "" عملية تطوير الحزب والدولة والمجتمع التي هي حاجة وطنية ومن حق كل مواطن"" ، وبين "" عملية تغيير النظام واستبداله بنظام جديد"" ؟ ويسوغ الأستاذ خدام ذلك بثنائية مذهلة , إذ يعتبر الحاجة الأولى مطلبا وطنيا , والثانية وليدة قوى خارجية , إسرائيلية حيث يقول " الحالة الأولى (( حاجة وطنية أكد عليها الرئيس بشار الأسد، كما أكدت عليها قيادة الحزب)) ، أما (( الحالة الثانية التي تدعو إلى تغيير النظام واستبداله)) فهي فكرة من يطرحها (( أحد اثنين:
إما بسيط لا يدرك خطورة ذلك على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها ولا يدري ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، وأما الثاني فهو يعرف النتائج الخطيرة ويريدها ويسعى إليها لأسباب لا تتعلق بمصالح البلاد ولكنها تفيد المشاريع الخارجية من جهة، ومن جهة ثانية إسرائيل، فتزول من أمامها الدولة التي حملت عبء مقاومة المشروع الصهيوني، وبرغم كل الظروف الصعبة، بقيت متماسكة بثوابتها الوطنية والقومية)) .
أن رؤية الأستاذ خدام تنطلق أساسا من رؤية السلطة لإصلاح ذاتها , وإعادة إنتاج مشروعيتها الثورية , وهذه الإعادة نفسها لم تستقر حتى تاريخه في أي اتجاه تسير , اهو الاتجاه الآسيوي , أم الصيني , أم ..؟ هل يتم هذا عبر الإصلاح الاقتصادي الذي أعلن الرئيس بشار فشله , ومن ثم تم التحول إلى الإصلاح الإداري الذي لا زال هو ذاته يعاني ويراوح في مكانه , أم من ماذا , والملاحظ انه يتم دائما أبعاد ركيزة أي أصلاح , آلا وهو الإصلاح السياسي , وفي سياق الأبعاد يرفض السيد خدام تعديل الدستور , ويربط المطلب مباشرة إما بالبساطة أو بالتآمر , بمعنى يجرد المطالب من وطنيته , وهي ذات اللغة العنفية التي سبق وان استخدمها الأستاذ خدام في حملته ضد ربيع دمشق .
أن إسباغ القدسية على المادة الثامنة يطرح آمران اثنان : الأول : انه وخلال هذه الفترة الطويلة من حكم حزب البعث لم يستطع أن يشكل قاعدة جماهيرية , شعبية تكون أصواتها في أي عملية ديمقراطية ملكا لمرشحي حزب البعث , لذلك يلجا في حكمه ليس إلى قوة الصوت الانتخابي , وإنما إلى قدسية مادة دستورية , وهنا أيضا يلاحظ حجم الخوف من انفراط العقد , واعتقد بان هذا الطرح يسيء إلى حزب البعث أكثر مما يثبته في الحكم .
الثاني : أن المجتمع والدولة السورية هي ملك خاص لحزب البعث , محمي بمادة مقدسة , تعطي امتيازات لمنتسبيها وتحرمه عن البقية الخارجة , والبقية _ ثلاثة أرباع الشعب السوري - هي إما بسيطة غير عالمة ببواطن الأمور , يجب قيادتها والإشراف على مسيرتها وتنظيم حياتها , والفئة الأخرى , هي متآمرة ومرتبطة بالخارج , وهي عقلية التصدير الإيديولوجية التي سئمها المواطن السوري ؟.
يعتبر الأستاذ خدام أن عملية تطوير الحزب والدولة والمجتمع " هي عملية وطنية " وهذا صحيح من حيث المبدأ , ولكن كيف يمكن أن تكون عملية وطنية ويمنع ثلاثة أرباع المجتمع السوري من مجرد حتى النقاش حولها ؟ بمعنى أن هذه المقولة تحمل العديد من التناقضات , من حيث اعتبار أن تطوير الحزب , هو تطوير وطني ؟ أي أن الحزب هنا يمثل الوطن وما عداه لا يدخل في عداد هذا الوطن , وبالتالي من ليس بعثيا لا يحق له البحث في التطوير أولا , وليس مواطنا ثانيا , وهو إما بسيط جاهل أو عميل متآمر ثالثا ؟ ووفق ما يقصده الأستاذ خدام فالوطن هنا مقتصر على منتسبي البعث الذين لا يطالبون بتغيير المادة الثامنة من الدستور , وهؤلاء هم المعنيون بالتطوير والتحديث واكتساب صفة الوطنية ؟ .
أن اختزال الوطن في حزب , واعتبار تطوير الحزب هو تطوير للوطن , هو إلغاء للوطن بمن فيه , وجعله في خدمة الحزب وليس العكس , وبالتالي أي تطوير ينطلق من منظار حزبي يكون تطويرا وتحديثا حزبي , وهو تطوير وتحديث مطلوب على الدوام , بحكم أن أي حزب هو أداة نضالية , عليه أن يتطور وفق المعطيات والمستجدات السياسية والمجتمعية , إما أن يكون غاية في ذاته , ويحل محل المجتمع والوطن ويحصن نفسه بمادة دستورية ؟
اعتقد بان الأمر هنا ليس تطويرا قدر ما هو أعادة إنتاج لصيرورة الأزمة , وهي ذات الصيرورة المحددة بلاءات العصبية ومنظومتها الرافضة للأخر من جهة , والتي تعتبر المجتمع قاصرا وليت عليه بمادة دستورية مقدسة لا يجب المساس بها ؟ وبالتالي هناك وراء مقولة الأستاذ خدام ثباتا واضحا وامتناع عن التغيير وإصرار على تحصينات سابقة , تنفي مقولته عن التطوير والتحديث , بل بالعكس تجرد مقولة التحديث من سمتها الوطنية , بحكم أن الإصرار على التقديس وتحريم وتجريم المختلف ينافي ما تطلبه مصلحة سوريا كوطن وكشعب وكمجتمع وكحالة وطنية .
حقيقة , هناك الكثير المستشف وراء مقولة السيد نائب رئيس الجمهورية , وبالحفر لما هو قائم ولما يريده السيد النائب أن يكون , يتوصل المراقب إلى الهدف الحقيقي وراء كل هذا , والذي لا يتعدى وفق ما اعتقد , إلى أعادة إنتاج ذات النظم ونفس الاستثمار السياسي الذي يبدوا أن السيد النائب لا يدرك بان منطق الحياة قد أسقطه , ناهيك عن تداعيات ما حل بالمنطقة , وما يراد لها أن تكون , وبالتالي طمر الرأس في الرمال , اجزم بأنها حالة لا ترضي أي مواطن سوري حريص على وطنه بكليته , وبما يمثله من رأسمال رمزي .
أن المطالبة بتغيير الدستور حالة وطنية , المبتغى منها التوافق مع العصر ومقاومة التحديات الراهنة وتحصين البيت السوري من الداخل , فمنعة الوطن تأتي من داخله , من توافق أبناءه , من تشابك رؤاهم , من اعتراف الكل بالكل , ويبقى الدستور ومسالة تغييره مطلب ديمقراطي , مجتمعي , للحفاظ على الوطن وعلى الدولة وليس العكس , فمن يحمي الدولة هم مواطنوها , ومن يدافع عن الدول هم شعوبها , والدستور هو الناظم للعلاقات المجتمعية , وهو الحكم والمرجعية لكل ابناء الشعب , وبالتالي هو نتاج توافقهم ومعبر عنهم وعن مصالحهم بنفس الوقت , بمعنى ليس الدستور هو من يحمي الدول وإعطاءه هذه القدسية المفروضة من جهة , وتخوين وإدانة مطالبي تغييره من جهة أخرى , أمر واضح الهدف , يراد له أن يكون معبرا عن مصالح شريحة وحيدة على حساب المجتمع كله .
ولنلاحظ معا , في سوريا الأستاذ عبد الحليم خدام يعتبر تغيير الدستور خدمة للخارج ولإسرائيل , ومسالة عدم تغييره هو مسالة وطنية ؟ إما في لبنان فتعتبر المطالبة بالحفاظ على الدستور , مطالبة لا وطنية تخدم الخارج وتضعف استقرار الدولة اللبنانية , وبالعكس تغيير الدستور اللبناني هو من يجسد الوطنية ؟ .
موقفان متناقضان , هنا الدستور مقدس , وثباته وطنية , وهناك تغييره مسالة وطنية ؟ ورغم التناقض الظاهري لكن الموقفان ينبعان من السكون , من محاولة أبقاء الوضع على ما هو عليه في الحالتين , وكل ذلك تحت يافطة الظرف الراهن والعصيب , الظرف المستمر منذ القدم , والمرشح للاستمرار بدون رؤية مستقبلية .

القامشلي
27/8/2004

كاتب كوردي – ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا



#مشعل_التمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات رحلة 4
- يوميات رحلة --3
- صدقية الباحث عن الحق في نفيه حق الآخرين
- يوميات رحلة 2
- يوميات رحلة 1
- صدقية الباحث عن الحق في نفيه حق الاخرين - الحلقة الثالثة
- صدقية الباحث عن الحق في نفيه حق الاخرين - الحلقة الثانية
- صدقية الباحث عن الحق في نفيه حق الآخرين ! - الحلقة الأولى
- مسوغات الاحتقان وحواضن الإزالة
- الولوغ في الأحشاء ؟!
- عزيزي محمد غانم
- فوبيا خارجية أم تصدير داخلي ؟
- لمـــاذا الآن
- شدو الرصاصة في قارورة النار والسياسة
- اجتياح المستتر في عبثية الاختلاف
- القتل وصولا إلى الجنة !
- انعراجات للمعاندة وغوبينو للعنصريـة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مشعل التمو - المقدس السكوني في مقولة رفض تغيير الدستور