أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مشعل التمو - مسوغات الاحتقان وحواضن الإزالة















المزيد.....

مسوغات الاحتقان وحواضن الإزالة


مشعل التمو

الحوار المتمدن-العدد: 812 - 2004 / 4 / 22 - 08:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يتساءل الكثير من الأصدقاء عن سبب الأحداث الأخيرة في القامشلي وسواها من المدن والبلدات الكوردية , بمعنى معقولية امتداد شغب ملاعب بهذا الشكل , قد يكون ما حدث في الملعب سببا مباشرا أو ظاهريا , إنما السبب المباشر هو نفسه نتاج لما تراكم في المجتمع السوري ككل , سواء احتقان المجتمع العربي ومؤثرات هذا الاحتقان وجلها خارجي يرتبط بما يحدث في العراق وفلسطين والشعور المتوالد عن عجز الحكومات العربية عن فعل شيء حيال ذلك , إضافة إلى ما يعانيه المجتمع السوري داخليا من أزمات وصعوبات تتعلق بالمسالة الديمقراطية والقدرة على الإصلاح الوطني والفشل في التنمية ...الخ .
إذا هناك احتقان متراكم في المجتمع السوري عامة , وعلى الجانب الكردي السوري تختلف أسباب هذا الاحتقان وتتعدد , منها ما يرتبط بالوضع السياسي العام , ومنها ما يرتبط بالوضع الكردي الخاص , وبما أن العام والخاص من وجهة نظري مرتبطان لذلك فانا اعتبر الخاص الكردي جزء من قضية العام الوطني .
فمنذ أن ساد الوعي الفوموي الأحادي الرؤية , والنافي لوجود غيره من القوميات والاثنيات والمعاناة الكوردية مستمرة , من حيث استمرارية المشاريع والإجراءات الاستثنائية ضده , بهدف تعريبه وصهره وتذويب شخصيته وهويته القومية والوطنية , وطبيعي أن الاحتقان يتزايد تبعا لتراكماته وما تخلفه القرارات التعسفية بحقه . ولعل مسببات الاحتقان كثيرة ومتنوعة نذكر منها :
- عدم الاعتراف بالوجود الإنساني للشعب الكردي , بمعنى إنكار الوجود يخلق شعورا بالغبن وإحساسا تعبويا ضد ما هو قائم , خاصة وان هذا المُغيب يقوم بكل مهامه الوطنية , ويستجيب لآية مهمة نضالية عامة لخدمة بلده , ومع ذلك تبقى الخدمات له والامتيازات لغيره , بمعنى عدم الاعتراف بالوجود الكردي يعكس إعداما جماعيا إنسانيا بحق أبناء الشعب الكوردي , وهو احد أهم الأفعال التي تتكون عبرها دورات متفاوتة من العنف اللاشعوري بحكم انتفاء الانتماء العام .
- التجريد من الجنسية , وما خلفه ذلك من حقد متراكم في اللاوعي , بسبب استمرارية المشكلة والامتناع عن حلها , لا بل إنكار وجودها , حيث تحولت مع الزمن إلى كارثة إنسانية , ليس فقط بسبب الهوية , وإنما حتى بسبب منع حق العمل وحق التوظيف وحق التملك وحتى حق النوم في الفنادق ؟ وكل هذا أدى إلى نشوء كتلة جماهيرية ضخمة كل أبواب الوطن مغلقة أمامها , وبالتالي لنا أن ندرك الكم الهائل من شعور الغبن المتوالد في اللاشعور , والذي بدوره ينتظر شرارة مهما بدت بسيطة ليجد طريقه إلى الوعي والى فعل ميداني قد لا تحمد عقباه .
- الإحساس بالظلم القومي المترافق مع منع اللغة والاسم الكردي وتحريم التمتع بالشخصية القومية الكوردية في بوتقة الشخصية الوطنية السورية , المقتصرة على شخصية ذات بعد واحد , وهوية ذات بعد واحد , بمعنى هناك غبن مضاعف على الكردي إنسانيا ووطنيا وقوميا .
- التفتيت والتذرر الاجتماعي الذي أصاب المجتمع السوري ككل , والفشل في مشاريع التنمية , والأصح عدم وجودها في محافظة الحسكة , والإبقاء على المحافظة كبقرة حلوب دون أن تتمتع بالقليل من خيراتها , وهذا أبقى الوضع الاقتصادي بدائيا زراعيا متخلفا في علاقاته الاجتماعية والاقتصادية , وخلق الكثير من الحرف والأعمال الهامشية , التي لا تمتلك قيمة العمل ولا تستطيع تلبية حاجات المعيشة اليومية المتزايدة .
- الأعلام الموجه ضد كل ما هو كوردي , والإصرار على التعريب بشكل منافي للوجود الاجتماعي والإنساني , ولعل الأعلام العربي وخاصة بعض الاقنية التلفزيونية كالجزيرة وغيرها , وإصرارها على تحميل الأكراد مسئولية إسقاط صدام , خاصة أثناء وبعد سقوط ديكتاتور العراق , بشكل يقولب الحقيقة الموضوعية ويجعل من صدام بطلا وليس سببا لما حل بالوطن العربي ككل , وبالتالي التعامل مع الشعب الكردي على خلفية موقفه وعدائه لصدام ! وهو ما يراكم مع الزمن أحساس بمدى جدية الانتماء لهذا الوطن المقتصرة فيه المواطنة على جنس دون آخر وعلى حزب دون غيره .
- أن الذاكرة الكوردية تختزن صورة صدام في العديد من المشاهد , منها قتل وإعدام المئات من رفاقه بحجة العمالة لسوريا , ومنها السيارات المفخخة التي كان يرسلها لنا , ومنها مجزرة حلبجة ومذابح الأنفال الجماعية , ومنها مذابح الشيعة ومقاصل السنة , ومنها الحرب على إيران واحتلال الكويت , ونهب الثروات العراقية واستنزاف الكثير من طاقات الشعب العربي في معارك خدمية لأميركا تحديدا ؟ وبالتالي فمن وجهة نظري إذا كنا كشعب كوردي في سوريا ندفع ضريبة عدائنا لصدام فنحن لسنا بنادمين على ذلك العداء , واعتقد بان ما فعله صدام بنا كسوريين وكوطن لا زال محفورا في ذاكرتنا جميعا لو تجردنا قليلا من الأوهام , بمعنى نحن عانينا كوطن سوري من أفعال صدام أثناء وجوده ويبدوا انه يراد لنا أن نعاني حتى أثناء غيابه ؟ وفي هذا الصدد أيضا أقول لأخي السوري أنا احترم حبك لصدام , وأتمنى أن تحترم أيضا كرهي له , ولنبعد الحب والكره هذا عن دائرة علاقتنا الوطنية , بحكم أن الحب والكره حالة زائلة لا تدوم , بينما العلاقة الوطنية والتعايش والأخوة هي ثوابت في هذا الوطن لا تزول ؟.
- مسالة الانتماء الوطني التي تفتت في الشارع السوري , ليس فقط لدى الشعب الكردي وإنما حتى لدى الشارع العربي الذي بات انتماءه أما عشائريا , قبليا , أو طائفيا , ومعلوم أن تعبيرات القبيلة والعشيرة تعبيرات ما قبل مدنية , لها قيمها ونواظمها وانتماءاتها المختلفة عن الانتماء الوطني .
- الإصرار على أبراز مقولات وقيم تعنى بدائرة صغيرة سواء كانت قبيلة أو سواها , وهي قيم لها حيزها الجغرافي الصغير جدا لا تتعداها إلى قبيلة أخرى , ولا تشمل سوى مساحة صغيرة من الوطن وبالتالي لا تشكل قاسما مشتركا بين الجميع , بمعنى الوطن يشمل الجميع ويحتوي الجميع , بينما أبراز الحلقات الصغرى ولد أحساس وشعور بضيق حيز الانتماء , إذ بعد أربعة عقود من حكم حزب علماني في مبادئه النظرية ينحصر تمثيل المجتمع في رموز قبلية لا تمثل القاعدة الاجتماعية الضخمة , خاصة في الشارع الكردي الذي هو لا يكن آية صدقية للكثير من هذه الرموز المتهالكة .
- أن الاعتماد على العشائرية العربية ( وهو ما تجسد فعلا سلبيا في الأحداث الأخيرة ) مع أعادة إنتاج قيمها , ينفي الانتماء الوطني من جهة , ويعكس انتفاء الدولة كمؤسسات , ويجعلها طرف يحتمي بالعشائرية , وليس بقانونية وجودها المفترض أن يكون للجميع ؟ بمعنى أصبحت مؤسسات الدولة جزء من عشائر متناثرة المصالح والرغبات وليس العكس , ناهيك أن الوطن لدى القبيلة هو حدود القبيلة والانتماء لا يتجاوز تلك الحدود .
- الخطاب الاقصائي ضد الكردي ودعوات التطهير العرقي والممارسات العنفية الاذلالية , تولد نتائج عكسية , إذ الهدف منها هو تحطيم السيكولوجية الإنسانية وخلق حالة رقية عبودية , خنوعية ؟ وهذه كان يمكن أن تؤدي إلى بعض النتائج المراد الوصول لها , لو كان المجتمع الكردي مجتمعا مغلقا , ولكنه يمتد على مساحة الوطن , بالإضافة إلى اختلاف الظروف كافة داخليا وإقليما ودوليا , وبالتالي الممارسات هذه , تدفع إلى التطرف وتراكم روح الانتقام وليس روح الاستيعاب , ويمكن تسمية ما فعلته الأجهزة المختلفة عبر خطابها الغرائزي في الشارع العربي بالكارثة الوطنية , إذ أن استخدام هذا الخطاب الغرائزي يمتلك قدرة كبيرة على التحشيد والتجييش والتعئبة , وهو يفعل كالنار في الهشيم , والهشيم متواجد وبكثرة في المجتمع ؟ أن الخطاب الغرائزي غير المعقلن , خطاب كارثي مرفوض وطنيا آيا كان منبعه ؟ ؟ .
أن مولدات الاحتقان وكما أسلفت متنوعة منها العام , بمعنى الموجودة في كل الوطن , والخاص الكردي الإضافي ؟ ولعل بعد النظر المترافق مع الإحساس بالوطن كحالة أرقى , هو ما يدفع للبحث عن حلول عاجلة واسعافية ومن ثم تصحيح الاختلال في الراهن ليكون سندا للقادم , والذي قد يفوق توقعاتنا جميعا , واعتقد بان الحل سهل فيما لو توفرت أرادة الحل , ولعله يتجسد في مستويين , سياسي واجتماعي , ويتضمن السياسي منحى عام يتعلق بمشروع الإصلاح الوطني والديمقراطي في البلاد , ومنحى كوردي خاص يؤطر الانتماء الوطني ويدفع باتجاه أعادة اللحمة الوطنية , واجتماعي تنموي له أبعاده المختلفة والتي تحقق قدر من مستوى معيشي إنساني , واعتقد بان البداية تكمن في محاسبة المسئولين الذين كانوا سببا في اندلاع الأحداث الأخيرة وإحالتهم إلى القضاء , والكف عن حملة الاعتقالات العنفية والممارسات الاذلالية ضد المعتقلين المتضمن القتل تعذيبا وعلى الهوية لما يشكله ويراكمه من أحقاد وضغائن ليست في مصلحة الوطن في شيء , وبالعكس فان تعويض ذوي الضحايا وتعزيتهم والإفراج عن المعتقلين وغالبيتهم أبرياء من أي فعل جرمي سوى كرديتهم , علما بان القضاء والتحقيق النزيه هو الجهة التي تثبت براءة أو إدانة أيا من هؤلاء , وبالتالي من المفترض أحالتهم إلى القضاء , وهذا سيخلق أرضية صالحة للبناء عليها وتجاوز الحدث عبر فعل وطني سياسي عام يحصن الوطن المشترك ويعيد ترتيب بيته من الداخل , وهو الضمانة الأكيدة لمقاومة الخارج بما يمثله , بمعنى اعتقد بان تقييم السبب والنتيجة بشكل عقلاني يكون هاجسه المصلحة الوطنية العليا , ومن ثم البدء بجملة معالجات سياسية , تزيل الاحتقان وتستقطب هذه الكتلة الجماهيرية وتعيد انتماءها الوطني , عبر سلسلة من الإجراءات التصحيحية ولعل أهمها هو :
- الاعتراف بالوجود الكردي واعتباره حالة وطنية أصيلة وجزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري ؟
- أعادة الجنسية للمجردين منها , سواء المعتبرين أجانب في وطنهم , أو المكتومين المتزايدين بحكم التوالد والتكاثر , وهم أبناء هذا الوطن على عكس فبركات الضيافة أو الطيران عبر الحدود .
- الاعتراف باللغة الكردي والسماح بتعليمها في المناطق الكردي .
- الإقرار بمواطنية الإنسان الكردي من حيث الحق والواجب .
- حرية تشكيل التعبيرات السياسية والثقافية للكورد .
- الاهتمام بالمحافظة وغيرها من المناطق الكوردية تنمويا
ما أتمناه هو أن تسود العقلانية وان تتضافر جهود العقلاء من أبناء هذا الوطن مسئولين ونخب سياسية وثقافية وفعاليات اجتماعية للعمل كورشة وطنية لتجاوز ما حدث وازلة مسبباته , فسوريا تحتاج كل أبناءها ومن المفترض أن تكون لكل أبناءها .

القامشلي
14/4/2004

كاتب كوردي سوري , ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا



#مشعل_التمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولوغ في الأحشاء ؟!
- عزيزي محمد غانم
- فوبيا خارجية أم تصدير داخلي ؟
- لمـــاذا الآن
- شدو الرصاصة في قارورة النار والسياسة
- اجتياح المستتر في عبثية الاختلاف
- القتل وصولا إلى الجنة !
- انعراجات للمعاندة وغوبينو للعنصريـة


المزيد.....




- السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
- -عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا ...
- غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي ...
- وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع ...
- مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
- أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
- من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما ...
- إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي ...
- كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مشعل التمو - مسوغات الاحتقان وحواضن الإزالة