أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ابراهيم عباس نتو - غازي القُصيبي و البحرين!















المزيد.....


غازي القُصيبي و البحرين!


ابراهيم عباس نتو

الحوار المتمدن-العدد: 3101 - 2010 / 8 / 21 - 21:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تأبيناً للمرحوم الدكتور غازي عبدالرحمان القصيبي
غازي القـُصيبي و البحرين!


الَمَت بالمرحوم الدكتور غازي عبدالرحمان القصيبي وعكة سرطانية معوية بُعيد حلول عيد ميلاده السبعين الميلادي. (ولد في الاحساء، المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، في يوم السبت، 2 من مارس 1940م؛ الموافق 22 من المحرم 1359هـ؛ ثم نشأ و ترعرع في البحرين.)



كان د.غازي قد اتمّ دراسته الى نهايات المرحلة الثانوية في مدارس البحرين..ثم سافر الى مصر للمرحلة الجامعية الأولى، و كان معه عدد من ابناء البحرين، كان منهم: الشاعر/ عبدالرحمان رفيع، و رجل الأعمال/ محمد كانو، و القاضي/ محمد صالح الشيخ.



أشيرَ الى هؤلاء الأربعة ببعض بنان عند صدور اول رواية للدكتور غازي، شقة الحرية، بأنهم ربما كانوا المقصودين برفاق "فؤاد"، الشخصية الأساسية في الرواية. لكني سمعتُ كلاً من الأربعة و هو لا يقرّ بذلك؛ أما د.غازي نفسه، فكان يشير الى كون الكتاب "رواية"، و أن شخصياتها الأساسية الأربعة قد تنطبق على أي من رفاق الدراسة في القاهرة حينئذ، أو كل من رفاق الدراسة الأربعة اولئك.. (الذين بالفعل تشاركوا معه في سكناهم في شقة في الدُّقي في حي العَـَتـَبة خلال دراستهم الجامعية في القاهرة). لكنني لاحظتُ ان كلاً من الأربعة لم يؤكد ..و لم يدحض.



لقد لاحظت في البحرين ان كانت هناك محبة غادقة للدكتور غازي و حظوة في مختلف طبقات و فئات البحرينيين و البحرينيات. كما كان قد عـُدّ ضمن الشعراء "البحرينيين" في معظم المواقف، و خاصة في كتاب أعده د.هاشم العلوي، بعنوان: شعراء البحرين المعاصرون، فضم الكِتابُ 24 شاعراً "بحرينيا"، جاء د.غازي في اوائلهم.. بُعيدََ الشاعر إبراهيم العـِريِّض و من كان في سِنه.



كما لاحظتُ حظوة خاصة و محبة عند امير البحرين و لدى عموم شيوخها.. مثلما بين ادبائها و اعيانها و عموم مواطنيها. ذات مرة، رأيت المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان (والد الشيخ حمد، ملك البحرين الحالي)..و هو يعود د.غازي اثناء وعكة المت به في 1985م، و قام شخصياً بزيارته في مستشفى البحرين الدولي.. قرب مسكن معاليه حينها في منطقه المقشاع،على طريق البُديّع. كما كان ملاحظاً ملاقاة الشيخ عيسى له ببشاشة و حفاوة، أكثر من البشاشة المعهودة منه اصلاً للجميع,



و كان مما لاحظتُ، عبر السنين، اهتمام د.غازي الدائب الدائم بالبحرين و شئونها و متطلبات التنمية فيها بعامة و بصفة متواصلة. فكان هناك الكثير مما شاهدته و استنبطته من وثيق صلاة د.غازي و حميم متابعته للتنمية و البناء في البحرين حتى و هو بعيد عنها في مختلف المناصب التي تقلدها..في الرياض او خارجها.



و كان شريكه المباشر في تنسيق و تنفيذ المشاريع البحرينية المرحوم المهندس يوسف احمد الشيراوي-الوزير السابق للتنمية و الصناعة في البحرين. فلقد كان الأخير دائب التواصل مع الدولة السعودية بواسطة د.غازي و علاقاته الشخصية معه..أو بحكم عضوية كل منهما في مجلس وزراء بلده..أو مع تشابه التخصص الإداري بينهما احياناً ايضاً، مثلما حين كان القصيبي وزيرا للصناعة و للكهرباء حينما كان الشيراوي وزيراً للصناعة و التننمية.



و لكن اوجه التعاون و المشاركة السعودية في مشاريع البحرين لم تقتصر على باب او ناحية معينة. بل احسستُ و كأنّ المملكة كانت تنظر الى البحرين، وفيما وراء دور د.غازي، و كأنها قطعة من جسدها و تضعها قريبة الى قلبها. فمن بين مختلف المنشئات الكبيرة العامة فيها..و فيما وراء مشروع الجسر الذي كلـّف -وقتها- ملياراً و نيَف من الدولارات مـَوّلتها المملكة. و كانت شركة "البلاد" السعودية المقاول الرئيس للمشروع..(الذي نفذته شركة بالاست- نيدام الهولندية.)



و لقد فهمت أثناء اقامتي في البحرين (لتي بدأت بإعارتي من جامعة البترول الى عضوية هيئة التدريس في جامعة البحرين، ثم مَدّدتها -أنا- فأقمتُ بعد ذلك لمدة عقدين وسنتين وشهرين ويومين!!)؛ أقول لاحظتُ أن مشروع الجسر كانت له جذور قديمة، منذ أيام الملك فيصل، حينما قدِمَ سمو الشيخ خليفة بن سلمان -رئيس وزراء البحرين- للقاء جلالته في 1969م.



و كان ولا زال هناك عدد من مشاريع التنمية والبناء التي ساهمت و تساهم فيها المملكة في البحرين، فكان من ذلك انشاء الاستاد الوطني (توأم استاد مكةالمكرمة الرياضي)، و المركز الطبي بمشفى السليمانية الملاصق لكلية الطب في منطقة المنامة، و غيرهما. و ذلك إضافة الى تسيير رواتب عدد كبير من الممرضين والممرضات المتعاقدين في المشفيات، وعدد كبير من المدرسين و المدرسات المتعاقدين في وزارة التربية والتعليم، كانت معاشاتهم تصرف من مكتب الملحق الثقافي في السفارة السعودية، قبل و أثناء و بعد فترة خدمة د.غازي سفيراُ في البحرين. فلم استغرب مطلقاُ أن قام الملك عبدالله منذ شهور قليلة خلت بتقديم حوالي المليار لبناء مجمع طبي و نحوه في مملكة البحرين.



و الذي فهمته ايضاً خلال اقامتي في البحرين و من خلال قراءاتي، ان السعودية قامت و تقوم بهذه المساهمات..ليس فقط من باب حسن الجوار، أو لتواشج اواصر الصلات الممتازة و المتميزة بين البلدين، و لا فقط حماية للبحرين من الضغوط الخارجية..و لصون استقلالها (منذ استفتاء الامم المتحدة لشعب البحرين حيال رأيهم إما الانضمام الى ايران كما كانت الأخيرة تطالب..او الاستقلال؛ و قد صَوّت شعب البحرين في 1965م لصالح الاستقلال)؛ و لا فقط لعضوية البحرين في مجلس التعاون الذي انشئ في 1981م؛..

بل أيضاً لسبب آخر سابق هو دور للبحرين في تأسيس الدولة السعودية الثالثة و انشاء المملكة العربية السعودية اثناء قدوم المرحوم الملك عبدالعزيز بن سعود إلى شيخ البحرين قبيل مطلع القرن العشرين و حصوله على دعمَيه الأدبي و المادي..في سيرورة محاولاته لاسترجاع الرياض من ابن الرشيد.



من جملة نقاط القوى المميزة للدكتور غازي أنه جاء من بيت ثراء و أيدي بيضاء؛ فلم يكن حتى يـُـظن به اي مظنة مادية وراء اي من المناصب و المراكز الحساسة التي تقلدها؛ بل خدم وطنه كإداري مسؤول لا يحتاج هو الى الوظيفة يل هي تحتاجه؛ و لا يحتاج الى المردود المالي لمركزه الإداري..بل المركز يحتاجه و يدر مردوداً مادياً بسببه.



و هو ابن التاجر الذي كان من كبار اثرياء عصره. فلقد كان والده، عبدالرحمان القصيبي، و هو الأحسائي المنشأ ..اول رئيس للغرفة التجارية في البحرين. و لم يتردد في مؤازرة و دعم المملكة في فترة من فتراتها التأسيسية أو العصيبة.



و لقد تمت تسمية والده من قبل المملكة، في خمسينات القرن العشرين، بمسمى "وزير دولة"، و بلقب "معالي". و كانت تلك التسمية و ذلك اللقب، فيما أعلم، فقط له و لثلاثة آخرين من المواطنين الذي اسهموا مثله في خدمة و دعم الدولة/ الوطن. (و كان من الأربعة: "معالي" حسن عباس شربتلي، و "معالي" عبدالله بن عدوان..(و للأسف، لا اذكر الآن الشخصية الوطنية الرابعة). كان تشريف أولئك الأربعة، بتلك الصفة، هو الأول من نوعه، و فيما أعلم.. الأخير.



من مواقف نبل المرحوم د.غازي، الحادثة الشهيرة التى وقعت في اواسط سبعينات القرن الماضي/العشرين. كانت حدثاً فريداً، حينما عرضت شركة كورية في قطاع الكهرباء مبلغاً من المال جاوز الثلاثة ملايين (و كان مبلغًاً ضخماً وقتها) رشوة للمرحوم معالي المهندس محمود خليل طيبة، المسؤول وقتها عن المؤسسة العامة للكهرباء..ذات التبعية لوزارة الصناعة و الكهرباء و وزيرها د.غازي؛ فما كان من المهندس/طيبة، وهو صاحب زهد عميق، الأ أن اخبر د.غازي فوراً. و ما كان من الأخير إلاّ و شجع المهندس طيبة على "قبول" المبلغ! و على ترتيب موعد و لقاء مع الكوريين في مكتب المهندس لتلقي المبلغ. و حينما اتى مندوبو الشركة حاملين شنطة سامسونايت فيها المبلغ نقداً، و مع بدء "الاجتماع"، اكتشفوا ما كان مُعداً لهم: ثلة من افراد الجهات الأمنية؛ و وقعوا في المصيدة!



*********



فهل من الكثير او من المبالغة حينما قمتُ بعنونة قصيدة من قصائدي في د.غازي .. بعنوان: من مثلِ غازي..هاتِ يا أيامي! (القصيدة مشمولة في هذا المقال.)



لقد سعدتُ بمعرفة المرحوم د.غازي منذ 1973م في الرياض حين كان اطفال كلٍ منا في مدارس الرياض الأهلية. ثم دام تواصلنا، على الأقل اسبوعياً، بما في ذلك في ديوانيته في السفارة السعودية في البحرين بعيد تعيينه سفيراً هناك (بعد ربيع ساخن في الرياض في 1984م.)



حدث ان شرعتُ في نظم الأبيات مع بدايات فترة د.غازي ..في دولة البحرين. فطفقت آتي بين ثلاثاء وآخر..من فترة لأخرى..ببعض الأبيات..في قصائد غير مطولة..كانت تتفاعل مع الأحداث..مثل استشهاد "عروس الجنوب" (سناء يوسف محيدلي)، كردٍ على غزو لبنان؛ ثم مناسبات اجتماعية في الديوانية؛ و بعض الأقوال الغزلية؛ او ما كان في ابواب النصيحة؛ ثم عن حدث العصر المتمثل في غزو الكويت (الذي انبرى له د.غازي إعلامياً بالكاع و الذراع)؛ و كذلك عدد من القصائد في مختلف الموضوعات..كان فيها للرومانسية نصيب.



و لقد شجعني وقتها د.غازي..حتى انه، لكرم لطفه، كان يطلب "الإعادة" (و لو انه كان يريد استيعاب البيت المعين ..ليساهم في "تجبيره"!) بل بلغ فضلُه ان طلب من وقت لآخر قراءة قصيدة كنت قد كتبتها في وقت سابق، و كان-ما ألطفه- يقول "أنا راوية الدكتور نتو"! و تجمَّعت عَبر السنين عشرات من القصائد..كنت أدوّنها و أحملها في دفتر صغير..دأبنا على تسميته بـ"الدويوين"، تصغير الديوان. ثم واصل د.غازي تلطفه بي.. بعد ان انتقل الى السفارة في لندن ..فكتب عني مقالاً في المجلة العربية.. و نوَّه بأبياتي التي صدرت في البحرين في شكل ديوان! ..ثم تمادى مؤخراً في تلطفه بي، فنشر المرحوم عني جزءاً في كتابه الأخير.



استمرت ديوانية د.غازي طيلة فترة عمله سفيراً في دولة البحرين لسبع سنوات سمان..قبل انتقاله سفيراً في لندن لمدة اكثر من عقد من الزمان؛ و كانت الفترتان جزءاً من سيرورة حياته الزاخرة في كلٍ من مجاليْ الدبلوماسية و الادارة ..خدمة لوطنه في الداخل و الخارج.



"ديوانيته" كانت ليلة أسبوعية ابتدعها د.غازي منذ تعيينه سفيراً، مساء كل ثلاثاء في مبنى السفارة السعودية في دولة البحرين، ثم شابهه عددٌ من سفرائنا في عدد من السفارات في الخارج. و كان يحرص على الحضور بانتظام، و على استضافة عدد من الزوار السعوديين المشاركين في عدد من المؤتمرات و الندوات المنعقدة هناك، اضافة الى استضافة عدد من أدباء البحرين ذاتها.



كانت جلسات الديوانية في مبنى السفارة.. و قام د.غازي بتسمية الطابق الذي كانت الديوانية تعقد فيه بمسمى النادي، فكان من المرتادين منسوبو السفارة، سواء منهم العاملون في مبنى السفارة بالذات أم من الملحقيات التابعة لها: العسكرية، و الدينية، و الثقافية. و كان د.غازي يشجع على روح التسلية و الحبور مع تناول القهوة و الشاهي كل ثلاثاء في المساء..و كل ليلة خلال رمضان. و مع تقديم العشاء كلما يستضاف ضيف.



كان المرحوم قد قام بتثبيت فكرة "النادي" في مبتى السفارة (ليجتمع فيه منسوبو المملكة المقيمون في البحرين مساءاً في (الديوانية) في مخططات المبنى الجديد (الحالي) للسفارة، الواقعة بين السفارة الكويتية و مؤسسة النقد البحرينية، في الحي الدبلوماسي، على شارع الملك فيصل. و كان مقر "النادي"..في الدور الأول/ الأرضي، فصار المبنى الجديد يشمل بهو السفارة نهاراً، ثم يصبح في المساء ملتقى اسبوعياً..و كذلك في الأعياد و المناسبات..لمرتادي النادي من السعوديين المقيمين.. و للقادمين للسلام و التسامر من اهالي البحرين من ادباء و تجار و نحوهم.

و سرعان ما غادر د.غازي البحرين سفيراً للسعودية في لندن. ثم عُيــِّن الأستاذ عبدالله عبدالعزيز السديري سفيراً جديدا. و تم تنفيذ و تدشين المبنى كما رسم د.غازي له ..فاحتوت طوابقه المتعددة عدداً من الملحقيات المتجمعة، الى جانب مكاتب السفير.



كان مما يمارَس من تسالي في الديوانية هما لعبة الكيرم و البلوت. و ذات رمضان، أقيم حتى "دوري" للعبة البلوت..بل و تم تقديم كأس للفريق الفائز! كان د.غازي لا يعرف لعبة البلوت..لكنه كان يجيد لعبة الكيرم. و كان في النادي/ الديوانية أيضاً طقم لعبة الشطرنج و كان د.غازي يجيد هذه ايضاً؛ الا أنه لاعبني مرة..و صادف أن فــُزتُ، فكانت جولة تلك اللعبة الجولة اليتيمة و الوحيدة التي جرت في الديوانية. و ليت نتيجة لِعبنا لم تكنِ!!



******



ممن اذكر الآن ممن احتفي بهم د.غازي في الديوانية بمبنى السفارة: الفنان/ رئيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية عبدالحليم رضوي؛ الفنان التشكيلي محمد السـِّليم؛ الأديب/مؤسس صحيفة الجزيرة عبدالله بن خميس؛ الأديب//رئيس صحيفة "البلادالسعودية" محمد حسين زيدان؛ د.رضا عبيد، رئيس جامعة الملك عبدالعزيز سابقاً؛ الشاعر البحريني عبدالرحمان رفيع؛ و غيرهم.



و ممن أحتفى بهم د.غازي كان شاعرُ البحرين الكبيرُ ابراهيم عبدالحسين العِريّض، حينما منحته الدولة السعودية وسام الملك عبدالعزيز؛ و تم ذلك الاحتفاء في منزل د.غازي في منطقة الجسرة في حفل عشاء ضم عدداَ من المسؤولين و الأعيان. كما أذكر العشاء الخاص انه اقامه د.غازي في داره لمعالي عبدالوهاب عبدالواسع ..وزير الحج و الأوقاف وقتها.



كما احتفي السفبر د.غازي بقدوم الأمير خالدالفيصل في 1985م، ايام كان الأميرُ مسؤولا عن منطقة عسير، في أمسية شعرية عامرة في المنامة قدّمها سموُه، و شاركه فيها د.غازي بقصائد من بعض دواوينه.



و في حفل استقبال جلالة الملك فهد في دولة البحرين لافتتاح تشغيل "جسرالمحبة" في عصر يوم الأربعاء، 26من نوفمبر1986م، الموافق 23 من ربيع الأول 1407هـ، ألقى د.غازي قصيدته المشهورة، ذات المطلع:--



"ضربٌ من العشقِ، لا دربٌ من الحجرِ # هذا الذي نقلَ الواحاتِ للجـُزرِ"



(واحات الاحساء و القطيف من جهة، و من الجهة الأخرى جزائر ارخبيل البحرين الثلاث والثلاثون). لقد عقد الافتتاح في حفل خاص في صِيوان اقيم على جزيرة أم الصُـبـّان، و هي الجزيرة الواقعة في منتصف الجسر ذي الطول الإجمالي 22كيلاً بين البلدين. و هي التي تحوي حالياً مركزي الجوازات و الجمارك و كذلك مصلى و مطعماً على كل جانب من الحدود(!!) إلا انه تقرر منذ سنوات قريبة إقرار العبور ببطاقات الهوية الشخصية بين طرفي الجسر، و هذا مما يفرح!)



في هذا الحفل، قام سمو أمير ادولة البحرين أنئذ/ الشيخ عيسى بن سلمان الخليفة بإلقاء كلمة..أعلن فيها إعادة تسمية الجسر بإسم جسر الملك فهد. (و كان جلالته قد قرر رفع نسبة البحرين من انتاج النفط بقرب جزيرة أم سعفة في منطقة خليج البحرين و خليج القطيف..من 50 ألف برميل يومياً الى 100 ألف.)



كما ان "جسر المحبة"/جسرالبحرين/جسرالملك فهد كان قد شمل.. مع وقت اتمامه -و بعده- إنشاء و رصف عدد من طرقات البحرين العامة و الكباري و الشوارع ..ليس فقط ما كان منها على الامتداد الموصل لانتهاء الجسر في ميناء سلمان في شرق البحرين؛ فلقد كانت فـُـرضات هذا الميناء تمثل "نهاية" طريق الجسر؛ و كان الدافع المباشر الذي ذُُكر قبيل بدء مشروع الجسر هو تخفيف الضغوط على ميناء الدمام..ايام تزاحمت و تقاطرت البواخر عليه و كذلك على ميناء جدة..و سعياً لحل مشكلة تأخر تفريغ البضائع لعدة شهور إبان الطفرة النفطية الأولى في كل من المينائين. غير ان صيغة هذا التعليق -فيما أعلم- لم يتم تداولها منذئذ!



كما أقام امير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان حفل عشاء ضخم في قصره في منطفة "الرفاع" احتفاءا بمقدم الملك فهد..و دَعى اليه عدداً من كبار البحرينيين و المواطنين السعوديين المقيمين في البحرين.. بمن فيهم اساتذة الجامعات..رأيتُ منهم د.محمد محمود سفر، الذي كان رئيس جامعة الخليج حينئذ.



ثم أقام د.غازي ضحى الغد في حديقة منزله في منطقة "المقشع"/ المقشاع حفل استقبال للملك فهد و ذلك لتلقي سلام المواطنين السعوديين المقيمين في دولة البحرين. و لقد لاحظتُ ساعتها تواجد الشيخ عيسى الى يمين الملك فهد..ثم علمتُ ان الشيخ كان قد قرّر أن يكون هو "المرافق" (على وزن "الوزير المرافق") للملك فهد طيلة زيارته و خلال كل جولاته في دولة البحرين..و ذلك إمعاناً في الحفاوة و الاحترام لجلالته.



********

في احدى الجلسات الدورية لديوانية السفارة، حدث ان كان الدكتور غازي مسافراً، فقلتُ فيه الأبيات التالية:-



مِن مثلِ غازي، هاتِ يا أيامي!





مِِن مِثلِ غازي، هاتِ يا أيامي

من صِنفه، علماً على الأعلامِ



في كـل تنمـية تجـِدْه "جـُبيلـَنا"

يحدو الصناعةَ.."ينبعَ" الاحلامِ(1)



و كذا "الإضاءة" بلْوَرتْ ارجاءَنا

انــوارُهـا تـعـلـو مــع الايــام



و"المَشفياتُ" بناؤُها و دواؤُها

صََـرحٌ معـلىّ .. بــَلسمُ الآلامِ(2)





النثر دارِسُه، و الشعر فارسُهُ

سِـيانَ في الانـثار و الإنـظـامِ



قد صالَ في لغة البديع يراعُـه

و لدَََى الفرنجِِ ..لسانُ باكنهامِ(3)



نجمُ السياسة، عالماً و مـعـلـماً

في الجامعات عَميدُها المتسامي(4)



هو في الوزارة و السفارة لؤلؤٌ

في صدر منبرِه العلي (الدِّبلامي)(5)



الجسر واكبـَه، بـَدءاً بـنشئـته

للافـتتاح .. و كان في الاحلام



أنظر و عدِّدْ في مناكب ارضنا

تـحـصى مناقبُــه بلا ايـهـام



هذي المبرةُ للطفولة انشئت

تسعى لصونِ الجسم و الأفهامِ(6)



هو الوفاءُ، و في الخليج شواهدٌ

مـحفـوفـةُ بالبـِر و الإسـهـامِ



و هو الوفيُّ لكلِ ضيفٍ وافدٍ

و هو القـُصيبي.. مـَفخرُ الآنامِ!

------------------

1. عضو الهيئة الملكية للجبيل و ينبع، التي عملت على انشاء عدة مشروعات صناعية في تلكما المدينتين، الأولى في شرق المملكة العربية السعودية و الأخرى في غربها؛

2. وزارة الصناعة و الكهرباء؛

3. المَشفيات= "المستشفيات". اصبح معاليه وزيراً للصحة، و كانت آخر وزارة تولاها قبل نقله الى البحرين سفيراً.

لغة البـَديع: اقصد هنا اللغة العربية.

لغة "باكنهام": اللغة الانگليزية، إشارة هنا الى القصر البريطاني المعروف، باكنگهام.

4. استعمالي للفظة "دبلامي" هو تحوير تجديدي مني، و المقصود "دبلوماسي"؛

5. شغل د.غازي منصب عميد السلك الدِِّبلامي/ الدبلوماسي في دولة البحرين.

6. كانت من جملة اعمال الخير التي قام بها د.غازي–في فترة عمله في الرياض قبل مغادرتها سفيراُ في البحرين..انشاؤهٌ مبرة ترعى الأطفال المعاقين ..و كانت الأولى من نوعها، و كان لي شرف ان أكون وقتها عضواً مساهماً فيها. (بعد مغادرة د.غازي الى البحرين، تلاه في رئاسة مجلس إدارتها الأمير سلطان ين سلمان ..رائد الفضاء السعودي.. الرئيس الحالي للهيئة العامة للسياحة والآثار.)



المناصب التي تولاها د.غازي:-





* أستاذ مساعد في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض 1965م /1385هـ
* كما كان، في فترات: مستشاراً قانونياً في مكاتب استشارية؛ و في وزارة الدفاع والطيران ..(لعلها شملت استشارات قانونية خلال بعض المشاكل من اليمن)؛ و وزارة المالية؛، و كذلك معهد الإدارة العامة.
* عميد كلية التجارة (كلية العلوم الإدارية) بجامعة الملك سعود 1971/ 1391هـ
* مديرعام المؤسسة العامة للسكك الحديدية 1973/ 1393هـ

(و كان يقدم برنامجاً على التلفاز السعودي بعد ظهر الجمعة، تعليقاً على احداث الأسبوع.)
* وزير الصناعة والكهرباء 1976/ 1396هـ
* عضو، الهيئة الملكية للجبيل و ينبع، (برئاسة الأمير/الملك فهد)؛ 1976م/ 1406هـ

* وزير الصحة 1982/ 1402هـ
* سفير السعودية لدى البحرين 1984/ 1404 هـ
* سفير السعودية لدى بريطانيا 1992/ 1412هـ
* وزير المياه والكهرباء 2003/ 1423هـ
* وزير العمل 2005/ 1425هـ حتى وفاته: الأحد 15-8- 2010

5 من رمضان 1431هـ

***************

و بعد،

تمت مؤخراً معالجة د.غازي في مرضته الأخيرة في امريكا، و قضى فترة نقاهة في ولاية أريزونا.. ثم في منزله في منطقة الجسرة في غرب مملكة البحرين؛ و بعد معاودة معالجته في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ..توفي المرحوم في ناصفة اغسطس 2010م/ في الخامس من رمضان 1431هـ،



حضر الصلاة عليه نائب امير الرياض الأمير سطام مع جمع من المصلين، بإمامة سماحة مفتي البلاد، في مسجد الإمام تركي بن فيصل..في الرياض.



*************

وداعاً.. يا غازي!

*************************************



#ابراهيم_عباس_نتو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مجتمع متصالح عندنا
- مُجتمعُنا -مَضروب-/ مَخبوص!
- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: 8 من مارس المرأةُ و -تنظيمُ ال ...
- حرية -الإيمان- من حقوق الإنسان!
- فاجعة ُالعيدِ عَلى شَطِّ الخُبَر!ا
- لا بُدَّ أن نشدو، وأن نَتَبسما!
- لا بُدَّ أن نشدو، وأن نَتَبسما!
- طرد حاكم ولاية إلينوي..في امريكا
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- خُمسُ الشيعة..و رُبْعُشْرُ الُسّنة
- تمكين الفتاة السعودية من المشاركة في الأولمپياد (التالي !)ا
- يوسف شاهين، كبير الفنانين
- ليت بالامكان توجيه المطاوعة للعمل التطوعي
- السعوديات قادمات! لا أويد أنْ تمنع الأولمپيادُ مشاركة السعود ...
- اليوم، عيد العمال - تحية الى عمالنا الأكارم..السعوديين منهم ...
- ويلٌ للإرهاب؛ نعم للجهاد -الأكبر-!ا
- فتيانُ غزة المغاوير!
- استقلالية المرأة..
- في عيد الحب!
- لا أويدعقوبة جلد الإنسان!ا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ابراهيم عباس نتو - غازي القُصيبي و البحرين!