أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - أشياء من الذاكرة














المزيد.....

أشياء من الذاكرة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كثير من الأحيان تمثل الذاكرة، أحد الفضاءات التي يلوذ إليها الإنسان،هرباً من واقع يسحقه تحت تفاصيل الحياة اليومية، الضاغطة على كينونته المادية والعقلية.. لدرجة التفجر المؤجل،العصي عن الفهم والإدراك.لتجعله كائناً بلا أبعاد،يتشظى متناثراً على آلاف التناقضات والآلام،ليضيع وإنسانيته المسلوبة منه قهراً،في ركام من الأزمات،يصعب على العقل أحياناً، لملمة أسبابها ونتائجها الكارثية،التي تغلق أبواب المستقبل حتى على التفكير،الذي من ثناياه يحاول الإنسان حالماً،أن يهرب مما يعاني،وما ينتظره من سواد المستقبل،ليهرب إلى ماضيه مستنهضاً بعضاً من ذكريات،علّها تعينه على التوازن،حتى لو كانت ضرباً من الأوهام.وتشكّل لحظات التأزم أحد الممرات التي من خلالها يتسلل الإنسان إلى ماضيه،الذي يتلمس فيه غالباً أشكالاً من التكيف السلبي،لفقدانه القدرة على المشاركة في تحديد أشكال حاضره،أو رسم تفاصيل مستقبله ،لأنه لم يعد يمتلك أياً من أسلحة الدفاع عن ذاته المتغرّبة والمغرّبة عن حاضره و مستقبله، لأنه جرّد منها، ليصبح عارياً ومعرّى قسراً حتى من معانيه الإنسانية أمام واقع يزداد اسوداداً وتناقضاً وبؤساً وابتذال...ليتحول همّه إلى الحفاظ على بقائه البيولوجي،وقد لا يحالفه الحظ،حتى في هذا المستوى،بسبب تناقضات الواقع المتفاقمة، التي تحولت لمتاريس أشيه بالقدرية التي تكسّر وتحطّم أحلامه قبل عقله، فكيف يستمر الفاقد لمعالم حاضره، ومستقبله الهارب من قبضته،في ظل أزمة عامة وشاملة ومركبة تتجذّر في قاع المجتمع،وتطال بنية الإنسان الذي يفتقد تدريجياً لحصانته الذاتية، أمام أزمات لا تحصى.؟؟؟
الماضي الذي لم يتحول إلى تاريخ بفعل تجدده في تناقضات اللحظة الراهنة بأشكال أشد مأساوية وابتذالاً،هو مقصدنا !!!!
بالتأكيد لم تهرم ذاكرتنا.وأياً تكن الأسباب،فإنها تخبّئ وتختبئ فيها تفاصيل لحظات الفقر التي أثقلت كاهلنا،ولم تزل تمارس فعل الهدم في ذاتنا، لكن على ما يبدو أن حاضرنا أشد وقعاً على ذواتنا من ماضينا الذي نستعيده، لنشدّ به أزرنا، ونلوّن واقعنا ببعض الفرح، حتى لو كانت تفاصيله محزنة...
من عاصر وعايش لحظات الضنك والفقر في الماضي القريب، ولم يزل يعاني، سيتذكر بأن الطبيعة كانت الأم الحنون،التي تغني الإنسان عن التسول والتوسل والتذلل... إن كل ما يمارسه الإنسان من جور على الطبيعة،لم يحدّ من كرمها على أبناءها. لكنّ مكمن الأزمة في ذات الإنسان المستبد.. الذي حول الطبيعة والإنسان المضطهد لمصادر نهب، يدوران في آلته التي سلّعت كل الأشياء،وحولتها لبضاعة يحدد قيمتها حركة الأسواق المنفلتة من عقالها وعقلها،ليبقى المسيطر الدائم سلطة المال وشهوة السلطة الهادرة لكلِّ المعاني الإنسانية،التي استحالت لبضائع رخيصة ومبتذلة في أسواق النخاسة البشرية.
في ذاك الوقت لم يكن التسليع هو السمة السائدة،وكان يكفي أن يتزود الإنسان بسكين وكيس / أو حتى دون كيس../ ويختلي بالطبيعة، حتى يعود دون تأخير،حاملاً بعضاً من نتاجها، يكفيه وأولاده طعام يومه. ومن لا يذكر/الكمأة،الدردار،الخبيزة،الهندباء،الخرفيش،بلغصون،السلبين، الجرجير، قرص عنّة....ناهيك عن الأعشاب الطبية،التي كان يستعين بها في علاج بعض الأمراض / هذه المواد أصبحت مصدراً للكسب عند بعض الأسر،التي ينفر أفرادها إلى الطبيعة أغلب الأيام وعلى مدار الفصول، لتتحول سلعاً في ظل سيادة سياسية السوق الحرة التي انعكست تجلياتها فقراً على أوسع الفئات الاجتماعية، بعد أن كانت في متناول من يريدها.بعضاً منها لم يعد إلا ذكرى،لأن الحصول عليها،بات صعب المنال، نتيجة ليضق ذات اليد، وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، ومبالغ به.
ما نقوله ليس حنيناً ومحبة باسترجاع أيام خلت، بل لأن عودتنا إلى ذاكرتنا تشكّل ملاذاً من معاناتنا الراهنة،التي بات التقشف والتصحر البيئي والإنساني سمتها العامة.ليتفتق مخيالنا الماضوي عن أشكال لا تعد و لا تحصى من تجميل الماضي الفقير، وهذا ليس إلا لأن الحاضر بات أشد سواداً، و ملامح المستقبل باتت تجلياته الكارثية واضحة، في ظل تمكين ميول اقتصاد السوق الحر و إطلاق حرية القطاع الخاص، ورأس المال الريعي والمضارب والخدمي الذي يلهث لتحقيق الربح السريع حتى لو كان سيقود إلى دمار الإنسان الذي يمثل المصدر الأساس لتراكم الثروة. وضماناً لحرية رأس المال فإنه يتم تقييد وضبط الممارسة السياسية والمدنية، و تراجع الدولة عن دورها الاقتصادي والإنساني والبشري التنموي في سياقه الوطني الديمقراطي، إلا ما تفترضه حاجة المستثمرين والمضاربين... مما يعني هدر الإنسان وتسليعه في إطار حركة السوق السائبة والطاردة للقيم الإنسانية.

****************************************************************************



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحث في بعض إشكاليات الشباب
- موضوعات الحزب الشيوعي السوري : مدخل لنقد اليسار الرائج
- غزة بوابة لتحولات إقليمية جديدة
- الأزمة اليونانية: الحلقة الأضعف بوابة لتّغيير
- أزمة اليسار : فكر أحادي واقع مستعصي
- إقرار مشروع الضمان الصحي وغياب دور نقابة المعلمين
- الصحافة العربية ( ملاحظات أولية)
- إشكاليات الإعلام الرسمي
- واقع الإعلام في اللحظة الراهنة
- أن تكون يسارياً
- هل بات مفهوم الثقافة عائماً وملتبساً
- تناقضات رأس المال
- أوهام مواطن عربي
- إشكالية اليسار الماركسي مقاربة الواقع اللبناني
- نهايات عربية
- بعض مهام الماركسية واليسار في المرحلة الراهنة
- العلاقات الإيرانية – السورية واقع وآفاق
- التأزم الإيراني وإشكاليات التحول
- لن نكون طائفيين ولن نتشبه بهم
- قراءة لواقع راهن


المزيد.....




- ترامب يشعل ضجة بفيديو وأغنية -سأضع آية الله في صندوق وأحول إ ...
- قطر.. جملة قالها وزير الخارجية لأشخاص -يتحججون بسبب الحرب- و ...
- إيران تعلن نهاية الحرب مع إسرائيل بعد الاتفاق على هدنة بوساط ...
- جيش الاحتلال يقر بمقتل ضابط و6 جنود في كمين خان يونس
- طيارو القاذفات B-2 -الشبح- يروون لـCNN كواليس عملياتهم: -تخت ...
- نائب ترامب عن ضرب إيران: -لا أحد يريد أن يمتلك أسوأ شعوب الع ...
- ترامب ردا على تقرير CNN: الغارات على إيران -من أنجح الضربات ...
- رغم وقف إطلاق النار مع إسرائيل.. أمريكا تراقب أي تهديدات من ...
- -نصران- في حرب واحدة: ما نعرف عن النتائج الأولية للمواجهة بي ...
- إيران لم تسقط وإسرائيل تجاهلت دروس التاريخ


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - أشياء من الذاكرة