أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - هذه الأوهام المغرضة !














المزيد.....

تأملات - هذه الأوهام المغرضة !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 03:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليست الأوهام، في ظل التباسات الواقع العراقي، نادرة. ومما يزيد الأمر تشويشاً هذه الفوضى السياسية والفكرية التي تحاصرنا في حياتنا، وهي مرتبطة، بالطبع، بثقافة التخلف السائدة، ونمط التفكير الناجم عن هذه الثقافة.
ولعل أحد أخطر الأوهام هو وهم "الديمقراطية" التي يحاول كثيرون، وفي مقدمتهم "المحررون"، إقناعنا بأنها النظام الذي شيّدوه في بلادنا. ولا ريب أن منطلقات محاولتهم إقناعنا تعود، من بين أمور أخرى، الى أنهم يعبرون عن مصالح محددة يريدون ضمانها قبل كل شيء، وأنهم يحاولون التغطية على إخفاقهم المروع في البلاد التي أوهمونا وغيرنا بأنها ستكون جنة الله على أرض الشرق الأوسط، فتحولت "ديمقراطيتهم" الى كارثة حقيقية أخزتهم وأخزت من تشبث بمشروعهم، وفاقمت معاناة الناس المريرة.
ومن نافل القول إن هذه ليست الديمقراطية التي نعرفها في بلدان الديمقراطيات العريقة، وليست نسخة ملموسة منها، مطبقة على واقع بلادنا، بل هي نسخة مشوهة لا تمت بصلة لشروط الديمقراطية الحقيقية التي نسعى اليها.
فالانتخابات وحدها، على افتراض أنها تجري بصورة شفافة ونزيهة وفي إطار قانون انتخابي عادل، لا تعني الديمقراطية. وغياب الرقابة على الاعلام، وتركه في حالة فوضى وانفلات، لا يعني الديمقراطية. و"حرية التعبير" حيث يصرح كل مسؤول حسب أهوائه، ويوجه اتهامات وتهديدات في ظل "الحرية"، لا تعني الديمقراطية. واستمرار فظائع الارهاب والجرائم المنظمة وغياب الأمن والخدمات الأساسية، وبينها الكهرباء، وتفشي الفساد والبطالة، ومصادرة حقوق النساء، وانتهاك حقوق الانسان، ليس من دلائل الديمقراطية. ولهاث "الحكام" وراء المال والجاه والمكاسب الضيقة، واستمرار الخراب المادي والروحي على يد "المحررين" و"المقررين"، والاستهانة بارادة الملايين، وتفاقم الصراع الطائفي بتجلياته المختلفة، وأخيراً وليس آخراً سيادة نهج المحاصصات الطائفية والاثنية، هذا كله لا يجمعه جامع بالديمقراطية، بل هو خصم للديمقراطية وانتهاك لها إن كانت، أو بذورها، موجودة. ولا يمكن الحديث عن ديمقراطية في بلد فيه كل هذه المآسي.
أما السياسيون المتنفذون فيقدمون مثالاً محبطاً، إذ يتشبثون بالمغانم، ويستعرضون على المسرح الضحك على ذقون الملايين من المساكين المغلوبين على أمرهم. ويعجز "المقررون" إلا عن براعة في الاستهانة بإرادة الملايين وآلامهم وسط استمرار الخراب المادي والروحي. وأما "المحررون"، المتخبطون في سياساتهم، والذين ابتكروا نهج المحاصصات المقيت، فهم سبب رئيسي في الاستعصاء وتعمق الأزمات، ومصدر للبلايا.
والأزمة ليست فقط في تركة عقود الدكتاتورية، وخصوصاً بنسختها الفاشية، وإنما في غياب التوجه الى وضع الأسس الأولية للديمقراطية المنشودة بسبب انغمار القوى السياسية المتنفذة في صراعاتها البغيضة على السلطة والنفوذ والامتيازات، وإخفاق "المحررين" الكارثي في تنفيذ وعودهم، فضلاً عن طائفة من ظواهر تسود المجتمع، هي عواقب الحروب والاستبداد والاحتلال، وبينها ازدواجية سلوك الناس، والتشوهات التي لحقت بالشخصية العراقية، واضطرار كثيرين الى اللهاث وراء لقمة العيش، واستعدادهم للتحول الى سلعة يشتريها المتنفذون بالمال السياسي والاعلام المأجور.
والحق أنه لو كان هناك قدر يسير من الديمقراطية الحقيقية لما تجرأ السياسيون المتنفذون على الاستهانة بإرادة الشعب الى هذا الحد المأساوي بل المخزي، ولكان "ممثلو الشعب" الذين منحهم الملايين ثقتهم، في تصويت طائفي في الغالب، مستعدين لممارسة مسؤوليتهم في الدفاع عن حقوق ناخبيهم، وفرض إرادتهم بشأن تشكيل الحكومة "الجديدة". لكن لا السياسيون المتنفذون أمامهم ما يردعهم عن سلوكهم المشين، ولا نواب الشعب أمامهم فرصة ممارسة دورهم الطبيعي، ولا الملايين من ضحايا المعاناة أمامهم قدرة إرغام "الحكام" على احترام إرادتهم. أفبعد هذا كله يمكن الحديث عن ديمقراطية !؟
* * *
يبغي "المحررون" و"المقررون" إقناعنا بوجود ديمقراطية حتى ننطلق من كون هذا حقيقة لا وهماً، مما يؤدي الى افتراضات وتداعيات واستنتاجات خاطئة.
وهذا، في الواقع، سلوك لا يتعارض، في الجوهر، مع سلوك أي عقل استبدادي قائم على امتلاك الحقيقة المطلقة، وإلغاء الآخر ورأيه، وغسل الأدمغة، وطمس الحقائق، في مسعىً لإدامة الراهن وتأبيده كوسيلة لا غنى عنها للحفاظ على استمرار النفوذ والامتيازات.
وإذ ينبغي أن نكون واقعيين فلا نغمض العين عما تحقق من حريات ومطامح وآمال في واقعنا، على شحتها، فان علينا أن لا نبالغ في تقييم ما تحقق، فنقع في الوهم ونصدق الأكذوبة التي ينسجون.
ينبغي أن لا نكتفي بأن نكون ساخطين على حرمان الملايين من أبسط حقوقهم، بل علينا ممارسة هذا السخط على زارعي الأوهام ابتغاء مزيد من المغانم.
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فهل سيفعل المتنفذون ؟ يحق للمرء أن يرتاب، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وليس بوسع هؤلاء الحكام أن ينهضوا بتكليف تغيير ما بأنفسهم.
علينا، إذن، أن نجد سبيلاً الى تغيير نمط التفكير إسهاماً في تغيير الواقع. ولا ريب أن الخطوة الأولى تبدأ بالكفاح من أجل حركة شعبية تمارس القوى الديمقراطية فيها دورها المأمول، وتنقل تيارها من حركة نخبوية الى حركة مجتمعية فاعلة تستثمر السخط وتحوله الى احتجاج لكشف الأوهام ومقاومة ثقافة وواقع التخلف.



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - طفح الكيل .. ألا يستحون !؟
- تأملات - في التيار الديمقراطي (4)
- تأملات - في التيار الديمقراطي (3)
- تأملات - في التيار الديمقراطي (2)
- تأملات - في التيار الديمقراطي (1)
- تأملات - شرارة سخط تنذر باللهيب !
- تأملات - يا لهذا -الصبر الجميل- !
- تأملات - في -حرية النقد- وتدقيق الخطاب السياسي
- تأملات - من برودة المكاتب الى دفء الحياة !
- تأملات - في رسائل ماركس الى كوغلمان (2)
- تأملات - في رسائل ماركس الى كوغلمان (1)
- تأملات - ليس بالبرلمان وحده !
- تأملات - بِمَ نبدأ ؟
- تأملات - جوهر الصراع لم يتغير
- تأملات - ننهض وسط الناس بانطلاق جديد
- تأملات - سخط نستثمره وضفاف نسعى إليها
- تأملات - في إضاءة الواقع الموضوعي
- تأملات - في مديح نقد الذات
- تأملات - تزييف الوعي
- تأملات - توازن التقييم


المزيد.....




- ريانا تتألق بإطلالة زرقاء ناعمة في فستان مستوحى من أزياء الس ...
- لماذا قد يُلوث هاتفك المحمول القديم تايلاند؟
- إسرائيل تريد التطبيع مع سوريا ولبنان لكنها -لن تتفاوض- بشأن ...
- رواية -نديم البحر- لحكيم بن رمضان: رحلة في أعماق الذات الإنس ...
- مصر.. تحذير السطات من ترند -الكركم- يثير الانتقادات!
- شاهد.. ملاكم يتعرض لصعقة كهربائية أثناء احتفاله بالفوز
- غزة وتشكيل لوبي عربي في سلم أولويات مؤتمر الجاليات العربية ب ...
- قصف هستيري على غزة يعيد مشاهد بداية العدوان الإسرائيلي
- ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
- إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - هذه الأوهام المغرضة !