أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غسان المفلح - سورية مأزق يعاد إنتاجه3















المزيد.....

سورية مأزق يعاد إنتاجه3


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنا في الجزء الثاني من سلسلة المقالات هذه قد تعرضنا للإشكالية الطائفية في سورية،والآن سنتعرض لإشكالية الإسلام والإسلام السياسي فيها، سورية محكومة من حزب البعث منذ عام 1963، بغض النظر عن كيفية تطور السلطة السياسية وتركيبتها الأيديولوجية والحزبية والثقافية والشخصية، لم يستطع البعث العسكري الذي قام بانقلابه مع التيار العسكري الناصري الذي انقلب عليه بعد أشهر، وأصبجت السلطة بعثية خالصة، لم يستطع أن ينفذ إلى المتعارف عليه اجتماعيا، سواء كان دينيا أو تقليديا- ولم يقاربه لأنه كان يعرف أنه لازال بلا عمق شعبي- وإنما استخدمته سلطات البعث كما هو موجود، ودون تدخلية تذكر على المستوى الثقافي والتربوي، ولا على مستوى إحياء النويات المدنية، المتقابلة او المتفاعلة دينيا أو ثقافيا أو مهنيا..ولكنه استطاع أن يحول سيادة الدولة والدولة كلها، وبالتالي الدين المتاح* إلى مطية، فيها تماسك ارتجالي غير مدروس وإنما ظرفي، والظرفي عندما يكون الأقوى يتحول إلى دائم..وهذا ما حدث في سورية، فقد تحكمت ظروف عديدة، وأهمها التمحور حول الانشغال بتكريس السلطة السياسية في البلد وهذا أخذ وقتا، أكثر من عقدين من الزمن كانت النخبة المتسلطة مشغولة بشكل رئيسي في تثبيت سلطتها السياسية الأمنية، 1963 وحتى 1983 نهاية الصراع بين السلطة والإخوان المسلمين، لصالح السلطة، فبقي الدين المتاح سائدا ولكن الذي حدث أن السلطة السياسية بعد انتصارها على الإخوان أخذت على عاتقها الحفاظ على الدين المتاح، مع تنميات محددة ودون التدخل بالسياسة التي تمنعها السلطة. بل أن الانتشار الأفقي للتعليم منذ مجيء البعث، جعل السلطة تتدخل إلى حد أنها سمحت لمن يريد دراسة الشريعة في الجامعة بدون علامات، شرط أن يكون بعثيا، إضافة على انها ساهمت في بناء المساجد، وأقامت معاهد الأسد لتعليم القرآن على نفقة الدولة، ربما يرى بعضنا أن هذا سلوكا ارتجاليا من السلطة، على أثر الصراع مع الإخوان، لكنه استمر مع وسائل أخرى، من أجل تحديد حركية الدين المتاح.
لهذا انتشار الدين المتاح لدرجة يصعب معه رؤية علاقة هذا الانتشار بالسلطة العامة، وفكفكة هذه العلاقة.
كلما ضغط الدين المتاح المحمي سلطويا على المجتمع ككل، كلما باتت السلطة أكثر راحة في حركيتها العامة والخاصة. الشارع ذو حضور للدين المتاح، والدين المتاح ممسوك من عنقه، وهو لا يريد أن يكون أكثر من محاولة هيمنته على الشارع العام، ولصالح السلطة العامة والتي هي ليست سلطة دينية بأي حال، وكذا ليست علمانية من جهة أخرى. فهي لا تسمح بخصخصة الدين الإسلامي، كما انها لا تسمح بخصخصة السياسة أجمالا. حتى وفق قوانين الأحوال الشخصية، فالطوائف والأديان حقها في قوانينها الشخصية محفوظ، ولكن حق القوانين المدنية مهدور تماما ولامكان له، لا عند سلطة الدين المتاح ولا عند سلطة السيد الرئيس العامة.
السلطة كانت قبل ذلك قد صادرت السياسة من المجتمع، وقد بدأت هذه المصادرة منذ مجيء البعث للسلطة 1963 ، السلطة صادرت الدين العام لتحوله إلى دين متاح، هذا عنوان بدأ مسيرته منذ بداية الثمانينيات من القرن العشرين. صادرته دون أن تحد من حركته، وحتى أنها بدات تتسامح مع هوامش جديدة بدأت تنشأ لديه، القبيسيات نموذجا، والسماح لبعض الأسماء بأن تتصدر واجهة هذا الدين المتاح، بهوامش لم تكن موجودة من قبل. هذا الدين المتاح تداخل مع مقولة الجهاد التي وجدت السلطة العامة نفسها، في حاجة لتنميته، سوريا وإقليميا، وذلك منذ حسمت خيارها الاستراتيجي في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات في ألا تستجيب للمد الديمقراطي والحقوق إنساني، في ذلك العقد، فوجدت مسند ظهر لها، في هذا الدين المتاح على المستوى الشعبي، وفي تكريس جملة من التحالفات والمناورات السياسية التي أظهرت السلطة، وكأنها حامية للنسق الجهادي الإسلامي، تحت شعار المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، لهذا نجد الآن وعبر الإسلام السياسي وغير السياسي، قد أصبح للنظام كتلة شعبية مساندة في الشارع العربي. هذه الكتلة لم تكن معنية، لا هي ولا من تشكلت عبر تنظيماتهم، بالتداخل المرضي بين الحالة الطائفية في سورية، وبين الخيار الإسلاموي الشعبوي.
ثمة قضية لابد لنا من التنويه لها، في الدين العام السائد وقبل أن يتحول إلى دينا متاحا، لم يكن هنالك تضييق على المساحات الدينية للأديان والطوائف الأخرى بعد الاستقلال1946 وهذه قضية تحتاج إلى أن نفرد لها مجالا خاصا، أقله أن الاستعمار الفرنسي حاول صياغة سورية، بطريقة بدأت تقسيمية وانتهت إلى سورية الحالية. فلم تشهد سورية منذ دخول الاستعمار وحتى واللحظة، أي تضييق على الحريات الدينية المتوارثة، بشريا وجغرافيا، طبقة الأعيان وأغنياء المدن، ساهمت في تكريس عدم التدخل في مجالاتها، واقطاعاتها.
هذا واقع عياني وظاهر في سورية الآن، ولكن إشكالية الإسلام السياسي أخذت في سورية أبعادا جديدة، إضافة لما ذكرنا، هنالك لعب استخباراتي سوري واسع بتنظيمات الإسلام السياسي والجهادي خاصة، وليس المقصود هنا حزب الله أو حركة حماس، بل تلك التنظيمات الصغيرة المتمحورة حول أيديولوجيا القاعدة، واختلط هذا الأمر فيما يجري في سورية مع الدين المتاح، لأن الدين المتاح، لا تعنيه إقامة دولة مدنية، ولا تعنيه إحداث قوانين مدنية، ولا تعنيه موضوعة السلطة السياسية والديمقراطية، فما الذي يعنيه إذن؟
نشر الدين المحافظ والتقليدي العالم، المتوافق مع معادلة الممنوع والمتاح سلطويا، هذا الأمر ما الذي عناه ويعنيه بالنسبة لبقية أديان وطوائف سورية؟ شكل ضغطا واضحا في الشارع العام، وهذا بالضبط ما يحتاجه النظام السياسي. وسأنهي هذا الجزء بمفارقة مأساوية" في موضوعة المسودة التي طرحت قبل عام لقانون جديد للأحوال الشخصية، سمح النظام لمجموعة من منظري الدين المتاح" نسخة من الإسلام السني" ان يكتب هذه المسودة وينشرها، السؤال الذي يطرح" السلطة إذا كانت بعثية فهي من المفترض علمانية، فكيف تسمح بذلك؟ ولماذا؟ وإذا كان القائمون عليها علمانيين بعثيين وينحدرون من أقلية طائفية، فكيف يمكن فهم هذا الموضوع؟ هو ليس مساومة كما يشاع مع الدين المتاح، لكونه دين الأكثرية الدينية ، وليس تعبيرا عن سيطرة الدين المتاح على السلطة العامة التي تسن القوانين وتفرضها، إذن لماذا؟ هل يكفي القول" لكي تبقى السلطة العامة حكما في مجال التطييف الاجتماعي؟ السلطة بحاجة لأيديولوجيا متناسبة مع التحولات الدولية، تتشارك معها السيطرة على الشارع الشعبوي، وهذا لم تعد البعثية بمقولاتها قادرة على تغطيته، وحتى لو لم يكن هنالك مدا إسلاميا، فإن الأنظمة العربية كانت ستخلقه، لحاجتها لبدائل شعبوية، لماذا؟ هذه أسئلة علينا أن ندخل فيها وفي وقت آخر، ولكن قبل ذلك علينا رؤية أن سورية الآن" إن كان فيها إسلام سياسي فهو" إسلام السلطة السياسية، والناطق باسمها شعبويا" أما جماعة الأخوان المسلمين في سورية" المعارضة" فلها حقل ملتبس تصر هي على بقاءه ملتبسا، لماذا؟ وهذا ربما نتطرق له لاحقا أيضا. مع كل هذه الرؤية للمسألة لابد لنا من القول" أن السلطة السياسية تتبادل المنافع والكراهية مع هذا الإسلام السياسي المنتشر بالعالم" وهذا ما جعل البنية السورية ملغمة أيضا بهذا الإسلام المتاح المتقاطع بنيويا مع هذا الإسلام المنتشر، فهي لم تعتمد فقط على قوتها الأمنية، بل اضطرت لرشوة هذا الدين المتاح بدء من تسعينيات القرن الماضي، وهو دين تاريخي قابل للرشوة، عبر فاعليه مثله مثل أية ظاهرة تاريخية.
* اعتمدت في هذا الجزء على إضاءات بحث مهم لياسين الحاج صالح بعنوان"وضع -الدين العام-.. مناقشة في الشأن الديني السياسي العربي" ولكنني فضلت استخدام مفهوم الدين المتاح، لاعتبار يخص آليات عمل السلطة العامة في سورية، خاصة بعد عام 1982 ونهاية الصراع مع الإخوان المسلمين، فصادرت السلطة الدين العام لتحوله إلى الدين المتاح، وبات لدينا دين ممنوع ودين متاح، ومرت هذه العملية بسلسلة من الإجراءات السلمية والعنفية بدء من عام 1964أحداث حماة الأولى.



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية مأزق يعاد إنتاجه2
- المعارضة الديمقراطية خارج التصنيف.
- سورية مأزق يعاد إنتاجه.
- حول خطاب المواجهة المحتملة.
- لا فصل للسلطات على المستوى الدولي
- مواطنون أم مسلمون؟
- أوليفر ستون يعتذر!
- أوباما يريد حزب الله مدانا.
- المحكمة الدولية تحتمي بجبهة الجولان....
- أبي حسن لنخرج إلى الحياة.
- الشيخ سعد، جنبلاط الثاني، حزب الله ليس من قرر.
- الرهان البائس على ماذا؟
- نقاب الروح أكثر عتمة من نقاب الوجه.
- رفيق الحريري اغتيل ثلاث مرات.
- أوباما.. من خطاب القاهرة إلى خطاب ساركوزي
- النقاب في سورية سياسة كما المنع
- إعلاميون وسياسة.
- أبي حسن وياسين الحاج صالح التباس المعنى سوريا.
- خواطر مكسورة
- نصر حامد أبي زيد


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غسان المفلح - سورية مأزق يعاد إنتاجه3