أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا -12-














المزيد.....

الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا -12-


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


فضاء زنقة الزاوية يذكرني بفضاء زقاق المدق للروائي الكبير الفيلسوف نجيب محفوظ . بأشخاصها
وأسرارها وأخطائها وأشياء أخرى . فرغم وجودي داخل مكتبي بصفة دائمة إلا أن وجودي كان
يلتقط أحداثا وإشارات وأسرار ا كانت من خصوصيات هذا الفضاء العجيب . ( عمي عبدالله ) ومطعمه
المتواضع هو أول من كنت أحييه كل صباح ومساعديه ( عبد الواحد والفقيه ) اللذان يعملان معه . رائحة
الطعام اللذيذ تبدأ مع الصباح وتنتهي بعد الظهيرة فيقفل المحل على موعد مع الغد. هناك أيضا مطعم
آخر لكنه من النوع الرديء صاحبه رجل ريفي أمازيغي لا يأكل عنده أحد باستثناء بعض المهاجرين
الأمازيغيين البؤساء الذين حلوا بالمدينة من أجل كسب لقمة العيش التي عزت في مناطقهم الأصلية
وكذا بعض الإناث المومسات من الدرجة الأخيرة . وطعام هذا المطعم لا يؤكل حتى ولو كان الإنسان
يتضور جوعا . كل صباح يخرج رب البيت الشفشاوني فيبادرني بالتحية ثم يبدأ نهاره معي بالتنكيت
ونقد الأوضاع والأشخاص بسخرية لاذعة تنتزع مني الإبتسام والضحك بلكنته الشفشاونية الجميلة
وكان يستهويني سماعه وهو يتحدث بتلك اللكنة التي يزم بها على الكلمات وهي خارجة من فمه
أما البناية الملتصقة بالبيت الشفشاوني ذو الثلاث طبقات أبرز من يقيم بها سيدة تشتغل في تزيين
العرائس وكان يطلق عليها ب ( المشطة ) حسب تقاليد البلد . كانت سيدة متزوجة برجل عجوز لا يجمع
بينهما سوى وثيقة الزواج الرسمية . كانا متنافرين على الدوام . فهو رجل داخل سوق رأسه وهي
كانت خارج عالمه بشكل مطلق . هي طموحة تريد العيش فوق بينما حقيقتها تستقر في الحضيض.
كانت تتبنى إبنا لها ليس من صلبها لكن والحق يقال فهي كانت تحبه حبا جما وتعتني به وتضحي
من أجله . بالصدفة كنت ذات يوم أمر بجوار قصر كبير برياض شاسع يقع جهة ( باب العقلة ) فضبطتها
واقفة في ذهول تام تنظر داخل القصر . متكئة على البوابة الكبيرة وهي تمعن النظر إلى خضرة
الحديقة المزهرة وأشجارها كانت تحملق بدهشة وعشق كبيرين وتنصت لزقزقة العصافير التي كانت
تتسكع في الداخل بين الأشجار. ربما أيضا كانت تحدق لحركات العائلة المقيمة بهذا القصر البديع
ولمستخدميه وهي حزينة تندب حظها العاثر . كانت هذه السيدة صديقة للعجوز صاحبة المكتب العمومي الذي جرني أيضا حظي العاثر للعمل فيه . وكانت تنتقدها وأحيانا تشتمها معيبة عليها
سلوكها العدواني والقاسي . كانت تعلم أيضا بأنني لست من أولائك الذين ينقلون أخبار الناس وكلامهم للآخرين ولهذا لم تكن تحتاط أبدا مني حين توجه لها الإنتقاد أو القدف .
أما صديقي الذي سبق وجمعتني به الأقدار كذلك بإسبانيا فقد كان يفتح دكانا له أسفل الفندق
فيبيع فيه مستلزمات ومعدات الخياطة التقليدية المخصوصة بالنساء. كنت أجلس معه نتجادب أطراف
الذكريات . وكان هو ذو طبيعة معروف بها تتجلى في بحثه الدائم عن فرصة تقوده لشرب الخمر
ينوب عنه دائما الآخر في تسديد ثمنها . وكنت أنا أستضيفه من حين لآخر إلى -البار- رغم أن مستواه
الإقتصادي أفضل حالا . كان أيضا بهذا الزقاق طبقة من عائلات بورجوازية صغيرة أبناؤها جلهم يعملون
في القطاع الإدار ي . ذكورا وإناثا . حياتهن تختلف عن العائلات الأخرى التي كانت بالكاد تكافح من
أجل لقمة العيش . وعلى رأس هرم هذا الزقاق العائلات التطوانية الأصيلة المنحدرين من الأندلس
عائلات ثرية ولهم نفوذ ومنهم من كان يزاول السلطة مثل باشا او لهم قريب سفير للمملكة في بلد ما
سلوك هؤلاء كان مختلفا عن الآخرين ومستوى عيشهم أيضا كان رفيعا إقاماتهم أيضا في مستوى
عيشهم وأخلاقهم وتقاليدهم . ولم تكن هذه العائلات تختلط بمن دونهم شأنا . حفلاتهم كانت تترك
الزقاق في ذهول مما يحدث . وتأتي السيارات الفارهة لتحط نساءا بزينة مبهرة رافعين تكشيطاتهن حتى لا تلمس أرض الزقاق الوسخة ويتبخترن كالفراشات الملونة والزاهية ليختفين
داخل فضاء الحفل تاركين الغصة في قلوب الناظرين البسطاء.
هنا كان علي أن أقضي سنينا معدودة أصبحت خلالها كما لو أنني أحد سكان هذا الزقاق الجميل
والعجيب وبت أحبه وأحب هذه الأطياف الإنسانية المختلفة كما لو أنها عائلتي الثانية . كنت أفكر دائما في
لو كنت أتوفر على كفاءة وعبقرية نجيب محفوظ لأصبحت أنا أيضا صاحب رائعة من الروائع الأدبية
العالمية تسمى - زنقة الزاوية .

- يتبع



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 10 -
- صراخ
- مجرد إحتمال - مهداة إلى مصطفى مراد -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-8-
- الوليمة
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 6 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 3 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
- روح الشرق
- تناقض مدير جريدة المساء المغربية
- قصة إبني أمين مع مدرسيه
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا- 1 -
- لا أحد
- إرهاب الحانات والنوادي الليلية
- لفحات


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا -12-