أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لطيف شاكر - عقيدة الموت والخلود















المزيد.....

عقيدة الموت والخلود


لطيف شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 01:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    




كانت تستهوي فكرة الحياة الأخرى على عقل الشعب المصري القديم أكثر من أي شعب أخر، وذلك بسبب طبيعة المصري القديم وكثرة تأمله فيما حوله من ظواهر: مثل شروق الشمس كأنها تولد وغروبها كأنها تموت ثم تعود في اليوم التالي تشرق مرة أخرى ، والفيضان الذي كان يجئ مرة واحدة في العام ثم ينخفض منسوب النيل شبهوه كأنه إنسان قارب على الموت حيث لا يحمل الخير مثلما يحمل الفيضان من السمك والطمي الخصب وفي العام التالي يجئ الفيضان مرة أخرى. كل هذه الظواهر وتأملات المصري القديم أظهرت فكرة الخلود ولكن كان يجب الحفاظ على الجسد لتهتدي إليه الروح بعد الموت ليحيا حياة أخرى.
يقول المؤرخ ويل ديورانت : علي ان اهم ماكان يميز الدين في مصر القديمة توكيده لفكرة الخلود
كما يؤكد الباحثون علي انه لايوجد شعب قديم او حديث بين شعوب العالم احتلت فكرة الحياة بعد الموت المكانة العظيمة التي احتلتها في نفس الشعب المصري

وربما كان ظهور تلك الفكرة بسبب خاصية رمال مصر التي تحافظ على جسد الميت بطريقة تبعث على الاندهاش حيث تقارب شكل الجثة شكل الأحياء وسنتكلم بالتفصيل – لاحقاً – عن فن التحنيط الذي كان وما زال يبهر العالم بما حققه من حفظ كامل لأجساد أجدادنا الفراعنة.
طقوس دفن الميت:
كان المصريون القدماء يتوجهون بجسد الميت (بعد أن يتم تحنيطه) في موكب حتى يصل إلى الشاطئ الشرقي للنيل حيث ينتظرهم أسطول صغير من القوارب وكان المركب الرئيسي به غرفة كبيرة مبطنة من الداخل بأقمشة في هذه الغرفة كان يوضع جسد الميت ومعه تماثيل: إيزيس ونفتيس الإلهتان الحاميتان للميت ويقوم الكاهن بحرق البخور وتواصل النائحات اللطم على أرؤسهن.
وبعد عبور النيل حتى الشاطئ الغربي للنيل يستمر الموكب حتى يصل إلى قبر الميت وبعد عمل بعض الطقوس لا يبقى سوى إنزال التابوت والأثاث الجنائزي وترتيبه ، فيوضع التابوت المصنوع على هيئة المومياء في تابوت أخر من الحجر يتخذ شكل حوض مستطيل ويوضع حوله عدة أشياء مثل العصي والأسلحة والتمائم ، ثم يقفل التابوت الحجري بغطاء ثقيل ويوضع بجانب التابوت الأواني الكانوبية (هي الأواني التي توضع فيها أحشاء الميت وتتخذ أشكال أبناء حورس الأربعة لذا فالأواني الكانوبية أربعة) داخل صندوق خاص.
تم توضع المواد الغذائية للمتوفى التي تسمى "الأوزيربات النابتة" وهي عبارة عن إطارات من الخشب على شكل أوزويس محنط وبداخلها كيس من القماش الخشن يملئ بخليط من الشعير والرمل ويسقى لعدة أيام فينبت الشعير وينمو كثيفاً وقوياً وعندما يصل طوله إلى 12-15سم كان يجفف ثم تلف الأعواد بما فيها من قطع من القماش وأما الهدف من هذا العمل هو حث المتوفى على العودة لأن أوزوريس قد أعيد أحياؤه من الموت بهذه الطريقة.
ووجد علماء الآثار مجموعة من التعاويذ الجنائزية والتى كانت معظمها تعاويذ سحريه كتبت على ورق البردى كان قدماء المصريين يضعونها فى مقابرهم مع المتوفى فاطلق علماء الاثار على هذه التعاويذ أسم كتاب الموتى ولكن أسمه الذى أطلقه قدماء المصريين عليه هو " الخروج فى ضوء النهار " , والغرض الأساسى الذى كان قدماء المصريين يضعون هذه التعاويذ هى إرشاد روح المتوفى فى رحلته فى العالم ألاخر .
ويتكون كتاب الموتى من 200 فصل، ، ويصف الكتاب الأماكن المختلفه التى تعبرها روح المتوفى، وكذلك المواقف والكلام الذى يقال لحرس الأبواب، وصيغ إبطال شر أعداء الضياء والنور ، وكان على المتوفى أن يتلو تعاويذ يتخذ فيه شخصية أى إله كحامى له"كالشفاعة" ، ليكتسب صفاته، لأنه كان يخاف من الأرواح الشريره أن تأخذ فمه فلا يستطيع التحدث مع الآلهه ، أو أن تسلب منه قلبه , أو أن تقطع رأسه ، أو أن تجعله يضل طريقه ، لذلك كان عليه تلاوة هذه التعاويذ لتساعده فى اتقاء شر الأفاعى والذبابات الهائله وكل أنواع المساوئ التى تسعى لاهلاكه فى العالم الآخر، وذلك حتى يستطيع أن يصل إلى الأبواب التى ستوصله إلى الحياه مره أخرى فى العالم الآخر.
ومن أشهر فصول كتاب المتوفى ، الفصل السابع عشر ، والفصل 125 والذى يمثل محاكمة المتوفى فى العالم الآخر ، حيث يمثل الإله أزوريس ومعه 42 قاضى يقدموا الاسئلة واثني عشر الها يقومون بوزن قلب المتوفى لمحاسبته على أعماله ان كان خيرا او شرا طبقا لكفة الميزان" وجدنا في الموازين الي فوق " .
وكان نساخ قدماء المصريين ينسخونها على أوراق البردى ويزيدون عليها بعض الرسوم الملونة , وقد عثر على نسخ كثيرة جداً فى القبور التى أكتشفها علماء الآثار المصرية , وكان العالم الألمانى ليسيوس هو اول من ترجم كتاب الموتى ونشر ترجمته سنة 1842 م
خروج الروح:
في الدولة القديمة كان صعود روح الملك المتوفى إلى السماء عبر سلم علوي عظيم أو قابضاً على ذيل البقرة السماوية أو محلقاً كطائر أو محمولاً على دخان البخور المحترقة من الكاهن أو عاصفة رملية. أما الاعتقاد الذي استقر بعد ذلك.والذي كان لكل البشر بعد أن أصبح حق عبادة الشعب لأي معبود مكفولة هو خروج الروح على شكل طائر برأس إنسان.
محاكمة الميت:
كانت قاعة محاكمة الموتى في العالم الآخر تسمى باسم قاعة التحقيق ، ويوجد بها اوزوريس جالساً على العرش وخلفه شقيقتاه ايزيس ونفيتس والقضاة والمحلفين ، وفي وسط القاعة يوجد ميزان كبير وبجانبه وحش لحمايته، كما يوجد في القاعة أيضاً تحوت وانوبيس .
و تبدأ اجراءات محاكمة الميت عندما يقوم انوبيس بإدخال الميت مرتدياً ثوباً من الكتان ويقوم بتقديم التحية الي اوزوريس وباقي الآلهة، ثم يدافع الميت عن نفسه 36 مرة لأنه يخشى ألا يصدقوه فيعيد إقراره الدال على براءته متوجهاً نحو الـ 42 قاضيا (كانت مصر مقسمة إلي 42 إقليما فكان كل إله يمثل إقليماً من أقاليم مصر) وفي حضور 12 محلفا او الها (نسبة لعدد الكواكب ) بعد ذلك يذكر الميت كيف كان خيراً يعطي الخبز للجائع ويقدم الماء للعطشان و يكسى العاري, وسنتكلم في الحلقة القادمة عن نوعية الاسئلة التي يوجهها القضاة للميت والتي تفوق كل عقل .
ثم يوضع قلبه في كفة الميزان وفي الكفة الأخرى ريشة ماعت (تمثل الحق والعدل) ولم يذكر تفصيلاً كيف يوزن قلب الميت ولا أحد يعرف هل الآثام كانت تثقل القلب أم تجعله خفيفاً ؟ وإذا أثبت أن هذا الرجل بريئاً كان له الحق في الحياة و السعادة في العالم الآخر أم إذا كان مخطئاً فإنه يدمر بواسطة الملتهمة(وحش خرافي مزيج من التمساح وأسد وفرس البحر).
كان الشغل الشاغل للمصري القديم هوما سيحدث له في المحاكمة لأنه كان يعرف أنه ليس كل الناس سوف يحظون بالنعيم في الآخرة،لذا فقد عمد الكهنة إلي عمل بعض التمائم والنصوص السحرية لحماية الميت وتبرئته في المحاكمة .
كما وضع الفصل 125 في كتاب الموتى لتخليص المذنبين من خطاياهم وكان هذا الفصل ينسخ على ورق بردي ليوضع داخل التابوت بين ساقي المومياء ليبرأ ساحة الميت، وكان الكهنة يتحايلون بهذه الطريقة على الشعب, حيث أوهموهم أن بمساعدة النصوص السحرية يمكن أن تبرأ ساحة الميت وإن كان مخطئاُ.
الحياة في العالم الآخر:
تصور المصري القديم أن الحياة في العالم الآخر مثلها مثل الحياة على الأرض حيث يوجد سماء مثل سماء الأرض ،ونظراً لأن الزراعة كانت عماد الحياة في مصر أيضاً ستكون ذلك في العالم الآخر حيث تصورا العالم الأخر حقول من القمح والشعير يحصدونها ويتمتعون بالخير الوفير والأمان .
ولكن النبلاء كان من الصعب عليهم أن يعملوا في الحقول فظهرت تماثيل الأوباتشي التي تمثل الخدم أثناء عملهم والخبازين والجزارين والنساء وهن ينسخن القماش، وفائدتها أنها تقوم في العالم الآخر بخدمة مولاها وعمل كل الأعمال التي كان يجب أن يعملها بنفسه.
ولقد اعتقد المصري القديم ان الاتسان ينقسم الي قوي ثلاثة مندمجة معا تنفصل عن بعضها البعض كالاتي:
الجسد الانساني او االشخصية الانسانية الاجتماعية او مايمكن الاصطلاح علي تسميته بـــ: "الانا"
الروح وظلت بالنسبة للمصري القديم شيئا غامضا غير محدد اسماه الــــ :"البا"
القوة الثالثة وهي كائن يشبه الانا تماما بل صورة منه ولكنها صورة غير مادية ومهمتها حمايته من المخاطر اثناء حياته وصحبته الي القبر بعد مماته وتتردد عليه مابين القبر وبين ظاهر الارض واطلق عليه اسم "الكا " او القرين
وذهب العالم الفرنسي ماسبيرو الي ان " الكا "نحمل "البا "وان "البا"هي "الروح"وهي عبارة عن غشاء يحيط بقبس من الله
وذهب فكر المصري القديم ان هناك قوة خاصة كانت تلازم الانسان في حياته قد فارقته وكانت سر الحياة وهي قوة يمنحها له "رع" "عند ميلاده سماها "كا KA "وهي صورة او نسخة طبق الاصل من صاحبها الا ان الاثريين يؤكدون علي انه ليس من الواضح لنا كيف كانت حالة" الكا "اثناء الحياة ولا الدور الذي كانت تلعبه ..وهنا يكمن السر في مسألة تقديم الطعام والقرابين الي الموتي في القبور فهذه ال" كا" كان في رأيهم تظل حية بعد موت صاحبها لخدمة المتوفي لذلك قاموا بتحنيط الاجساد حتي تحل "الكا" في الجسد عندما تريد مع تمثال للميت يشبهه تمام الشبه حتي يمكن للكا ان تتعرف عليه في حالة تآكل الجثة بمرور الزمان لذلك التزموا بامداد القبر بالطعام بشكل دوري بل حرصوا ايضا علي وضع الاثاث المنزلي مع جثمان الميت في القبر لاجل المحافظة علي حياة ال" كا" الميت حيث سيعيش عالمه الاخر . فالخلود كان سمة المصري القديم, ورجاء كل اجدادنا المصريين .........
+ في رأي ان الكا تعادل في المسيحية الملاك الحارس ونراها في سفر اعمال الرسل ص 15:12 (وأما هي فكانت تؤكد ان هكذا هو.فقالوا إنه ملاكه ) وفي المذاهب الاخري يقولون عنه روح الميت او عفريت الميت او القرين .



#لطيف_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث الآن في مصر ....!!!!
- الكلام الموجع يهيج السخط
- علي رأسها ريشة وفي يديها قفازات منقوشة
- دروس مستفادة من مارتن لوثر كينج
- حقوق الاقليات بين الامس واليوم
- دروس مستفادة من النضال اللاعنفي (1)
- الزوجة الواحدة ختام الانظمة الزوجية
- القراءة في ظل حياة صاخبة
- هل حقا الكلب الاسود شيطانا ؟؟
- زيدان وازدراء الاديان وتهديده للمطران
- البابا الكبير وعزازيل الصغير
- زيدان وتابعة بباوي وتصحيح المفاهيم
- عمروبن العاص من أحقر الشخصيات التاريخية
- قراءة متأنية في كتاب اللاهوت العربي والعنف الديني ( 2)
- قراءة متأنية في كتاب اللاهوت العربي والعنف الديني (1)
- لماذا يهينون المصريون تاريخهم ويكرهون حضارتهم ؟ 2-2
- لماذا يهينون المصريون تاريخهم ويكرهون حضارتهم ؟ 1-2
- قراءة في كتاب خلف الحجاب
- سيد القمني وكعبة سيناء
- النصرانية ليست مسيحية ياسادة


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لطيف شاكر - عقيدة الموت والخلود