أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (5 ) : الاستقواء بالله جل وعلا















المزيد.....

من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (5 ) : الاستقواء بالله جل وعلا


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 23:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ) ( الزمر 51 )
القرآن الكريم لغة الحياة ، وما يقوله القرآن عن البشر يتجسد واقعا في حياة الناس ولا تملك إلا أن تقول ، صدق الله العظيم "

1 ـ فى إحدى القرى القريبة من قريتنا كان هناك خفير طويل القامة ما زلت أذكر ملامحه وكان مشهورا بالقوة والقسوة ، وحدث أن جاءت نسوة من الأعراب يعملن فى نخل بقايا الحصاد فى أجران القمح ، وعزّ على ذلك الخفير أنهن يعملن دون أن يأخذن منه الأذن فطردهن ، مع أنه لا يملك ذلك الجرن ـ ولكنها الرغبة فى استعراض القوة و السلطة على المستضعفين . النسوة كدن أن ينصرفن ولكن تصدت له أحداهن وكانت أكبرهن فى السّن ورأت فى سنها ما يعطيها جرأة عليه أملا فى أن يلين ،كلمته باللين تسترحمه ، ففوجئت به يصفعها بكل ما يملك من قوة ، وتدخل بعض الناس وكادوا يفتكون به ، وانصرف الجميع ودعاء المرأة العجوز الباكية المقهورة يرنّ فى آذانهم : ( ربنا يقطع إيدك يا ظالم ).
ومرت سنوات ، وكان قطار الدلتا يمر على قريتنا ويعبر الترعة الكبيرة فوق كبرى حديدي ، وحدث أن ذلك الغفير كان يركب فى ذلك القطار ، وتثاقل عن النزول فى المحطة ـ محطة بلدنا التي تقع على الكوبري ـ وتحرك القطار سريعا ، وقفز منه الخفير مسرعا واكتشف وهو يقفز أن القطار يعبر الكوبرى وأن البحر أسفل قدميه ، فتعلقت يده بقضبان القطار ، فقطع القطار يده اليمنى ، نفس اليد التي صفع بها العجوز الإعرابية الفقيرة منذ سنوات ..
وما زلت أذكر ذلك الخفير بعد الحادث بيده المقطوعة وقصته التي كانت مسموعة ، تلك القصة التي عاصرتها فى طفولتي ، ثم قرأت مثيلا لها فى تاريخ مصر الطولونية .

2ـ كان محمد بن المدبر يتولى الخراج فى مصر عندما جاء ابن طولون لولاية مصر ، وكان ابن المدبر ظالما غشوما وقد أخرب البيوت من كثرة ضرائبه ، وكان سهلا عليه أن يأمر بسجن من يعجز عن دفع الضرائب. وقد كان الحاكم الفعلى لمصر قبل وصول احمد بن طولون واليا عليها من الخلافة العباسية .
بعد يوم حافل بالظلم رجع محمد بن المدبر إلى بيته فوجد أمام الدار إمرأة مصرية تنتظره ، وقالت له قبل أن يدخل داره : أيها السيد نحن مائة من الأطفال والنساء وقد حبست عائلنا فلان ، فاتق دعوة مظلوم تعرج إلى الله منا فيك .!!
فنظر إليها باستهزاء وقال : إذا عزمتم على هذا فليكن الدعاء فى السحر فإنه أنجح له .
وقال الراوي لهذه القصة وهو سهل بن سيف : ( وكنت معه وسمعت ما قال فارتعبت من كلمته) ، فما مضى شهر بعد هذه الحادثة حتى نجح ابن طولون فى عزل ابن المدبر ، وتولى مكانه محمد بن هلال .
وأمر ابن طولون صاحب الخراج الجديد محمد بن هلال أن يقوم بمحاسبة ابن المدبر على كل ما فى حوزته من مال ، وجمعهما ابن طولون فى مجلسه ، وأثبت محمد بن هلال أن غريمه ابن المدبر يختلس الأموال ويزيف فى حسابات الديوان، فأمر ابن طولون باعتقاله ، وألبسه جبة صوف للتحقير ، وأقامه فى الشارع ليستهزئ به الناس ، والحبال فى عنقه والقيود فى يديه.. فكان أول من رآه من الناس تلك المرأة التي استهزأ بها حين قال لها ( ويكون دعاؤك فى السحر هو أنجح له ) ، فوقفت أمامه وقالت له مستهزئة : ( جزاك الله خيرا يا أبا الحسن !. فقد نفعتنا بنصيحتك بأكثر مما ضررتنا ، لأننا أتبعنا نصيحتك ودعونا عليك بالسحر فوجدناه أنجح شيء واستجاب لنا رب العالمين فيك !! ) فبكى ابن المدبر وابكي من حوله ..

3 ـ وقد أخبر الله تعالى فى القرآن أن الإنسان إذا مسه الضر دعا ربه فإذا أنعم الله عليه بالنعم طغى ونسى ربه ، وكذلك كان يفعل السابقون لذلك أصابهم الله تعالى بسيئات ما فعلوا ، ونفس المصير ينتظر الظالمين بعد نزول القرآن فستصيبهم السيئات والعقوبات بظلمهم وبما كسبت أيديهم ..( فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ)(الزمر49 :51 )
4 ـ ونحن أحوج ما نكون الى الله جل وعلا ، والى الاستقواء به فى عصرنا البائس .
فالمستبد العربى يتضاءل ذلاّ وهوانا أمام أمريكا ويتصاغر عارا أمام اسرائيل ، بينما يصول فى الداخل بجيشه وقواته المسلحة وشرطته السرية و العلنية ، وينهال بكل تلك القوى ضربا فى الشعب و تعذيبا للابرياء حتى يسكتوا على نهبه وفساده وعتوه وجبروته . ولو اعترض بعض الأحرار ووقفوا وقفة سلمية يطلبون الرأفة و بعض حقوقهم المسلوبة سلّط عليهم كلاب حراسته من الجيش و البوليس . ولو حاولوا الصراخ لينجدهم المجتمع الدولى اتهمهم المستبد وجهاز إعلامه بالاستقواء بالغرب ، مع أنه خادم ذليل للغرب ، ومع أن من حق المظلوم المضروب أن يطلب العون و أن يستقوى بأى شىء لكى يدافع عن نفسه . ولكن جهاز الدعاية للمستبد ينجح دائما فى تشويه الاستغاثة بالخارج ـ وهى عمل مشروع اسلاميا ودوليا وقانونيا.

5 ـ ليس بيدى أولئك المظاليم شىء يقدرون عليه سوى الدعاء على الظالم والاستقواء برب العزة عليه وعلى كل أعوانه من كلاب الحراسة المدججة بالسلاح ومن كلاب الاعلام الزاعقة بالنباح .
هى دعوة لكل مظلوم لأن يلجأ لله جل وعلا ليدعو على كل مستبد فى بلده .

هى دعوة لكل مصرى ولكل مصرية أن يتفرغوا ساعة فى آناء الليل أو أطراف النهار ليدعو الله جل وعلا أن ينتقم من حسنى مبارك وأعوانه الظالمين ، وأن يجعلهم عبرة للناس أجمعين .
هى دعوة لكل أم ولكل بنت ولكل زوجة ولكل أخت ولكل إمرأة مصرية فقدت عزيزا لها فى السجون أو الاختفاء القسرى ، أو تعرضت أو تعرض عزيز لها للذل و التعذيب و الهوان و الفقر والاحتياج والأمراض والغرق فى عبارة السلام او فى السفر هربا لأوربا .. أن يبكين بالدموع وهن يطلبن من الله جل وعلا أن ينتقم عاجلا من مبارك والظالمين من اسرته واعوانه شخصا شخصا .
هى دعوة لن تكلف شيئا ، ولكن الاستجابة فيها مضمونة طالما كان الدعاء لله جل وعلا خالصا وصادقا وباكيا ومقترنا بما يستحقه رب العزة من تقديس وتسبيح و تحميد وتمجيد وخشوع وخضوع .

6 ـ يقول جل وعلا : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ( غافر 60 )

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ) ( البقرة 186 )
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ .... ) (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ )( النمل 59 & 62 )
7 ـ أرجو تعميم هذه الرسالة و نشرها والتذكير بها وأخذها بكل جدية .. إن الله جل وعلا قد أوعد وقد وعد وهو جل وعلا لا يخلف الوعد ولا يخلف الوعيد ولا يخلف الميعاد . وقد أوعد الظالم بعقاب فى الدنيا قبل الآخرة، ووعد المظلومين بأن يعاقب الظالمين، يقول جل وعلا عن الظالمين السابقين واللاحقين : (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ) ( الزمر 51 )
فالقرآن الكريم هو لسان حال الواقع الاجتماعى و أصدق ما يعبر عنه ، وأصدق كتاب فى إصلاحه .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الأموية فى لمحة تاريخية
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (4) ( وَمِنَ الْأَع ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (3) الذين يوفون بعه ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (2) ( والذين ظلموا ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى : هل جزاء الإحسان إ ...
- مسلمة بن عبد الملك : قائد عسكري فذّ ظلمته التقاليد الأموية ا ...
- هل مات أبو طالب كافرا كما يزعم أرباب الدين السّنى ؟
- أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ؟؟ ابرا ...
- الرد على صاحب هذه الرسالة ( رسالة الى كاتبى موقع أهل القرآن ...
- ( 16 ) وعظ السلاطين: زياد ابن أبيه الواعظ السفاح :
- لا نبتغى الجاهلين !!
- ابن إياس مؤرخا
- (2 ) من دروس قصة موسى : - إن خير من استأجرت القوي الأمين -
- يسألونك عن ( الخلع )
- (16 ) وعظ السلاطين : رفع الإصر عن شعب مصر
- إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ
- ( 15):وعظ السلاطين : تغيير المناخ الثقافى بين معاوية ومبارك ...
- ( 13):وعظ السلاطين : تغيير المناخ الثقافى بين معاوية ومبارك ...
- بسبب هذا المقال تعرض موقعنا ( أهل القرآن ) لهجوم هكرز حسنى م ...
- (13):وعظ السلاطين : وعظ الرئيس ( محنط ) حسنى مبارك


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (5 ) : الاستقواء بالله جل وعلا