أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الفزاع - مش كاين هيك تكون 3/3














المزيد.....

مش كاين هيك تكون 3/3


علاء الفزاع

الحوار المتمدن-العدد: 920 - 2004 / 8 / 9 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


(موسيقى القمح)
تعيدنا هذه القطعة الموسيقية إلى أجواء موسيقى "نينوى" وما فيها من عبق تاريخي يوغل بعيدا في الزمان السحيق. ويكاد المرء أثناء سماعه "القمح" يتخيل الحركة الموقعة لمناجل الحصادين، تحصد القمح في حقول كنعانية وآرامية. يوحي بذلك الإيقاع الهادئ الرتيب للموسيقى. ويتخللها هبات رياح خفيفة توحي بها "طلعة" آلة الكلارينيت.
وكأي عمل فني ذي قيمة فإن هذه الموسيقى (توحي) ولا (تقول) مباشرة. إنها تضعك في جو ما، وتترك لك استخلاص نتائجك من ذلك الجو أو تلك الحالة. وتختلف هذه النتائج من مستمع إلى آخر لأن الموسيقى تضعك على بداية الطريق وتترك لك إكمالها.
إحدى الطرق التي سلكتها مع موسيقى القمح قادتني إلى قضية علاقة الأصالة بالمعاصرة، وقضية التراث واستخدامه فنيا وفكريا. إن هذه الموسيقى تأتي في نمط وإيقاع تقليديين. ومع هذا فهي توحي وتعبر عن أفكار في غاية العمق، وفي قمة المعاصرة. وزياد من أنصار استخدام التراث استخداما ثوريا تثويريا إيجابيا. وهو في هذا امتداد وتطوير لمدرسة الأخوين رحباني. وقد ذهب في هذا المنحى بعيدا وتفوق على سابقيه.
ولهذه القطعة وجه آخر. إنها تنبهنا إلى أذواقنا الموسيقية، فنحن لا زلنا نميل برؤوسنا طربا مع الموسيقى بدلا من أن نسترخي ونطلق العنان لأفكارنا وخيالنا معها. "القمح" تستخدم قوالب موسيقية قديمة جدا ومكررة جدا، ومع ذلك لا زلنا نستمتع بها بنفس الطريقة القديمة، تماما كما لا زلنا نستمتع استمتاعا بدائيا بالسيكا. ولا يعني هذا الدعوة إلى ترك القوالب القديمة، ولا نبذ السيكا، ولكنه يعني الدعوة إلى تطوير الذوق الموسيقي العام، وإلى استخدام أكثر عصرية للموسيقى.
تبدأ موسيقى القمح بصوت زياد الرحباني يقول : "وقمح"، وتنتهي بنفس الطريقة. وكأنه يلح على أن "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" ولكن "لا يحيا الإنسان بدون خبز". إن هذه الموسيقى محاطة ومحاصرة بالخبز-الذي هو قمح-من بدايتها إلى نهايتها. لا تترك التمايل الهادئ الرومانسي لسنابل القمح-كما توحي الموسيقى-يصرفك عن المصير النهائي لتلك السنابل:الخبز، الذي يمثل الجانب المادي المعاشي في الحياة. إن الفنان يحس بضغط الحياة اليومية، والحاجات المادية التي تكاد تخنق الإبداع. تلك الحاجات تحطم أعصاب معظم الناس في سعيهم لإشباعها، وتحاصر الكثيرين من المبدعين الذين يضمحل إبداعهم وينضب تدريجيا في خضم سعيهم لتأمين العيش الكريم لهم ولعائلاتهم.
ومن ناحية أخرى لا تستطيع تلك الماديات وحدها أن تملأ حياة الإنسان. إنها الروح فقط، والإبداع فقط، ما يملأ الفضاء الرحب الذي يبقى بعد الشق المادي للحياة، تماما كما تمتد الموسيقى امتدادا جميلا بين كلمتي "وقمح" في أولها وآخرها.
لقد تم وضع موسيقى "القمح" في آخر ترتيب الأغاني في كاسيت "مش كاين هيك تكون"، بعيدا عن كلاسيكية "سلملي عليه" التي (أكلت الجو). ولو وضعت في البداية لانتقده الكثيرون ممن لا يولون الموسيقى اهتماما واعتبارا كافيين. لقد مر معظمنا على هذه الموسيقى مرور الكرام، بل إن البعض منا يوقف الكاسيت عندما يصل إليها. ولكنها مع ذلك تبقى من أغنى أجزاءه، وتحتاج إلى المزيد من التعمق والتحليل للوصول إلى أعمق مكنوناتها.
إن هذا العمل ككل، بأغانيه وموسيقاه،يحتوي الكثير مما يمكن أن يكون مادة للتحليل والنقاش. وهو يضيف الكثير من الثراء والغنى لتجربة زياد الرحباني. وهذه المحاولة كانت لاستجلاء بعض جوانبه. وهي –كما نبهنا سابقا- محاولة متحيزة سلفا، ومغرضة، وغير موضوعية.



#علاء_الفزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مش كاين هيك تكون 2/3
- مش كاين هيك تكون 1/3
- القاعدة والاستثناء: ابن لادن والغوييم
- بروميثيوس خلف هويمل
- موسيقى الجنازير
- نشيد وتحدي
- تفاؤم
- أرض الآلام
- ما بعد الحداثة: مقاربة سوسيولوجية
- الفقسة
- دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية


المزيد.....




- استمتع بأجمل وامتع الأفلام والبرامج الوثائقية على قناة ناشيو ...
- مش هتقدر تغمض عنيك .. تردد روتانا سينما نايل سات وعرب سات 20 ...
- قصة ميشيكو.. كيف نجت فتاة يابانية من القنبلة النووية؟
- -ذاكرة أمّ فلسطينية-.. أدب يكسر قيود الأيديولوجيا
- فيديوهات مخلة.. فنان مصري شهير يتعرض لعملية ابتزاز
- بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري ...
- اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
- تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب ...
- ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل ...
- الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الفزاع - مش كاين هيك تكون 3/3