أرض الآلام

علاء الفزاع

الحوار المتمدن-العدد: 852 - 2004 / 6 / 2 - 04:58
المحور: القضية الفلسطينية
    

تزدحم الآلام في أرض كانت تفيض لبنا وعسلا. كل من فيها يدفع ثمنا باهظا لوجوده فيها، وحياته معطلة إلى إشعار آخر. كل من على ترابها يدفع ثمن صراعات ليس له دخل مباشر فيها.
الفلسطيني يعاني سلبه كل حقوقه الأساسية... حتى حقه في أن يتنزه مع أطفاله أصبح هذه الأيام يخضع لنظام حظر التجول، وذلك بسبب وجود أناس جاؤوا بغير إرادته إلى أرضه. واليهودي غير قادر على أن ينسجم مع إنسانيته، إذ أنه بمجرد أن قبل أن يعيش في أرض غيره أصبح معتديا، وأصبح أكثر قسوة وعدوانية ووحشية. وفي نفس الوقت لم يعد قادرا على أن يعيش حياته الطبيعية، وبالذات مع تنامي العمليات الفدائية التي يقوم بها الفلسطينيون.
من المسئول عن آلام ذلك اليهودي؟ من الذي جعله يدفع ضريبة الألم في أرض الآلام؟ لا يمل كثير من الغربيين من ترديد نغمة أن اليهود يستحقون أرضا ووطنا-يتمثلان في فلسطين- تعويضا عن ظلم تاريخي تعرض له اليهود. ولكن الواقع أن اليهود جاؤوا إلى فلسطين بسبب التقاء عدة مصالح في الغرب. ولا يخفى أن كبار رأس الماليين اليهود كان لهم دور في ذلك. وهم نفسهم لم يأتوا إلى أرض الميعاد. لقد تركوا ارض الميعاد لفئات يهودية أقل نفوذا وفقرا وأكثر تشبثا بالأفكار التلمودية.
من يموت في فلسطين من اليهود؟ إنهم بالتأكيد أولئك الذين يستقلون المواصلات العامة، والذين يذهبون إلى مقاه ومتنزهات متوسطة المستوى...إنهم الفقراء ومتوسطو الحال. أولئك الذين تم التغرير بهم، وتم سوقهم إلى فلسطين، ليطلقوا صراعا داميا منذ أكثر من قرن من الزمن، سعيا وراء حلم ديني لا يؤمن به إلا الفقراء. ليس يهم أغنياء وول ستريت كم يموت من اليهود في هذا الصراع، ولكنهم يسارعون إذا شعروا خطرا يتهدد الكيان الذي يستفيدون منه أكبر استفادة.
ولكن هل يبرئ ذلك التغرير هذا اليهودي؟ إن الفلسطيني واليهودي كلاهما مظلومان بما يجري في فلسطين. ولكن لا مقارنة بين الظلمين...إن الظلم الواقع على الفلسطيني وصل حدا يجعل من المنطقي-بل ومن المفروض- أن يقتل. اليهودي مظلوم بالتغرير به، ولكن الفلسطيني مظلوم بسلبه حياته...وليس له فرصة إلا أن يقتل. من المؤلم أن يقتل مظلوم مظلوما آخر، ولكن هذا ما تفرضه صراعات ومصالح تتنازع هذه الأرض التي كانت تفيض لبنا وعسلا، وأراد الآخرون لها أن تفيض دما ودموعا.

#علاء_الفزاع (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات