أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - أزمة النقل.. لا جديد جاء به التدبير المفوض














المزيد.....

أزمة النقل.. لا جديد جاء به التدبير المفوض


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 3020 - 2010 / 5 / 31 - 14:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البعض منا ممن عاشوا زمن خروج المستعمر الفرنسي وحصول المغرب على الاستقلال، لا شك يذكرون الحديث المتواصل على عملية مغربة المؤسسات والقطاعات المنتجة والأملاك، كشرط موضوعي وسيكولوجي للإحساس العام بمعنى الاستقلال والسيادة الوطنية للبلد. وفي إطار تلك المغربة جرى تأميم كثير من المرافق والقطاعات وأصبحت ذات صفة عمومية تابعة للدولة وتحت الإشراف المباشر لمؤسساتها.
ولو رجعنا على الأقل لأرشيف الجرائد التي واكبت السنوات الأولى للاستقلال، لأدركنا كيف تم التسويق لكل ما قامت به الدولة في هذا الاتجاه، ولبصمنا بالعشرة على أن ما حصل من تمدد للملك العام على حساب ما كان في عداد الملك الخاص قبل الاستعمار، وأن تلك الطروحات التي قدمت كمسوغات لجعل الدولة بمثابة المالك الأكبر والمستثمر الأول والمدبر الأهم لأمور الاقتصاد فضلا عن أمور السياسة والتشريع والإدارة، حصل لصالح تنمية اقتصاد البلد وخدمة للمواطنين المغاربة خاصة الطبقات الشعبية المسحوقة، وأنه جاء لرفع مستوياتهم المعيشية وصيانة حقوقهم المنصوص عليها في الدستور.
ولكي تكتمل الصورة، سنجد أن في اللحظات التي كانت الدولة تتردد أحيانا أو تتلكأ في المضي قدما في هذا الاختيار، لحساباتها الخاصة، كانت هناك أحزاب متحمسة أشد ما يكون الحماس بدواعي سياسية وتدافعات نخبوية وخلفيات إيديولوجية، وكان لا يرضيها أي تباطؤ من طرف الدولة في نهج التأميم وفق منظوراتها الخاصة، بل وتحتج على التباطؤ أو الامتناع بشدة الواثق من أن اختيار التأميم الشامل هو الاختيار الأسلم والأنجع لتقدم البلد وبالتالي فلا تنازل عنه.
وفي الثمانينيات وبفعل توالي سنوات الجفاف والأزمة الاقتصادية والاجتماعية والانخراط في سياسات التقويم الهيكلي، كان الحل السهل الذي يمكن أن تذهب إليه الدولة للتنازل عن جزء من هيمنتها، بانسجام مع التوجهات الليبرالية العالمية وأفول القطب الاشتراكي آنذاك، هو التخلص من العديد من القطاعات لصالح الرأسمال الخاص، أي لصالح القطاع الخاص.
ولم يكن هذا خطأ في التقدير فحسب، ولكن كان أكثر من ذلك خطأ استراتيجيا، ستظهر نتائجه السلبية بعد ذلك بكثير، حيث أن الرأسمال الوطني الخاص الذي أسندت له المهمة تحت نوايا وذرائع كثيرة، رأسمال هش لم يتكون داخل سياق المبادرات الحرة ولا في إطار شروط المنافسة والاعتماد على النفس، وإنما كان رأسمال مكون من ثروات سهلة جمعت إما من اقتصاد الريع أو من اقتسام غنائم الأنصار، أو في أحسن الأحول جنيت من نشاطات عادية لكنها محمية بنفوذ سياسي أو إداري ومتحللة إلى أقصى الحدود من التزامات ضريبية تجاه الدولة.
وبطبيعة الحال كانت المبررات التي تم التشفع بها هنا أيضا في سياق الخوصصة، هي نفسها التي تشفعت بها الدولة في سياقات المغربة والتأميم، أي الاحتفاء بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والانفتاح على المبادرات الخاصة وفتح المجال للمنافسة الحرة، مما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمستهلك ويوفر على خزينة الدولة أموالا بل يذر عليها مداخيل ضريبية مهمة.
التقليعة الجديدة التي تروج هذه الأيام في إطار صيغ تدبير بعض القطاعات، وبعيدا عن معلبات الهاجس الإيديولوجي التي كانت سائدة من قبل، رغم وقوعها في الإطار الليبرالي دائما، هي ما يصطلح عليه بالتدبير المفوض، فتحت هذه اليافطة الجديدة يتوالى منذ مدة انتزاع بعض القطاعات وتفويتها لشركات أجنبية، وكانت البداية بالتعاقد مع شركات أوربية لتدبير إشكالية النظافة في بعض المدن ثم الماء والكهرباء ثم النقل الحضري.
بطبيعة الحال لا يهمنا هنا البحث في نجاعة هذا الاختيار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كما لا يهمنا إثبات الخطورة الحقيقية الكامنة وراء التمادي فيه على المستوى السياسي وعلى مستوى استقلالية القرار الوطني، لكن ما يهم هو ملاحظة أن الذرائع التي استندت عليها الدولة في سياق المغربة والتأميم والخوصصة، وقلبت عنها صفحا بعد ذلك، هي نفسها التي تستند عليها في عمليات التعاقد الجارية هنا وهناك بصيغة ما يسمى بالتدبير المفوض.
وأبسط مثال أمام أعيننا حاليا هو قطاع النقل الحضري بمدينة الرباط العاصمة، فالشركة التي فازت بهذه الصفقة، والتي من المفروض أن يكون المستفيد الأول من خدماتها هو المواطن العادي البسيط، خصوصا من حيث جودة الخدمة أو تكلفتها، لم تزد على أن جمعت سلبيات التسيير بصيغة القطاع العام أيام ما كان يعرف بالوكالة الحضرية للنقل ممثلة الأسطول المهترئ والعمال غير المؤهلين وغير المحفزين، على شره الشركات الخاصة وتملصها من كل التزام، والنتيجة طبعا تدبير بأعلى درجة من الفوضى والتسيب، وخدمة تنزل يوما عن يوم بكرامة المواطنين إلى حضيض البهائم، وتفويت شنيع للفرصة أمام الرأسمال الوطني العمومي والخاص لصالح شركات أجنبية تواجدها لحد الساعة لم يفصح عن أية قيمة مضافة لمجال النقل خصوصا ولمجالات أخرى حيوية كالنظافة والماء والكهرباء.
وهنا وإذا كان علينا أن نفهم ونتفهم علل السلطات والمسؤولين وأصحاب الشركة أنفسهم حينما يقولون بأن البداية دائما تكون صعبة، فإن ما يبقى علينا بعد أن تمر مرحلة البداية الصعبة وتنفذ الشركة ما تعهدت به في دفتر التحملات، أن نتخيل شيئا واحدا وأن نطرح سؤالا وحيدا: ماذا لو أضرب عمال هذه الشركة العجيبة ذات يوم أو ذات أيام متعددة لسبب من الأسباب الكثيرة التي يعانونها صباح مساء، ألن نكون أما حالة من الشلل التام للنقل في عاصمة البلد، ثم من يا ترى سيفاوض إذن ومن يا ترى سيكون عليه أن يجد الحل للمواطنين المتضررين آنذاك؟
الله أعلم..



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات على هامش واقع لا يرتفع
- الطباخ والطنجرة
- حتى لا يتسع المضيق بين المغرب وجاليته في أوربا
- 8 مارس 8 مشاهد عادية
- موت المثقف المغربي المهموم
- الأحزاب المغربية وسؤال الإصلاح
- مدونة السير: طريق السوط أصبح من اليوم سالكا
- منطق السلطة ودينامية الخطاب السياسي
- من المثقف الحزبي إلى المثقف الحزبائي
- سينما الخيال المريض
- لا حزب الله لا حزب الوطن.. لاحزب الملك
- العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى
- أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا
- رسالة.. إلى من لا يهمهم الأمر
- لَوْلاَ التَّشهُّدُ لكَانَتْ لاؤُهُمْ نَعَمُ
- صبْراً آلَ غزَّةَ.. فأُمُّ الجُبْنِ فِينَا مَا وَلَدَتْ غيْر ...
- إلا الأمن..(!)
- الأحزاب المغربية.. تراجيديا السقوط نحو قمة الحكومة
- انتخابات 2009 للجواب على رسالة الناخب الغاضب
- الهيبهوب ظاهرة صوتية.. لا غير


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - أزمة النقل.. لا جديد جاء به التدبير المفوض