أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الطوارئ- هي طريقة في الحكم!















المزيد.....

-الطوارئ- هي طريقة في الحكم!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 14:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الخريف المقبل، انتخابات برلمانية في مصر؛ وأخرى رئاسية في الصيف المقبل.
وفي أيار الجاري، سيُقِرُّ "البرلمان" حتماً "اقتراح" السلطة التنفيذية "تمديد" حالة الطوارئ، التي "تَنْعَم" بها مصر منذ (أو بفضل) اغتيال السادات في السادس من تشرين الأوَّل 1981.
نقول "حتماً"؛ لأنَّ شأناً سياسياً كهذا هو أقرب ما يكون إلى "الحتمية السياسية"، وأبعد ما يكون، بالتالي، عن "المصادَفة"، أو عمَّا يشبهها من نظريات كنظريتي "الاحتمالات" و"الفوضى"؛ ولأنَّ عبارات الحَذَر التي يَدْعونا عالم الصحافة السياسية إلى استعمالها تَفْقِد هنا منطقها ومبرِّرها، فـ "التمديد" واقِعٌ وحاصِلٌ لا محالة ولو كره أعداء "الجبرية السياسية"!
أمْرُ مصر، أكان إيجابياً أم سلبياً، يعني كلَّ عربي؛ فمصر تُظْلَم، ونُظْلَم معها، إنْ وَصَفْناها بأنَّها "دولة عربية شقيقة"، أي إحدى الدول العربية الشقيقة، فهي، والحقُّ يقال، وفي القول الفصل للتجربة، مَرْكَز العالم العربي، شاءت هي أم أبت، شئنا نحن أم أبينا.
"حالة الطوارئ"، مع ما تتضمَّنه من قوانين، وما تعنيه من إجراءات وتدابير، ليست بالشيء الذي يُقْبَل، أو يُرْفَض، بحد ذاته، فهي "حالة دستورية يُنْفى فيها، وبها، إلى حين، بعض أوجه وجوانب الحياة الديمقراطية"، فـ "الدستور الديمقراطي" هو، أيضاً، الدستور الذي يُحْمى ويُصان، في أوقات غير عادية واستثنائية، بشيء من الأساليب والطرائق المنافية للديمقراطية، معنى ومنطقاً، وكأنَّه الشوك يحرس الوردة ويصونها.
و"حالة الطوارئ"، المستوفية شروطها الدستورية والديمقراطية، لا تشبه أبداً حالة الطوارئ المُزْمِنة في مصر؛ ولكنَّ حالة الطوارئ في مصر تشبه كثيراً، وكثيراً جداً، طريقة الحكم في سائر الدول العربية، فهي "الاستثناء"، الذي بسبب المصالح الفئوية الضيِّقة، أي بسبب مصالح أنظمة الحكم العربية وأهاليها، تحوَّل إلى "قاعدة".
إنَّنا نتقبَّل هذه الحالة، ونقرُّ بشرعيتها وبضرورتها، إذا ما كانت جزءاً لا يتجزأ من حياة ديمقراطية حقيقية، ينبثق منها، عبر انتخابات حرَّة ديمقراطية شفَّافة، برلمان حقيقي، لا يشبه أبداً "مجلس الشعب"، الذي لا وجود فيه للشعب؛ وينبثق من هذا البرلمان حكومة تتمتَّع بالصفة التمثيلية، فلا تُعْلِن حالة الطوارئ إلاَّ على مضض، وعملاً بمبدأ "الضرورات التي تبيح المحظورات (الديمقراطية)".
أمَّا حالة الطوارئ، التي ستُمدَّد عمَّا قريب في مصر، فهي الحالة التي سمحت بسجن مواطِن عشر سنوات، من غير أن يعرف ما هي تهمته، ومن غير محاكمة، ومن غير عقوبة قانونية، فلمَّا أُفْرِج عنه، أعيد إلى السجن بعد يومين من الإفراج عنه، ليقضي مزيداً من حياته في السجن.
حذاريكَ اللعب بالنار فقد تحترق أصابعك!
ولكن، ماذا عسانا أن نقول لـ "القابض على جمرة"؟!
و"الجمرة"، بحسب تصريح صحافي أدلى به المستشار السياسي لرئيس عربي، كناية عن "السلطة"، فالقابض على السلطة في عالمنا العربي، بحسب رأي هذا المستشار، كالقابض على جمرة. ولا شك في أن "معاناة" الحاكم ستكون أعظم وأشد إذا ما كان مُحْكِما قبضته على "السلطة ـ الجمرة"!
وأقول لكل عربي محكوم: "حذاريكَ حَسْدَ حاكمكَ!"، فالسلطة ليست بنعمة حتى تتمنى تحولها منه إليكَ، أي حتى تحسده عليها. إنها نقمة عليه، ومسؤولية تنوء بحملها الجبال، ولن يضطلع بها إلا المضحِّي بنفسه وماله ووقته وعائلته.. "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِن شَرِّ مَا خَلَقَ.. مِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ".
سنصدِّق؛ لأن لا خيار لنا إلا أن نصدِّق. وكل من يشكِّك في صدق هذا الأمر إنما يساهم، عن وعي أو عن غير وعي، في بقاء تلك الحال "التي لا تسر الحاكم"، والتي عاقبتها الحتمية هي تشديد الحاجة إلى العمل بمقتضى "قانون الطوارئ"، فالمعارضون السياسيون، وذوو الرأي والفكر المخالف، إنما هم من أصحاب النفس الأمارة بالسوء، الذين بينهم وبين "الإرهابيين" و"تجار المخدرات" قرابة إما من جهة الأب وإما من جهة الأم.
لقد قرَّر البرلمان المصري، أي ممثلو الشعب، غير مرَّة، تمديد "حالة الطوارئ"، مع أن الأسباب الدستورية والقانونية الموجبة لإعلان واستمرار وتمديد "حالة الطوارئ" كالحرب والكوارث الطبيعية المدمِّرة لا وجود لها البتة، ومع أن استمرار "حالة الطوارئ" مع انتفاء أسبابها الشرعية يخالف المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر، وتعهدت فيها باحترام القانون والدستور وحماية الحريات العامة الأساسية التي لا بد لها من أن تختفي مع ظهور "حالة الطوارئ".
إن لكل قاعدة استثناء.. وإذا كانت "القاعدة" هي الحكم في طريقة يتأكد عبرها احترام الحاكم للدستور والقانون والحريات العامة الأساسية فإن "حالة الطوارئ" هي "الاستثناء"، ولكن الحُكم في عالمنا العربي، الذي تقدِّس حكوماته "الإصلاح السياسي والديمقراطي النابع من الداخل"، والمراعي لـ "الخصوصية"، يقوم على قاعدة أخرى هي قاعدة "تحويل القاعدة إلى استثناء، وتحويل الاستثناء إلى قاعدة"، فـ "دولة القانون" عندنا ليست سوى سحابة صيف إنْ قُيِّض لها الظهور. أما "الدولة الأمنية"، التي جاءت إلى الدنيا بحد السيف، والتي تقطر دما من رأسها حتى أخمص قدمها، فلا تستمر، وليس في مقدورها أن تستمر، على قيد الحياة إلا بـ "قانون الطوارئ"، الذي لن يموت قبل أن يرى "وريثه الشرعي" وهو "قانون مكافحة الإرهاب"، أو أشباهه، وما أكثرها!
ومع ذلك يراد لنا نظل أسرى وهم جديد هو أنَّ نفي "الدولة الأمنية" يقوم على المزاوجة بين "قانون مكافحة الإرهاب" و"الإصلاح السياسي والديمقراطي" الذي يُنْجِب "الحكم الرشيد"، أو يُنْجِبَه "الحكم الرشيد". يراد لنا ذلك مع أن التاريخ يُعْلِمنا، ويُعلِّمنا، أن الحكومات لا تذهب إلا بالطريقة ذاتها التي جاءت بها!
"النظام الرئاسي" إنما هو شكل من أشكال عدة لنظام الحكم في العالم. أما في عالمنا العربي فـ "حالة الطوارئ" إنما هي شكل لـ "نظام الحكم الرئاسي"، فالدستور يُكتب ويُقر ليُعطَّل العمل به على الفور، وكأنه حفل افتتاح لـ "حالة الطوارئ"، التي تستمر ما استمر الرئيس حاكما، والذي يستمر حاكما ما استمر على قيد الحياة.
وحتى لا نتعجَّل إقامة الأفراح والليالي الملاح، أقول إن روح "قانون الطوارئ" قد تغادر هذا الجسد لتحل في جسد جديد هو "قانون مكافحة الإرهاب"، الذي لن تجرؤ الولايات المتحدة على الاعتراض عليه، فهو التجسيد لروحها الإمبريالية الجديدة.
وأحسب أن شعوبنا ومجتمعاتنا تحتاج إلى أن تواجه "قانون الطوارئ" الذي تَحْكُم به حكوماتنا بـ "قانون طوارئ مضاد"، فصلوات الكاهن لا تقدر أبدا أن تدرأ عنه خطر صاعقة انقضت عليه من السماء، فمانعة الصواعق خير وأجدى. و"قانون الطوارئ المضاد" إنما يستمد شرعيته من حقيقة واقعة لا يشوبها وهم أو خرافة هي أن كارثة تاريخية، سياسية واجتماعية واقتصادية، تحدق بنا من كل حدب وصوب.
"حالة الطوارئ" إنَّما هي "نظام دستوري استثنائي"، يُعْمَل به إذا ما ثبت وتأكَّد أنَّ ثمَّة خطراً حقيقياً محدقاً بالوطن والأمة، وتتعذَّر مواجهته، والتغلُّب عليه، إلاَّ بإجراءات وتدابير غير عادية، تَقْتَنِع الأمة بضرورتها كاقتناعها بالشرِّ الضروري، أي الذي لا بدَّ منه لدرء مخاطر أعظم منه وأشرَّ.
أمَّا عندنا فهي تُعْلَن، وتستمر، في طريقة، هي في حدِّ ذاتها خير دليل على أنَّ "الرأس" لا يعرف من الديمقراطية إلاَّ ما يشبه الظلال، وعلى أنَّ مخافته وحده هي رأس الحكمة السياسية، فالرئيس يُعْلِنها بناءً على "تقديره الشخصي هو"، وعملاً بمبدأ السلامة الصحية، أي مبدأ "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، أو مبدأ "إنْ كان الخطر الذي يتهدَّدك، أو قد يتهدَّدك، في حجم نملة، فإيَّاك أنْ تنام له"!
قُلْ لي كيف تحكم، أقُلْ لكَ من أنت؛ ولا شكَّ في أنَّ الإدمان على الحكم بـ "حالة الطوارئ" هو خير دليل على أنَّ حكوماتنا لا تستطيع الحكم إلاَّ في "الطريقة غير العادية"؛ واستمرار الحكم في هذه الطريقة هو أيضاً خير دليل على أنَّ المحكوم ما عاد قادراً على أن يظل محكوماً في الطريقة نفسها، فإنَّ "حالة الطوارئ" هي التي في رحمها ينمو جنين "الانفجار"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفويض مباشر.. ومفاوضات غير مباشرة!
- العابسون أبداً!
- متى يأخذ عمال العالم مصيرهم بأيديهم؟!
- هل التاريخ يعيد نفسه؟
- في عبارة -ذات الحدود المؤقَّتة-!
- ساركوزي في ثياب نابليون!
- في مواجهة -قرار الترحيل-!
- العالم في مسارٍ نووي جديد!
- الدولة العربية ليست فاشلة!
- ما لم يقله فياض!
- مصطلح -الدول الفاشلة-!
- ميلاد فيزياء جديدة.. في -سيرن-!
- عندما يساء فهم -الرأسمال- و-الرأسمالي-!
- قِمَّة -الإسراء- من سرت إلى القدس!
- في عقر دارك يا أوباما!
- أنا المالك الحقيقي لكنيس -الخراب-!
- الذهنية التلمودية.. ليبرمان مثالاً!
- مفاوضات صديقة للاستيطان!
- -أزمة الفهم والتفسير- في عالَم السياسة!
- متى تتحرَّر المرأة من -يوم المرأة العالمي-؟!


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الطوارئ- هي طريقة في الحكم!