رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 2997 - 2010 / 5 / 6 - 23:25
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
واتخذ الله إبراهيم خليلاً
من المتعارف عليه بين البشر جميعا أن الله هو الذي اختار الأنبياء لكي يحملوا رسالة الله إلى الناس والتي من مفادها أن يعبدوا الله بلا شريك وان يقيموا العدل فما بينهم دون الافتراء على حقوق الناس ولا على حقوق الله في القران أي لا يجوز أن ننقص حرف أو نزيد حرف أو نأخذ آية مكان آية أو نحول كلمة مكان كلمة كل شيء في القران يقرأ كما هو أي على سبيل المثال يقول تعالى:
((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)) سورة النساء آية 125.
أي لا يوجد آية أخرى في القران تقول لأي نبي من أنبياء الله غير إبراهيم عليه السلام أن الله اختصه بهذا القول ((وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً))، فلا يجوز من أي مسلم أن يتقول على الله ويقول ذلك علي أي نبي غير إبراهيم، هذا يعد افتراء على الله وتعدي على حدود قد نهى الله عنها، ومع الأسف أن أغلبية المسلمين وخاصة أئمة المساجد يتقولون على الله بأشياء لم يذكرها الله على خاتم النبيين محمد عليهم جميعاً السلام حين يقولوا صفيه من خلقه وخليله، نعم إن الرسول محمد عليه السلام من المصطفون مثل بقي الأنبياء، هذا أمر مسلم به أي أن الله عز وجل هو الذي اختار لبعض الأنبياء الصفات أو الجمال، ولا يحق لأي إنسان أن يتدخل في ذلك سواء أكان عالم أو جاهل، ثم أنه ليس من وظيفة البشر أن يأتوا بمسميات أو صفات على الأنبياء غير الذي ذكر في القران.
وعلي سبيل التذكير يقول الله عز وجل بما يخص موسى عليه السلام:
((وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)) سورة النساء آية 164.
ونفهم من ذلك أن هذا القول مرتبط بموسى عليه السلام ولا يصح أن نقول هذا على أي نبي مثل ارتباط قول (خليلاً) على إبراهيم عليه السلام، ولا ندري من أين أتى المسلمين ببعض الأسماء أو الصفات على عباد الله ومنهم الأنبياء، وأحياناً كثيرة قد ذكر لنا الله في القران عن بعض الأحداث التي حدثت في الماضي دون ذكر أسماء الأشخاص الذين حدث معهم بعض المعجزات أو الآيات حتى نعتبر ليس إلا، أما حين نتدخل ونقول أن الذي حدث معه حدث ما اسمه كذا أو كذا هذا يعد تحريف وافتراء على الله وعلى سبيل التذكير أيضاً إذا ذكر اسم موسى وخاصة إذا كان الأمر يخص السفينة دون تفكير الناس تقول على هذا الشخص أن اسمه الخضر رغم أن القرآن لم يذكر غير أنه عبد من عباد الله تعالى، يقول تعالى:
((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً{60} فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً{61} فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً{62})) سورة الكهف الآيات 60 – 62.
أين اسم الخضر في هذه الآيات أو غيره؟!.. وفي موضوع آخر تجادل الناس من العلماء وغيرهم وكأنهم حضروا الحدث أو شهدوا الشخص بنفسهم أو كانوا في عصر هذا الرجل الذي جعله الله آية للناس، يقول تعالى:
((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) سورة البقرة آية 259.
أين اسم العزير في هذه الآية؟!.. وإذا كان الله لم يذكر لنا اسم هذا الشخص أو غيره في بعض الأحداث فما هي الحكمة عند الناس الذين يذكرون أسماء ما أنزل الله بها من سلطان غير أنهم بذلك يظلمون أنفسهم مثل ما يظلمون أنفسهم بتحيزهم إلى خاتم النبيين محمد عليهم جميعا السلام، وإذا كنا نحن أفراد لسنا برسل ولا أنبياء ومع ذلك أمر الله بعدم تزكية أنفسنا يقول تعالى:
((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)) سورة النجم آية 32.
فكيف بالناس الذين لم يحضروا أنبياء الله ولم يكلفهم الله بذلك أن يحكموا على رسول من رسل الله أنه الأفضل عند الله؟!.. هل أوحى الله إلى هؤلاء الناس الذين يفترون على الله بأشياء لم تذكر قط في القران؟!.. يقول تعالى
((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد)) سورة البقرة آية 252.
أي الله هو الذي يفضل ولا دخل لأي إنسان بهذا الأمر ومن لا يصدق ما جاء في القران لا يلوم إلا نفسه، وفي النهاية نحن البشر جميعا وبما فيهم الأنبياء لا نعلم من الأفضل من الناس عند الله ثم أن الله قد قال للمؤمنين حقاً أن لا يفرقوا بين أحد من أنبياء الله، يقول تعالى:
((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) سورة البقرة آية 285.
وأعتقد أنه ليس بعد هذا إلا أن نقول سمعنا وأطعنا كما قال المؤمنون السابقون وكان أولهم خاتم النبيين عليهم جميعا السلام وأن الله حين قال ((فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)) أي ليس للإنسان علم بهذا، يقول تعالى
((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)) سورة النساء 49.
ويظل هذا في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى.
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟