أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل يُصلِحُ العطار الأمريكي ما أفسده الدهر في العراق؟















المزيد.....

هل يُصلِحُ العطار الأمريكي ما أفسده الدهر في العراق؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2989 - 2010 / 4 / 28 - 23:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

استغلت بعض وسائل الإعلام العربي السطحي والطفيلي، مقالي في الأسبوع الماضي هنا في "الجريدة" بعنوان "لما خابت آمالنا في العراق الجديد؟"، وراحت هذه الوسائل تخترع عناوين جديدة للمقال من قبيل " الكاتب الليبرالي شاكر النابلسي يعلن ندمه عن تأييد غزو العراق!" وهذا ما كان يتمنى أن تسمعه وتشاهده هذه الوسائل، التي دأبت على دعم الإرهاب الدموي في العراق، وعلى الفوضى السياسية التي أحدثتها النخب السياسية العشائرية والطائفية حتى الآن، ومنذ سبع سنوات خلت.

وأريد في مقدمة هذا المقال اليوم، أن أؤكد على حقائق تجاهلتها وتناستها بعض وسائل الإعلام العربي السطحي والطفيلي:

1- أن إيماني بتحقيق الديمقراطية العراقية في يوم ما، لا سقف له يحده، أو يوقفه. وهو إيمان نابع من حتمية الديمقراطية العربية، التي سوف تتحقق في يوم ما، بعد أن تتوفر الموجبات والوسائل الضرورية التي توفرت للشعوب الأخرى. فمن غير المألوف، بل هو واقع شاذ، وخارج عن منطق التاريخ، أن تبقى هذه البقعة (العالم العربي) من العالم محكومة بنظم ديكتاتورية واستبدادية، لا حقوق فيها للإنسان، ولا تحقيق فيها للعدالة.

2- والحقيقة المهمة التي أريد التركيز عليها هنا، أنني فعلاً فقدت الأمل في النخب السياسية اللاعبة الآن على أرض الواقع في العراق. وأرى أن أمريكا بحملتها على العراق 2003 قد خُدعت خديعةً كبيرة بهذه النخب التي دفعتها إلى أن تقوم بحملة عسكرية، لا سابقة لها في تاريخ أمريكا، ومن أغلى الحملات تكلفة في التاريخ البشري والعسكري، دون أن يكون لها مردود مجزٍ. فماذا أخذت أمريكا من العراق حتى الآن مقابل هذه الحملة التي كلفتها غالياً في المال والجيش والسمعة السياسية، وكانت سبباً في انقلاب سياسي أبيض في داخل أمريكا، حيث تمت هزيمة الحزب الجمهوري الأمريكي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة شر هزيمة، لم تشهد أمريكا مثيلاً لها؟ وكان قائد هذا الانقلاب السياسي الأبيض أوباما، والحزب الديمقراطي.

3- لقد أعلنت أمريكا أكثر من مرة وعلى لسان مسئولين كباراً من الإدارة الجمهورية السابقة، ومن الإدارة الديمقراطية اللاحقة، خيبة أملها في الزمر السياسية العراقية، خاصة بعد تقارير "منظمة الشفافية الدولية" المتلاحقة عن الفساد في العراق. وبلغ الكذب والدس في بعض وسائل الإعلام الإليكتروني العربي حداً أن ألصق تهم الفساد بالإدارة الأمريكية ذاتها. وبرّأ السياسيين العراقيين من وزرها. ربما يكون لبعض الشركات الأمريكية العاملة في العراق دور في حجم الفساد العراقي، ولكن هذا لا يعني براءة الزُمر السياسية العراقية من هذا الفساد، الذي قالت عنه "منظمة الشفافية الدولية" في أحد تقاريرها، بأنه "أبشع فساد شهده تاريخ البشرية". فكما أعلنت أمريكا من قبل عن خسارتها وخيبة أملها في النُخب السياسية العراقية التي تتعارك عراك الوحوش الضارية على الفريسة العراقية، دون أن يتنازل فريق لآخر، حقناً لمزيد من دماء العراقيين، وتداركاً لمزيد من الكوارث والمصائب القاتلة للعراق. وكأن العراق أصبح بستان فاكهة، بلا حارس شديد وقوي، ومشاعاً لكل سارق وناهب ومدمر، بلا حسيب ولا رقيب.

4- إن فقدان الأمل في الزمر السياسية العراقية الحالية، لا يعني بأي شكل من الأشكال فقدان الأمل في العراق. فالعراق هو ثدي الأمل العربي المدرار. والعراق كان على مدار الزمان والأجيال، طائر الفينيق المتجدد دائماً بعد كل حريق مروّع. ثم من قال أن العراق هو سياسييوه فقط؟ وللحقيقة فإن أسوأ ما في تاريخ العراق هم سياسييوه. وقد قرأنا هذا، وحزنّا من أجله حزناً عظيماً منذ العصر الأموي وانتهاءً بعصر حزب البعث. فمنذ ذلك العهد وحتى الآن، لم يشهد العراق يوماً سياسياً، سادت فيه العدالة، يشاد به، أو فجراً سياسياً مشرقاً يُمتدح. بل أذاقت كل العهود ومن حكم فيها في العراق، أبشع صنوف الطغيان، والفساد، والسلب، والنهب. وما زال العراق حتى الآن – وللأسف الشديد – تحت هذا المزراب من الفساد، والسلب، والنهب، والطغيان. ولعل ما يُحكى الآن عن مآسي "سجن المثنى" هو فصل من فصول هذه المأساة العراقية، التي ما زالت تُعرض على مسارح البشرية، منذ أكثر من 15 قرناً من الزمان.

5- وأخيراً، فبعض وسائل الإعلام التي اتخذت من مقالي السابق وسيلة للطعن في الليبرالية والليبراليين، لم تنجح في مسعاها. فالليبرالية لا يقيمها مقال ولا يهدمها مقال. ولي أعناق النصوص – وهذا ما يتم حتى في النصوص الدينية المقدسة - واستعمالها لتلميع إيديولوجيات معينة، لم تعد خافية، بقدر ما أصبحت مكشوفة ومعروفة، في عصر ثورة المعلومات والتكنولوجيا، والتقدم العلمي المذهل، وخروج المتلقي العربي من سجون الحقائق المطلقة.

-2-

سبق وقلنا، أن أمريكا بما تملكه من قوة عسكرية وسياسية ومالية، تستطيع الإطاحة بأي نظام حكم ترى مصلحتها في إطاحته، فيما لو جاءت الرياح بما تشتهي السفن. ولكن أمريكا لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تُوجد و بـ (كبسة زر) نخباً سياسية شفافة ونزيهة ونظيفة. فهذه العملية لا علاقة مباشرة بالتربية. وبالتربية السياسية والإرث السياسي عامة. ونحن نعلم ومن قرأ تاريخ العراق القديم والحديث يعلم، كذلك من قرأ تاريخ العرب القديم والحديث يعلم أيضاً، أن العرب ومن ضمنهم العراقيون لم ينالوا قسطاً قليلاً أو كثيراً ، ضئيلاً أو وافراً، من التربية السياسية الشفافة، ولم يكن لهم قدوات (جمع قدوة) سياسية شفافة وعادلة، تقتدي بها الأجيال التالية من السياسيين.

-3-

فماذا يمكن أن تفعل دولة كأمريكا حيال هذا التاريخ الممتد من الطغيان، الضارب جذوره الغليظة في التربة العربية والعراقية خاصة؟

إن ما يؤخذ على أمريكا في هذا الشأن في العراق والعالم العربي عامة، أنها لم تُهيىء الأرض القابلة للإنبات الديمقراطي، فأرادت فرض الديمقراطية من فوق بواسطة النخب السياسية التي خيبت أملها وأملنا وأمل كل محبي العراق. والذين راهنوا على انبثاق فجر الحرية والديمقراطية على أرضه. وتهيئة الأرض القابلة للإنبات الديمقراطي في هذه الحالة، لا يكون إلا بالتعليم والتربية والثقافة، وهذه وسائل طويلة الأمد، وليس بالصواريخ والجيوش الجرارة السريعة النتائج، وهو ما اعتادت عليه الحياة الأمريكية عامة.

فالصواريخ والجيوش أداة اقتلاع، والتعليم والتربية والثقافة أدوات زراعة وإنبات وإبداع.

فهل يُصلِح العطار الأمريكي ما أفسده الدهر في العراق؟!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خابت آمالنا في العراق الجديد؟
- هل عَلِمْنا بعودة المماليك للعراق؟!
- الديمقراطية كُرة النار التي تتقاذفها النخب العراقية
- سقط صدام لكن سلوكياته ما زالت فاعلة
- العراق: لماذا من جمهورية الخوف الى جمهورية الفساد؟!
- العراق ونتائج الامتحان العسير
- أدلة التنوير للخروج من -اللعنة-
- أسئلة الانتخابات التشريعية العراقية
- صوت صادح من أصوات التنوير الحديث
- العراق: من انتخابات 1923 إلى 2010
- العراق أمام استحقاقات الديمقراطية الصعبة
- العراق: بين سردين الطائفية وحوت البعث
- العراق: المثال العربي للعدل السياسي
- العراق: من اللاهوت السياسي إلى الفلسفة السياسية
- الائتلاف والاختلاف بين الثورة الفرنسية و-الثورة- العراقية
- بين الثورة الفرنسية و -الثورة- العراقية
- لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟
- هل سيكون 2010 عام خروج فلسطين من الأنفاق؟
- أيها الفقهاء: كما اختلفتم اتفقوا حقناً لدمائنا؟
- لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل يُصلِحُ العطار الأمريكي ما أفسده الدهر في العراق؟