أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!















المزيد.....

لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 21:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-

إضافة إلى الأسباب التي ذكرناها في مقالنا السابق، عن عدم تشجيع كثير من الأنظمة العربية لوحدة السُنَّة والشيعة، هناك أسباب أخرى منها:



1- عدم قدرة معظم الأنظمة العربية على التعامل مع معنى الوحدة سواء كانت داخلية أو خارجية. وكذلك عدم توفر "عِلْم الوحدة" لدينا. فالوحدة تجربة نجهلها، ونجهل علمها. والإنسان يخاف مما يجهله. ويدفعه هذا الخوف في النهاية إلى محاربة ما يجهله. وهذا هو سرُّ محاربة السلفية والأصولية الإسلامية للعَلْمانية، والحداثة، والليبرالية. وربما كان هذا الجهل بميكانزم الوحدة عن قصد، أو عن غير قصد. وهذا ما يفسر سبب فشل أكثر من مائة تجربة وحدة، جرت خلال القرن الماضي (1913-1989) كما يقول يوسف خوري في كتابه الوثائقي ( المشاريع الوحدوية العربية 1913-1989).

2- بما أن معظم الأنظمة العربية لا شرعية لها، وهي تستمد شرعيتها الداخلية الباطنية من حفاظها على التوازنات الداخلية ضمن التكوينات الاجتماعية والطائفية، فليس من مصلحتها في يوم من الأيام أن تفقد شرعية الحفاظ على هذه التوازنات بين مكونات المجتمع المختلفة. لذا، فهي لا ترغب في إنهاء الصراعات الطائفية الداخلية وتحقيق الوحدة بين الطوائف، لكي تبقي شرعيتها المستمدة من هذه الصراعات قائمة.

3- تعتقد معظم الأنظمة العربية بأن الصراع السني – الشيعي صراع ديني وليس سياسي. وهو بذلك صراع أزلي، لن ينتهي إلا بنهاية الدين والدنيا. والدين والدنيا لن ينتهيا. ومعظم الأنظمة العربية تتغذى على هذا الصراع الدموي كما دودة العلق Leech . ولو بحثنا – مثلاً – عن السبب الذي دعا عز الدولة البويهي (967-978م)، في العراق، لإقامة أول احتفال رسمي في التاريخ الإسلامي بيوم عاشوراء في 960م كما يذكر السيوطي في (تاريخ الخلفاء)، و"إلزام الناس بغلق الأسواق وتعليق المسوح عليها، وإخراج النساء منتشرات الشعور يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم على الحسين".. لو بحثنا في السبب السياسي التاريخي لهذه الخطوة لوجدنا أن الدولة البويهية (923-1056م) انقسمت على نفسها إلى قسمين. فكان شطراً منها في العراق ويحكمه عز الدولة البويهي(967-978م)، والشطر الآخر في إيران ويحكمه ابن عمه عضد الدولة البويهي الطامع في حكم العراق. وكان الصراع محتدماً بينهما، عسكرياً وسياسياً. وأراد عز الدولة، أن يستميل الشيعة في إيران سياسياً، ويكسبهم إلى صفِّه، لكي تكون هذه الاستمالة سلاحاً قوياً في يده مستقبلاً في صراعه مع ابن عمه عضد الدولة في إيران، الطامع في مُلك عز الدولة في العراق. وزاد عز الدولة من استمالته السياسية للشيعة، بإحيائه ما يُعرف بيوم "غدير خم". ("غدير خم" موضع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، على مقربة من الجحفة، التي هي من المواقيت التي يُحرِمُ منها الحجاج للحج أو العمرة. وفي هذا المكان، كان هناك اجتماع حاشد. ووقف النبي عليه السلام في هذا الاجتماع خطيباً، وإلى جانبه علي بن أبي طالب، وذلك بعد رجوع النبي عليه السلام، من أداء حجة الوداع. وفي هذا الاجتماع رفع النبي عليه السلام، يد علي بن أبي طالب، وقال:

"مَنْ كُنتُ مولاه، فهذا عليٌ مولاه. اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.")
فألَّف الإمام الطبري مؤلَفاً أورد فيه الكثير من الأسانيد والحجج التي تسند هذا الحديث. فما كان من أبي بكر بن أبي داوود - وقد غلبته حجة الإمام الطبري وأفحمه بيانه - إلا أن لجأ إلى إثارة عامة الحنابلة عليه. وكان هو في مقدمتهم في بغداد، كنوع من الإرهاب الفكري. ورمى الإمام الطبري، بالتشيّع، والرفض، بل والإلحاد. واستمرت العداوة بين الطبري وابن أبي داوود إلى حين وفاة الطبري. حيث لم يتمكن أحد من الصلاة عليه. أو إخراجه من بيته وتشييعه. فما كان من أصحابه - على قلَّتهم - إلا أن صلّوا عليه، ودفنوه في داره ليلاً، خوفاً من عوام الحنابلة.

وكانت هذه التصرفات وغيرها، سبباً في نشوب صراع ظاهرة ديني وباطنه سياسي، بين السُنَّة والشيعة في العراق، فقام حنابلة بغداد بتأسيس عيدين لهم: "زيارة قبر مصعب بن الزبير بن العوام" (652-692م) (زوج سُكينة بنت الحسين بن علي. وهذا دليل آخر على أن الخلاف السُنّي الشيعي سياسي وليس مذهبي. فمصعب السُنّي يتزوج بشيعية. وهو ما تمَّ مثله أو عكسه في العراق، ويتمُّ حتى الآن.) ووالد مصعب، هو الزبير بن العوام، ابن عمة وحواري الرسول عليه السلام، ومن المبشرين بالجنة. وله دور سياسي كبير في "حزب السيدة عائشة" (السيدة عائشة، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام) الذي تكوّن للمطالبة بدم الخليفة عثمان بن عفان، والاصطفاف إلى جانب معاوية والأمويين، مقابل جبهة علي بن أبي طالب. وحارب هذا الحزب في معركة الجمل 656م وخسر المعركة، وقُتل طلحة والزبير. وكان ولده مصعب بن الزبير، كان والياً على العراق، وتقاتل مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان على كرسي الخلافة (وهو الصراع بين الأمويين والزبيريين في المدينة المنورة. فالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يريد الخلافة لابنه الوليد، ومصعب بن الزبير يريد الخلافة لابنه عبد الله. وراح الزبيريون ينددون بمقتل الحسين بن علي لإضعاف الأمويين، وتولّي السلطة بدلاً عنهم) رغم الاتفاق المذهبي - والسياسي السابق - مع الأمويين.

ولكي يشتد الصراع الطائفي الظاهري بين السُنَّة والشيعة، قام السُنَّة بالاحتفال بـ "يوم الغار" أو "عيد الغار"، الذي عادة ما تحتفل به السُنَّة الشعبية مصحوباً بالسب والشتم للطرف الآخر للأسف الشديد. وهذا العيد أصبح مناسبة سُنيَّة تقابل احتفال الشيعة بيوم "غدير خم". واحتفال "يوم الغار"، كان من خلال قصة النبي عليه السلام مع أبي بكر في "غار حراء". ويقال أن النبي قال لأبي بكر: "يا أبا بكر ما ضنُّك باثنين الله ثالثهما".



4- إن توحيد السُنَّة والشيعة يعني إعادة النظر في نظام الحكم السُنّي في معظم البلدان العربية وبنظام الحكم الشيعي في جزء من العراق وإيران، وربما في أجزاء من بعض دول الخليج. وهذا كله سوف يوجد فوضى سياسية، إذ يتحتم على البلد الذي يتم فيه توحيد السُنَّة والشيعة، أن يعيد النظر في طريقة ومنهاج حكمه الذي يجب أن يرضي الطرفين: السُنَّة والشيعة، وأن يستمد نظامه السياسي من مزيج يتكون من نظرية ولاية الفقيه الشيعية وولاية (أهل الحل والعقد) السُنيَّة.

-2-

كل هذا كان صراعاً، وتاريخاً قديماً، ودماءً جفَّت. ولم تخلُ أمة من الأمم في التاريخ من مثل هذه الصراعات الدامية. ولكن التنوير والعقلانية والثقافة الواعية والحداثة الشاملة، تتطلب من الأجيال الجديدة نسيان كل هذا التاريخ الدموي، وعدم نكء الجروح، حتى لا تزيد الفُرقة، ويُستثار العداء من جديد. فانظروا ما جرى في التاريخ الأوروبي من صراعات وحروب ودماء غزيرة، راح ضحيتها ملايين البشر. ولكن كان على الجيل الأوروبي الحاضر أن ينسى كل هذا، وأن يغفر كل هذا، من أجل مستقبل مشرق. ولو لم ينسَ الأوروبيون تلك الصراعات والحروب الدامية بين بعضهم بعضاً، لما تمَّت الوحدة الأوروبية الحالية، بعد جهد سياسي ودبلوماسي، دام أكثر من نصف قرن.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنجاز الأعظم للمسلمين: توحيد السُنَّة والشيعة
- الغول نصر حامد أبو زيد!
- كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-
- من هم المعارضون لقيام الدولة الفلسطينية؟
- الولادة المُتعسِّرة للدولة الفلسطينية
- من ليبراليات الخاصة إلى الليبراليات الشعبية
- كيف يتم انفراج الانسداد التاريخي ونجاح التنوير العربي؟
- لماذا الانسداد التاريخي وفشل التنوير في العالم العربي؟
- هل انكسرت جرَّة السمن والعسل التركية- الإسرائيلية؟
- ابتلاع ما تبقى من فُتات فلسطين ونحن غافلون
- رجم محمود عباس بالحجر الذهبي
- بعد اختيار بلادهم لاستضافة المونديال والألعاب الأولمبية: الب ...
- أوباما في الأمم المتحدة: 2009 تاريخ جديد للإنسانية
- بوش ما زال في البيت الأبيض!
- اجتهادات -العقلية العربية- في كارثة 11 سبتمبر
- هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟
- المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام
- لماذا سيكون المستقبل العربي مظلماً وقاسياً؟
- معاني ودلالات عودة الإرهاب للعراق
- مَنْ الذي لا يريد السلام : سوريا أم إسرائيل؟


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!