أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - إختيار ! (قصّة قصيرة)














المزيد.....

إختيار ! (قصّة قصيرة)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 02:04
المحور: الادب والفن
    


في محل خردوات يقع على يمين الداخل الي سوق الخضر و الغلال أطال السيد عبّود ناصر الوقوف أمام خزانة عتيقة قد علاها الغبار... أشرقت أساريره حين عاين ما بعث الغبطة في نفسه... نادى البائع العجوز .. أشار باصبعه إلى كتيب قليل السمك يرقد أسفل عمود طويل من المجلدات العتيقة.
للحظة ما، غشيت ملامح البائع علامة استياء ، سرعان ما تبددت قبل ان يقول بلهجة ودودة:
ــ امرك مطاع سيدي... لكنني اقترح عليك طبعة أخرى من نفس الكتاب.
لم ينتظر تعليقا، اتجه مباشرة نحو مكتب عتيق كان يربض في زواية المحلّ، تناول كتابا اصغر حجما و لكن اشد سمكا من الكتاب الذي اختاره الزبون. نفض عنه الغبار... قال وهو يعرضه بزهو على السيد عبّود ناصر:
ــ انظر سيدي... إنه أكثر أناقة
و بلهجة مشجعة :
ــ و أقلّ ثمنا!
قلبّ عبّود ناصر الكتاب، ثم اشار الي الطبعة الأولى و الأشد قدما:
ــ شكرا جزيلا... لكنني أريد هذا الكتاب!
أضاف البائع بما يشبه التوسّل:
ــ لقد فاتتني إفادة سيادتك.
ثم وهو يلوح بالكتاب الذي رفض منذ قليل:
ــ... بأن هذه الطبعة الجديدة نسبيّا
ثم وهو يضحك:
ــ هذا بالطبع!
ثم مواصلا:
ـــ قلت ان هذه الطبعة منقحة، بالإضافة الي كونها محلاّة بهوامش كثيرة و تعليقات هامّة لكبار....
قاطعه عبّود ناصر بعناد و قد بدا على وجهه الضيق:
ــ سيدي الكريم، سيدي الكريم شكرا على نصائحك التي لا أشك في قيمتها العلميّة، غير انني لا أرغب
ثم وهو يشير الي الكتاب الأول:
ـــ في غير هذا الكتاب.
بدا الإمتعاض على وجه العجوز وهو يتقدم بوجل نحو الخزانة المتآكلة.
قال مشجعا نفسه فيما كان يأخذ وضع الجثو:
ــ كل تعب يهون في سبيل توفير المعرفة النافعة لمن يستحقها.
ثم وهو ينزل دفعة اولى من مجلدات كانت اكثر تعرضا للغبار:
ـــ لا سامح الله الشيخوخة كيف تفعل بأهلها!
همّ البائع العجوز بسؤال السيد عبّود ناصر عما حببه في هاته النسخة الحبيسة ، لكن الضجر الذي بدا على وجه زبونه جعله يعدل عن السؤال.. همس فيما بينه و بين نفسه وهو يزيح كرسيا بلا رجلين كان يحول بينه و بين عمود الكتب الذي ازيح نصفه ." عشقتها شمطاء شاب وليدها"
ثم بصوت مرتفع:
ـــ و للناس فيما يعشقون مذاهب !
إحتاج البائع العجوزالي جهد كبير لإزاحة كامل العمود قبل أن يحرّر الكتاب المطلوب... نفض عنه االغبار، ثم تأمله للحظات، تناول خرقة مسحه بها بعناية أم بوليدها، قدمه اليه فيما كان يلهث من أثر الجهد الذي بذله:
ــ تفضل يا سيدي.
حالما وقع بين يديه صاح عبّود ناصر مبتهجا:
ــ شكرا جزيلا.
ثم و هو يعيد تقليبه:
ــ هذا ما كنت أبحث عنه.
قال العجوز مبتهجا فيما كان ينفض غبارا علق بسرواله :
ــ لشد ما يبهجني معاينة كتاب رائع بين يدي قارئ يقدّره حق قدره.
ثم مضيفا بلهجة مرحة :
ــ " الكتاب الجيّد عيد حقيقي"، هكذا كتب مكسيم غوركي ذات مرة.
ثم مستدركا :
ــ هذا إن لم تخني ذاكرتي العتيقة!

حال وصوله الي البيت، إتجه السيد عبّود ناصر رأسا إلى مخدعه، رفع لحاف سريره كاشفا عن ساق رفعها قليلا ريثما تمكن بركلة خفيفية من تحرير قطعة خشب في حجم علبة سجائر كانت تستقر تحتها، جثا على ركبتيه ثم دسّ الكتاب في الحيز الذي كانت تحتله... استقلى على فراشه. حمد اختياره كثيرا ،حين إفتقد حركة و صوتا كانا يزعجانه ... لم يلبث إلا قليلا حتى علا شخيره!
أوسلو 3/4/2010



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن تيميّة: كان مجرّد فزّاعة سلفيّة مضحكة 4/4
- بن تيميّة: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 3/4
- بن تيمية كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 2/4
- ابن تيمية: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 1/4
- إمتنان ! ( قصّة قصيرة)
- ردّ على مقال السيد صلاح يوسف- لماذا تركت الإسلام-
- إدانة! ( قصة قصيرة)
- شرف!! ( قصة قصيرة)
- توتّر! ( قصة قصيرة)
- فضيلتان!( قصّة قصيرة )
- دعارة!! ( قصّة قصيرة)
- كابوس! ( قصّة قصيرة)
- جولة في أخطر كتاب شيعي 13/13
- الستّ ايران و الشيطان الأحلى!!
- جولة في أخطر كتاب شيعي12/13
- جولة في اخطر كتاب شيعيّ 11/13
- جولة في أخطر كتاب شيعيّ 10/13
- جولة في أخطر كتاب شيعي 9/13
- جولة في أخطر كتاب شيعي 8/13
- جولة في اخطر كتاب شيعيّ7/13


المزيد.....




- سعيد يقطين: أمريكا توجه دفة الإبادة والتطهير العرقي بدعمها ل ...
- افتتاح مهرجان هولندا السينمائي بفيلم -ناجي العلي- وأفلام عن ...
- -شومان- تستعيد أمجد ناصر: أنا هنا في لغتكم
- افتتاح مهرجان هولندا السينمائي بفيلم -ناجي العلي- وأفلام عن ...
- سطو -سينمائي- بكاليفورنيا.. عصابة تستخدم فؤوسا لسرقة محل مجو ...
- فيلم -ني تشا 2-.. الأسطورة الصينية تعيد تجديد نفسها بالرسوم ...
- تعاطف واسع مع غزة بمهرجان سان سباستيان السينمائي وتنديد بالح ...
- -ضع روحك على يدك وامشي-: فيلم يحكي عن حياة ومقتل الصحفية فاط ...
- رصدته الكاميرا.. سائق سيارة مسروقة يهرب من الشرطة ويقفز على ...
- برتولت بريشت وفضيحة أدبية كادت أن تُنسى


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - إختيار ! (قصّة قصيرة)