أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - وداعاً ايها القمر















المزيد.....

وداعاً ايها القمر


زين الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


كل شيئ يبدو كئيباً .. والسماء كانت قبيل قليل تنزل حمما من دموع اسمها المطر .
النجوم المتراصة في السماء لم تعد مضيئة كما كانت . وصفحة السماء صامتة وما زالت تلبس ثوب الحداد الأسود غير مكثرته بملايين النجوم التي ترقص رقصتها الأخيرة
تعبت من انتظار القمر .. الذي تأخر هذه الليلة عن موعده الأبدي . اطرقت الى الأرض فهذه الرمال ستحتضن جسدى ذات يوم . كان شعاع من الضوء يناديني . وانا غير مكثرت له .. كان يلح في مناداتي . وانا ما زلت اتحسس مرقدي الأخير . ما اشد البرد وما أصعب أن يرتعش جسدك حتى النخاع . صوت الريح يعزف اغنية ملايين البشر الذين ابتلعتهم الأرض .
_ ما اشد وفائك ايتها الريح .. فانت الوحيدة التي ما زلت هنا بانغامك التي تثير الرعب والعظمة في آن واحد .
ارهقني الجلوس فانكفات على وجهي لأسجل قبلة حمراء على رمال الشاطئ الناعمة ...
استلقيت .. وجعلت اتأمل لوحة السماء السوداء سواد الخطيئة .
_ ايه ايها القمر لماذا تأخرت اليوم عن موعدك .
اجابني ... كان صوته حزينا مرهقا
_ ولكنني اتيت .. سمعت نداءك فاتيت
_ وليتك لم تأت .. لقد كنت في غنى عن أن تراني وانا انام نومتي الأبدية ... وكنت في غناً عن ان اراك كما انت اليوم
حاول ان يضحك ولكنه لم يستطع فاستطردت
_ اتراك معتل مثلي ؟ .. اين كنت كل هذا الوقت؟!
_ ابحث عن من اهوى
_ هه ..!! وهل لك حبيبة؟! .. ما انت الا جرم في السماء .. فانى لك بالحبيبة ؟!
_ اعشقها منذ خلقت
_ الم ارك منذ ايام مستدير الوجه .. مضيئا المحيا .. كامل الإنارة .. فما الذي حدث لك
_ لا اضن ان عاشقا يسأل هذا السؤال .. وهل يكون النحول الا من صفات العاشقين .
_ واين قلبك الذي يخفق ؟
_ اهديته لها .. تركته لمعشوقتي .. كي اراها دائما من خلاله .. هي كل يوم تأخذ مني شيئا حتى أموت
_ أنت لا تموت .. فأنت موجود منذ بدء الخليقة
_انا فانٍ ... وهي الباقية .. انا لا اولد الا مرة واحدة وأموت مرة واحدة فاذا انتهيت يخشى ان يظل الليل بلا قمر فيولد قمر جديد .. محب مثلي .. عاشق مثلي وما أن يراها حتى يتيم بها .. فاذا رأها اصابته بسهامها واهدته من نورها وبهذا تسلبه روحه ولبه حتى يهلك .
_ اتحبها بعد كل هذا
_ نعم
_ وهي
_ تكسوني ضوئي الذي اهديه لكم
_ لو كنت تعشقها لما اهديت ضوئها لأحد
_ لسنا آنانين مثلكم معشر البشر . فما فائدة أن اكن الهوى الذي يختلج بصدري فلا يعلم به أحد .. اننا لا نخشى ان نبوح .. لا اخشى ان اغازلها صبح مساء .
_ هل التقيت بها ؟ هل اجتمعتما ؟
_ كلا فان باجتماعنا هلاك الكون .. وزوال الدنيا التي لا تستطيع ان تحتوى حبنا السرمدي
_ صفها لي ؟
_ ستعرفها من اشعتها التي تملأ الكون .. من جدائلها الذهبية التي تتسلل من بين الأغصان .. من لهيبها .. من نارها ... من حمرتها ساعة الغروب .. احيانا احاول ان اغازلها !.. فانسل الى صفحة السماء قبيل الغروب وهي توشك ان تلبس خمارها .!
ولكنني اندم على فعلتي ؟!
_ لماذا ؟!
لأني ابدو باهتا امامها ولا نور لي يجاري اشعاعها الآخاذ .
_ غريب هو الحب ؟ وغريب ان تحتمل الموت بها ....هل تريني محبوبتي ؟ فانا افتقدها منذ زمن طويل ! ..

_ منذ متى وانت لم ترها ؟
مذ عرفتها .. وكأنني اعرفها قبل أن توجد للكون ابعاده الأربعة .
_ لا استطيع ان اسديك هذه الخدمة .!
_ خذني اليك .. فانا اخشى ان تنتهي بي الساعات وتفنى البقية الباقية من العمر دون اراها ... خذني اليك لعلك تريني اياها .. او اناديها فيصل صوتي اليها عبر المدى
_ ولكن هذا مستحيل .
_ ارجوك ايها القمر ؟ انت خير من يعرف الجوى .. فهل سيرضى ضميرك ان تنتهي حياتي دون ان ارى من احب ؟ تخيل لو ان الشمس لم تشرق ذات صباح
_ كفى !
وانشقت السماء عن ضوء ساطع بالوان قوس قزح سرعان ما امتد الى مكاني
وكان القمر يخاطبني بصوته الحاني
_ اصعد! .. ولكن عليك ان تجد فتاتك بنفسك! . عليك ان تجد قلبك بنفسك فانا لا استطيع ان ادلك عليهما .
جلست على اطراف الضوء الممتد فارتفع بي سريعا .. وما هي الا لحظة حتى كنت احتضن القمر ... كنت خائفا .. فاجلسنى على مقعد وثير مصنوع من سحابة بيضاء عتيقة عتق الدهر .. كانت الأرض مظلمة .. بل اشد سوادا من ظلمة السماء .. حاولت ان ارى فلم استطع ... وكان يحاول جاهدا ان يضيئ لي .. فزاد ضوئة قليلا حتى استطعت ان اتبين بنوره بعض المعالم .
نظرت الى البحر .. الأشجار .. الوديان .. الجبال .. الغابات وسألته
_ كيف يشعر بك البحر ؟
_ وما ادراك؟
_ اراه يتنفس على نغمات انفاسك وكأنه ينصت الى خفقات قلبك
_ لقد فقدت قلبي منذ ازمان .. ابحث عن حبك ايها الفتى فليس امامنا الكثير
_ لا استطيع .. فالعالم كبير من هنا ... لعلي لو ناديت لأسمعت الكون .. فهل انادي
_ لن تصغي لنداءك ولكن اصنع ما شئت
ناديت ... ناديت بكل ما اوتيت من قوة حتى لا يضيع الصدى صوتي الحزين
_ اين انتي يامن سرقت حتى انفاسي الملتهبة بحثا عنك .. اينك يامن اضعت مني فؤادي الذي عصاني ارضاء لك .. تعالي وانظري الى.. فربما لن تسمعي هذا الصوت بعد الآن ... ولن يخبرك التراب عن مكاني
نظرت فاذا بالأشجار تهتز اهتزازا عنيفا ... والأدغال أصبح لها دوى يفوق كل شئ على الأرض .. لقد استيقظت الوحوش وأصبح صوت الريح سيمفونية تعزف لحن الحب الأبدي
لم اتوقف عن النداء فأجابني الصخر والجبال .. وعبرت صرخاتي القفار والفيافي .. ولكن ... لم اجد لقلبي اثرا فتوقفت حنجرتي عن النحيب .. وساد الصمت
_ مسكين ايها الفتى .. انظر
نظرت .. فاذا بالبحر قد اضطرب وهاجت أمواجه متسارعة لملاقاة الرمال البيضاء .
نظرت!.
فاذا بالمراكب قد اصطدمت بحواف الجزر او تقاذفتها الريح
نظر القمر الى وقال :
_ انظر هناك
نظرت .. فاذا بالجبال قد تساقطت صخورها وازداد نحيبها مع كل نداء تحملة الريح المثخنة بجراحي.
نظرت الى القمر ..
_ اين هي ؟!
نظر الى .. وكأن عيناه قد اغرورقتا بالدموع ..
_ هل تبكي ايها القمر
_ طالما بكيت يابني .. انظر هناك
فاذا بجنة وارفة الظلال .. باسقة الأغصان . جميلة المنظر . عليلة النسيم .. فيها من كل شيئ ..
قال
_ اتريد ان تكون هناك ؟
قلت نعم
قال انها جنة من لا يعرفون الهوى ... اترك قلبك لمصيره واذهب... فإن الجنة بانتظارك
_لا !!.
قلتها بكل ما اوتيت من القوة
قال انظر الى هناك
_ فاذا بواد عظيم من العذاب يسقى من فيه من الهوان ليل مساء .. ولا يجدون الى دموع الترقب ... لا يسليهم فيه الا امل الانتظار
قلت ما هذه
قال: انها جنة العاشقين فاختر لنفسك ما تشلء
_ كفاك ... اين محبوبتي .. اين فؤادي الذي تركني منذ زمن فانا اخشى ان الفظ انفاسي الأخير ة دون ان اراها .. ولعل قلبي يجاهد في طلبي
ضحك القمر ضحكة باهتة وهو يقول
_ انك مغفل كبير
_ انظر هناك ... هناك في البعيد .. اترى تلك النائمة على ضوئي اباهت مستسلمة لنسمات الهواء الباردة ... انه فتاتك !!. انظر جيدا فهي لا تختلف عن ملايين البشر من امثالها .. وانظر الى ذلك المقيد باغلال الحب اليس فؤادك ...
ناديته فرفع وجهه الى السماء ... وما ان رأني حتى امتقع لونه كالطفل الذي لايريد ان يفارق احضان امه
_ تعال ايها القلب
جرى اليها .. وتشبت بيدها الملقاتين .
استدركت
_ اوقضها لعلنا نجتمع سوية
ولكنه كان يزيد من تشبته بها
تبسم القمر وهو يقول
_ دعك منه فهو لايريد لها ان تسمعك .. لايريد لها ان تهواك .. لايهم ان مت او لم تمت فانه ليس لك الآن.. انه سعيد بجانبها ولا فائدة من كل ما تفعل
_ وهي ..!!.
_ ستستيقض في الغد لتعيش حياتها ... متفتحة كالزهرة ..شذية كالعطر
_ وانا ؟
_ستكون قد بلغت جنتك التي اخترتها انت لنفسك ... ستكون في جنة العشاق التي رأيت .
وماهي الا لحظة حتى القى بي حيث مثوى العاشقين ... كانت النيران تشوى القلوب ... سمعت صرخات قلبي الذي رفض مرافقتي تأتي من بعيد .
رفعت عيني الى القمر... لوحت بيدى
_ وداعا ايها القمر .. وداعا ايها القمر
كان يمسح دمعه الذي ينسدل على خديه فهو يعرف انه لن يعتلى قبة السماء من جديد .
وما زالت اغني اغنيتي الحبيبة فترددها الرياح تغني اغنيتها الأبدية
انني أهواك من قبل الزمان
قبل ان توجد دنيا
قبل ان توجد ارض او سماوات طباق
قبل ان يوجد تاريخ لشئ
نحن ارخنا العناق
يومها ... لم يكن شيئ نسميه شقاق
لم يكن في الكون بعدً او فراق واشتياق
لم يكن شيئ سوى حبي
وشئ عاصر الحب نسميه احتراق
يومها ... لم نكن نحن بشر
لم يكن أي بشر
لم يكن أي سهاد وحنين وسهر
كان حباَ.. وسع الأرضين


والسبع سموات طباقا وانتشر
يومها
لم يكن في الكون ليل اونهار
لم يكن ثمة نار ولهيب واستعار
لم يكن ثمة شئ من خلاف واعتذار
كان حبا مثلما الطيف
لقاء وامتزاج وانصهار
يومها
لم نكن نحن بشر
لم يكن أي بشر
انني اهواك من قبل الزمان
غاب القمر ... ولم انتظره بعد ذلك فهو لم يطلع بعد ذلك اليوم




زين الحسن



#زين_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحظات الأخيرة في حياة عفه
- بائع اللبن
- اليك حبيبتي حيفا
- محاكمة افلاطون مسرحية فلسفية من فصل واحد
- خاتم سليمان والمارد
- لأن الملائكة لا يكذبون


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - وداعاً ايها القمر