أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - اللحظات الأخيرة في حياة عفه















المزيد.....

اللحظات الأخيرة في حياة عفه


زين الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 02:03
المحور: الادب والفن
    


هاهم قادمون ...فأصواتهم تملأ المكان ... وأصوات خطواتهم الرتيبة تجمد الدم في عروقي...كم هو مرعب أن تكون كتيبة الإعدام هم أحب الناس اليك .
أسمع صرير الباب وخيط الضوء الرفيع الذي كان أول من ولج الى حجرة الموت هذه .!!
أحاول أن اهرب ..بدون جدوى فجسدي قد تصلب في مكانه .. ومفاصلي توقفت حتى عن الارتعاش .
ابي..!، اخي ..!، عمي ..!!..لماذا لا تجيبون ؟!.. صدقوني !..انا بريئة! .. لم افعل شيئا .!
لماذا لا تجيبون ؟!..لماذا تصمتون ؟!
وكأني ارى الجحيم في أعينهم .. أحسست بفؤادي ينقشع من مكانه وانا ارى نصل السكين يلمع في يد أبي ..
تراجعت الى الوراء .. زحفت ..تجمدت حتى الصرخات في حنجرتي ..وأبت الدموع أن تكمل طريقها لتقتحم حاجز المآقي وكأنها ارادت أن تموت معي .!!
انسل ابي ليقف خلفي أحسست بدموعه الدافئة تتقاطر على جبيني . وهو يضع يده اسفل دقني ويرفع رأسي للأعلى .. ما زالت تلك الرعشة الخبيثة تتملكني .. وأرجلي تخبط الأرض في هيستيريا عمياء ..ليست هذه اليد هي اليد التي طالما أحسست معها بالأمان .. ليست تلك الوجوه التي طالما عرفتها ...
ها أنا أشعر بنصل السكين يحز عنقي ... يغتالني ..يذبحني من الوريد الى الوريد .. لا أدري هل صرخت ؟!.
هل نطقت ؟!.
لا أدري هل ما زلت أرى وأنا اشعر بدفق الدماء تتفجر خارجة من شراييني وحنجرتي المحزوزة الى شطرين ..أشعر بجسدي يرتعش ارتعاشته الأخيرة .وهاهي ذكرياتي تمر أمام ناظري ..
العابنا .. ضحكاتنا .. أحزاننا ... لحظاتنا التي لا تنسى والتي طواها النسيان .. شريط حياتي أراه كأنه الحلم ..أشعر بارتعاشاتي الأخيرة وأنا أتذكر حضن أمي الذي طالما احتضنني .. يداها التي كانت تصلح لي بكلة شعري .. فمها الذي كان يقبلني كل صباح بعد أن تلبسني مريول المدرسة . ابي الذي اعانقه كل يوم عندما يقبل من عمله
ما زلت أشعر بدمائي تبلل جسدي .. وأسمع شيئا كأنه نواح لعله صوت أبي وقد افاق من غيبوبته على فعلته النكراء .
لا أدري لما يطول بي العذاب ؟!.. لماذا لم تنطفئ شمعة حياتي سريعا وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة .
أحاول أن احرك يدي.. ولا أدري هل أنا قادرة بالفعل على تحريكها أم أنها مجرد أوهام وتخيلات ..
هل هذا هو صوت أنفاسي البغيضة وقد تحول الى صفير أجوف في أرتعاشي الأخير .
أبي ... لماذا قتلتني ... صدقني انا بريئة ... وليس لي علم بما يدعون ...لا أعلم من أين اتت هذه التهمة البشعة .. وأنا التي حافظت دائما على اسمك شريفا نزيها وعلى سمعة هذا المنزل .
أبي ..لحظات وسيسكن جسدي وتنتهي لحظات الاحتضار فهل سأدفن كبقية الناس؟!
هل ستصلون علىً؟!
هل ستقام لي جنازه ؟!
هل ستدعون لي ؟!

أعرف أن شيئا من هذا لن يحدث فأنا أشعر بضربات الرفش تحفر مثواي الأخير هنا .. حيث اغتالتني ايديكم الأثمه والحبيبة .
هذا المكان الذي سيذكركم بجريمتكم في حقي انا التي صدقت ابتساماتكم ... شعرت انكم ربما تحمونني من نفسي .. انكم ستسترون خطيئتي إن أخطأت يوما .
هاهي لحضاني المتبقية تقترب من نهايتها ، والأصوات أصبحت أشبه بالضوضاء الخفيفة ... وهاهي أهازيج الدنيا تختفي .
فهل ستكتب برائتي ذات يوم .؟!
أمي .. أعرف انك تموتين الآن حسرة وندما وبكاء .. وربما كان مصيري أهون من مصيرك انت .. فها أنا انتقل الى رحاب السماء مظلومة مجني عليها ولكني ما زلت احبك .
أخي اشعر بيديك تقلب جسدي الذي يفقد ما تبقى فيه من دماء .. وأشعر بدموعك تمتزج بدمائي ولكن!!.. فات الآوان فعيناي قد انطفأت ... وروحي اوشكت على الرحيل غريب هو الإنسان في لحضات الاحتضار فربما لايرى شيئا ولا يسمع شيئا ولكنه يشعر بكل شيء... هاهي ضوضاء عاليه تختلف عن كل ما سمعته وأحسست به من قبل وكأنه صوت مسرع قادم من البعيد .. وها أنا أشعر بلهاثه أعرف من هو حتى من دون أن أراه .
أمي .. هاهي أمي اشعر بها وهي تتعثر في كل شئ فقدماها لا تقويان حتى على حملها .
حركاتي بدأت تهدأ رويدا رويدا ... وأشعر بروحي تنسل خارجة مني ...لا اعلم هل استطيع أن انطق الشهادتين أم لا ...
لكنني سأحاول .
بدأ جسدي يسكن .. وأنا احاول أن احرك يدى وأمسك بقلم من نور لأخط به
لأهلي ألأعزاء كلمة واحدة
( سامحكم الله ).
------
اشرقت الشمس كعادتها كل يوم وأنطلقت الطيور بحثا عن معيشتها كعاتها كل يوم...لم يكن أحد يعلم عما حدث في الليلة الماضية شيئا ...سوى الرياح التي بدأت تنقل أحداث ما جرى من بيت الى بيت لتعم كل بيوت القرية في همس الذي لا يريد أن يصدق ما يسمع .. ولكنه لا يزال همسا .... الا بيت الحاج قايد .. لم يكن كعادته
كان واجما وكأنه بيت للأشباح . و الحجرة التي كانت تستخدم كزريبة للأبقار اصبحت مسكنا للأرواح ...بعد أن هجرتها حتى حيواناتها الا كلب الرعي الذي بسط ذراعية واسترخى في البقعة ذاتها التي دفنت فيها عفه .. وكأنه لا يريد للأبقار أن تطئ بأقدامها من كانت الى الأمس تطعمها وتسقيها .
لم يكن شيء غير اعتيادي في المنزل ولكن مسحة من الشئوم تظلل المكان برمته .
اعلنت الساعة التاسعة والنصف وكان هذا الشارع الذي يقابل منزل الحاج قايد شبه خال الا من حركة مشبوهة او فالنقل مريبة .
لم تمر دقائق حتى وقفت سيارة غريبة نزل منها رجل يلبس بدلة رسمية وفي يدة حقيبة دبلوماسية .. كان يبدوا عليه سمات الأشخاص المتحضرين على عكس سكان هذه المنطقة من الريفيين البسطاء وكانت تسير بجانبة امرأه في مقتبل العمر تلبس الخمار والبالطو كعادة كل النساء المحجبات الا انها كاشفة الوجه وهو مشهد يثير الإستغراب في مثل هذه القرى .
وقف الأثنان امام باب الحاج قايد وبدأو بسؤال أحد الواقفين في الشارع عنه والذي أخذ بالمناداة بدلا عن الضيفين .
لم يخرج الحاج ولكن أطل ابنه من على الشرفه
_ من يريد ابي .. أبي نائم
رد الرجل المهندم
_ انا الدكتور فؤاد من المستشفى العام بالمديرية اسأل عن عفه هل هي اختك
تبرع الجار بالإجابة
نعم هي اخته ..خير
ولكن ابن الحاج اجاب بغيض.وبلهجه قبلية صرفه
_ وما دخلك انت يا لكيع ... ما بو حد اسمه عفه ...ما تشتو منها ؟
_ لقد حضرت بالأمس ومعها والدها لعمل تحليل ولقد اخطأت موظفة المختبر في استلام عيناتها ... فاعطتها نتيجة ليست نتيجتها
اتسعت حدقتا الغلام وقال في لهجة تقترب الى الحشرجه
_ كيف؟!!!

_ للأسف اختك ليست حامل .... ولكن ايضا ليست مصابة بأي مرض مما جاء في نتيجة التحليل ... لقد كان التحليل يخص امرأة اخرى
كان يكمل كلامه بكل برود ... وحتى بدون دون ان يسمعه أحد ... وماهي الا لحضات بدأ هرج ومرج ولغط شديد ودوى صوت طلق ناري تبعته صرخة عالية شقت كل جدار الصمت والضوضاء على حد سواء
انطلق الكل الى الأعلى ... ليروا ما الذي حدث
كان الأب مضرجا بدماءه والأم تمسك بالمسدس بهستيريا وهي تهذي
_لقد قتل عفه... لقد قتل عفه



#زين_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بائع اللبن
- اليك حبيبتي حيفا
- محاكمة افلاطون مسرحية فلسفية من فصل واحد
- خاتم سليمان والمارد
- لأن الملائكة لا يكذبون


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - اللحظات الأخيرة في حياة عفه