أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - شهقة حقٍّ متطايرة من أفواه النيازك














المزيد.....

شهقة حقٍّ متطايرة من أفواه النيازك


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 904 - 2004 / 7 / 24 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


أحاول جهدي أن أصيغ دائماً نصّاً جديداً يتجاوز نصّي، التجديد شغفي وهاجسي، تراني أكتب أحياناً عن قضايا عابرة لا يلتفت إليها إلا مَن تلظّى بجمرة العشقِ، عشق البحار وما خلف البحار، منذ فترة نشرت قصّة قصيرة بعنوان: النمل، حملت قصّتي طابع الطرافة ونكهة الفكاهة. ربطّت ما بين مشهدين من مشاهداتي لعوالمِ النمل، عوالم متناثرة فوق محطات تشرُّدي في وهادِ الحياة، شريداً كنتُ وأنا في عقر داري، شريداً في بيادر غربتي، تناثر النمل في بيتي العتيق، على مشارفِ مطبخي، وما بين هناك حيث الذكريات الحميمة تقوم ركباً. وهنا، قافلات النمل تسرح في مطبخي، في أرض مملكة السويد، تذكّرني ببسمة الأطفال وضحكة والدي وهو يلملم باقات الحشيش، نسجت ما بين العالمين الطريفين حواراً قصصيا بسيطا يعكس الحنين إلى الماضي رغم كثافة النمل المنتشر في عوالم بيتي العتيق ، وأقفلت القصة بشهقة مفتوحة من القهقهات بيني وبين أنثى سويدية طريّة الروح عبر الهاتف، وكل هذه الطراوات إندلعَت من وحي جموحِ الخيال، و من وحي تلألؤات الذاكرة الحيّة المنبعثة من هناك! ويبقى السؤال مفتوحاً، هل نستطيع يا حلمي المنكسر أن نلملم حبق الماضي وندرجه بين باقات الشعر الذي ننثره على وجه الدنيا، الماضي ذاكرة هائجة على إمتداد معابر غربتي، الطفولة تتبرعم في أوج الذكريات، محطات الروح إندلاعات عشقيّة في عالم الحرف، لايمكن أن نترجم من هذه الحميميات إلا بعضاً منها لأن الدفء المنبعث منها يكفي لنصوصٍ على مساحاتِ الكون، وصلني اليوم ديوان شعر من شاعرة خليجية دافئة، حصلتْ على عنواني عبر إيميلي، طلبتْ مني عنواني البريدي دون الإشارة إلى التفاصيل وأنا كريم في رغبة التزويد، تزويد العناوين ورجرجات شوق الروح، زوّدتها عنواني المفصّل منذ فترة وجيزة وإذ بي استلم منها اليوم ديوان شعري شفيف، وفي صدر الديوان إهداء من لونِ غيمةِ الصباح: "القدير، صبري يوسف، هنا بعض الأمل والاغتراب، ثم توقيعها ، مع رغبة بالتواصل الجميل" هذا الإهداء والهدية هما شهقة فرحٍ متلألئة في عالمٍ يسوده الغبار، نعم يا أحبّائي عالم اليوم مكثّف بالغبار والضجر، ضجر هذا الزمان يخلخل أرجوحة المساء، ضجرٌ لا يضاهيه ضجر على مرّ العصور! خاصّة أنّ أغلب متطلبات الحياة موفورة ومع هذا تراني أفتح عيني في كلِّ صباح عن حماقات آخر زمان مترعرعة في هضاب بهجة الكون! تصلني إيميلات من كتّاب وكاتبات يودّون التعرفّ عليّ، أندهش لهذا الطيش، سذاجة العصر، أضحك في عبّي ثم أجيبهم غريب! أنا مفروش من فروةِ الرأس حتى أخمص القدمين بين شهقة القصائد، ألا تجدون شهقتي تملأ جبين الشفق؟! الحياة رحلة عشقٍ على أكتاف الجنّ، كيف سنجد توازناً فوق أكتاف الجنِّ ما لم نعقد صفقة أمان مع عوالم الجنّ؟ أحياناً يجمح بي الخيال فأكتب حرفي على أجنحة الطفولة وعلى معابر الصبا ثم أجدني أرتطم بأجنحة جنّيةٍ غير مرئية فأضحك ملء شدقي، قائلاً لنفسي الهائمة فوق البحار، حتى الجنّ يلاحقونني في جموحِ الحرف؟ بهجة الحرف لا يضاهيها أية بهجة على صدر الكون! أظنني، سأموت يوماً وأنا أغمس قلمي في محبرة قبل أن أتمم قصيدتي، قصائدي لا تنتهي حتّى بعد الموتِ، شهقة حقٍّ متطايرة من أفواهِ النيازكِ، لا أكترث كثيراً من سيتمم شهقتي الغارقة في ينابيع القصائد من بعدي، شهقتي ممزوجة ببخور زرقة السماء! ثمّة شوق جامح إلى عوالم الشرق، إلى الأحبة كلّ الأحبّة، حتّى إلى مجانين الشمال، ربما تصدِّقوا أو لا تصدّقوا، أحياناً كثيرة أتذكّر بعض (مجانين) الأحبة، حتّى مجانين بلدتي أحبّتي، أتذكّرهم فيرتعشُ حنيني ويجنّ بي الشوق إلى تلكَ التلال، تلال المحبّة كما قلت في نصّي أبهى من كلِّ التلالِ! لولا هذا الحرف الذي أدلقه على دمعتي لتهت أجول في أعماق البراري ، أعبر دكنة الليل، تائهاً خلف رعونة الغربة، غربةٌ من لون الإنكسار وأوجاع لا تلتئم بكلِّ أنواعِ الدواءِ، جراحي لا يداويها إلا عبق الحرف، صديقي الأوفى، حبيب الروح، الكتابة صديقتي السرمدية، عشيقة من لون الكروم، أنثى متناغمة مع موشور حلمي ، حلمٌ منبعثٌ من قميصِ الليل، من رذاذات الثلجِ، من دمعةِ أختي وهي تقرأ حرفي، من أريجِ النرجسِ البرّي! ... .... ....

ستوكهولم: 23 . 7 . 2004
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيب على قصّة -بنت الثرى- للقاص يوسف بن يزة
- أنشودة الحياة ـ 5 ـ ص 407 ـ 408
- تعقيب على قصّة روضة السالمي، لا شيء في السماء
- تعقيب على قصّة: لا شيء في السماء، للقاصّة التونسية روضة السا ...
- تعقيب على قصة أحمد عمر المنشورة في القصة العربيّة
- أنشودة الحياة ـ 5 ـ ص 405 ـ 406
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 403 ـ 404
- أنشودة الحياة ـ 5 ـ ص 401 ـ 402
- عناق الأحبّة يتعانق مع فضاءات الأدب
- النمل .................. قصّة قصيرة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 399 ـ 400
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 397 ـ 398
- من سماء ستوكهولم إلى الصديق سهيل إيلو ـ هولندة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 395 ـ 396
- التواصل الفكري والإنساني معيار حضارة العصر
- يذكّرني -يوسف- ابن كابي القسّ بالخبز المقمّر
- حوار مخلخل الأجنحة
- لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟
- الكتابة هي صديقة حلمي المفتوح على وجنة الحياة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 393 ـ 394


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - شهقة حقٍّ متطايرة من أفواه النيازك