أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - العلمانية ليست ضد الدين















المزيد.....

العلمانية ليست ضد الدين


شريف حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2967 - 2010 / 4 / 6 - 00:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سمعت فى الأونة الأخيرة الكثير من الملحدين المصريين، يتوافقون وبشدة مع المتشددين المسلمين، حول الدمج ما بين العلمانية والإلحاد. وهو أمر إن دل على شئ، فإنه إما يدل على أن هؤلاء يستمدون علمهم من مصادر مشكوك فى أمرها أو أنهم يتعمدون ذلك رغبةً منهم فى أن يتلاعبون بمضمون الكلمة لأغراضهم الذاتية. فالمتشددون العارفون بحقيقة المعنى، إنما يزيفون المحتوى، لأنهم يريدون أن يقيموا دولة دينية. أما الملحدون المتطرفون فهم يريدون التعريف ملائم لهم ولما يحيونه، لكى يرتاحوا إلى أن تطبيق العلمانية فى النهاية، ستمنحهم ما يصبون إليه من الحرية اللامتناهية، دون ضوابط أو قيم روحية.

إن "فصل" الدين عن الدولة، لا يعنى إلا أن تكون السلطة الدينية فى داخل مؤسساتها، مثل الأزهر للمسلمين فى مصر والكاتدرائية بالعباسية للمسيحيين. ولكل شخص الحرية التامة فى ممارسة شعائره، دون أن تخلط بالسياسة وهذا أمر طبيعى وكان الحادث فى دولة الخلافة فإن كان الخليفة يحكم بأمر بالدين، لما كان لديه ناصح دينى يجلس فى مجلسه، وكان إما يأخذ برأيه أو يتركه، إن الفصل بين السياسة القذرة والدين المستقيم، مستمر وسيستمر دائماً وليس فى هذا أدنى لبس أو شك والحياة بصفة عامة، لا يُمكن أن يكون فيها خلط بين الأمور، فلا يمكن الخلط بين الطب والهندسة، أو صناعة الخمر وصناعة الألبان. الموضوع محسوم وتلك مسألة لن أتحدث فيها، لأننا هنا لا نناقش المعلوم!

لقد أرسى الغرب دعائم العلمانية الرسمية، المقننة بشرائع مكتوبة. وعليه بنى تلك العلمانية التى تحترم الدين ولا تعتدى عليه. وإذا ما تناولنا العلمانية فى كندا على سبيل المثال، سنجد التالى:

فكندا وبالرغم من علمانيتها وتعدد الأديان فيها، تعطى الأولية للديانة المسيحية الكاثوليكية. والإجازات الرسمية التى تحتفل بها البلاد روحياً، هى الإجازات المسيحية "فقط"! إلا أن الدولة تمنح غير المسيحييين 3 أيام إجازة فى السنة، يحددها كل شخص على حدة، وفقا لأعياده الدينية ولم يشكو أحد من هذا النظام أبداً. والكنائس تدق أجراسها كل يوم أحد دون إعتراض من أى شخص. أما أهم مظاهر احترام الدين المسيحى فى كندا العلمانية، فيتمثل فى النظام التعليمى، حيث المدارس الأهلية شائعة ويتم تحصيل أموالها من الضرائب، كما هو الحال بالنسبة للمدارس ذات الصفة الكاثوليكي، أى أن تلك المدارس الأهلية الدينية، هى مدارس مجانية

فليست المشكلة أن تكون هناك مدارس تدرس الدين، بل إن هذا أمر واجب الوجود، لأن تلك قيمة المجتمع وموروثه الثقافى، كما تعتبر كندا فى تلك الحال. ولكن المشكلة أن يُدرس الدين بشكل "يُجهل" العقل والتسامح للآخر. فالدين مُؤشر للخير، ولكن التشدد الدينى ممنوع، لأنه يُقيم ديانة "أخرى" مُجهلة للعقل! وبالتالى، فإن كيفية المنهج الدينى هى المهمة وليست المنهج الدينى فى حد ذاته!

إن أوروبا، تستقى موروثها الثقافى من الدين وتختلف فيها العلمانية من دولة إلى أخرى. فبينما يظهر الصليب جلياً فى كل محاكم إيطاليا، لا يحدث ذلك فى فرنسا، ولكن فى النهاية يوجد كنائس تدق أجراسها بمطلق الحرية فى المدن والقرى الفرنسية. فإن كانت العلمانية تمنع الدين، فكيف توجد تلك الكنائس وتعمل بحرية؟! وفى أغلب المتاحف الأوروبية التاريخية، تجد صورا ورموزا مسيحية واضحة المعالم، فتسأل، عن مكانة المسيحية فى تلك الدول، فتجدها غاية فى الاحترام. ويوجد قوانين فى الكثير من الدول الغربية، تمنع سب الأديان تماما، وتمنع التعرض للمعتقدات المقدسة كلها، وتسمح بحرية العقيدة وتصونها، بل إن هناك تطرفا فى أحيان كثيرة، فى رفض تغلغل الآخر فى وسط تلك المنظومات، حيث يرفض الاتحاد الأوروبى تماماً، انضمام تركيا إليه، وعندما سألت، أكد لى الأوروبيون أن السبب أن الأغلبية الساحقة من الأتراك "مسلمين" وأن دخول تركيا، ستغير المعلم الثقافى المسيحى لأوروبا! ولذا نجد أن دول أوروبا الشرقية الأقل تطور من تركيا، قُبلت فى الإتحاد الأوروبى "مباشرةً"، بينما لم تُقبل تركيا التى تطالب بالإنضمام من عقود مضت! وتقديس بابا الفاتيكان، لهو أبلغ تعبير على أن علمانية الغرب "المسيحى" تحترم الدين تماماً! تلك هى علمانية العالم الغربى، وهو يحافظ على دينه تماما! فمن يقول لدينا، أن العلمانية لا تحترم الدين إذاً؟!

أقول دوماً أنى مسلم علمانى، فيهاجمنى كل من المسلمين المتشددين والملحدين المتطرفين، إنهم "يقتاتون" من الهجوم على "المعتدلين"، لأنهم لا يملكون بضائع عقلية للبيع! إنهم مفلسون، لأنهم لا يمكنهم أن يدعوا إلى التشدد الدينى ولا إلى الإلحاد، لأن كليهما لا وجود له إلا فى عقولهم! ولا ينزلق وراء المتشددون دينياً، إلا المغيبون عقلاً أو الفقراء الذين يريدون دوراً أو الإحساس بأنهم أفضل حالاً من الأغنياء، وبذا يملكون سلطة وهمية فوق رؤوس العباد! ولا يمضى وراء الملحدون إلا من يريد أن يتخطى الأخلاق دون قراءة ويفعل ما يريد. وأنا هنا، لا يهمنى الأشخاص بقدر ما يهمنى الفكر العام.

ففى النهاية كلُ حر فى اعتقاده، ولكن أكره المزيفين، الذين يزيفون الفكر، من أجل غاية فى نفس يعقوب! فليقولوا الحقيقة والخير والحق وإن كان ضدنا أو ليصمتوا! أما أن يزيفوا الواقع من أجل أن يتصيدوا ويظفروا فى حرب لا أساس لها، فهذا هو الزيف!

إن العلمانية أيها السيدات والسادة، لا تحارب الدين على الإطلاق، بل إنها فقط، تفصل ما بين المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية، ولا تجعل الدينى هو الأساس، إلا فى قلوب "من يريد" من العباد. ويمكن حل كل تلك المُعضلات، بإطلاق حرية العقيدة وحرية بناء أماكن العبادة الدينية كلها، حتى يستفيد هؤلاء "المزيفين" بعيداً عنا. إن الملحدين فى الغرب، لا يقيمون المعارك هكذا، ولكنهم يحيون بسلام، وهم أحرار فى ذلك، طالما أنهم لا يضرون الناس بفكر "مختلق"! والمُتشددون الدينيون، يزورون الدين ويُظهرونه وكأنه العنف والقتل والدم، وهو أبعد ما يكون عن ذلك!

علينا بأن نحتكم إلى ضمائرنا، عندما نتكلم ونفكر ونحلل، لأن الهدف هو إرساء المواطنة والخروج ببلاد نعنتز ونفخر بها ونحيا فيها كلنا بسلام، يحترم الناس بعضهم بعضاً فيها، ويستطيعوا الإتحاد من أجل تنميتها!



#شريف_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تدافع عن الإسلام؟
- لماذا تجديد الخطاب الدينى؟
- بين دولة طالبان وحماس والإخوان المسلمين
- العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد (2)
- العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد
- ما بين عشوائية القومية العربية وعلمية الصهيونية
- حروب الفتاوى من أجل الجدار؟!
- أحنا الخونة
- عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!
- حل عملى لإزالة الألغام من مصر
- ثقافة تنمية الإنسان المصرى
- فرشوط: معاداة الإنسانية والدين والدولة
- اللعبة الإيرانية فى الجزائر
- أؤ أم الإنهيار
- سقوط الحوائط في الشرق الأوسط
- دولة مصرية قوية
- البضاعة -الرقصمالية- للإسلاميين
- علمانية وجدى غنيم
- تقرير جولدستون وعيوب الدبلوماسية العربية
- رسالة مصر إلى محمد حسنين هيكل


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - العلمانية ليست ضد الدين