صيد الخاطر 4

محمود المصلح

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 11:31
المحور: سيرة ذاتية
    

يقولون في معرض الحديث عن حنان الامومة والابوة كمثل ( ما اعز من الولد الاولد الولد ) هل هذا الكلام في محله ، وهل يصب في خانة الحنان الذي نتحدث عنه ،
يمثل الابناء امتداد الاباء ، وصورتهم الباقية من بعدهم ، كما يمثل الاحفاد الجذور العميقة التي تذهب بعيدا في العمق بالنسبة للجدود ، فهم يرون في ابنائهم وابناء ابنائهم تخليد ذكرهم ،وبقاء اسمهم ، وامتداد عائلتهم .
ونجد في كثير من الاحيان ان الجدود يقومون مقام الاباء والامهات في التربية والرعاية ، ونراهم يسبغون من محبتهم وعطفهم ما يعجز احيانا الاباء عن الوفاء به ،
بل أن الاباء كثيرا ما يختلفون من الجدود على تربية الابناء ، فيرىالاباء ان التربية يجب ان تكون صارمة في حدود من الحنان والعطف المقنن ( اذا جاز التعبير ) في حين يرى الجدود أن كثرة الضغط قد تؤدي الىانفلات الامور من ايديهم ، فهم يرون في الدلال والتدليل ، والافراط في العطف والعطاء وسيلة للتعبير عن حبهم لاحفادهم ، ونرى هذا واضحا عند الاحفاد غالبا ، فهم قد يهربون من بيت والديهم ( ليس هروبا بالمعنى الصرفي للكلمة ) ولكنه هروب الروح ، يهربون من بيت والديهم ،والذي تتوفر فيه كل سبل الراحة والرفاهية ، يهربون من هذا الى بيت الجد والجدة ، والاعمام والاخوال ، على الرغم من البيت عندهم ( عند الاجداد ) قد لا تتوفر فيه سبل الراحة التي يظن الاباء انها هي مصدر الراحة والامان ...
قد ياكلون الخبز الجاف .. بلا ادنى رعاية ..وقد يأكلون الخبز مدهون بزيت وزعتر .. او ربما الخبز مدهون بقليل من الزيت والسكر المرشوش .. وهذا لو كان في البيت لما اقترب منه احد .. بل ربما ثارت مشكلة على هذا الطعام ولكنهم في بيت الجد .. يذهبون اليه بذواتهم ورغبتهم .. فما ان يصلوا حتى يطلبوا هذا ...
وقد يكون هذا محط استغراب الاباء والامهات الذين يكدون ويعملون ليلا نهارا لتأمين مستوى اكثر رفاهية لابناهئم .
ترى ما الذي يدفع الابناء الى الهروب الى بيت الجد والجدة ؟
ما الذي يجدونه عنهدم ؟
وما الذي يهربون منه من بيوت والديهم ؟
وما هي الاسباب التي تدفعهم الى الهروب ؟
من الحتمي والواضح انه ليس ، الخبز والزعتر .. وليس بالتأكيد الخبز المدهون بالزيت والسكر المرشوش .. هو شيء اكبر من ذلك واعظم .. انه الشعور بالحرية والانطلاق وممارسة الحياة الفطرية التي جبل الانسان عليها ..
انه الهروب الى الذات ..انه الهروب الى الداخل ..
انه عدم التوازن والاتزان ما بين الواقع وما نتمنى ان نكون عليه ..
انه عدم تقدير المراحل العمرية للابناء الذين يختلفون عنا ..
من هنا ..من هذه لنقطة يمكن ان نخلص الى ان الحنان ليس ان تعطي وتمنح بلا حدود .. ليس ان تكد وتجتهد طوال العمر من اجل ان تؤمن مستوى تعتقد انه لائق لابنائك .. بينما لا تدري ابنائك باي صف .. او ما هي طموحاتهم .. وهواياتهم .. ومشاكلهم .. واصحابهم ...ربما أن تحضر فيلما سينمائيا مع ابنائك وفي راحة البت يعدل عنهدم عمل سنة في نظرك ... ربما ان تحضر حفل تخرج صغيرتك من الحضانة او اروضة يعدل عندها الدنيا وما فيها . . في حين قد ترى انت ان حضورك هذا الامر البسيط مضيعة للوقت .. وقد لا تدري انك اضعت الكثير بل الكثير جدا .
ومن الحتمي ان الانسان لا يهرب من مكان يجد فيه ما يسعده ...
تلك حالة من صيد الخاطر اسوقها من واقع التجربة اليكم ...على ان القاكم في صيد آخر .

#محمود_المصلح (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل