أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في السودان















المزيد.....

عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في السودان


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 2959 - 2010 / 3 / 29 - 09:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أعلن علي الساوي, مرشح الحزب الإتحادي (الأصل), إنسحابه من خوض
الإنتخابات لصالح د. معتصم, مرشح الحزب الحاكم في دائرة الحصاحيصا. وأكد الساوي (دعمه اللا محدود) لدكتور معتصم, وأن هدفه عندما ترشح كان خدمة المواطن ولكنه (يثق في إمكانيات د. معتصم في تقديم أعمال جليلة للمنطقة)!!! وبهذا التصريح الأجوف فإن الساوي قد غاب عن وعيه أن هذه الإنتخابات, في جوهرها, عملية تحول ديمقراطي وليس مجرد توفير خدمات للمواطن. وحتي لو سلَّمنا بأنها من أجل توفير خدمات للمواطن, فهل تتطلب هذه المهمة تخصصاً ينقصه, كشهادة دكتوراة في علم الذرة أو أبحاث الفضاء أو هندسة الجينات؟

والحقيقة إن تبرير الساوي السخيف لا يعكس عجزه عن خدمة المواطن بقدر ما يعكس عجز الحزب الإتحادي عن الرقي لمستوي المسؤولية, في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد. وبهذه الخطوة اللامسؤولة, فإن (الأصل) قد وضع اللبنة الأولي في مشروع منح شرعية لنظام عاث في السودان فسادا, وأقل ما يُقال عنه أنه عطَّل الديمقراطية عشرين عاما. ولا شك أن هذه الخطوة قد تسببت في إحباط القواعد الإتحادية في دائرة الحصاحيصا, لأنها لم تُستشار وفُرض عليها تدشين حملة مشروع شرعنة نظام عصف بقيم شعبنا ومارس كل أنواع السادية ضده. كما أنها خطوة محبطة للأحزاب الليبرالية والديمقراطية عامة, وللجماهير الإتحادية خاصة في سائر أنحاء البلاد, لأنها تنذر بشرر خطير.

وربما كانت هذه الخطوة هي الجانب المرئي من تنسيق خفي يدور وراء الكواليس بين (الأصل) والحزب الحاكم. وهي بمثابة مقدمة وتهيئة للجماهير الإتحادية لسحب مرشح الحزب للرئاسة, حاتم السر لدعم عمر البشير لأنه (تربية حلال), كما وصف نفسه. وفي مقابل ذلك سيحصل (الأصل) علي دعم المؤتمر الوطني بإخلاء دوائر جغرافية له. كما أن المؤتمر الوطني سيدعم (الأصل) في منصب والي الخرطوم, لأن أحمد سعد عمر هو إنقاذي التوجه, وقد غرسته الجبهة الإسلامية القومية في الإتحادي الديمقراطي منذ الديمقراطية الأخيرة. يجدر بالذكر أن أحمد سعد عمر كان قد ضلَّل رئيس مجلس رأس الدولة, بشأن النشاط الإنقلابي للعميد عمر البشير منذ عام 1988. وقد بدأ غزل الميرغني السياسي للبشير منذ أمد بعيد, كتصريحه بأن إستدعاء المحكمة الجنائية للبشير يمس سيادة السودان, وإعلانه بدعم البشير لرئاسة الإتحاد الأفريقي لدورة 2007, كأنما الإتحاد الأفريقي يأخذ برأي أحزاب (المعارضة).

وهذه الخطوة تعكس أزمة الحزب الإتحادي ويمكن إيجازها في هيمنة الميرغني علي الحزب, وإنفراده بإتخاذ القرار, وإقصائه للعناصر التي تنادي بالمؤسسة والديمقراطية في الحزب, بحيث أضحي الحزب يتمحور حوله. أدي ذلك لضعف الحزب وتشرزمه بحيث بات لا وزن أو ثِقَل له. وقد إتضح تخبط الحزب خلال مؤتمر جوبا لأحزاب المعارضة في سبتمبر 2009: يذهب وفد إلي المؤتمر, يصدر تصريح من مسؤول حزبي بأن الوفد لايمثَّل الحزب (الميرغني), ثُم يعلن الميرغني عن قبوله لما يجمع عليه المؤتمرون!

وتعود هيمنة الميرغني علي الحزب إلي الفترة الإنتقالية بعد أبريل 1985, عندما أصدر بياناً بأعضاء المكتب السياسي, تعمَّد فيه إقصاء قادة نافذين وتفضيله للعناصر الختمية علي الإتحادية. وكانت إدارة الحزب لإنتخابات أبريل 1986 قمة الفشل والتخبُط عانت خلالها الجماهير الإتحادية من الحيرة نتيجة عدم وضوح الرؤيا. والحقيقة أن الإتحادي الديمقراطي قد أهدي للجبهة الإسلامية معظم الدوائر التي أحرزتها بتعدد المرشحين. وبحساب عدد الأصوات الإتحادية, فإن حزب الغالبية هو الإتحادي الديمقراطي.

كما كان أداء الحزب الإتحادي خلال النظام الديمقراطي الأخير مُخيباً للآّمال بكل المقاييس. وكان السبب ضعف قيادة الميرغني, بحيث كان الحزب خاضعاً لإرادة رئيس الوزراء يوجهه كيف يشاء. ومثال لذلك أبوحريرة, الذي سعي لإستئصال الفساد في وزارته, فأقاله رئيس الوزراء بحكومته في مايو 1987. وبدلاً عن أن يؤسس ذلك سبباً لرفض المشاركة في الحكم, واصل الإتحادي الإئتلاف بشروط الصادق بإقصاء أبا حريرة. وهذا يتضمن موافقة الإتحادي علي أن يكون الوزراء (مؤدبين) بأن لا يسعوا لكنس الفساد. ثُم رفض الصادق المهدي تعيين أحمد السيد حمد في مجلس رأس الدولة, مُتهمه بالسدانة, مع أنه شكَّل مجلس وزراء بعد حكومة أباحريرة ضم 18 سادناً من 25 وزيراً, بينهم السادن المُخضرم صهره. ورغم ذلك واصل الإتحادي الحكم برئاسة الصادق.

أما داخلياً, فيكفي الإشارة إلي أمر واحد يكفينا ويكفيكم عناء التفاصيل. لقد كان من العسير حتي لأعضاء الهيئة البرلمانية لقاء الميرغني خلال الديمقراطية الأخيرة. أما المحظوظ الذي يلتقيه, فيمنحه من الوقت دقائق معدودة وأقل من ما تمنحه ملكة بريطانيا لزائريها, ولا تشفي غليل تشعُبات السياسة وتعقيداتها. نتج عن ذلك إحباط ويأس العناصر الإتحادية مما أدَّي لهجرتها لأحزاب أُخري أو نأيها وإعتزالها للعمل السياسي. ولم يقتصر هذا اليأس علي القواعد إنما شمل قيادات وسطي كمعتصم حاكم, فتحي شيلا, ومحمد مجذوب طلحة. وكما هو معلوم, فقد ظلَّ الحزب الإتحادي يغذي الأحزاب الأُخري بالكوادر, بسبب عدم التحديث وعدم وضوح البرنامج, وإهمال قطاعي المرأة والشباب. ونتيجة لذلك كان معظم الذين إنتموا للجبهة الإسلامية قد إنحدروا من أُسر إتحادية أو ختمية. ومقارنة الإتحادي مع حزب الأمة, فلا نكاد نجد ظاهرة هجرة الكوادر في الثاني.

ولو شاء الميرغني توحيد التيارات الإتحادية المتعددة لفعل, لأنه لا تُوجد خلافات جذرية بينه وبينها. بيد أنه لا يريد لأن الخلاف بينه وبين معظم التيارات الأُخري هو رفضها لغياب المؤسسة والديمقراطية في الحزب, مما يضعف من قبضته علي الحزب. وبتخلي (الأصل) عن مبادئ ومؤسسات الحزب كعقد المؤتمر العام والإلتزام بدستوره والإرتباط بالقواعد فإن هذا التنظيم أصبح لا هو حزب ولا هو إتحادي ولا هو ديمقراطي ولا هو أصل. وإن كان هناك منطق, في بلد لا تخضع سياسته لمنطق, فإن أنسب حليف للإتحادي هو الحركة الشعبية. وذلك للعلاقة التي نشأت بينهما منذ إتفاقية الميرغني – قرنق, إقرار الحزب لمبدأ تقرير المصير في مرحلة مُبكِّرة, ودعمه لإتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005. ولو دعم (الأصل) مرشح الحركة الشعبية للرئاسة لأدَّي ذلك لبطء المسير في درب الإنفصال.

إن أنسب من يمثِّل الحركة الإتحادية حالياً هو الشيخ أزرق طيبة, رغم محدودية الإطار الذي يمارس فيه السياسة مقارنة بالميرغني. بعكس الميرغني, فإن الشيخ أزرق مرتبط بالجماهير ويعيش وسطها ويؤسِّس لحركة إتحادية عصرية ذات جذور. كما يُحمد للشيخ أزرق أنه لم يتساقط تساقط الآخرين,لأنه رفض كل الإغراءات السخيِّة التي قدمها له المؤتمر الوطني لشرائه.



#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غطرسة إسرائيلية مع غطاء أمريكي
- الرئيس السوداني يحمِّل الأحزاب مسؤولية تعطيل الديمقراطية 20 ...
- هيروشيما ونجازاكي
- الآثار الصحية الضارة لختان الإناث
- إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان
- التدخل الأمريكي في فيتنام 1954-1975
- تفادي القضية الفلسطينية في خطاب حالة الإتحاد لأُوباما
- دور أمريكا في نشأة طالبان والقاعدة
- الإفلاس الأيدلوجي والفكري لإسلاميي السودان
- في ذكري ثورة اكتوبر السودانية
- عن سايكلوجيا المُحافظين الجُدد السودانيين
- اللوبي الصهيوني الأمريكي والحركة الإسلامية السودانية : مقارن ...
- النرجسية والتباهي لدي إسلاميي السودان : الأفندي نموذجاً
- موسم الهجرة إلي الجنوب: الصادق والترابي يكتشِفان الجنوب
- كيف قامت المخابرات الأمريكية بتغيير الحكومات؟ نظام مصدّق نمو ...
- دور الصادق المهدي في تقويض الديمقراطية في السودان
- المناطق التي إحتلتها الولايات المتحدة
- إراقة الدماء والتشفّي لدي إسلاميي السودان
- النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز
- النزعة العلمانية للحركة الإسلامية السودانية


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة اشتباك مسلح بين الشرطة الأمريكية ومشتبه به.. ...
- هذا الفيديو لا يتعلق بمحاولة اغتيال مزعومة لولي العهد السعود ...
- فرار 10 آلاف شخص من منطقة خاركيف الأوكرانية على خلفية الهجوم ...
- خريطة توضح آخر تحركات القوات الإسرائيلية في عملياتها بغزة
- خطوة بخطوة.. كيف ستمر مساعدات غزة عبر الرصيف العائم؟
- هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم ...
- ترامب يعد ببناء -قبة حديدية- فوق الولايات المتحدة
- إجلاء 10 آلاف شخص من منطقة خاركيف الأوكرانية بسبب الهجوم الر ...
- -طائرات حربية مصرية في سماء سيناء-.. ما حقيقة الفيديو؟
- -أكثر من ثلث طلاب الجامعات البريطانية يرون هجوم حماس عملا من ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في السودان