أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!















المزيد.....

كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2945 - 2010 / 3 / 15 - 18:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



أخيراً تمكّن ذلك "الذئب" اللعين الذي ظل يترصّد جيفارا في حلّه وترحاله من الإمساك به، ثم افترسه على نحو شرس وفي ظرف ملتبس وغامض، حيث تعددت الروايات حول مقتله.
وكانت السلطات البوليفية قد ألقت القبض على المفكر الفرنسي "الماركسي" ريجيس دوبريه (أبريل 1967) وسجنته وعذبته، وحاولت أن تنتزع اعترافات منه حول مكان اختباء جيفارا، حيث اتهمته بالتعاون مع جيفارا في حرب العصابات "الأنصار" التي قادها في بوليفيا على رأس عصبة ماركسية اختارت طريق الكفاح المسلح والعنف الثوري، معتقدة بأن إنزال الضربات بالعدو ومباغتته بالهجوم بفرق مسلحة، لا سيما في الريف والأطراف يمكن أن يحقق الانتصار عليه، ويمهّد الطريق للوصول إلى العاصمة.
وبعد عمليات تعقّب معقدة وطويلة واكتشاف بعض الخيوط والحلقات الموصلة إلى مكان وجود جيفارا، وفي محاولة دعائية في إطار الحرب النفسية، "بشّر" الرئيس البوليفي الجنرال رونيه بارينتوس "العالم" بأن عملية اصطياد جيفارا باتت وشيكة، وأنه واثق هذه المرة من إلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً، بعد أن كانت الإشاعات الرسمية قد "قتلته" عدّة مرات وأعلنت عن موته، لكنها هي نفسها عادت وكررت خبر ملاحقته ومحاصرته واحتمال إلقاء القبض عليه أو قتله.
ولعل واحداً من أسباب ثقة الرئيس بارينتوس يعود إلى تخلّي بعض أنصار جيفارا عنه ومحاولتهم كشف مكان وجوده، لا سيما بعد أن خصصت السلطات البوليفية مبلغ 5.000 (خمسة آلاف دولار) هدية لمن يبلّغ عنه، وثانيهما وهو الأهم اعتماد السلطات البوليفية على قوات متخصصة في حرب العصابات، والسعي للتصدي للأنصار بوسائل مستحدثة وقديرة.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد أنشأت في بنما مدرسة حربية العام 1949، وتألف طاقمها القيادي من مجموعة من الخبراء العسكريين برئاسة الجنرال بورتر، وهي مدرسة لتأهيل وتدريب عالية الكفاءة، لتخريج ضباط متخصصين بفنون الحرب في أميركا اللاتينية، الشاسعة والبالغة الصعوبة، وقد أضيف إلى اختصاصات المدرسة الحربية وعلى المنهج التدريبي والتأهيلي قسم جديد يتعلق بتدريب الجنود على أصول ووسائل حروب الغوار (العصابات) Gurrelia war لمواجهة الثوار في أميركا اللاتينية، لا سيما بعد انتصار الثورة الكوبية العام 1959 والخوف من امتدادها إلى دول القارة التي كانت أشبه بمرجلٍ يغلي، خصوصاً بصعود نمط التفكير الجيفاري، والدعوة إلى تأسيس البؤر الثورية في الريف، للانتقال بالثورة من الأطراف إلى القلب، بالزحف على المدن، لا سيما العواصم ومراكز التمدن.
لقد كانت مدرسة بنما نموذجاً للتعاون ما بين القوى المهيمنة على أميركا اللاتينية بقيادة الولايات المتحدة، والحكّام الدكتاتوريين لمواجهة المدّ الثوري، الذي تحرّك في مطلع الستينيات، وتضمن البرنامج التدريبي 40 أسبوعا من التدريب المتنوّع في ظروف وعرة وقاسية وتشبه إلى حدود غير قليلة، أوضاع حروب العصابات وتحمّل المصاعب والظروف الديموغرافية والطبيعية القاسية. وأوكل إلى خريجي مدرسة بنما الذين تدربوا على أيدي ذوي "القبعات الخضر" مطاردة جيفارا ونصب الكمائن له للإيقاع به تمهيدا لتصفيته، حيث تصاعد نشاطهم في مطلع العام 1967.
كان الرئيس البوليفي بارينتوس قد صرّح للصحافيين بأنهم توصلوا إلى محاصرة ريمون إحدى القيادات "المتمردة"، ولم يكن يعرف أنه أحد الأسماء المستعارة التي كان يستخدمها جيفارا في تحركاته بين الفصائل الأنصارية، وأكّد أنه سيلقي القبض على "تشي"، وتأتي بقية القصة حيث كان قد اعتقل اثنان من أنصار جيفارا واعترفا أثناء التحقيق معهما وتعذيبهما بأنهما يعرفان مكانه، وأن مرض الربو اشتد عليه، ثم قاما بإرشاد القوات البوليفية المتعاونة مع خريجي مدرسة بنما بطريق الوصول إليه، فدارت معركة طاحنة يوم 8 أكتوبر 1967 في منطقة "لاهيغويرا" بالقرب من "فالدي غراندي" وقتل 6 من الأنصار إضافة إلى جيفارا نفسه الذي جرح وظل يعاني حتى لفظ أنفاسه الأخيرة يوم 9/10 بعد أن اخترقت جسده 9 رصاصات ثم أحرق جثمانه.
وبغض النظر عن رواية أسره حياً أو جرحه وغيابه عن الوعي أو قتله بإطلاق الرصاص عليه في المعركة، ثم مفارقته الحياة، فإن روايات كثيرة وغامضة ظلّت تكتنف غيابه، بما فيها رواية تقول عن أسره وتعذيبه بعد إلقاء القبض عليه، لكن أخطر تلك الروايات وأكثرها ألماً بالنسبة للثوريين وأصحاب المبادئ والقيم الذين يكرّسون حياتهم من أجلها هو خيانة الأوساط المقرّبة إليه، وبخاصة من رفاقه أو من المتعاونين مع قوات الأنصار، أو من يدافع عنهم وأعني بذلك، بعض الفقراء أو الكادحين، ممن يتم الضغط عليهم.
ولعل ثمة حكايات كثيرة عن الاختراقات الأمنية يعرفها من عاش وعمل مع القوات الأنصارية، مثلما تعرفها القوى الفلسطينية المسلحة. وحسبي هنا أن أشير إلى الرواية التي تقول إن السلطات البوليفية ورطت أحد الأنصار القدامى بجائزة مالية للأدلاء بمعلوماته عن جيفارا، تلك التي ضعف أمامها فسهّلت كشف مكانه ومن ثم تصفيته.
ولعل أجواءً سلبية كانت قد نشأت حتى داخل الأوساط الماركسية، لا سيما الرسمية، التي وقفت ضد "استراتيجيته" في الكفاح المسلح، بغض النظر عن صوابها أو عدم صوابها، فتسريب المعلومات عن الخصم أو المنافس، مهما كانت الحجج والادعاءات لا يخدم بالنتيجة إلا العدو المشترك، ومع كل ما قيل لا يوجد ما يؤكد أو ينفي، الدور الذي لعبته مثل تلك "الثرثرات" في الوصول إلى جيفارا واغتياله، لكن ظروف المنافسة وادعاء الأفضليات تدفع أحياناً إلى التصرف على نحو لا مسؤول في الكثير من الحركات الثورية والسرية بشكل خاص.
هكذا باعه بعض رفاقه إلى العدو لينتقم منه ويقتله بتلك السادية الوحشية وهو الذي ظل يسخر من الموت، لذلك ظل الكثيرون يعتقدون بأنه جيفارا لم يمت وأن الإعلان عن مصرعه، ليس سوى خدعة إمبريالية، وبقي أفراد عائلته والده وشقيقه يبحثان عنه ويتوقعان أن الثوري الشجاع والمشرد الأبدي سوف يتواصل معهم في أية لحظة ليقول لهم: إنه انتقل إلى بقعة أخرى من العالم ليواصل نضاله من أجل إسعاد البشر والدفاع عن حقوقهم.
لقد قتلوا جيفارا عدة مرّات وأعلنوا ذلك للعالم، الأمر الذي لم يصدقه الكثيرون يوم إعلان مصرعه الحقيقي، وهو الذي كان في كل مرة ينفض عنه غبار الموت ويُبعد قدر المستطاع أنياب الذئب الذي حاول أن يغرسها في لحمه، ويظهر بابتسامته وسخريته، أكثر قدرة على الصمود والمواصلة لحلمه الثوري الأزرق حتى وإن كان طيفاً، فالأخبار السيئة، لا يمكن التكتّم عليها!
بعد أسبوع على إعلان مصرع جيفارا قطع فيديل كاسترو الشك باليقين يوم أعلن في 15 أكتوبر 1967 بحزن شديد في خطاب دام ساعتين إنهم متأكدون من مقتله، وذلك بعد دراسة جميع الوثائق المتعلقة بمقتله، لا سيما الصور وفقرات من يومياته التي نشرت، والظروف التي رافقت اللحظات الأخيرة من مصرعه، وقال كاسترو بنبرة حزينة "تأكدنا للأسف أن تشي مات فعلاً".



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصوت والصدى
- المعرفة من أجل الحق
- ثقافة حقوق الإنسان في ندوة تخصصية في لاهاي/هولندا
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!
- أين سترسو سفينة الانتخابات العراقية؟!
- “إسرائيل” والإفلات من العقاب
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (18) كاسترو- أبوعمار- حبش: رومانس ...
- البحث العلمي ووليمة التفكير
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (17) همنغواي والجواهري: الشيخان وا ...
- الخليج وصورة المجتمع المدني
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! -16 -أرنستو همنغواي: حانة بودغيت ...
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحدا ...
- جدلية القانون والنزاهة
- ماراثون الانتخابات العراقية.. من العزل إلى العزل!
- قيم التسامح في الفكر العربي الاسلامي المعاصر
- تحية الحرف والحق والمعرفة الى منبر الحوار المتمدن،
- ماراثون العزل السياسي في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (14) ثورة ومغامرات وكبرياء
- الانتخابات والعزل السياسي في العراق
- قدّيسٌ مخضّبٌ بالحب


المزيد.....




- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!