أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!















المزيد.....

كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 17:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تأسست أول جمعية للصداقة الفلسطينية-الكوبية العام 1981 في بيروت، وكان رئيسها محمد أبوميزر (أبوحاتم)، وبعد العام 1988 تم «ترشيد» الجمعية وهيكلتها مجددا من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، حيث تم تعيين صلاح صلاح رئيسا لها بعد أن كان أمينا للسر، وما زال حتى الآن رئيسها، في حين أصبح عثمان أبوغربية أمينا للسر. وكان لقاء مهم قد عُقد بين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبوعمار) وفيديل كاسترو، وآخر بين الدكتور جورج حبش وكاسترو، وكانت اللقاءات حميمية، لدرجة أنه في أحدها أخذهم الزعيم الكوبي إلى حقل رماية (وضمّت ذلك صورة كاسترو- حبش- صلاح صلاح).
وكان واحد من اللقاءات العربية-الفلسطينية قد تم في إطار مؤتمر الشعب العربي برئاسة عمر الحامدي، حيث زار هافانا في الثمانينيات، وكان من بين أعضاء الوفد صلاح صلاح وأحمد السويسي وإنعام رعد، وفي زيارة أخرى للجبهة الشعبية كان رئيس الوفد أبوعلي مصطفى.
ويُعتبر صلاح صلاح أحد الشخصيات الفلسطينية الأكثر قرباً من الأجواء الكوبية، حيث درس هناك واستمرت علاقته طيلة العقود الثلاثة الماضية، وحرص على تمثيل فلسطين بغض النظر عن موقعه القيادي السابق في الجبهة الشعبية، ومن خلاله تعرّفه على أميركا اللاتينية ارتبط بصداقات واسعة وفضاء شاسع مع المجتمع المدني وبخاصة خلال العقد الماضي.
يقول صلاح صلاح إنه التقى بكاسترو ثلاث مرات، في الأولى عندما كانوا في بيت الضيافة وجاءهم من يخبرهم بلقاء أحد المسؤولين، فوجدوا كاسترو أمامهم، وكان الحديث غير بروتوكولي. وفي الثانية في مؤتمر الحزب (أواسط الثمانينيات)، والثالثة في المهرجان العالمي للصداقة مع كوبا في التسعينيات حيث ألقى في الجلسة الختامية كلمة فلسطين، وهناك التقى كاسترو حيث دعاه إلى قصر الضيافة والتقاه أكثر من مرة.
ولعل واحدا من أسباب صمود كوبا واجتراحها الحرمانات والعذابات هو شخص كاسترو، الذي كان يتحسس نبض الناس ويعيش همومهم ويخاطبهم بلغتهم، ويتعامل ببساطة وشعبية معهم، فضلا عن مصارحتهم بحجم المصاعب والتبعات، الأمر الذي كان فيه تخفيف للكثير من معاناتهم، رغم أن الحصار الأميركي وصل إلى حدود لا تطاق. وقد كان كاسترو رغم مكانته الريادية ودوره الفكري والسياسي وقدراته التنظيمية الكبيرة في الثورة والدولة- حريصا على إظهار رمزية جيفارا وكفاحه، وظل على هذا الوفاء طيلة العقود الماضية، دون أن تتضخم لديه «الأنا» فيشطب أقرب المقربين له، حتى وإن كان هو الأول بامتياز.
كان كاسترو أقرب إلى رومانسية وراديكالية حبش منه إلى الوسطية والبراغماتية التي يتسم بها بعض قيادات الحركة الثورية الفلسطينية والعربية، وعندما اندلعت المشكلات الفلسطينية-الفلسطينية والموقف من التسوية، جاء وزير المواصلات الكوبي (من أصل لبناني) وبقي نحو شهر في بيروت في محاولة لحل الخلاف داخل فتح (1983). وكان نايف حواتمة هو الآخر قد التقى كاسترو كما ذكر ممدوح نوفل، وقد أقامت الجبهة الديمقراطية علاقات وطيدة مع كوبا بما فيها تبادل الزيارات، حيث فتحت كوبا ذراعيها لاستقبال أعداد من كوادر الجبهة الديمقراطية للتدريب والدراسة، وقد تقلّص العدد لاسيما بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية الكوبية في مطلع التسعينيات.
وكان كاسترو يردد دائما: صحيح أننا وحدنا، لكننا دائما في القمة، وكانت فلسطين في قلب كاسترو ورأسه، وتعتبر كوبا الدولة الأكثر قربا إلى فلسطين التي كانت تصوت باستمرار في صالحها في الأمم المتحدة، رغم أنه في أوائل الألفية الثالثة بدأت بعض العلاقات الاقتصادية تتشكل مع إسرائيل وأعيد افتتاح الكنيس اليهودي، لاسيما إثر أطروحات كاسترو ومراجعاته عن الشيوعية والدين، وهي أطروحات بحثت في المشترك الإنساني والأخلاقي بين الكنيسة والشيوعية، وكانت تلك الأطروحات عبارة عن مقابلة مطولة مع رجل الدين المسيحي فراي بيتو، ونشرت لاحقا في كتاب ترجمه حامد جامع وصدر عن «الحقيقة برس» ومجلة «قضايا العصر» في بيروت وعدن العام 1988، واحتوى الكتاب على حوارات مثيرة تستحق أن تُقرأ، وأن يتم التوقف عندها فيما يتعلق بالموقف الماركسي من الدين وتجربة كاسترو الشخصية.
وقد قامت إسرائيل بشكل غير مباشر -وأحيانا بشكل مباشر- بفاعليات وأنشطة عبر شركات ومؤسسات، في محاولة للتغلغل لاستعادة العلاقة مع كوبا، ويروي عماد الجدع (نقلا عن صلاح صلاح) أن أحد الفلسطينيين في أميركا اللاتينية حاول تقديم عطاءات حول استثمار الحمضيات، واتفق مع الكوبيين على المشروع، لكنه اعتذر لاحقا حين وضعه الأميركيون أمام خيارين، إما إلغاء الشراكة والصفقة، أو أن مصالحه ستكون في خطر، الأمر الذي دفعه لاتخاذ قراره بالتخلي عن عطائه، وهنا تقدمت على جناح السرعة شركة أخرى لأخذ المشروع، واتضح أنها لم تكن بعيدة عن الأيادي الصهيونية.
وبغض النظر عن صحة الرواية أو عدم صحتها فإن هذا هو ما فعلته إسرائيل مع إفريقيا، فبعد أن تم قطع علاقات 30 دولة إفريقية فيما بين العام 1967 والعام 1973، إذا بإسرائيل تعود بنفوذها الاقتصادي وعلاقاتها التجارية «ومساعداتها» كقوة نافذة يُحسب لها حسابها، ابتداء من السدود التي قامت ببنائها في إثيوبيا، ومرورا باتفاقيات وامتيازات عسكرية، ووصولا إلى تعاون سياسي وأمني متعدد الجوانب، وهو ما عملت عليه لتعزيز علاقاتها مع دول أميركا اللاتينية.
ولا يفوتني هنا وأنا أتناول العلاقات الفلسطينية-الكوبية كجزء من العلاقات العربية-الكوبية أن أذكر أن علاقة كاسترو بصدام حسين كانت قوية جدا، وهو ما أثار عليه حفيظة اليسار العراقي، لاسيما التهاون إزاء القمع والملاحقات التي كان الشيوعيون واليساريون وغيرهم يتعرضون لها، وهو الموقف ذاته من الدول الاشتراكية الأخرى التي غالبا ما كانت تقدم مصالح الدولة على «المصالح الأممية»، وتلك إشكالية ظلت دون حل، بل إن حلها كان مستعصيا بحكم نهج الهيمنة وتفضيل ما هو قطري وحكومي على حساب ما هو أممي وإنساني، وتلك معاناة مشتركة لا تتعلق بالتيار الماركسي وحده، بل بالتيار القومي العربي والتيار الإسلامي اللذين وصلا إلى السلطة، وكيف تعاملت هذه التيارات أو القوى مع رفاقهم بتقديم مبدأ الدولة والمصلحة على مبدأ التضامن والمبادئ.
وبالنسبة لكوبا وكاسترو كانت الحساسية أشد؛ بحكم الجانب العاطفي والنظرة الرومانسية التي كان يتعامل بها اليسار العربي والعراقي مع كوبا، قياسا بالدول الاشتراكية البيروقراطية التي كان لليسار معها تجارب مريرة، دون التقليل من حجم مساعداتها ومواقفها الإيجابية، لكن علاقة كاسترو بصدام بدأت بالتصدع، لاسيما عندما خاطبه برسالتين طالبا منه الانسحاب من الكويت، رغم أن كوبا استمرت في موقفها ضد الحصار الاقتصادي على العراق وضد إعلان الحرب الإمبريالية عليه، كما وقفت ضد احتلاله العام 2003 وصوتت في الأمم المتحدة ضد القرارات الجائرة والمجحفة بحقه. ولعل هذه المسألة تستحق وقفة جدية في التقويم والمراجعة، وباختصار يمكننا القول إنه غالباً ما يجري التبرير من جانب الدول والحكومات «الاشتراكية» بأن تعزيز علاقاتها مع دول التحرر الوطني سيعزز من مكانتها ومن مكانة الاشتراكية موضوعيا، الأمر الذي يمكن النظر إليه بعيون مستقبلية في إطار الصراع الكوبي ضد الرأسمالية والإمبريالية.
وكانت تململات أو همهمات بعض الأحزاب الشيوعية -التي غالبا ما تقال على استحياء أو تقدَّم كاستفسارات- تذهب أدراج الرياح، ويفضل المسؤولون عدم التعرّض لها في الإعلام، أو النقد العلني لبعض المواقف التي تتخذها الدول الاشتراكية كمداهنات للدكتاتوريات «الثورية» الحاكمة، طالما كانت علاقاتها معها جيدة، وفي الكثير من الأحيان كان للقياديين من الأحزاب الشيوعية امتيازات لا يريدون تخفيض سقفها، ناهيكم من أن أي مواقف متعاكسة مع «المركز الأممي» أو مواقف الدول الاشتراكية قد تطيح بهم وتشجع بعض المتنافسين والمغامرين على المواقع الأولى، حيث تبدي هذه العناصر استعدادها لتقديم الولاء الأعمى «للأممية الحاكمة»، الأمر الذي يمكن معه إزاحة خصومهم، فضلا عن أن جزءًا من هيبتهم ونفوذهم اكتسبوه من علاقاتهم الأممية.
في التسعينيات ظلت كوبا تنزف بصمت، وأدار الكثيرون ممن حلموا بجزيرة الحرية وتغنوا بها ظهورهم للتجربة بكل ما لها وما عليها، باستثناءات قليلة، ولعل واحدا منها هو الاستثناء الفلسطيني، فقد ساعد أبوعمار في دعم كوبا إبان أزمتها الخانقة، ويذكر صلاح صلاح أن عملية وقف تصدير النفط إلى كوبا كانت أقرب إلى عملية خنق، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وتفتيت الاتحاد السوفيتي، حيث هيمن الظلام على كل شيء، وكاد كل شيء أن يتوقف ويتعثر ويتعطل، يومها استعانت القيادة الكوبية بأصدقائها الفلسطينيين، فجاء وكيل وزارة خارجية كوبا إلى لبنان وطلب مساعدة أبوعمار، وجرت اتصالات لتأمين ذلك، وذهب وفد كوبي إلى تونس، وكان أبوعمار حينها يتعامل مع شركات نفطية، فأمّن له عدداً من البواخر التي نقلت النفط على جناح السرعة إلى كوبا، وهي مسألة لا ينساها الكوبيون!
ومع أن الأزمة التسعينية قد تم احتواؤها، إلا أن آثارها لا تزال باقية حتى الآن، ولعل هافانا لا تزال من أكثر المدن ظلاما، حتى أنني تخيلت -بسبب الاقتصاد في الطاقة الكهربائية والحرص على عدم تبديدها- أن ثمة خللا مركزيا قد حصل في التوزيع الكهربائي لأحياء وبلدات تعاني من انقطاعه لأوقات طويلة، وهو أحد أعصاب الحياة الضرورية، حتى وإن تم تخصيصه للقطاعات الأكثر حاجة مثل المستشفيات والمراكز الطبية والتغذوية والمعامل والجامعات وغيرها، وهذا ما انعكس على وجوه الناس وما أثر في سلوكهم، لدرجة أن الشعب الكوبي الطيب كثير المرح والرقص والغناء، بدا كأنه منكمش، وهو ما تركته عليه سنوات الحصار الأميركي الجائر.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين سترسو سفينة الانتخابات العراقية؟!
- “إسرائيل” والإفلات من العقاب
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (18) كاسترو- أبوعمار- حبش: رومانس ...
- البحث العلمي ووليمة التفكير
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (17) همنغواي والجواهري: الشيخان وا ...
- الخليج وصورة المجتمع المدني
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! -16 -أرنستو همنغواي: حانة بودغيت ...
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحدا ...
- جدلية القانون والنزاهة
- ماراثون الانتخابات العراقية.. من العزل إلى العزل!
- قيم التسامح في الفكر العربي الاسلامي المعاصر
- تحية الحرف والحق والمعرفة الى منبر الحوار المتمدن،
- ماراثون العزل السياسي في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (14) ثورة ومغامرات وكبرياء
- الانتخابات والعزل السياسي في العراق
- قدّيسٌ مخضّبٌ بالحب
- بذرة اللاتسامح هندياً
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! 13 - جيفارا بين رامبو ودون كيشوت ...
- هل كان التسامح وراء اغتيال غاندي؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! - 12 - يوميات المغامر النبيل


المزيد.....




- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!