أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن رحيم الخرساني - الخصائص الأسلوبية في شعر الخرساني بقلم : الأستاذ جاسم محمد جاسم















المزيد.....

الخصائص الأسلوبية في شعر الخرساني بقلم : الأستاذ جاسم محمد جاسم


حسن رحيم الخرساني

الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 01:54
المحور: الادب والفن
    


بقلم : الأستاذ جاسم محمد جاسم

كل المدن والبلدان المقهورة تنجب من أبنائها شعراء ليكونوا شهودها على بشاعة من يتورط بقتل أخيه الإنسان أو تشريده ، لكن هؤلاء الأبناء يتجاوزن دور الرواي أو الشاهد العاجز ليصبحوا كالأنبياء يرفضون الظلم والقبح ، فهم ليسوا اصواتا ً للطغاة ، بل هم صوت الإنسان
الذي يتشبث بالوجود ، ففي زمن بـدأت عجلة الألم الإنساني تطحن ضحــاياها على الأرض،اقتـضت الضرورة خلق أنماط جديدة من الجرأة الفكرية ، وهذا ما حاول فعله عدد من الشعراء البارزين منذ عهد البـياتي والسياب ونازك الملائكة وصولا ً إلى ماجسدته مجموعة الشاعر حسن رحيـم الخرساني ( صمتي جميل يحب الكـلام ) منطلقا ً من تنهدات ذاتـه الذائبة في موانئ الغربة وهو يعلن انحيازه التام إلى العالم الذي ينسحق تحت وطأة الافرازات الحضارية الجديدة وبشتى الذرائع ... وأحسبُ أن قـصائد الخرساني كلها تعول على المشاكلة
بين بـناء الفكرة والإيقاع الهادئ المنساب ، وأن أبياته تنطوي على قـلق ِ ملحوظ ظل يطبع حياتهُ ، وفي نفس الوقت تقـدم فرصا ً للتحرر من أعباء التجارب العادية ولاسيما إذا اقترنت
تجربتهُ الشعرية بالرغبة في المعرفة ، ولأنه المنفى الموحش القاسي ، فأن قاموس مفردات الشاعر يتـشكل من إيقاع الزمن ورغبة البوح وانتفاض ذكريات قديمة وأغاني شجية للحــب
وعبر التساؤلات التي لاتـنتهي (( لماذا نجوم العراق تصطاد قلبي ؟؟؟)) ، ((لماذا قمر بابــل
كفاكهة الجنة ؟؟؟ )) ،(( لماذا ليل عشتار يغني بطعم التـأمل؟؟؟)) عبر هذه التسـأولات تلفــح
وجوهنا سخونة الجرح الكبير على وطن ضيعته المحن :
معي طـلقة أخرى
وزنبقة .. وطفلة
ومعي حزن لأرملة ٍ
وصوت غائب مني .. ونخلة ص 19
بقدر ماهي محاولة للإجابة عن التسـاؤلات التي تؤرقه بل تمزقه،تظل القصيدة لديــه قيثـــــــارة
يعزف عليها مواجعه ويمتص بها توتراته حتى يستعيد توازنه النفسي .
ولو بحثنا عن العناصر الأسلوبية في قصائد الخرساني نجدها تتجلى في إصرار الشاعر على استخدام الجمل الأسمية يعقبها بالفعل المضارع أو الماضي المعبر عن حركة الذات مع الآخرين، مما يدل ُ على سمة ِ الوضوح عنده ُ والتي يرغب ُ دائما ً بإظهارها مثل ( المسافة ُ تعبتْ، الهواء ُ ينوح ُ، نورها يحدق ُ فينا،..). كذلك استعماله ُ للمفردة ِ السهلة ذات المدلول المباشر ( المتداول ) والتي تمنح ُ القصيدة َ بعدا ً ثقافيا ً، نستطيع ُ القول َ أن في استحضارها على سبيل التناص نوعا ً من الإسقاط المعرفي والثقافي الواسع ليشمل َ جميع المستويــــــــــات ( التأريخية، والحضارية، والدينية )، وكلها تؤكد على قيمة ٍ لغوية ٍ خاصة، فمثلا ً أسماء الأعلام تحمل ُ بعدا ً شخصيا ً نابعا ً من موقف الشاعر الحياتي فـ ( علي الوردي ) يعكس ُ اسمـُه ُ داخل النص بعدا ً هاما ً للمعرفة ِ الفذة، و( أبي ذر) يمثل البعد الديني والإنساني، فيما نجد ُ عددا ً من أسماء المدن التي تلقي على النص ظلالا ً معرفية تاريخية وحضارية مثل ( بابل ، الغاضرية :اسم آخر لكربلاء، السديرة: قرية شمال العراق ).
ومن العناصر الأسلوبية الأخرى اعتماد الشاعر على الصور الحسية الواضحة بكل خصائصها
كون هذه الصور الذهنية كما هو معلوم لأنها تصير الإحساس بما تحمله من مقارنات بينما تتطلب الصورة الذهنية تأملا ً وتفاعلا ً داخليا ً بطيئا ً لكنه عميق في النهاية .
في حين يعد التكرار من الظواهر الأسلوبية المميزة عند الخرساني باعتباره من الوسائـــــــــــل
اللغوية التي تؤدي في القصيدة دورا ً تعبيريا ً واضحا ً حيث يعد للفكرة المتسلطة على الشاعر ,ومجالا ً لتكثيف إحساسه داخل النص , وقد لجأ الشاعر إلى التنويع في استخدام أساليب التكرار
حتى تحول عنده إلى تكنيك يستخدمه باستمرار , ومنها أسلوب تكرار الفعل لمرات عديدة , ففي كل مرة يوحي بتصاعد الصوت الداخلي للشاعر , وقصيدة ( تحت عباءة امرأة جنوبية ) نموذجا ً للقصائد التي تقوم بنيتها على تكرار الأفعال :
ارسموا للشوارع العطش كي ينام الهواء
ارسمـوا للطائرات نهار الطفولة على شفاه دجلة
ارسموا للقـذائف شمسا ً من الحب
ارسمـوا للغزاة قلبا ً من المطر ص 24
يستمر هذا الأسلوب ليأخذ بعد ذلك شكــلا ً آخر وهو تكرار الجملة المتتابعة موحيا بدلالات خطابية حماسية تعمل على تحقيق تماسك بناء النص شكليا ً وفنيا ُ فيضفي عليه شيئا ُ من التعويض عن وحدة الوزن والقافية كما في القصيدة ( خجل فراغي ):
تجهضُ الريحُ ... بقايا شفاه تحدق
تجهض الريح ... نساء ماهرات في تهدئة الجوع
تجهض الريح ... مشانق الخبز وهي تتعلق على عيونكم
تجهض الريح ... صفير دماء ٍ تنتظر ص33
يتضحُ من هذا مدى الرعب الذي عاناه الشاعر في غربته الروحية وقلقه الوجودي المدمر وهو
يبحث عن بديل أو نقيض الواقع الذي عاشه , يحلم بالبراءة والهدوء تخلصا ً من ضغوطه الثقيلة , ولما يملكه الشاعر من قدرة على تشكيل الصور , وحساسية فائقة في التعبير عن هموم الإنسان , جاءت قصائده اصواتا ً صافية شديدة الوقع في نفس القارئ لينفتح النص على آفاق نفسية وواقعية تضرب في عمق الأزمنة وتتمثل من عناصر مكانية بوصفها مركز التجربة الشعورية ( سوق الجمعة , مقهى نوشي , شارع التربية ) حيث يأتي الإحساس بالزمن موازيا ً للإحساس بالمكان ومعبرا ً عن التأريخ الذي يرمز له في صـور تشكيلية تـتسم بالجدة :
لماذا أيها العظيم كلكامش
زرعتَ في سواحلي صوتكَ الخالد
ثم تركتني بين القردة ؟؟
جعلتَ انكيدو حقل تجارب ؟؟....
لمـاذا ـ أيها العظيم
ينزلُ الفراتُ عن عرشه
ودجلة ُ أرملة ٌ بلا وطن ؟؟... ص41
لقد كان الخرساني موفقا ً في اختيار المفردة وناجحا ً في صياغة التراكيب والتصرف بالدلالات, والملاحظ عنه أيضا ً أنه ( يرى الأشياء كما هي ويقولها شعرا ً ) ( 1)على حد
تعبير الشاعر الفرنسي بول كلود يل فصدق انتمائه لوطنه منح قصيدته قوة التأثير والتعبير الأصيل في أن واحد .
ولعل خصوبة نفس الشاعر ومقدرته التصويرية , مكناه من توظيف قلقه باتجاه استدراج القارئ
للمشاركة بحزنه , وجعله يشعر بأن الرؤيا الشعرية لديه تتكشف وتفصح بصفائها ووضوحهــــا
عن شفافية ٍ مغلفة ٍ بالألم :
المسافـة ُ تعبتْ ... والطريقُ طويل
رمـالٌ من الدم ِ والذكريات
هواء ٌ ينوح ُ, وموتى يسبحون َ بين الشفق ..! ,
وهذا النفق .. هو الطائر ُ المستمر لكل النخيل .. !
المسافـة ُ حبلى .. وهذا السلام
تنازلَ عن قلبه ِ وارتحل ص52
هنا تتفجر ُ هموم ُ الشاعر من خلال قدرته الفنية لتصويرَ الآمة ومواجعه , حيث المسافات لايمكن اختزالها , إنها مسافات ٌ مليئة ٌ بالخسارات وفقدان الأحبة , وهي ناجمة ٌ عن الشعور
بالخيبة واللاجدوى , هكذا كانت غربته ُ نزفا ً دائما ً لايحتمل ..
أما على مستوى اللغة فأن شاعرنا ينتخب لغة ً تنتمي إلى خانة ( الغربة , والموت , والتمرد )
إنها لغة ٌ وجودية ٌ مكتظة ٌ بالوجع والإحالات الواقعية النفسية , توشك أن تكون لصيقـة
بموضوعاته ِ ومنبثقة ٌ عنها , لأنه ُ محتدم ٌ بالغضب دائما ً , متمردا ً شديد الإدانة لواقع ٍ
مرير ٍ يعيشه ُ , وما ألفاظه ُ إلا جزء من الموقف الرافض الذي يخلق المفردة والصورة
المعبرة بشكل ٍ أكيد ٍ عن حالة الشاعر:
أنا لغة ٌ أعرفها .. تعرفـُني لغتي
أدخلـُها من جسد آخـر
تكره ُ لغة َ الحرب ...
تبكي ... وتنام !!
لغة ٌ تمشي وتفكر
أعرفهُا قبل الموت ص62
تـُظهر هذه القصيدة تلقائية كبيرة في إدانة الحـرب، فلا عجب لأنها ( الحرب) كانت سبب بلواه، قذفتْ به بعيدا ً عن شواطئ وطنه التي أحبها وعشقها، وجعلته ُ يكتوي بنار ِ الغربة ِ والتغـرب كونها عذابه ُ وقلقه ُ الدائمين.
هامش:
! ـ في الشعر الأوربي المعاصر ـ الدكتور عبد الرحمن بدوي 1980 ـ ص 102
2 ـ الخصائص الأسلوبية في شعر الخرساني
هذه المقالة من كتاب كلام العصور ـ الأستاذ جاسم محمد جاسم 2009 ـ ص 57



#حسن_رحيم_الخرساني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصوت ُ السابع
- صُنع َ خصيصا َ للعراق ِ وفي العراق
- أنا وأصدقائي البعوض
- ( أربعُ مسافات للسواد )
- وديع العبيدي في قصيدة (ابتسم) من مجموعته الأخيرة
- أصابع ترسم ُ مطرا ً قادم


المزيد.....




- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن رحيم الخرساني - الخصائص الأسلوبية في شعر الخرساني بقلم : الأستاذ جاسم محمد جاسم