أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجيب الخنيزي - داليا.. ستظلين حية في القلب والذاكرة














المزيد.....

داليا.. ستظلين حية في القلب والذاكرة


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 20:37
المحور: سيرة ذاتية
    


من شرفة الحزن المضمخ بالذكريات الجذلى، طفولة المهد الشائخ، المتشح بحكمة الصمت العالي، المحيط بالروح والجسد والقلب والذاكرة في مكمنها الصعب، وزمنها المخاتل الأصعب حيث الحياة والأحلام تبدو كقبضة سراب تقاوم لهيب الصحراء المحرقة ورتابة الحياة الراكدة المحكومة بفنتازيا شقية، تطفح بالسحر والشعوذة والأبقار المقدسة، مشحونة بطاقة وقدرة شيطانية لا تكل أو تستنفد على افتراس الضحية، قرباناً للخلاص والتطهير، تكفيراً عن ذنب وجريرة العوام في هز طمأنينة اليقين الراسخ، واستبطان غواية الاكتشاف، وضلالة التمرد على فروض الامتثال للطاعة الواجبة لما ينبغي وما لا ينبغي، والتصدي بضراوة وسادية مدهشة لأحلام وأوهام الشياة «السعيدة» في التحرر من حظيرتها المسيجة و«الآمنة». ليس لديها من خيار سوى التسليم بقدرها المكتوب في اللوح المحفوظ. متوكلات ومنتظرات كلمة السر ومفتاح الفرج وتعويذة الخلاص في قدوم المنقذ المنتظر، الذي يأتي ولا يأتي؟
الغالية داليا: تتداخل وتتناسل الذكريات الدفينة المضمخة بالذكريات الحميمة المشرقة. حياتك القصيرة كانت نسمة ربيع وزخّة مطر صيفية في حياتنا المجدبة، وأرضنا اليباب، وشمسنا الباهتة على حرارتها المهلكة. أستعيد لحظة ولادتك، حبوك، طفولتك المبهجة، صباك النظر، عنفوان شبابك، ونضجك المبكر. أستحضر أغاني فيروز بحميميتها المشبعة وجداً وحزناً وعاطفة جياشة، التي كنت تؤدينها بجمال ورقة آسرة في حضورنا، أنا ووالديك وأختي سهام وزوجها زكي. كنت حينها طفلة شقراء وجميلة جداً، وكان صوتك الطفولي الرخيم يصدح بتفاعل وعاطفة جياشة ومشاعر عميقة تذكرنا بذلك الصوت الملائكي. أستعيد وجهك البشوش وبسمتك المشرقة الناضحة بالحياة والحب، باعثة الأمل في الوجوه الشاحبة والعروق اليابسة والأجساد المنهكة. أستحضر حيويتك ودفاعك المستميت عن حق بنات ونساء مجتمعنا بحياة إنسانية أفضل. وقد حظيت في كل ذلك بكل الدعم والتشجيع والمشاركة من قبل زوجك (حسين القطري) النبيل والمحب ووالد طفليك (روز وعلي) والذي ربطتك معه قصة حب رومانسية قوية في سن مبكرة، وكأنك كنت تشعرين في أعماقك بأنه لا ينبغي تضييع لحظة من العمر والحياة وأنتما بعيدان عن بعضكما. كنت تشعرين بالحاجة الملحة إلى فضاء اجتماعي وعلمي وثقافي أكثر اتساعاً ورحابة وتسامحاً، لذلك فضلت الدراسة في دولة البحرين الشقيقة حيث حصلت على البكالوريوس في علوم الكمبيوتر والماجستير في علم الإدارة، ثم مارست العمل المهني في القطاع الخاص، وذلك بتشجيع ودعم من والديك، ومن قبل زوجك. كم نشعر جميعاً بمرارة غيابك، وأذكر هنا خصوصاً والديك (أحمد العوامي وفتحية الخميس) اللذين ربطتني معهما أعمق الوشائج الودية الصادقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود. كنت تعرفين علاقاتي الحميمة مع والدك، وأنه قد جمعتنا تجربة مشتركة قديمة في العمل الوطني وتحملنا معاً إفرازاتها المريرة.
كلماتك الحماسية وأنت في مطلع شبابك الغض لاتزال تصدح في أعماقي، بأنك ستسيرين على الخط ذاته ولكن بشكل مغاير وربما أكثر فاعلية. على هذه الخلفية، جاء نشاطك الخيري، ومساهماتك في المواقع والمنتديات الاجتماعية والنسائية والثقافية ومشاركاتك في الحراك الحقوقي للمرأة في السعودية، ومن بينها الكثير من البيانات العامة والخطابات المطلبية الخاصة على هذا الصعيد. الغالية داليا: العين تدمع والقلب يدمى لغيابك قبل الأوان. كأنك والراحلة الغالية «فالا» وهو اسم تصغير لفالنتينا تيرشكوفا أول رائدة فضاء في العالم، التي كانت صديقتك منذ الصبا وزميلتك في مرحلة الدراسة الجامعية في البحرين، ويجمعكما معاً سمات شخصية واجتماعية وذهنية مشتركة كثيرة، قد قررتما الرحيل معاً، ومغادرتنا باكراً، حيث لم يكن الفاصل بينكما يتجاوز العام ونصف العام.
العزاء الحار لوالديك وزوجك وطفليك الأعزاء، ولجميع أفراد عائلتك، وصديقاتك، وكل من عرفوك عن قرب أو سمعوا عنك وأحبوك، وهم كثيرون. وقد تمثل ذلك في الحشد الواسع والمتنوع الذين حضروا مراسيم التشييع والعزاء. كما أعزي نفسي وأختي سهام وزوجها زكي وزوجتي أليس، حيث أمضينا مع الغالية الراحلة ووالديها أجمل الأوقات، وجمعتنا الذكريات الحميمة المشتركة، التي لن تفارقنا أبداً.
داليا، أردد مجدداً في هذه المناسبة الحزينة «الأزهار لاتزال بحاجة إلى آنية»، وهو عنوان أحد الأعمال الإبداعية للصديق الروائي الكبير عبدالعزيز المشري الذي مرت قبل أيام الذكرى العاشرة على رحيله. رغم الضباب الشفيف الذي أخذك بعيداً عنا، ستظلين دوماً في القلب والذاكرة. فقد كنت نعْم الابنة البارة بوالديها، والزوجة الوفية والمحبة لزوجها، والأم الحنونة على طفليها، كما كنت فاعلة ومعطاءً في محيطك الصغير ومجتمعك الكبير. تغمدك الله بواسع رحمته ورضوانه.

٭ بمناسبة أربعينية الابنة الغالية، الشابة داليا أحمد العوامي
التي توفيت في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي على إثر أزمة قلبية مفاجئة.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الجماعات الدينية المتشددة في الولايات المتحدة
- الأصولية الأمريكية.. التداخل بين الأيدلوجي والسياسي
- التقرير الأول ل - جمعية الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية -
- الأصولية الأمريكية -الجذور والمكونات
- الأصولية الكاثوليكية.. الموقف من الحداثة ولاهوت التحرير
- الأصوليات الغربية..الأصولية الكاثوليكية
- الدولة العربية والمسألة الطائفية
- الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي
- الدولة العربية الحديثة وأسئلة النهضة
- إشكالية نشوء الدولة العربية - الحديثة -
- الدولة وسياق العولمة
- هل يخرج العرب من التاريخ ؟
- هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟ ( 6 )
- باراك أوباما والتركة الداخلية الثقيلة ( 5 )
- هل ينجح أوباما في إستعادة - الحلم الأمريكي - ؟ 4
- تحت شعار «التغيير».. انتصار كاسح لباراك أوباما ( 3 )
- ظاهرة أوباما في المشهد الأمريكي ( 2 )
- ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1)
- الميزانية والميزان 3
- الميزانية والميزان 2


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجيب الخنيزي - داليا.. ستظلين حية في القلب والذاكرة