أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سما حسن - يوم نجاح صغيرتي(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)














المزيد.....

يوم نجاح صغيرتي(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)


سما حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2908 - 2010 / 2 / 5 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


تكتشف أن كل شيء في غزة ناقصا ومحاصرا،كل شيء حولك معلقا، لا تستطيع أن تكمل أي شيء،أو أن تتم عملا أو هدفا،اليوم عادت ابنتي تسبقها فرحتها وهي تلوح بشهادتها المدرسية التي كانت تحملها بيدها رغم المطر المنهمر، كانت الشهادة الورقية مبتلة تماما، وهرعت بها فوق الموقد لاجففها، وكانت الكهرباء مقطوعة كالعادة في هذا المساء حين عادت الصغيرة حيث تدرس بالفترة المسائية في مدرسة تابعة للأونروا التي تعاني أصلا من اكتظاظ الفصول، فتضطر إلى تقسيم المراحل الدراسية إلى فترتين صباحية ومسائية، حين دلفت الصغيرة من باب البيت، تذكرت شهادتي التي كنت أفرح بها وأعود لأقدمها لجدي والذي كان لا يجيد القراءة، ولكنه كان يفرح بها ويطلب مني ان أقرأها على مسامعه، ويدس يده الطيبة المجعدة في جيب" القمباز" ليعطيني مبلغا من المال أفرح به وأطبع قبلة على يده.

كان جدي يعشق تقبيل اليد لدرجة لا أتخيلها، وتترقرق الدموع في عينيه البنيتين حين أفعل ذلك مرارا وتكرارا، وحين رأيت طفلتي تذكرت هذا المشهد الذي غيبته ذاكرتي سنوات كثيرة، فطفرت دمعة واحتضنت صغيرتي ألثمها واجفف الدمعة بمريولها المخطط بالأزرق والأبيض.

قالت الصغيرة: ماما بدي تعملي لي" كيكة".

قلت لها: الكيكة لعيد الميلاد مش للنجاح.

ضربت قدمها اليمنى في الأرض محتجة وقالت: لا.. بدي كيكة.

سرحت وفكرت: الكيكة يعني أني بحاجة لفرن، وأنا لا أملك فرنا كهربائيا، ولو كان لدي فالكهرباء مقطوعة، كما أنني لن أجازف وأعد " كيكة" لتنقطع الكهرباء كل ربع ساعة، هذا في حال وجودها، كما أنني لا أملك اسطوانة غاز لتشغيل الفرن، والأهم والأدهي أنني مفلسة لا املك مالا لأشتري لها " كيكة".

قلت لها: ماما كل الفلوس اللي معي يا دوب تكفي مصروف المدرسة……

ظهرت خيبة الأمل على وجه الصغيرة، ولم تنبس ببنت شفة، وبدأت في استبدال ملابسها، شعرت بانكسارها وبأن كل شيء في غزة يبدو ناقصا ومعلقا بالفعل، حين ارخى المساء سدوله على بيتي الصغير، اقترح ابني الاكبر أن يتنازل عن المصروف هو اخوته لمدة أسبوع كامل، قلت له: لا …..لا يمكن ، كيف تروحوا المدرسة بدون مصروف…

قال الصغير: انا لايهمني لأن الأونروا بتوزع علينا وجبة مجانية كل يوم وبيكون فيها عصير وبسكويت أحيانا.

ابنتي الكبرى قالت: انا أقضي فسحة المدرسة في الدراسة ولا أجد الوقت لأتناول اي شيء……

أمام هذه المقترحات نقدت ابني الكبير مبلغا من المصروف الذي احتفظ به في أحد جيوب حافظتي، وأسرع إلى السوق

على دراجته وتحت المطر،وبعد أقل من ربع ساعة عاد للبيت الصغير محملا بالكيكة المزينة وقد كتب عليها " مبارك نجاحك يا نونو"

ونونو هذا اسم الدلع للصغيرة

فرحت الصغيرة وصفقت …………

ولكن فرحتنا كانت ناقصة ومعلقة

لا كهرباء ولا غاز لنعد الشاي لنشربه مع الكيكة، وسأضطر لاشعال البابور في هذا الجو العاصف …….

وأنا في العادة أضع البابور فوق سطح البيت لأتخلص من رائحة الغازات المنبعثة منه، ولأن شكله لا يتناسب مع ديكور مطبخي العصري……..

اقترح الصغار تناول الكيكة بدون شاي حتى لا يرهقونني،ولكني كنت أتوق لفنجان من الشاي الساخن في هذا الجو البارد….

أقنعت نفسي بأن كل شي يجب أن يبقى معلقا وناقصا على أمل أن يأتي اليوم الذي تكتمل فيه فرحتي،

فرحتي أتخيلها حلقة كبيرة

ولكنها مقطعة من جهات كثيرة……..

متى ستكتمل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وكيف؟

لا أدري

وحتى لا أرهق نفسي بسؤالي التهمت أكبر قطعة من كيكة نجاح صغيرتي.



#سما_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكثير من الضحك القليل من الكهرباء(من يوميات امرأة محاصرة في ...
- يوم أن كرهت الأرجوحة(من سيرتي الذاتية)
- لاتصمت(خاطرة لامرأة مهزومة)
- أيام القحط في غزة( من يوميات امرأة محاصرة)
- ارحمونا(من يوميات امرأة محاصرة)
- عين واحدة -قصة قصيرة-
- على شاطيء بحر غزة(من يوميات امرأة محاصرة)
- لو مات أفضل- قصة قصيرة
- قطتي والديك وأشياء أخرى(من يوميات امرأة محاصرة)
- كن ولا تغادر(خاطرة لامرأة مهزومة)
- ثقة(خاطرة لامرأة مهزومة)
- تبادل أسرى في بيتي(من يوميات امرأة محاصرة)
- تعال إلى جنتي(خاطرة لامرأة مهزومة)
- لا تحاول(خاطرة لامرأة مهزومة)
- ويبقى الأب(من يوميات امرأة محاصرة)
- لها ولي(خاطرة لامرأة مهزومة)
- امرأة غيري” خاطرة لامرأة مهزومة”
- من طرائف الحصار على غزة(من يوميات امراة محاصرة في غزة)
- لن تتعثر بي(خاطرة لامرأة مهزومة)
- يوم بلا كهرباء في غزة(من يوميات امرأة محاصرة)


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سما حسن - يوم نجاح صغيرتي(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)