أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد أبوعبيد - آفة العقول غيابها














المزيد.....

آفة العقول غيابها


محمد أبوعبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 16:06
المحور: كتابات ساخرة
    


حبى الله المرء بالعقل والعاطفة ، فمن الناس من تعقّل ، وهم قلة ، ومنهم من جرّتهم العواطف في لحظاتها ، وهم ثلة ، وإذ بها قد خدعتهم فرمتهم في اللامُشتهى . الغضب ينتمي إلى تلك اللحظات ، أوله جنون وآخره ندم . لو تعقل المرء لعرف أن تغلبه على غضبه انتصار على ألدّ أعدائه ، لكن الكثيرين ،للأسف، يشرد عن أذهانهم أن العقل هو الحُجة ، لذلك آفة عقول البشر هي بشر بلا عقول ، وهم الذين يفتحون أبواباً يعجزون عن إغلاقها ويرمون سهاما فترتد إلى نحورهم كما البمرنغ Boomrang.
لا يجدر للعقل أن يكون عبداً للذة الانتقام التي لا تدوم سوى هنيهات ،بينما تدوم تبعاتها . وما الانتقام إلا وليد التشرذمات الحاصلة في مجتمعاتنا التي علمونا عنها في المدارس أن العروبة توحدها ، وإذ بنا لا ننقسم إلى مجتمعات تعادي بعضها بعضاً فحسْب ، بل إن المجتمع الواحد "تشلل وتملل" ،ففارقت الروح الاوركسترالية الجسد العربي ، وصارت كل شلة تحسب نفسها أمّة ، يصبح اللامنتمي إلى إحداها غريباً ينطبق عليه قول المتنبي : "أنا في أمّة تداركها الله غريبٌ كصالح في ثمود" .
الجميع معرض إلى ما لا تشتهيه الأنفس في ظل تغييب القوانين الرادعة في الكثير من الأصقاع المشرقية ، وهي القوانين التي تضع الأمور في نصابها الصحيح ، وانعدام عدالة القوانين الهادفة إلى إصلاح المذنب لا الاقتصاص منه لمجرد القصاص . لذلك، ينبغي أن تكون للقانون سلطة على البشر لا أن تكون للبشر سلطة على القانون " .لا غنى عن الرادع العقابي ، لكن ما هو إلا قليل أمام الرادع التربوي العقلاني وكلاهما مختلف أمره. من تردعه عين المراقب فإنه "سيشاغب" بغياب المراقب ، وبالتالي لا يُعقل أن يتم تعيين مراقب على كل فرد ، ومن يردعه حسن التربية والمنشأ فإنه لن يرتكب ما يستدعي العقاب وإن خلا المكان من المعاقِبين .لعل مثالاً صغيراً ،للخصر لا للحصر ، فيه عبرة : فقد قيل ،على ذمة ما قرأت، أن شرطة السير في اليابان تعاني كساداً في العمل وتحرير المخالفات لأن السائق هناك لا يخشى شرطي السير ، لكنه يحترم قوانين السير .
في مقابل ذلك ، يخشي المرء أن تصل به الأمور إلى الإيمان بأن ما يميز "العربي" هو مخالفته للقوانين ، وردّه الصاع صاعين في حال خلاف بسيط حسب القاعدة الشعبية " ما بجيب الرطل إلا الرطل ووقية". فلم يبثّ أولو الأمر فيه معنى التسامح ، ومعنى القول سلاما ً إذا خاطبه الجاهل .

لنا أن نتخيل طفلاً نما وتربى على أساس كهذا ، فإن نزعة غير حميدة تنمو معه كما لو أنها توأمه، وسيمارسها ، وتكبر معه أنانيته ليظن إبان فتوّته أن الشارع يصبح مُلكه ، وأن العامّ يصبح خاصّه، وأنه الوحيد ومن بعده الطوفان.
كمشرقيين ، فإننا في حاجة إلى "بيريسترويكا" مجتمعية تعتمد على استخلاص العبر من التشرذم الحاصل بين العرب نتيجة لتغييب العقلانية .إن التربية السليمة للطفل في صغره،تعينه في كبره، ولو كانت جذورها مرة ،كما وصفها أرسطو، لكن ثمارها حلوة . يجب أن يسود القانون حتى يحتفظ بالعقول داخل البشر ، وأن لا يتم السماح باختراقه حتى لو كان لصالح امرىء من الناس. فمَن خرق القانون لمنفعتي ، قد يخرقه غداً لمضرتي وخراب بيتي .



#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديك ٌ حَسَن الصوْت
- ليسوا قدّيسين
- نحن بألْف خيْر
- عندما بكى ...
- عَنْعناتُنا
- آنَ لماضينا أنْ يصبح حاضراً
- مناقب كرة القدم
- رفقا ً بِهنْد
- العاطلون عن العقل
- أمّة الأدب لا تتحلى بأدب الحوار
- -أنا-... أذكى شخص في العالَم
- ...ومِن المثقفين مَنْ قَتَل
- إبْطال نظرية داروين.. ماذا عن -الداروينيين- العرب
- الشقيري في الحمّامات
- أمّةٌ تناقض ما تتباهى به
- نتذكرُهم حين باتوا ذكْرى
- ثوْرة أكثرُ نعومة
- سيّدتي.. إحْذري الضحكةَ والبنطال.. وقراءةَ المقال
- ديكتاتوريّاتنا الفردية
- فلنُعَرِّبْ.. إنّهُم -يُعبْرِنون-


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد أبوعبيد - آفة العقول غيابها