أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباسط سيدا - تركيا: المحكمة الدستورية في مواجهة الحكومة الشرعية














المزيد.....

تركيا: المحكمة الدستورية في مواجهة الحكومة الشرعية


عبدالباسط سيدا

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيراً حصل المتوقع الذي كان يُخشى منه؛ فقد أسقط العسكر الحكم الديمقراطي في تركيا، وأمروا بحل البرلمان، وأعدموا مجموعة من الكوادر القيادية في حزب العدالة والتنمية في مقدمتهم رجب طيب اردوغان وعبدا لله غول وأحمد داود أوغلو؛ وذلك استناداً إلى قرارات شكلية لمحاكم صورية تمتد خطوط التحكم فيها إلى غرف الجنرالات السرية. كما أعلن العسكر أن كل حديث عن الكرد والمسألة الكردية في تركيا يدخل في باب الخيانة العظمى- وذلك بعد أن ألغوا كل الخطوات الانفتاحية التي كانت حكومة أردوغان قد بدأت بها- وأُلقي بالآلاف من كوادر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي في السجون، وبدأ الجيش حملة قمعية لم يسبق لها مثيل في الولايات الكردية؛ والأمر اللافت في اللوحة برمتها تصريحات الجنرلات المتوالية التي تؤكد أن الكمالية كانت وستظل العقيدة الأسمى للدولة التركية، وهذا مؤداه في منظورهم أن أية مقاربة نقدية لها من أي موقع كان ستؤدي بصاحبها إلى أسوأ العواقب.
من نعم الله ولطائفه أن هذا السيناريو الجهنمي الذي كانت جماعة أرغنكون تخطط له لم يتحقق بعد؛ لكن المؤشرات الميدانية توحي بأن الأوضاع العامة في تركيا - على الأقل بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية التركية- تسير نحو الأسوأ غير المنشود؛ خاصة بعد تحوّل المحكمة الدستورية التركية إلى رأس حربة بيد العسكر تسوِّغ ما لا يُسوّغ، وتشرعن اللامشروع؛ فقبل أسابيع عدة أصدرت المحكمة المعنية قرار حل حزب المجتمع الديمقراطي، وهاهي المحكمة ذاتها تلغي قرار البرلمان التركي القاضي بمنح المحاكم المدنية صلاحية النظر في جرائم العسكر الموجهة نحو المجتمع المدني في تركيا.
ومن الملاحظ أن كل هذا التصعيد يأتي بالتزامن مع وضعية الشد والجذب بين الحكومة التركية وإسرائيل منذ الحرب الإسرائيلية الظالمة على غزة العام الفائت، وما تبعتها من تداعيات، وصولاً إلى قضية إهانة السفير التركي في إسرائيل، وزيارة ايهود باراك الأخيرة إلى تركيا الذي لم يحظ بالاستقبال المنتظر من قبل الحكومة التركية، في حين أن المؤسسة العسكرية أعلنت بصورة شدّت الانتباه عن ترحيبها الحار بالزيارة.
تُرى هل حصلت المؤسسة العسكرية التركية من القوى الفاعلة دولياً على الإشارة الخضراء التي تبيح لها التحرك، وتطبيق خططها القديمة- الجديدة المعهودة؟ أم أن الموضوع برمته لا يخرج عن نطاق كونه مجرد استعراض لقوة مبنية على معادلات فاسدة لم تعد مجدية في ظروف المستجدات الكبرى التي شهدتها - ويمكن أن تشهدها- المنطقة والعالم.
والسؤال الآخر الهام في سياق التفاعلات المتسارعة في تركيا بالنسبة إلى معشر الكرد هو: ما الموقف من كل ما يجري ؟ هل ستستمر اللعبة ذاتها التي تتمحور حول انتظار تصريحات الزعيم الآتية عبر العسكر من خلال محامين يقومون بزيارات أسبوعية غامضة لا تستوجبها أية بواعث قانونية، ولا تتسق مع عقلية وتصرفات العسكر، وذلك بعد أن صدر الحكم النهائي غير القابل للطعن بحق موكلهم؛ تصريحات تتلقفها مجموعة المنتفعين المجهولين لتتحوّل إلى شعارات هلامية إيهامية تفرض على الناس؟ تُرى هل هي لعبة الكبار والكرد هم البيادق؟
ما يحدث راهنا في تركيا هو صراع عنيد بين الحكومة والمؤسسة العسكرية حول توجهات البلاد ومركز القرار.
حكومة منتخبة ديمقراطياً مستندة إلى أوسع قاعدة شعبية مقارنة بكل الحكومات التركية السالفة. حكومة حققت وباعتراف الجميع الكثير من الانجازات الكبرى على مختلف الصعد لا سيّما الاقتصادية والاجتماعية والسياسية منها؛ حكومة منفتحة على الداخل والخارج، تمتلك الجرأة والقدرة على مقاربة أخطر المسائل.
ومؤسسة عسكرية منغلقة على ذاتها وأسرارها الجهنمية؛ مؤسسة اتخذت من الكمالية يافطة كبرى تغطي تجاوزاتها وأساليبها الظلامية؛ مؤسسة ترى أنها الدولة الأعمق الثابتة، في حين أن الحكومات المتعاقبة ما هي سوى رتوش تزيينية أو مساحيق تجميل زائلة بزوال البواعث.
إنه صراع يومي، ينتقل من ساحة إلى أخرى، يشتد تفاعلاً وضراوة مع الوقت، بين طرفين يستقوي أحدهما بالشعب، في حين أن الآخر يستقوي بالدستور الكمالي المؤله، كل طرف يمتلك مشروعاً يعارض مشروع الآخر إلى حد التناقض. صراع لم تتحدد نهاياته بعد. مؤسسة الجيش تصبو نحو السيناريو الذي بدأنا به لكننا. والحكومة ترنو من جانبها نحو دمقرطة كل مؤسسات البلاد بما في ذلك الجيش.

لمن ستكون الغلبة في نهاية المطاف؟ هذا أمر ستتضح معالمه في قادم الأيام. ولكن في كل الأحوال فإن الموضوع بمجمله لا يستدعي ذكاء خارقاً، ليدرك المرء أن الحصيلة التي سيتمخض عنها الصراع الدائر حالياً في تركيا ستسهم إلى حد بعيد في رسم ملامح المنطقة بكاملها.



#عبدالباسط_سيدا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية: النجاح الخارجي مقابل القمع الداخلي
- حل المسألة الكردية في تركيا .. استحقاق كبير ...
- موقع السحر من العلم في بلاد ما بين النهرين
- ما هي الأسطورة: دراسة في المصطلح 2/2
- سورية: المشروع الوطني هو الحل
- ما هي الأسطورة؟
- الحرية للكاتب فاروق حاج مصطفى وسائر سجناء الضمير في سورية
- جائزة أوصمان صبري ومعاناة الشعب الكردي في سورية
- انتفاضة قامشلي المباركة في ذكراها الخامسة
- كمال مظهر باحث أصيل متجدد 2/2
- كمال مظهر باحث أصيل متجدد 1/2
- غزة: تأملات في مرحلة ما بعد العدوان
- تركيا بين التمزّق الداخلي والهاجس الإقليمي
- الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل -3
- الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل -2
- 1-الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل
- محاكمة نظام صدام في أجواء صدمة الإعدام
- اللهاث خلف السراب تكتيك سئمناه
- جهود مستمرة في مواجهة مأساة مستمرة
- حزب البعث: مؤتمر بائس وموقف حائر


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يرفع رسوم دخول الزوار إلى ثلاثة أضعاف قبل ب ...
- -عصير رمان وزيت زيتون-.. الرئاسة العراقية تعلق على هدية من ا ...
- نتنياهو يتهم حماس -بتجويع متعمَّد- للمحتجزين في غزة، وواشنطن ...
- أوكرانيا: الكشف عن مخطط فساد -كبير- في صفقات شراء طائرات مسي ...
- ريبورتاج: درعا تحتضن الفارين من معارك السويداء بجنوب سوريا
- نتانياهو يعبر عن -صدمة عميقة- بعد نشر حماس تسجيلات لرهينتين ...
- الكونغرس يقر تعيين مقدمة برامج سابقة في أبرز منصب قضائي بواش ...
- معظم حالات انتحار الجنود الإسرائيليين مرتبطة بالحرب في غزة
- مع مفاوصاتها النهائية.. هل تضع المعاهدة الدولية حدا لطوفان ا ...
- -الأكثر تأثيرًا في هذا القرن-.. شاهد كيف يُعيد ترامب تشكيل أ ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباسط سيدا - تركيا: المحكمة الدستورية في مواجهة الحكومة الشرعية