أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالباسط سيدا - غزة: تأملات في مرحلة ما بعد العدوان















المزيد.....

غزة: تأملات في مرحلة ما بعد العدوان


عبدالباسط سيدا

الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 06:00
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


السؤال المحوري الذي تتمفصل حوله راهناً مجمل المناقشات الجارية في المنطقة على مختلف المستويات - الرسمية منها والشعبية، فضلاً عن الإعلامية- هو: ماذا عن مرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي الغادر على غزة؟ العدوان الوحشي الذي طال البشر والحجر والشجر؛ ولم يراعِ أية حرمات أو محرمات، فدمّر الطفولة وبيوت العبادة والمؤسسات الإنسانية، إلى جانب البنية التحتية والمرافق الحيوية وغيرها....
ومن السؤال المحوري هذا تتفرع أسئلة عدة تبحث في تحديد المنتصر والمهزوم، المستفيد والخاسر، المرتقب والمنشود...الخ. إلا أن الأمر الذي لا جدال حوله في خضم كل هذه التساؤلات يتمثل في الصمود المنقطع النظير الذي أثبته الشعب الفلسطيني في غزة؛ كما يتشخص في المقاومة الباسلة من قبل مختلف الفصائل الفلسطينية على الأرض؛ هذا على الرغم من عدم وجود أية إمكانية للمقارنة بين إمكانيات الغازي المعتدي الهائلة، وتلك المتواضعة التي كانت في حوزة المعتدى عليه المقاوم.
ولكن مع كل هذا وغيره، يظل السؤال المحوري فاعلاً، وتبقى التساؤلات المبنية عليه مطروحة، وهنا يكمن لبّ الاختلاف والخلاف؛ إذ تتعدد الإجابات، وتميل التحليلات نحو هذا الطرف أو ذاك؛ كل يسعى لتأويل المسائل، وتقويل الأحداث، بما يتناسب مع تطلعاته وتخندقاته والتزاماته.
أما النظرة الموضوعية الهادئة، البعيدة عن التزمت أو التعصب لهذه الجهة أو تلك، فهي تكتشف بفضل حسها السليم أن ما جرى في غزة، وما سيترتب عليه لاحقاً، يدخل في إطار معادلات إستراتيجية كبرى تحدد ملامح المنطقة مستقبلاً؛ وفي إطار معادلات كهذه قد تبرز حسابات تكتيكية ربما أفادت إلى هذا الحد أو ذاك اللاعبين الفرعيين وحتى الثانويين أيضاً. فعلى الصعيد الاستراتيجي قد حققت حرب غزة - أو بتعبير أدق عدوان غزة- مكاسب كبرى لإسرائيل؛ وذلك من جهة ترسيخ الشقاق الفلسطيني، وتعميق الخلافات ضمن الصف الوطني الفلسطيني، الأمر الذي يقوّض مشروع الدولة الفلسطينية الواحدة في المدى المنظور؛ وهذا مؤداه - في حال عدم بروز جهد فاعل مثمر يرمي إلى توحيد الموقف الوطني الفلسطيني- تمزيق الكيان الفلسطيني الممزق أصلاً بين دويلتين هزيلتين، لا يمكن لهما الحياة من دون أجهزة إنعاش تتحكم بمفاتيحها إسرائيل وغيرها من القوى الإقليمية التي لكل منها مآربها ومصالحها.
كما أن العدوان ذاته قد حقق نجاحات كبرى لإيران التي تخلط قيادتها بخبث بين الدين والسياسة؛ فهي تؤجج النزعات الطائفية، وتركب الموجة الدينية، مستغلة عذابات الناس وآلامهم في ظل واقع دولي ظالم، وذلك لتحقيق إنجازات إستراتيجية كبرى لم تكن تحلم بها؛ فقد تمكنت بفضل من يزعم المقاومة في الإعلام، ويمارس المساومة في الغرف المغلقة من بعثرة إمكانيات توحيد الجهد العربي المهلهل في الأساس؛ وباتت الزعيم غير المتوج لجبهة من يُسمون بالمقاومين من العرب الرسميين، هؤلاء الذين آلوا على أنفسهم التضحية بآخر فلسطيني ولبناني وعراقي وغيرهم على مذبح الرغبة في البقاء على سدة القيادة، وذلك بموجب صفقات جديدة يمنون بها النفس مع مجيء الرئيس الأمريكي الجديد، صفقات تُعد بعيداً عن شعاراتها النارية الضبابية التي تسوّق لتعمية الناس واستنزاف الطاقات. ويبدو أن المبادرة - المفاجأة بالنسبة إلى الكثيرين- التي أقدم عليها العاهل السعودي في قمة الكويت الاقتصادية (19-20-2009) كانت محاولة لاحتواء الشرخ الحاصل ، وسعياً يرنو إلى قطع الطريق أمام أي إنجاز استراتيجي يخص اللاعب الإيراني. فقد حاول الملك عبدا لله - كما حاول الرئيس الفرنسي ساركوزي من قبل- الفصل بين النظام السوري وحليفه الإيراني؛ وتجاوز في هذا المجال الكثير من الاعتبارات الأساسية في السياسة السعودية. ولكن يبدو أن النظام السوري الذي يستمد قوته أولاً من تحالفه الاستراتيجي مع إيران، وثانياً من التزامه موقف "العدو" النبيل مع إسرائيل، لن يقامر سريعاً بالتخلي عن الإكسير الذي يمنحه الحياة في مواجهة الشعب السوري المغلوب على أمره بكل مكوّناته، هذا الشعب الذي فرض عليه النظام الحاكم الموت البطيء بقوة الأجهزة القمعية من دون غيرها منذ عقود طوال؛ لكن الأنكى من هذا وذاك أن النظام ذاته يتباكى على الشعب الفلسطيني في غزة، رافضاً له الموت البطيء المفروض عليه من قبل إسرائيل؛ مفضلاً عليه الموت السريع خدمة لإستراتجية الحليف الإيراني. فالنظام السوري يدرك تماماً أنه بتخليه عن أوراقه وتحالفاته الإقليمية، سيغدو مكشوفاً أمام الشعب السوري الذي يطالبه بالكف عن الاستبداد، والقمع، والفساد والإفساد، والنهب، والتسطيح، والاستخفاف بعقول الناس. كما أنه سيقف مكشوفاً أمام الشعب اللبناني الذي ارتكب في حقه كل الموبقات، وكان وراء الاغتيالات المنهجية التي شملت السياسيين والعسكريين ورجال الدين والمفكرين والصحافيين؛ وإلا فلماذا هذا الهلع من المحكمة الدولية القادمة؟ ولماذا هذا التماهي مع الحليف الإيراني الذي أساء للطائفة الشيعية الكريمة في لبنان والعراق قبل الآخرين، وذلك حينما اتخذها رهينة لمشروع تسلطي إقليمي لا مصلحة حقيقة للشيعة فيه الذين يظلون في نهاية المطاف أبناء أوفياء لأوطانهم الخاصة بهم.
أما اللاعب التركي، فهو الآخر له حساباته الإقليمية والداخلية. فالنظام التركي العضو الفاعل في حلف الناتو، والصديق الاستراتيجي لإسرائيل - حتى أنه كان قبل الحرب بأيام على مشارف تتويج جهوده كراعٍ مقبول من الطرفين في ميدان انجاز صفقة بين إسرائيل والنظام السوري- ارتأى أن يستكمل دوره الإقليمي عبر التحرك في مختلف الاتجاهات، ليكون شريكاً "فوق العادة" في أية معادلات إقليمية قادمة. أما على الصعيد الداخلي، فقد تمكن النظام المعني من استغلال التعاطف الشعبي العارم في تركيا مع محنة الفلسطينيين من سكان غزة في مواجهة المؤسسة العسكرية المنافسة؛ وهو يستعد للامتداد إلى العديد من البلديات الكردية المحورية في الانتخابات المحلية القادمة (آذار/مارس 2009) مستغلاً في ذلك التأييد الكردي الراسخ للقضية الفلسطينية العادلة، التي تتشابه ملامحها، وتتقاطع خطوطها في أوجه كثيرة مع القضية الكردية.
بقي أن نقول: أن ما يواجهه الشعب الفلسطيني راهناً ينذر بالعواقب الوخيمة، ما لم يتم تدارك الأمر بإرادة فلسطينية وطنية، تحافظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل الذي ناضل من أجله طويلاً الراحل ياسر عرفات؛ وتحمّل في سبيله الحصار تلو الحصار، والتهديد بعد التهديد - خاصة من ممانعي اليوم- لكنه رفض التنازل بالمطلق حتى الرمق الأخير، هذا على الرغم من أخطاء الرجل التي لا مجال لتناولها هنا.
لقد ارتكب الطرفان الرئيسان في الصف الوطني الفلسطيني (فتح وحماس) أخطاء كثيرة، بالإضافة إلى أخطاء الأطراف الأخرى؛ لكنها أمور تُترك مسألة البت فيها لأصحاب القضية أنفسهم ( فأهل مكة أدرى بشعابها) كما يُقال. أما أن يظلّ أصحاب القرار في حماس قابعين في دمشق، فهذا ما لم ولن يحل الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني؛ كما أنه كان - وسيكون- موضع الامتعاض السوري الشعبي الذي مازال يمتلك قدرة تمييزية سليمة، تدفع به نحو التساؤل عن سر وجود قيادة حماس في دمشق في ضيافة الزمرة المهيمنة بالقوة على سورية دولة ومجتمعاً، الزمرة التي غيّبت المجتمع السوري بكل انتماءاته منذ عقود، بقوانين مفصّلة كيدية، وضعتها الأجهزة القمعية أصلاً، وذلك لتمنح ذاتها صلاحية مراقبة كل شاردة وواردة، والتحكم بكل صغيرة وكبيرة تخص المواطنين السوريين الأفراد؛ قوانين تحكم بالإعدام على كل من ينتمي مجرد الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية، واخرى تفرض حصاراً على المناطق الكردية السورية لا يقلّ شأناً وتأثيراً مدمراً عن ذاك المفروض على غزة، بل ربما أشد إيلاماً. ففي غزة توجد على الأقل منظمات إغاثة إنسانية أممية، وجهود دولية فعلية تضغط على إسرائيل لتمرير المساعدات بين الحين والآخر؛ في حين أن الحصار الفعلي غير المعلن على المناطق المعنية، إلى جانب حالات السطوة والنهب والإفساد التي تمارسها الأجهزة الأمنية والحكومية بصفة عامة، تهدد الناس بموت بطيء اعترف الرئيس السوري قبل غيره بأنه أصعب من الموت السريع.
تُرى هل تستوي المعادلة إذا كان خالد مشعل وموسى أبو مرزوق ومحمد نزّال وغيرهم من قيادات حماس في دمشق؛ بينما فداء حوراني ورياض سيف وكمال اللبواني وميشيل كيلو ومشعل تمو وأنور البني وغيرهم من طلاب الحرية السوريين في سجون حاكم دمشق؟ سؤال نترك مسألة الإجابة عنه للأخ خالد مشعل وهو الخبير بالمعادلات الرياضية...



#عبدالباسط_سيدا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا بين التمزّق الداخلي والهاجس الإقليمي
- الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل -3
- الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل -2
- 1-الشرق الأوسط: معادلات الراهن واحتمالات المستقبل
- محاكمة نظام صدام في أجواء صدمة الإعدام
- اللهاث خلف السراب تكتيك سئمناه
- جهود مستمرة في مواجهة مأساة مستمرة
- حزب البعث: مؤتمر بائس وموقف حائر
- كردستان العراق: ضرورة تجاوز العصبية الحزبية إلى المؤسساتية ا ...
- حول خلفية وطبيعة موقف حزب البعث من المسالة الكردية
- إلى الانتخابات أيها العراقيون من أجل ألاّ يتحكّم صدام آخر بر ...
- الحضور الكردي القوي في الجمعية الوطنية القادمة ضمان لوحدة ال ...
- المعارضة السورية وضرورة الاعتراف بالوقائع
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - أهمية الاعتراف ...
- تفييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغيييب الوعي وأسطرة المزيف في الإعلام العربي - شرعنة الإرهاب
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - 1
- الإعلام العربي: واقع... وآفاق
- لنتضامن مع الدكتور الشهم عارف دليلة وسائر النبلاء


المزيد.....




- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...
- طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
- مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو ...
- احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالباسط سيدا - غزة: تأملات في مرحلة ما بعد العدوان