أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالباسط سيدا - المعارضة السورية وضرورة الاعتراف بالوقائع















المزيد.....

المعارضة السورية وضرورة الاعتراف بالوقائع


عبدالباسط سيدا

الحوار المتمدن-العدد: 1067 - 2005 / 1 / 3 - 09:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تواجه المعارضة السورية على اختلاف انتماءاتها وأطيافها في يومنا هذا معادلة معقدة تتسبب في تباين الآراء وتخبط المواقف. والمعارضة المعنية هنا هي تلك الفعلية التي تتمثّل بمستويات متفاوتة واقع وآفاق الشعب السوري بسائر أبعاده ومكوناته. أما المعارضة الرسمية التي ارتضت لذاتها منذ زمن بعيد أن تكون جزءاً منفعلاً من الجهاز الحاكم، فهي تظل خارج اطار الحسابات، وذلك وفق ما يبدو في الأفق المنظور على الأقل، فهي ضعيفة لاتمتلك امتيازات الحكم، وتفتقر في الوقت ذاته التأييد الجماهيري الحيوي الذي كان من شأنه مدها بأسباب القدرة على الفعل والمناورة. المعارضة الفعلية التي يتمحور حولها الحديث هنا تتكون من جملة القوى السياسية السورية القومية منها والعلمانية والدينية، هذا بالاضافة إلى القوى الشعبية التي تفصح عن ذاتها أحياناً عبر عمليات التبرم والشكوى والنقد، وتلوذ غالباً بالصمت المتابع المترقّّب.
إن المعادلة المبهمة التي تقف أمامها المعارضة السورية راهناً حائرة مترددة، تتمثّل في مأزق الاختيار الصعب بين بديلين غير مرغوبين: بديل السلطة وبديل التدخل الخارجي. فالسلطة التي لاتستحوذ من حيث الأساس أي شكل من أشكال المشروعية، قد أخفقت في جميع المهام التي أعلنتها هي بذاتها لذاتها أهدافاً كبرى، طالما كفًّرت المعارضين لتسلطها تحت شعارها، وسنت القوانين لاجتثاثهم؛ ويشار في هذا السياق على سبيل المثال إلى أهداف: التحرير والتنمية والعدالة الاجتماعية والحريات سواء العامة منها أو الخاصة. وهذه السلطة عوضاً عن أن تتنحى، أو أن تحتكم إلى الرأي الصريح للشعب عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة تحت اشراف دولي محايد، وذلك اسوة بالعديد من الأنظمة الوطنية التي تحترم شعوبها في عالمنا الفسيح، نجدها في سعي محموم تتسابق مع الزمن من أجل الاحتفاظ بما استولت عليه من دون وجه حق؛ وهي تطرق جميع الأبواب المباحة وغير المباحة؛ تبدي باستمرار عن رغبتها في التفاهم مع الجميع ما عدا شعبها. كما انها تعمل جاهدة من أجل التحاور مع القطب الكوني عبر الوسطاء الأشقاء والأصدقاء وربما غيرهم؛ تنسّق الجهود مع القوى الاقليمية، وذلك تهرباً من الاستحقاقات، ورغبة في استمرار عملية الاغتصاب الشمولي التي أفقدت الشعب الضحية حتى الكرامة الانسانية. والأنكى من هذا وذاك هو استغلالها البشع لواقع التعدد والتنوع الذي يتميز به النسيج السوري على الصعيدين القومي والديني. فهي تسوّق مفاهيم التعصب والانغلاق والريبة، وذلك لإلهاء الناس وإشغالهم بقضايا تفرّق الصفوف وتشتت الطاقات، الأمر الذي يؤدي إلى استمرارية تفرّدها باسباب القوة والهيمنة.
إن هذه السلطة التي تعتمد التهديد الخارجي أداة لترويع الداخل هي عينها التي نسقّت مع الخارج الأمريكي تحديداً وقاتلت تحت رايته، وتبذل كل الجهود من أجل التحاور والتفاهم معه، إذا كان ذلك يمنحها فرصة الاستمرارفي التحكم برقاب العباد ومقدرات البلاد.
أما التدخل الخارجي فهو الآخر مستبعد غير محبذ من قبل مختلف فصائل المعارضة السورية، وذلك لاعتبارات عدة أهمها ازدواجية المعايير في تناول قضايا المنطقة من قبل الخارج الأمريكي المهيمن. فمشروع هذا الأخير المعلن بخصوص نشر الديمقراطية يطرح أكثر من اشارة تساؤل وتوجس، خاصة على صعيد صمته المطبق في مواجهة السياسات الظالمة التي تتبعها اسرائيل بشكل يومي ضد الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية. كما ان ذاكرة شعوب المنطقة مازالت تحتفظ بصور قاتمة عن المرحلة الاستعمارية التي شهدتها حتى الوقت القريب، الأمر الذي يثير الحفيظة والتوثب.
إن التساؤل الذي يؤرق المرء أكثر من غيره يتمحور حول البواعث التي تدفع بقوى المعارضة السورية إلى وضع الشعب أمام بديلين فاسدين بالمعنى المنطقي: إما صفقة مع النظام في الداخل؛ أو تفاهم وتحالف مع الخارج الأمريكي تحديداً. هذا في حين أن البديل الوطني الديمقراطي غائب او بالمعنى الأصح مغيّب. فالطاقات الهائلة الكامنة لدى شعبنا السوري العزيز بمختلف انتماءآته القومية والدينية والسياسية تهمش وتستبعد، بل تخضع لعملية تقزيم وتشويه مبرمجين. إن هذه الطاقات بدلا من أن تتواصل وتتفاعل افقياً وعمودياً، الأمر الذي من شأنه - فيما لو تحقق - تعزيز الوحدة الوطنية بالأفعال لابالشعارات كما نشهد ذلك اليوم، وحدة يرى فيها الجميع مصدر الاستقرار وملاذ الأمان. وحدة تحترم الحقوق وتستمد مشروعيتها من التنوع والتباين في إطار الحاضنة االكبرى التي تستوعب الجميع، وتتمتع بحصيلة التمازج والتآلف بين أطياف الموشور السوري الذي به نعتز ونتباهى.
إن المعادلة التي تواجهها المعارضة السورية بمستوياتها المختلفة من سياسية وثقافية واجتماعية وغيرها.....ستكون مستحيلة الحل ما لم تعط متغيرات المجتمع السوري قيمها الحقيقية التي تعكس طبيعة الواقع في تنوعه الفعلي وتعدده المعاش. فهذا المجتمع شئنا أم ابينا يتالف من مكوّنات عدة تشكل بتفاعلها وتلاحمها النسيج الوطني. انه مجتمع يضم العرب ( القومية الأكبر من جهة العدد ) ، والكرد ( القومية الثانية ) ، بالاضافة إلى الأقليات القومية مثل: السريان والكلدان والشركس والأرمن والآشوريين والتركمان والشيشان ........الخ. كما انه يضم المسلمين السنة ( المذهب السائد ) فضلاً عن أتباع المذاهب الأخرى مثل العلويين والدروز والاسماعليين والشيعة وربما غيرهم.... هذا إلى جانب معتنقي الأديان الأخرى كالمسيحيين بمذاهبهم المختلفة، واليزيديين وغيرهم. من جهة اخرى، يحتوي المجتمع ذاته مختلف التيارات السياسية من قومية وعلمانية ودينية، يسارية وليبرالية ومحافظة.
إن الاقرار بالواقع القائم، واحترام الخصوصيات، وجعل الولاء للوطن هو القاسم المشترك بين الجميع؛ كل ذلك يقطع الطريق أمام الشوفينية القومية والطائفية المذهبية، ويسهم بصورة أكيدة في تضافر الجهود وتفتق الطاقات الابداعية في مصلحة الوطن وأهله من دون استثناء. أما أن تحاول فئة معينة استجابة لنزوعها السلطوي فرض اللون الواحد عبر عملية منظمة، ترمي إلى استبعاد الآخرين والغائهم. وذلك باعتماد وسائل واجراءات اضطهادية لاتتوافر فيها أدنى درجات المعقولية والمشروعية، فهذا سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تراكمات وردّات فعل لدى الآخرين، تكون بمثابة دفاع عن النفس. ولعلنا لانختلف كثيراً حول ان الظروف الاقليمية والدولية الحالية، والموازين والمضامين الجديدة لمفاهيم السيادة والشؤون الداخلية وغيرها، قد باتت تسمح أكثر من ذي قبل بامكانية الإفصاح عن الظلم المحلي والتواصل مع المنظمات الدولية بغية نقل الشكوى اليها ووضعها أمام مسؤولياتها الإنسانية. فالأبواب لم تعد موصدة كالسابق خاصة في عالم الفضائيات والانترنيت وتداخل المصالح والاهتمامات. لقد كانت السياسات القمعية تسوّغ سابقاً تحت يافطة مقتضيات المصلحة الوطنية؛ في حين أن المساءلة الخارجية لم تكن مطروحة انسجاماً مع مبدأ السيادة الذي بات راهناً موضع تساؤل. لكن الظروف قد تغيّرت، ولم تعد أساليب الهيمنة والكبت وفرض وجهات النظر ذات جدوى في بناء الوحدة الوطنية، بل انها لم تكن كذلك في يوم من الأيام. إن الوحدة الوطنية بين الأطياف المختلفة تتحقق بالتفاهم والاحترام والاعتراف بالحقوق ومراعاة الخصوصيات....... والمسؤولية الأكبر تقع في هذا السياق على عاتق الطرف القادر الذي يستطيع أن يجذب الآخرين بمآثره الطيبة، وتوجهاته وأفعاله التي تنشد خير الجميع. كما ان هذا القادر نفسه يستطيع في الوقت عينه أن يفعل العكس، ويتسبب في تهديد الوحدة الوطنية التي يدّعي صيانتها ويزعم المحافظة عليها بأي ثمن.
لكن اللافت للنظر في هذا الموضوع برمته هو أن مجموعة من فصائل المعارضة نفسها تستلهم بوعي أو من دونه المنظومة المفهومية السلطوية ذاتها، لتتبنى هي الأخرى قيم الإبعاد والإلغاء وعدم الإعتراف، الأمر الذي يثير أكثر من علامة تعجب واستفهام حول مدى مصداقيتها وحدود نجاحها. فإذا كانت اللغة الاستعلائية؛ والتجاهل المتعمد لواقع وطبيعة الخصوصيات؛ بالإضافة إلى ضبابية المواقف وهلاميتها، اذا كان كل ذلك يمثل أدوات المنهجية المعتمدة بصورة أساسية من قبل هذه الفصائل وهي ما زالت في صفوف المعارضة؛ فكيف ستكون عليه الامور فيما لو باتت في موقع القرار مستقبلاً.
إن العقلانية التي تنطلق من الواقع العياني وليس الذهني الرغبوي مطلوبة من الجميع، لانها هي وحدها الكفيلة بإيجاد محاور التفاهم والاتفاق، أما النزعات الشعاراتية بأسمائها وألوانها المتعارضة والمتناقضة فإنها لم ولن تؤدي إلا إلى المزيد من التعمية والفرقة والتباعد..........
29-12-2004



#عبدالباسط_سيدا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - أهمية الاعتراف ...
- تفييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغيييب الوعي وأسطرة المزيف في الإعلام العربي - شرعنة الإرهاب
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - 1
- الإعلام العربي: واقع... وآفاق
- لنتضامن مع الدكتور الشهم عارف دليلة وسائر النبلاء


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالباسط سيدا - المعارضة السورية وضرورة الاعتراف بالوقائع