أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جان كورد - مقدمة لمشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا - 3















المزيد.....

مقدمة لمشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا - 3


جان كورد

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(3)
‏ ‏الأحد‏، 17‏ كانون الثاني‏، 2010
بعد أن تطرّقنا إلى شروط وأشكال وتطبيقات الحكم الذاتي، ومدى ترسيخه في أساس عصبة الأمم وميثاق منظمة الأمم المتحدة، في مقالين سابقين، ننتقل في هذا الجزء الذي بين أيدينا إلى موضوع السيادة والاستقلال الذاتي والمالي وكذلك الرقابة على ادارة الحكم الذاتي، والعلاقة بين المركز واقليم (منطقة الحكم الذاتي)، وبذلك نكون قد أحطنا -إن شاء الله- بالفكرة عامة وبشكل مبسّط مفهوم...
ترجع أصول مفهوم "السيادة" إلى عصور سحيقة في التاريخ، ولقد ذكرها الفيلسوف أرسطو الاغريقي تحت اسم "السلطة السامية للدولة". وفي حين اعتبرالفرنسيون الملك صاحب السيادة والسمو، فإن بعض الخبراء السياسيين الأوروبيين اعتبروا "ارادة الأمّة" التي تفرض نفسها في الدولة هي السلطة العليا، ولا توجد سيادة أعلى من القوة الداخلية للدولة، والتي هي ارادة الشعب.
أما الروس فاعتبروا "السيادة" التي تعني "استقلال الدولة بذاتها وعدم التزامها إلاّ بارادتها الذاتية"، هي خاصة مميّزة للدولة وعنصر أساسي في قيامها...ولكن يمكن أن تكون هناك سلطة سياسية ما دون سيادة، كأن تفرض حركة مسلّحة نفسها على بقعة واسعة من البلاد، وتمارس سلطتها السياسية دون أن تكوّن دولة، فالسيادة مقترنة بالدولة وحدها.
وأضاف المفكرون الأمريكيون إلى ذلك بأن الدولة لا تتخلّى عن سيادتها، وبتخليها عن سيادتها تفقد حقها في البقاء كدولة، وعلى الرغم من أنّ الدولة المانحة لاقليم ما الحق في ادارة ذاته (فيدرالياً أو بحكم ذاتي) تخسر جزءاً من سيادتها المطلقة، إلاّ أن الأصل في السلطة العليا والسيادة يبقى في الدولة كعنصرأهم من عنصري امتلاك الأرض وحكم الشعب.
هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فقد تولّت بعض الأقاليم التي كانت مستعمرات بريطانية أو فرنسية سابقة، بنفسها مهمة تمثيل نفسها في معاهدات دولية أو في الانضمام إلى عصبة الامم أو في ارسال مفوّضين لها إلى عواصم لدول كبرى، باستشارة أو بدون استشارة المندوبين السامين للدول المستعمرة. ونعني بذلك تلك الأقاليم التي كانت السلطة السياسية فيها مسيطرة جيداً على أراضيها وحاكمة لشعوبها عملياً...وبحسب المادة (1) من ميثاق لاهاي (1949) فقد انتقلت السيادة من المملكة الهولندية على أندونيسيا انتقالاً كاملاً دون قيود أو شروط إلى الشعوب الاندونيسية، وتنازل الفرنسيون عن السيادة في مستعمرتهم تونس بموجب بروتوكول عام 1956، كما تنازل الانجليز من قبل للعراق عن كثير من الامتيازات والصلاحيات التي مهّدت الطريق فيما بعد لحصوله على السيادة الوطنية...
وحيث أن ميثاق الأمم المتحدة يتضمّن توصيات صريحة بضرورة دعم الحكم الذاتي بهدف تأمين حرية الشعوب، لذا لا يمكن القول بأن شعباً أوجد السلطة السياسية لحكم ذاته يسمح لغيره بالسيادة على أراضي اقليمه الخاص، ولذا فإنّ السيادة الكاملة على الاقليم ذي الحكم الذاتي، لابّد وأن تنتقل – من حيث التطبيق العملي- إلى الشعب الذي يعيش في الاقليم، وعملياً إلى ممثليه ومؤسساته، وأن يزول التناقض الموجود بين مفهوم "السيادة للدولة المركزية" وبين التطبيق العملي لهذه السيادة في الاقليم. وهذه المشكلة نراها بوضوح في الموضوع الشائك للعقود البترولية لاقليم كوردستان العراق مع الشركات الأجنبية مباشرة.
ولاتزال هناك تناقضات كبيرة عالقة في شأن "السيادة" تثيرها خلافات الفقهاء القانونيين باستمرار....
الحكم الذاتي حل وسط بين سياسة الدول المركزية، ومبدأ الحرية الكاملة للشعوب، ويتطلّب أن تكون لسكان الاقليم إدارة مستقّرة (سلطة سياسية) وأن يكونوا قادرين على صون سلطتهم تلك وحماية اقليمهم وأنفسهم فيه، وأن تتوافر لديهم الأموال الكافية لادارة أنفسهم، وبناء مشاريعهم وتسديد مصاريف موظفيهم وتعليم أولادهم وحفظ صحتهم وتطويرثقافتهم، فالحكم الذاتي في الحقيقة "كيان سياسي" وليس مجرّد تركيبة ادارية بحتة لأنه لايعني مطلقاً تنظيف الشوارع المحلية وتطوير البلديات فقط، وانماهو لون من العمل السياسي الدؤوب الذي يؤكّد على الشخصية المتميّزة لسكان الاقليم قومياً أو دينياً... وعليه تكون لاقليم الحكم الذاتي هيئات ذات طابع سياسي هي (مجلس تشريعي، وسلطة تنفيذية، وهيئة قضائية) (ونقول بصوت عال اقليم كردستان سوريا لوجود ثلاث مناطق كردية، فتعبيرالاقليم ينطبق على هذا الوجود بشكل أفضل)، وعلى الرغم من أن بعضهم يفسّر هذا على أنه "أساس لدولة مستقلّة حرّة"، فإنّ الحكم الذاتي مختلف عن "الاستقلال" كونه تطبيق لامركزي داخلي في الدولة، وله علاقات محددة دستورياً بمركز الدولة القائمة، وتخضع هيئاته الثلاث لرقابة من قبل السلطة المركزية، يحدد شروطها وأساليبها وصلاحياتها دستور البلاد.
إنّ الهدف الأساس من تطبيقات الحكم الذاتي الداخلي في دول الاتحاد السوفييتي وايطاليا واسبانيا هو "حماية جماعة بشرية – عرقية أوقومية- تعيش على بقعة أرض معيّنة في البلاد..." لذا يجب القول بأنّ مفهوم الحكم الذاتي مرتبط أصلاً بالحق الطبيعي للجماعات البشرية المهددة وصون لوجودها، كما هو مرتبط بالأرض التي تعيش عليها. وعليه فمن الضروري توحيد المناطق الكردية الثلاث ادارياً في سوريا على شكل اقليم واحد، مثلما يناضل الفلسطينيون من أجل بناء "دولة مستقلة" على أراضي منطقتي "الضفّة الغربية وغزّة"، حيث الغاية من الحكم الذاتي في حال الكرد السوريين ومن الدولة المستقلّة في حال الفسطينيين هي حماية هاتين الجماعتين القوميتين وضمان حياتهما القوميةعلى بقعة الأرض التي تطالبان بها.
المادة 84 من دستور الاتحاد السوفييتي لعام 1977 كانت تنصّ على أنه لا يمكن اجراء أي تعديل في حدود الجمهورية ذات الحكم الذاتي إلا بموافقتها، والمادة (2) من الدستور الاسباني لعام 1978 تنصّ على اعتراف الدستور بحق القوميات ومناطقها في الاستقلال الذاتي... ولذا فأي تصرّف عشوائي فوقي من قبل السلطات المركزية لصالح الغاء أو تقزيم أو تفتيت أو استيطان المناطق (الاقليم) الذي تعتبره القومية المطالبة بالحكم الذاتي أراضي شعبها تاريخياً وجغرافياً، يتعارض مع مفهوم حماية الجماعة البشرية – العرقية أو القومية- وخصوصياتها واستقلالها الذاتي تماماً.
أمّا الاستقلال الذاتي لاقليم الحكم الذاتي فيعني ببساطة تمتّع هيئاته بالحرية الكاملة في ممارسة صلاحياتها التشريعية والتنفيذية والقضائية في ظل تشريع لامركزي،اداري وسياسي، في نظام الدولة المركزية، والانتخاب هو الشرط الأساس لتولّي أفراد اقليم الحكم الذاتي وظائفهم في الهيئات العليا التي تدير شؤونهم، أي لا يجوز أن تفرض السلطة المركزية من تريد في الاقليم ذي الحكم الذاتي، كما فعل نظام حسين وتصرّف باستمرار حيال منطقة الحكم الذاتي لكردستان العراق منذ البداية حتى انتفاضة عام 1991 التي أنهت وجود ادارته في الاقليم تماماً...
الاستقلال الذاتي للاقليم يعني أن يكون الانتخاب أساساً في نظام الحكم الذاتي، لا التعيين من علٍ، وأن تكون للاقليم هيئاته التي تمارس اختصاصاتها بحرية وأن يكون للاقليم استقلاله المالي الناجم عن استغلال ثروات الاقليم ووضع سياسة ضريبية خاصة به والمعونات التي يتلقاها الاقليم من المركز ومن الهيئات الدولية المهتمة بصون الأقليات ثقافياً... فسكان الاقليم هم مواطنون للدولة المركزية ووظيفة دعمهم في التمتّع بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والصحة والثقافة الخاصة تقع على عاتقها أيضاً كما هي الوظيفة الأساسية المباشرة لهيئات الحكم الذاتي.
ولا حاجة للتفصيل هنا في صلاحيات هيئات الحكم الذاتي لأن ذلك يقتضي نقاشات واسعة ودراسات تفصيلية، إلاّ أن المهم هو انتخاب هذه الهيئات في حرية وديموقراطية فالأصل في ذلك هو منح الفرصة للشعب المهدد وجوده القومي للتمتّع بحقه في الحرية عملياً وليس على الورق، وفي حلوق المثقفين أو في بيانات الأحزاب وبرامجهم.
أما الرقابة المركزية على الاقليم، وهي ضرورية لضمان سير عمل هيئات الحكم الذاتي بشكل سليم، فالغرض منها تقوية وحماية التكامل السياسي الوطني في الدولة المشتركة، وضمان تنفيذ مفهوم الحكم الذاتي جيداً، صون حق المواطن في الحياة الديموقراطية ونيل حقوقه الاقتصادية والثقافية والسياسية وتمتّعه بالأمن الصحي والغذائي، وتطوير المشاريع والمؤسسات لتساهم إيجابياً في تطوير العلاقة بين مواطني الاقليم وتعزز الارتباط الطوعي بين سائر انحاء الدولة، ولكن هذا لايعني التدخّل السافر في الشؤون الخاصة اليومية للاقليم بهدف تطويع كل شيء حسب نزعات وطموحات أعداء مفهوم الحكم الذاتي .
هذا الاشراف المركزي يتمثلّ في الرقابة القضائية والمالية والصحية والبيئية والعمرانية ويجب أن تتم الرقابة المركزية وفق مواد الدستور الذي عليه التأكيد في الوقت ذاته على الاستقلال الذاتي للاقليم ذي الحكم الذاتي، وتحديد العلاقات بين هيئات الاقليم والنظام المركزي بصورةإيجابية وفعّالة لاعلى أساس (الأقوى فيه يسيطر على الأضعف)، حيث الهدف من هذه اللامركزية الادارية – السياسية تحقيق العدالة في الوطن المشترك وحماية القومية الساعية إلى حكم ذاتها حسب المعاهدات الدولية في حدود الدولة الموّحدة التي لاتريد الانفكاك عنها...
آمل أن أكون قد تطرّقت بهذه المقالات الثلاث المتتالية إلى الاسس التي بني عليه مفهوم الحكم الذاتي، وأن تعتبر مساهمة متواضعة مني في وضع مقدمة "تمهيد" لمشروع الحكم الذاتي الكردي في غرب كوردستان (شمال سوريا)، وسأكون سعيداً بقراءة تعليقات القراء وآراء المثقفين والسياسيين المهتمين، كرداً وسوريين وعرباً، بهذا الطرح الذي اتخذ صيغة قرار سياسي صادر عن مؤتمر حزبي كردي سوري أو مؤتمري حزبين لهما على الأقل.



#جان_كورد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة لمشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا - 2
- مقدمة لمشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا
- نحن الكورد والذئاب التركية والمثقف العربي
- مقابلة مع المعارض السوري : الدكتور فاضل الخطيب
- حركة -اللاعنف السياسي- الكوردية (2)
- حركة -اللاعنف السياسي- الكوردية -1
- الإعلان عن تأسيس المجلس السياسي الكوردي في سوريا خطوة هامة ف ...
- المعارضة السورية والزعامات الكوردية
- حوار مع معارض سوري
- طرح الافضل للكورد في سوريا
- أوباما إلى أين؟
- أوقفوا حملات الاعتقال المتكررة ضد كوادر الحركة السياسية الكو ...
- 17 أوكتوبر، أكانت ثورة عملاء؟ (*)
- سوريا والجفاف السياسي
- الشخصية الكوردية في الأدب والسياسة والأمثال الشعبية
- حوار مع صديق الشعب الكوردي الدكتور منذر الفضل
- حوارات سورية - 2
- حوارات سورية - 3
- منهج العودة إلى الأصل
- هل يقع الاخوان المسلمون السوريون في الفخ الايراني؟


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جان كورد - مقدمة لمشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا - 3