أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - شجرة الزقوم














المزيد.....

شجرة الزقوم


زكية خيرهم الشنقيطي

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 19:45
المحور: الادب والفن
    


شجرة الزقوم
قصة قصيرة
بقلم زكية خيرهم الشنقيطي

عندما وصلت القافلة إلى تلك المنطقة لم أكن حينها أعرف أنها بلد شمس منتصف الليل. الغريب أننا حين وصلنا كان الوقت ظهرا ، وبعد الظهر بساعات كانت الشمس مازالت ساطعة. سألت أحد مواطني البلد عن الساعة فقال: التاسعة ليلا. لم أكن أستطع أن أصدق أول الأمر. أيعقل أن تبقى الشمس ساطعة إلى هذا الوقت الذي يقترب من منتصف الليل في بلادنا ، والجو دافئ في هذا الوقت من الليل. تعجبت من حكمة الخالق وفي هذه الأرض التي لم يسمع بها أهل بلدي ولا عن شمسها. سمعت عن منطقة في شمال غرب البلد وعن كرم أهلها وطيبتهم، فقررت أن استقر هناك. اشتريت بيتا بين الجبال الشاهقة وبين السهول والوديان واخضرار في كل مكان وزرقة السماء من فوق جنة الله في الأرض. كان بجواري ثلاث منازل تناثرت على أطراف تلك المنطقة الشاسعة. نادرا ما كنت أرى سكانها رغم أن علاقتي توطدت بهم. كان كل شيء جميلا في ذلك الصيف الجميل. زقزقة العصافير تغني للصباح، وغروب الشمس الذي لا يستطيع مغادرة المكان حتى في الليل. مياه الأنهار يسمع خريرها محدثا أيقاعا في الروح، ، وزرقة تلك السماء التي توحي بسلام المنطقة وهدوئها. كانت الطبيعة متناغمة بشكل ساحر، يبهر الروح وينعشها، ماذا يحتاج الانسان إلا هدوء البال والطمأنينة. كل شيء كان رائعا إلى أن حل فصل "الصقيع"،فتغير كل شيء. اختفت الشمس كليا، فلم نعد نرى إلا ظلاما في ظلام. سواد حالك في الليل والنهار، وبرد يدخل العظام وينخرها. أمكث في البيت طويلا أخشى الخروج إلى الظلام، وحين كنت أطل من نافدة مطبخي كنت أرى زمهريرا يأتي من ناحية ذلك البيت الشاحب اللون كالموت، تتوسط حديقته شجرة منكوشة مجهولة لم أر مثلها من قبل، لم تكن موجودة في ذلك الصيف الجميل. شكلها قبيح مخيف. لماذا تخيفيني فقط انا وحدي، يبنما غيري كان يراها عكس ذلك. أهي الأذواق التي تختلف أو أن الطيور على شاكلتها تقع. أصبح هذا الفصل يرتدي شقاء خفيا، تقمعه لعنة الغضب ودموع غزيرة تسجنها الذاكرة. أصبحت الليالي كلها متشابهة يدثرها طوفان من السواد القاتم. ورائحة نتنة تغطي المكان، تدخل أنفي وتجمد أنفاسي.

لم أعد أستطيع أن أذهب إلى عملي. في الصباح مازال الظلام يخيم على المنطقة وفي المساء أيضا يدثر بردائه الأسود المكان. حاولت أن أن أرى النور في ذلك السواد الدامس، لم استطع، سواده يطغى وتلحقه كوابيس تخيفني. تزرع أشباحها في جوف الليلة بعد الأخرى.
يا إلهي، كيف سأذهب إلى عملي من هذا الطريق الذي يطل على ذلك البيت الشاحب المخيف بشجرت وهي
تصيبني بالرجفة والشلل. ذهبت إلى البيت الثاني، عند جاري الذي كان يبعد عني بمسافة ثلاثين دقيقة مشيا عن الأقدام. أخبرته عن استيائي.
ضحك وقال:
- فقط تهيؤات... ذلك البيت الذي تمرين عليه إلى عملك من أجمل وأرقى بيوت المنطقة، أما تلك الشجرة التي تخيفك فهي من اشجار عدن، شكلها يبهر العين، نبتها من جنة، ثمرها يملئ البطن وورقها ...
قاطعته وأنا مذهولة لذلك الوصف المرتجل كذبا.
- يا سيدي، لكنني …
كان يقهقه عاليا، ولا أدري إن كان يضحك عن "وهم" أو مرض نفسي اعتراني كما ادعى، وأنني أحتاج لطبيب نفسي أو أنه يكذبني رغم حقيقة تلك الشجرة الزقوم.
- لكن، أقسم لك، أن ما تقوله عن تلك الشجرة ليس حقيقيا. إن طولها أقل من نصف متر.
- إذا فهي ليست شجرة الزقوم كما تدعين.
- لكن، شكلها مخيف. لم أعد أستطيع المرور من هناك. أفكر في الرحيل من هذه المنطقة.
- لا، لا، أيتها الجارة الطيبة، إن تلك الشجرة لفتنة تسري القلب وتنعشه، طلعها كأنه ريش الحمام.
- ريش الحمام؟
اقترب مني، ابتعدت بخطوات إلى الوراء … وقفت أرتجف من ذلك الظلام الذي كان حواليه.
- لا أنت ولا جيرانك هناك يمكنهم الاستغناء عن تلك الشجرة.
- أرجوك، لا تكمل كلاما هراء. أنا لم أتذوق ثمارها ولن أفعل. إنها تقطع الأمعاء، ورائحتها نتنة ما أن تصل بيتا إلا وتفسده بأريحها المتعفن. ماء ثمارها يزيد من النار نارا ويجعل البطن من حميم.
غضب مني وكأنني أذيت له عزيزا. تغيرت نظرة الأشياء وأصبح الحق باطلا والباطل حقا، اصبح القصدير الذي يلمع ذهبا والذهب قصديرا. ضاع الحق في تلك الأرض "الجحيم" بعدما كانت جنة، تغيرت إلى نار تلسع سما بعدما ظهرت تلك الشجرة الزقوم. لا أحد يريد أن يصدقني. حتى الذين كانوا يترددون على تلك المنطقة ويجترون أوراقها النتنة، تقتلهم مرات كل يوم ومازالوا يأكلون منها. التفت إلى جاري بعد طول الحديث.
- لا أستطيع المكوث هنا قرب هذه الشجرة الملعونة. إنها فتنة لكم أنتم فقط. لا أرى سوى أغصان من شياطين. يتدلى من جذعها فحيح ويغطي تجاعيدها ثمارا يابسة من كثرة السم الذي يسكنها. لا أريد البقاء هنا. لا أريد المكوث هنا …
نظر إلي بعينين لا أعرف أن كانتا قد فقدتا "جارة" في تلك المنطقة شبه النائية أم هي نظرة غضب لأنني انتقدت "شجرة زقومه".
كسر غصنا من جذعها القصير جدا وكتب على الثلج بالحرف الكبير
إذهبي إلى ......



#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتاج إلى طبيب نفسي
- انفصال
- صرخة المونش
- منتهى الرقة
- مسرحية محاكمة الحذاء العربي
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية مع الدكتور عبد الباسط البي ...
- صحراء جافة
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية - الدكتور عبدالخالق حسين
- ذات بدون هوية
- قلق الرحيل
- الصحراء الغربية مغربية الهوية
- سيرة ذاتية عن حياة ابسن
- قصة قصيرة: اعتذار
- اما الكل وإما فلا
- وردة غير كل الورود
- مظاهرات للتضامن أم فوضى للاستنكار
- أمل
- قصة فصيرة
- كنوت سيرجع
- ثقافات بدون حدود


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - شجرة الزقوم