أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - قصة قصيرة: اعتذار














المزيد.....

قصة قصيرة: اعتذار


زكية خيرهم الشنقيطي

الحوار المتمدن-العدد: 2626 - 2009 / 4 / 24 - 06:08
المحور: الادب والفن
    



حلقت في تلك الآفاق البعيدة عن عاصفة الصمت وغيوم الابهام، ومازالت تعلو بعيدا في ذلك المدى، هاربة بغربتها التي يمزقها صقيع الكلمات المتلعثمة بكل ثقة. كلمات أبت أن تنبس بلب الأشياء وتعترف بحقيقة الأحداث ، مكتفية باصطفاف متناسق، مشكلة مجموعات من الأمثال والعبرات، متغاضية عن جمالية الأشياء وواقعها باستعمال كل انواع الألوان "الباردة" في تهذيب وانسياب. فتراها أحيانا بلون الحر المحرق والصقيع الدافئ وأحيانا أخرى بلون البركان الهادئ والرعد الصامت. لم تكن تريد إلا سلام الروح وشفافية الأشياء. اختنق الصمت بين زركشة الكلمات المثرثرة في تأنق عن قيم الانسان وصلب الإيمان . عن قسوة الزمان، عن رحمة ورأفة وغفران، عن أمراض وأحقاد سببتها علل العقد، عن بهتان صادق وصدق كاذب، عن خوف وضياع في رحم الأزمان.

كلما تعلو بعيدا محاولة أن تسبح بروحها في ذلك الفضاء بعيدة عن كل أنواع الحر، تتمايل بها نسمات الشرود في سكون الصمت. تنظر من ذلك البعد المحلق أحيانا تختفي بين الغيوم وأحيانا تتيه بين تلك المجرات. فجأة يدوي صوت كالرعد فتفقد توازنها فلم تلبث إلا أن تجد نفسها تجلس على قارعة الطريق. التفتت يمنة ويسرة . سكون مخيف وصمت مميت واشواك مترامية هنا وهناك .... اختلطت عليها الفصول فأصيبت بزكام التيه فاختنق البكاء في ارتعاش وخوف من منظر تلك الأشياء.

يظهر ضوء على مرأى تلك الرياح، ورغم العواصف وغبار الرمال من كل الجهات التي تحجب الرؤية، ينبعث صوت هادئ من اللامكان ويتجه في شوق مفتعل للاقتراب من الغموض وفك طلاسم الألغاز. تستقبله بهدوء متجاوزة جبن كلماته رغم وقوف روحها بعيدا في فرح مفتعل وبكاء مبتهج. لا شيء أجمل من ساعات الصفاء. لم تكن تر إلا نظرات تتوسد الشرود، وأحيانا تخترق المكان. اصطكت رعشة على تلك الاريكة المسكونة بالخوف والقلب يتململ في حزن على تلك المساحات التي تفترش السراب. تعبر الماضي والماضي يعبرها وحاضرها يشهق بتلك الحكاية. حكاية روح قلقة منذ الأزل، ومازالت تنزف أشباحا في كل خطوة مجرجرة كآبتها الآثمة.


يقترب الضوء رويدا رويدا إليها. تتوقف عن توترها. يلثم يدها ويبتسم. وبين المسافات والأحلام المهتزة في ساعات حبلى من العقد المزيفة بالكذب، المنمقة بالافتعال وغطرسة تلك "الشاهقة" إلا من الكلمات المسنة بشيخوخة الكوابيس في الليل وفي النهار ولا ترتاح إلا بعد فحيح الحروف التي تنقلها عبر الأثير لتلسع بها كل شيء ما عدا واحد واثنين وثلاثة والباقي تبيعه في سوق النخاسة بأصفار من القذف التي تدور في حلقاتها اليومية الفارغة.

فراغ يركض حافيا بين الأشواك والحفر، ممارسا هواية الغيبة "الإيتيكيتية" يترنح باستنكار ويخطو بتشدق على سجاد من حرير وفي يده ساطور خاص لتحطيم كل أنواع الجدار حتى وإن كان من حديد. نجح الفراغ رغم فراغه ورغم ذلك لم يشفى من عقده. بل مازال يتمادى يحرّف ويحرق ويجرف معه كل شيء جميل ... لم يبق شيئ ... كل شيء راح واندثر . فلم يبق إلا الصمت الذي يرتقب الاعتراف.

جلست مقرفصة تحيطها صدى الكلمات الملونة بإيقاعات ورنات، ترقص في ظلام منغلق بالسواد. وفيما هي تتمايل مع إيقاع الهروب من الحروف تمتد تلك اليد من ذلك الضوء فلم يكن بوسعها إلا الاعتراف.

أنا الجرح الآثم يعتذر لتلك السكينة التي غرزت جلدي فبللها دمي ...انا تلك الدمغة الآثمة تعتذر لتلك الحجرة اللقيطة التي انهالت على جبهتي ... انا ذلك العشاء الذي مازل يطحن في بطن ذلك القرش الذي لاكني بدون اسنان. أعتذر عن الارض التي زلزلت وعن أثقالها التي سالت وعن وديانها التي طفحت ومازالت ....وخطواتي في غفلة لا علم لها ولا خبر.


Zakia Khairhoum
www.zakianna.se
[email protected]



#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اما الكل وإما فلا
- وردة غير كل الورود
- مظاهرات للتضامن أم فوضى للاستنكار
- أمل
- قصة فصيرة
- كنوت سيرجع
- ثقافات بدون حدود
- الروائية النرويجية سيغريد أوندست
- مغربية في لبنان
- كريستيانيا
- بكاء ملك
- ثالثة الثلاثية الشعرية


المزيد.....




- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - قصة قصيرة: اعتذار