أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - وردة غير كل الورود














المزيد.....

وردة غير كل الورود


زكية خيرهم الشنقيطي

الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 11:10
المحور: الادب والفن
    



التقت عيناها بعينيه وهو في الطرف الآخر من الشارع، فحوّلت بصرها بسرعة وواصلت حديثها مع صديقتها التي كانت تناقشها موضوعا ساخنا جعلت يداها تتطاير مع الهواء وكلماتها على عجل تتلاحق ببعضها بقسوة تارة وانتقاد وتأفف تارة أخرى. على حلم على أمل تعيشه ككل مغترب. مازال القلق مرتبكا بين غيوم ومجهول، وبينما تقطعان الشارع تلتقي عيناها بعينيه مرة أخرى، ومن غير شعور تبتسم له وتحييه بحركة برأسها، ويرد هو السلام بالتلويح بيده ووجهه يخفي ابتسامته التي حاولت جاهدة أن تظهر على محياه دون جدوى. أما صديقتها فتستمر في صخب ثرثرتها عن الوجود بقساوته ونشوته وحنينه، برغباته وأحلامه باضطراباته وتناقضاته. أحيانا تتعثر بين كلماتها وأحيانا تتيه في هلوسة المجهول. لم تعد تصغي إلى حوار صديقتها، فالصخب الذي بداخلها حملها من غير أن تدري إلى ذلك الزمان والمكان تبحث فيه عن أشلاء ذلك الفراق اللاهث وعن سنوات أثملتها ثقوب من الصمت وانحراف الكلمات الملطخة بالتلافيف الغامضة و شذوذ القيل وبهتان القول.عن تفرقة وحروب باردة وأحقاد تتسكع في الشوارع كزوبعة صاخبة تغالب عتمتها الهروب من الوحدة وأشباح الليل وحين تتعب تدخل البيوت وترمي البهتان عن الغائبين، لترجع مرة أخرى إلى تلك الشوارع بحثا عن مكان آخر لتحط فيه سمها من الرياء على الأحباء. تنوح أحيانا كطفل وأحيانا أخرى تعوي كوحش. شخصية غريبة، يلونها سواد الهواجس واحمرار الرغبات وارتباك الانكسارات المتعددة بعدد كذبها وتكبرها وقذفها للناس في كل خطوة تمشيها عابرة، فتزداد المسافات بينها وبين من نهشت لحمهم من غير أن تدري فترتمي بعدها لحزن سببته لنفسها وترشف حسرتها خلسة عن أعين الأنظار. ثم تستمر في تقربها بالوهن لتصبح قابلة للكسر وتتحول الملامح إلى أخرى غريبة مخيفة غدارة..

وصلت عبير وصديقتها نور أمام باب " البازار" . ودّعت صديقتها ( نور) وواصلت طريقها تمشي بين شوارع المدينة مع قلبها المحطم الذي ينبض ألما وخطواتها تلاحقها في وهن وسط زحمة المدينة ترشف حزن صمتها وتقذف بها اضطراما على جرح مفتعل يئن ألما وهي تحمله عبر تلك السنين بين علامات التعجب. تهادن استفهامها لحلم جميل ينتهي مهزلة على متن قطار وذنب كسم يعادي كل المسألة وطوال تلك الرحلة تبحث في جرحها عن مفردات تلملم ما بعثرته حماقاتها التي لا تتوقف. شتان ما بين الكلام وبين أقوال تسدلها وقاحة مفتعلة وتدوس على أجمل الأحلام..

تحمل جرحها وتبتعد عنها لتجلس في مقعد آخر في ذلك القطار وكل الذي انتابها بعض الكآبة وهي تنظر إليها بالتحديد في اندهاش غير مصدقة. أمعقول أنت وردة؟ أمعقول ما أرى؟ أصحيح ما أسمع؟ هل أنا في وهم أو حلم أو كابوس في النهار؟ أما وردة فكانت تترنح على ابتسامة في جلستها عن صورة لها في خيالها فقط، اعتقدت أنها عكستها ولو على حساب غيرها، لمجد في أناقة ولباقة لرقيّ روح دثرها الارتباك وعدم الثقة، لنفس معذبة إلى أن أصابتها لعنة المسخ.

ما زال الشارع ينبض بالحركة والأرصفة تتزاحمها الخطى من كل الجهات تحت نمنمات الشمس الدافئة، أما عبير فكانت ترتعش في صقيع تلك الأحداث التي استرجعتها ذاكرتها حين ابتسمت له على متن القدر الذي جمعهما وسط الشارع صدفة، مما أحيا ذلك الماضي الذي يبعث في النفس حسّ الألم من الماضي والحاضر الذي حاولت أن تمحيه من الذاكرة وتشفي القلب من ناره.

على امتداد الزمن ما زالت خطواتها تقودها على غير هدى إلى أن ابصرت محطة القافلة. هناك جلست على المقعد ميممة وجهها إلى الشمس كي تستمد منها شيئا من الدفء لتنعش روحها التي أوشكت أن تتجمد صقيعا. ضجيج المارة يقبع فجأة في صمت مع صمتها في وضح ذلك الصباح المشرق وعيناها التائهتان تنسحب بهدوء من تفاصيل المكان كافرة بكل ألوان الورود. يأتيها صوت يهمس في أذنها: " راسلتك لكنك لم تستحسني كلامي". تلتفت في اندهاش لصوت ليس بغريب عنها، تقف على عجل كمن يريد الهروب بآلامه، تتلقفها ذراعه التي ضمتها في صمت..


[email protected]

كاتبة مغربية مقيمة في المملكة النرويجية المباركة

www.zakianna.se



#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظاهرات للتضامن أم فوضى للاستنكار
- أمل
- قصة فصيرة
- كنوت سيرجع
- ثقافات بدون حدود
- الروائية النرويجية سيغريد أوندست
- مغربية في لبنان
- كريستيانيا
- بكاء ملك
- ثالثة الثلاثية الشعرية


المزيد.....




- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - وردة غير كل الورود