أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ليلى أحمد الهوني - رضوا سيف..!!















المزيد.....

رضوا سيف..!!


ليلى أحمد الهوني
(Laila Ahmed Elhoni)


الحوار المتمدن-العدد: 2888 - 2010 / 1 / 14 - 02:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



منذ أيام قليلة مضت، خرج علينا القذافي في "الذكرى الخمسين"، لبدء الخداع والتحايل على الشعب الليبي، ومن باب حبه للدعاية ولفت الانتباه، وإثارة الفضوليين والإعلاميين، و ليرضي غروره وحبه وجنونه بالعظمة، أعلن قبلها بيوم، بأنه سيجتمع بـ "القيادات الشعبية" في اليوم التالي، وبأنه سيلقي عليهم "كلمة سرية" بعيداً عن وسائل الإعلام.

الحقيقة وأنا أقرأ هذه الجملة، تذكرت عندما كنت صغيرة، وأنا ألعب مع بنات الجيران، ولكي أشدهم للعب معي في اليوم التالي، وقبل أن أغادرهم وأعود إلى بيتنا، أخبرهم بأن لدي سر وسأقوله لهم لو تلاقينا غداً، ولو لم تحضروا فسوف يفوتكم السر، وتعد هذه من بين خطط الطفولة، وحتى أضمن قدوم صديقاتي في اليوم التالي للعب معي.

ومن فضل الله علينا، كان الموعد الذي أشار إليه القذافي، في اليوم التالي، وليس بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات، ومن فضل الله علينا أيضاً أننا نحن الشعب الليبي، قد تبلدت مشاعرنا اتجاهه بالكامل، وما عدنا نهتم كثيرا لوعوده وعهوده، وما عدنا ننتظر منه أكثر مما رأينا منه. ولو كان الحال غير هذا، لكان الشعب الليبي قد أنتظر* خروجه من خطابه، أمام شاشات التلفزيون، و في الملاعب وفي الساحات، ولخرج الشعب الليبي عن بكرة أبيه، متجها نحو مدينة سبها مكان ألقاه لسره "الخطير".

وكما ذكرت الشعب الليبي، في داخل الوطن وخارجه لم ينتظر سره، ولم يضع توقعاته لما سيقوله القذافي، في تلك الجلسة المغلقة من أسرار، ولم يطال الانتظار لوسائل الإعلام، حتى علمت وسمعت تلك الوسائل، بأن ذلك السر كان يخص أبنه سيف الإسلام بكر "السيدة" فركاش، حيث طلب من بيادق شطرنجه "القيادات الشعبية"، حاضري تلك الجلسة، قائلاً لهم: (حسب ما أوردته وسائل الإعلام) سيف الإسلام رجل مخلص ويحب ليبيا، وأن سيف الإسلام يواجه مشكلة كونه لا يشغل منصبا في الدولة الليبية، وهو ما يربك عمله لصالح ليبيا .. انتهى السر..( هيا نلعبوا خويلات).

ما جاء في سره تلك لم يكن مفاجئاً، ولم يكن مستغرباً أو غير متوقع منه، بل في اعتقادي كان أرحم بكثير من ما جاء في خطب سابقة، وأوامر ألقاها القذافي، أمام مرآة ومسمع من العالم، على لجانه الثورية وعلى جلاديه وعلى عصابته، في مناسبات عديدة مضت، طيلة 40 عاما من الحكم، وتم تطبيقها وتنفيذها بدون رحمة ولا هوادة على الشعب الليبي، فما الذي تغير الآن حتى تصبح مثل هذه الأوامر أسراراً؟ وماذا يعد القذافي من وراء هذه "الخطة" القذافية؟ وما هو الفيلم القادم الذي يقوم القذافي الآن بإعداده، وكتابة حواره وسيناريوه وإخراجه واختيار أبطاله بهذه الطريقة؟.

وإذا تأملنا في هذا "السر" من حيث المكان والزمان، فسنجد ثمة شيء خفي وغير واضح، والحقيقة لا أستطيع الجزم في ما هو تحديداً، ولست بالمحللة السياسية المحنكة، حتى أضع أسبابه وتداعياته، وسأترك هذا الأمر لمن نعتقد فيهم الخبرة والكفاءة، وخصوصاً في سياسات القذافي طيلة فترة حكمه. ولكن ما يهمني الآن وما أستطيع الحديث عنه، هو محاولة إيصال ما أنا أراه، من تزعزع واضح وخلل كبير، قد أصاب وقلل من إمكانية استمرارية القذافي في الحكم. فبالرغم من قلة خبرتي السياسية، إلا أني أرى أن هناك سببان واضحان، وراء هذا "السر".

السبب الأول: وهو شعور القذافي بأنه قد ورط نفسه و أبنائه، بإيهامهم جميعاً تقريباً، بأنهم الأصلح لوراثة الحكم من بعده، الأمر الذي أدى إلى شعوره بالخوف و ما قد يحدث بعده، أما عندما يتفاقم وضعه الصحي والذهني حتى ولو ظل حياً، أو عند موته المفاجئ في أي لحظة، فبالتالي كان لاختياره أبنه سيف، ومحاولته إيصال وجهة نظره حول هذا الابن، مهمة جداً، وخصوصاً في هذا التوقيت.

والسبب الثاني: هو بعد عودته من رحلته الفاشلة، والتي زار من خلالها، مكان هزيمته وفضيحته السياسية "نيويورك"، قد تأكد له بأنه بات شخصاً غير مرغوباً فيه، من قبل معظم زعماء العالم، وأن تواجده واستمراره في حكم ليبيا، مؤكد سيزيد من حجم التجاهل له ولأسرته، من قبل هذه الدول الكبراء، وتأكد بأن الدول الغربية جميعها لم يعجبهم ولم يرضيهم حتى رضوخه، بالرغم من كل الخنوع وكل التنازلات، وما قام به من محاولات دنيئة، لغسل يداه الملوثتان بدماء الأبرياء، كدفعه للتعويضات المالية، "بالهبل". فما عليه الآن، و حتى لا تزداد حجم المأساة عليه وعلى أبنائه، و التي قد تدفع الدول العظمى لزيادة لفت الانتباه إليه، والتي قد تعيده معهم إلى نقطة الصفر والمحاسبة والحساب، فما كان عليه إلا أن يقوم بهذه الخطوة، ويبتعد عن الصورة تدريجياً، وذلك بتمكين أبنه سيف وتقديمه لمكانة أفضل وثابتة، أي بتوريث الحكم له بهذه السرعة. هذه هي توقعاتي حول أسباب ما سماه القذافي "بالسر"، وأعيد بأنها ليس بتحليل سياسي دقيق، بل هي مجموعة أراء من مواطنة ليبية، قد تخطئ وقد تصيب.

كل هذا وذاك، من أسباب وتداعيات وتكهنات وتوقعات واستنتاجات، لن يكون لها بأي شكل من الأشكال، محل نقاش أو اختلاف، فالمشكلة في مثل هذه الأمور ليس في أين أو متى، بل المشكلة تقع في لماذا!؟، فليبيا ليس بها القذافي وأبنائه فقط، وسوى وجد القذافي الأب أو القذافي الابن، فالأمر لن يختلف كثيراً من حيث طبيعة نظام الحكم، الذي سيطبق على الشعب الليبي، فالشعب حتى لو قبل القذافي الابن من باب التغيير، وطمعهم في وعود سيف المستقبلية، إلا أنهم سيقفون يوما حين يكتشفون أن "الحاج موسى هو موسى الحاج".

وحتى لا تسيطر علينا العاطفة، وحتى لا نقف عند ذلك اليوم، بعد أن تضيع منا سنين العمر أكثر، علينا أن نحكم عقولنا ولو قليلا، فلا تدفعنا الرغبة في التغيير، بالمجازفة وقبول "شاباً" يحكم ليبيا المستقبل، وهو قد تربى وترعرع وكبر، في أحضان وأفكار الشر والكره لهذا الشعب، فطال الزمان أو قصر "فالابن أب". وها هو انقلاب سبتمبر ليس بالبعيد، ومن حضروه واستمعوا لخطاب وبيان القذافي في تلك الليلة ووعوده وعهوده، أغلبهم على قيد الحياة وهم إما أن يكونوا آبائكم أو أجدادكم، فأذهبوا واسألوهم عن وعود القذافي الزائفة في تلك الليلة السوداء، واسألوهم هل تحققت تلك الوعود؟، واسألوهم أيضاً، ماذا فعل القذافي منذ أن أستلم الحكم وسيطر على زمام الأمور؟.

فيا من تسمى بمعمر القذافي، كلمة "رضوا أبني سيف فهو رجلاً مخلص ويحب ليبيا، وأعطوه مكان ومنصب دائم لخدمة ليبيا" لن تقنعنا، فليبيا بها رجالا ماشاءالله، لا يعدوا ولا يحصوا، جميعهم مخلصين لليبيا ويحبون ليبيا حباً جما، وإذا أردنا أن نقارن أو نضع الأولوية، لحاكم "ليبيا الغد" "ليبيا المستقبل"، من حيث حجم الحب والمحبة لهذا الوطن، من بين رجالنا وشبابنا، فالأولى بهذا هم أحفاد هؤلاء الرجال الأبطال، الذين أعطوا للوطن أرواحهم وحياتهم، وطرزت أجسادهم ودمائهم تاريخ وتراب هذه الأرض، وهم أحق من أبنائك ومن كل عائلتك، فكفى مزايدات فارغة ووعود زائفة وكذابة، مازلت تمليها علينا في خطاباتك العلانية و"السرية"، فنحن لسنا بالمتخلفين ولسنا بالعمى أو الجاهلين، نحن أبناء وبنات ليبيا، ندرك جيداً نواياك وندرك جيداً كوارثك، وندرك أيضاً حجم الهموم والمآسي، التي أوقعت ولازلت توقع بها الشعب والمواطن الليبي.

وإذا أردت أن ترضي أبنك "سيف" وتدللـه، وتحقق له رغباته وأمانيه، على حساب وأكتاف وآمال وطموحات الشعب الليبي، فمن يا ترى سيرضي أبناء وبنات الشهداء من حربك الغيبة المسماة بحرب تشاد؟، ومن سيرضي أبناء وبنات رجالات ليبيا ضحايا مشانقك وجرائمك؟، ومن سيرضي وسيطبب جراح أبناء وبنات مجزرة سجن أبو سليم؟، ومن سيرضي أبنائنا وبناتنا من ضحايا أطفال الإيدز!؟ ومن ومن ومن؟؟؟

فيا من تسمى بمعمر القذافي، نحن الليبيين ما عدنا نحتمل عهودك، ولا نريد المزيد من وعودك، ولن توهمنا ولن تغرينا وجهات نظرك ولا "أفكارك"، فلم ولن نرى منها إلا مزيداً من التأخر والتخلف، ومزيداً من الفشل والفساد، ومزيدا من المآسي والهموم، وما عليك الآن إلا الرحيل، أنت وكل عائلتك، فأبناؤك وعائلتك بالكامل، قد أمنت لهم مستقبلهم، وبفضل احتيالاتك وسرقاتك وضعت لهم في بنوك العالم، الأموال والكنوز من أموال الشعب الليبي، ولهم فيها ما يعيشهم في نعيم ورخاء، مدى حياتهم، وحياة أولادهم وحياة أحفادهم من بعدهم. فما نريد منك الآن إلا أن تترك للشعب الليبي وطنه، لكي ينهضوا به ويعملوا ويكدوا لأجله، لعلهم يستطيعون اللحاق بقطار التقدم والرقي، وينقذوا وطنهم من ما أوصلته إليه من تأخر وجهل وتخلف.
________________________________________________
* أذكر في أول مرة يوعد فيها القذافي الشعب الليبي بأنه سيوزع عليهم، عشرة الأف دينار، كنت قد سمعت خطابه تلك، وأنا في منزل والدي ومن بعدها عدت إلى بيتي وأنا أسكن في شارع 24 ديسمبر والمسمى الآن أول سبتمبر، أي في وسط مدينة طرابلس، وكان الشارع هادئ جدا ولا توجد به حركة بالرغم من أن الوقت لم يفوت الساعة 11 ليلا، فالتفت إلى زوجي وسألني، بالله هذا شعب أبلغ منذ ما يقارب النص ساعة بأنه سيوزع عليه عشرة الاف دينار؟، فأجبته قائلة: لم ولن يصدقوا القذافي ولم ولن يحقق ما وعد. وفعلا حدث ما قلت وما توقعت.



#ليلى_أحمد_الهوني (هاشتاغ)       Laila_Ahmed_Elhoni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحد + واحد = اثنان
- ما هذا يا هذا..!؟
- الشطرنج
- ماذا لو مات شارون غداً!!؟
- ليبيا ليست في حاجة إلى -سوبرمان-
- فرق تسُد
- آه يا ليبيا المبيوعة!
- الحقبة القذافية
- القذافي وسياسة العقاب الجماعي


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ليلى أحمد الهوني - رضوا سيف..!!