أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - حل منصف لا عدالة مطلقة















المزيد.....

حل منصف لا عدالة مطلقة


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 19:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


" هل تعرف اسم صاحب البيت الفلسطيني الذي تعيش فيه أنت وعائلتك؟" – سألني القارئ حيدر في الإسبوع الماضي.
وأنا لا أريد التهرب من الجواب (رغم علمي أن حب الإستطلاع وحده ليس هو الذي دفع القارئ حيدر إلى هذا السؤال).

أستطيع طبعاً أن أجيب القارئ حيدر أن البيت الذي أعيش فيه، مع عائلتي، لم أغتصبه من أحد. أقمته على أرضٍ جرداء، في أعالي جبل "الكرميل"، بمالي الخاص الذي حصلت عليه بعرق الجبين. لم أطرد أو أشرد أحداً.

أستطيع أن أجيب القارئ حيدر أن بيتي قائم داخل حدود دولة إسرائيل، لا في أراضٍ محتلة. الأراضي المحتلة لم تطأها قدماي، خلال نصف قرن، سوى مرتين (ولن أزورها إلا عندما تتحرر وإلا بموافقة وترحيب سكانها العرب) : المرة الأولى عندما وزعت، مع رفاق آخرين، غداة حرب "الأيام الستة" مباشرة، منشور الحزب الشيوعي الإسرائيلي الداعي إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة وتسليمها إلى الشعب العربي الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة (أنا أذكر ذلك بصورة خاصة لأنني أنا الذي ترجم المنشور من اللغة العبرية إلى اللغة العربية).

المرة الثانية كانت ضمن قافلة نضمتها حركة "السلام الآن" طافت مدن وقرى الضفة الغربية، أثناء الإنتفاضة الأولى، لإظهار الوجه الآخر للشعب الإسرائيلي.

أستطيع طبعاً أن أقول كل ذلك "دفاعاً" عن نفسي ولكن "خط الدفاع" هذا قد لا يقنع القارئ حيدر.
هو، على ما يبدو، يعتقد إن كل بيت في إسرائيل هو بيت لعربي تم تهجيره ، وكل شبر من "الكيان الصهيوني" هو أرض مغتصبة سلبت من أصحابها الشرعيين ويجب ارجاعها إلى "سكانها الأصليين". (من هم؟ من هم "سكان فلسطين الأصليون"؟ هل هم الرومان الذين وجدهم عمر بن الخطاب عندما دخل القدس وفتح سائر أرجاء فلسطين؟ أم هم اليهود، سكان مملكة يهودا التي احتلها الرومان؟ أم هم الكنعانيون الذين يعتقد بعض الباحثين انهم "الأصل المشترك" ليهود وعرب فلسطين على السواء؟ وإذا أثبت البحث التاريخي وعلم الحفريات الأثرية إن اليهود هم "سكان فلسطين الأصليون" ، كما يزعم "القرضاويون اليهود" الذين ابتلينا بهم ، ماذا سيفعل القارئ حيدر؟ ماذا سيفعل "القرضاويون" العرب؟ هل سيوقعون على بطاقة طلب الإنتماء إلى الحركة الصهيونية؟).

ومع هذا فإن السؤال الذي يسأله القارئ حيدر، وإن كان قد أخطأ في "العنوان" ، هو ليس سؤالاً شخصياً بل سؤالاً يتعلق بصميم الصراع العربي-الإسرائيلي ولا يمكن التهرب منه.

جوابي هو كما يلي: أنا لا أعرف أسماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين شردوا من بيوتهم وأصبحوا لاجئين يسكنون الخيام. ولكنني أعرف من هم.

أنا أعرف أنهم ضحايا القيادة البائسة للحركة الوطنية الفلسطينية التي غررت بشعبها ورفضت كل حل وسط. أرادت كل فلسطين فخسرت فلسطين وأنزلت الدمار والخراب بشعبها. (وما أشبه اليوم بالبارحة).
أنا أعرف إنهم ضحايا الحرب التي أعلنتها الأنظمة الإقطاعية العربية الرجعية، الموالية للإستعمار، والتي أرسلت جيوشها، كما يقول عبد الله التل في مذكراته عن "كارثة فلسطين"، من أجل "القضاء على قرار التقسيم في مهده، وخنق الدولة اليهودية قبل أن تولد. . . ومن أجل إرواء غلتهم بالإنتقام لشرف العرب الذي دنسه اليهود". (وبالمناسبة فإن عبد الله التل هذا شديد الإعجاب بجنود الجيش العراقي الذين كانوا، وفقاً لشهادته، يهزجون: "مال يهودا ننهبها، ودم يهودا نشربها". طريقة عجيبة "للإنتقام لشرف العرب الذي دنسه اليهود").

هل في هذا تبرئة لإسرائيل من مسؤوليتها في نشوء وتفاقم قضية اللاجئين الفلسطينيين؟
كلا. غير أن اليسار الإسرائيلي ليس بحاجة لأن يذكرونه بذلك لا من جانب اليسار العربي ولا من جانب اليمين العربي.
اليسار العربي هو الذي بحاجة لأن نذكره بما يلي:
إن التطور التاريخي قد جعل من الأرض الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن (والتي تسمى باللغة العربية فلسطين وباللغة العبرية أرض إسرائيل "إيريتس يسرائيل") وطناً مشتركاً لشعبين: الشعب اليهودي والشعب العربي الفلسطيني. هناك بين الشعب اليهودي فئات رجعية شوفينية سوداء تقول إن كل فلسطين تعود لليهود ولا حق للعرب على أي شبر منها. وهناك بين الشعب العربي فئات شوفينية متعصبة (وإسلامية متطرفة) تقول إن كل فلسطين تعود للعرب ولا حق لليهود على أي شبر منها. هذه الفئات القومية المتعصبة، اليهودية منها والعربية، قد أنزلت بشعبينا مآسٍ وآلاماً لا تحصى. واليسار يخون رسالته إذا انجر وراءها.


السؤال "الشخصي" الذي يوجهه القارئ حيدر هو في الواقع السؤال التالي:
هل انطوى ظهور الحركة القومية اليهودية على مسرح فلسطين، في القرن العشرين، وإقامة الدولة اليهودية، على ظلم للعرب وسلب لحقوقهم؟
لا أحد يستطيع أن ينكر المأساة التي حلت بالشعب العربي الفلسطيني (النكبة). ولكننا نريد أن نعتقد إن هذه المأساة لم يكن سببها وجود تناقض أساسي، لا يقبل التوفيق، بين مصالح اليهود وحقوقهم في فلسطين وبين مصالح العرب وحقوقهم فيها.
أو بعبارة أخرى: إن حركة الإحياء القومي للشعب اليهودي في فلسطين والحركة القومية العربية كان يمكن أن يتعايشا جنباً إلى جنب، وأن يسيرا معاً، وأن يساند كل منهما الآخر، لولا الأخطاء الفظيعة التي ارتكبها قادة كلا الحركتين، ولولا أن الإستعمار قد استغل هذه الأخطاء لتحريض شعب بشعب واشعال نار الصراع الدموي بينهما.

التاريخ لم يسر في طريق التعايش والتعاون بين كلتا الحركتين القوميتين بل في طريق التصادم الدموي بينهما. ونشأت عقب ذلك "قصتان" متوازيتان للصراع.
لن يستطيع أحد الجانبين أن يحصل على "كل حقوقه كاملة غير منقوصة" دون النظر إلى حقوق الجانب الآخر ومطالبه ودون أخذها بنظر الإعتبار.
أو بعبارة أخرى : يجب البحث عن حلٍ منصف لكلا الجانبين لا عن عدالة مطلقة لهذا الجانب أو ذاك.
هذا طبعاً إذا لم يرد كلا الجانبين أن يموتا معاً في سبيل الله أو في سبيل "أرضٍ مقدسة". وفي كلا الجانبين عدد وافر من المجانين المستعدين لذلك.


من سخريات القدر:
عندما وزعت "الإتحاد"، جريدة الحزب الشيوعي الإسرائيلي باللغة العربية، بين الطلاب العرب في الجامعة العبرية في القدس الغربية، قبل أكثر من أربعين عاماً، لم أتصور أن يوماً سيأتي ويسألني فيه أحدهم عن اسم صاحب البيت الفلسطيني الذي أعيش فيه.
وإن شئتم، فإن هذا هو ملخص مأساة العلاقة بين شعبينا.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبتذال الماركسية
- ماركسيو -ألف ليلة وليلة-
- بين ماركس وانجلز
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (2 وأخير)
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (1)
- الستالينيون (اخيرة) : يعيشون في الماضي
- الستالينيون (5) : تزوير التاريخ
- الستالينيون (4) : حسقيل قوجمان ضد فريدريك انجلز
- الستالينيون (3) : الكذبة المفيدة
- الستالينيون (2) : فقر الفلسفة (كطول المقال)
- الستالينيون (1) : دكتاتورية البروليتاريا بين المأساة والمهزل ...
- الديالكتيك المستباح (أخيرة) : ما للماركسية ولنشأة الكون؟
- الديالكتيك المستباح (4) : الأنفجار العظيم
- (الديالكتيك المستباح (3
- الديالكتيك المستباح (2)
- الديالكتيك المستباح (1)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (أخيرة)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (3)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (2)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (1)


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - حل منصف لا عدالة مطلقة